Tahawolat
 

عندما تقرأ الياس عون في نقداته الشفافة البريئة ، حاول ان تفتش بين السطور عن دسٍّ  مريب في لمزاتها الحريصة كل الحرص على قول الحقيقة باسلوب ممتنع مختلف يفرشه بالأزهار والورود  ويضمَّخُه بروائح الطيب والبخور المرّ نشوقا وطعما .
 سأحصر حديثي في شق السياسة من كتابه " لا شيء .. غير الحقيقة " في طبعته الأولى 2013 أما التعليقات الأدبية في الكتاب ، فأفضل ان تكون لها  جولة في حديث آخر  مع الحقيقة لكني أختصر ، وعلى قدر  ، لأقول انها جاءت في الكتاب بوحا بريئا عامرا بالمحبة والتشجيع لعطاءات الأقلام الصديقة التي ساهمت وتساهم بالمدّ الكتابي عبر نتاجها وحضورها وتحركها الآلي المكثر .
أمّا في الشق السياسي وأقسام أخرى متداخلة ، فأقول ان النقيب حصر اهتمامه فيها بإلقاء عظات مبطنة بالسلام وبإيحاءات بريئة الظاهر خفيّة الأبعاد يبشرُ بعضٌ من صيدِها الكثير ، بأمنيات يحلم بها كل لبناني يتوق يوما ما ان يرى وطنا ينعم من جديد بربيع طبيعي كما كان في سالف الأيام والأزمان الغابرة .
في هذه السطور تتمازج الحقيقة بالمحبة ، وفي أصعب الطروحات ، وبالتخصيص تلك التي تتلازم فيها السياسة بأصول تاريخية كحكاية التجذّر الماروني بتراب الوطن وصخوره وأرزه ،  يستعرض النقيب أمجادها الغابرة بإباء وعنفوان ثم يلج في الحل بإشكالية تتطلب حلا لها فيقول :  " إذا ما أردتم ان يبقى لبنان فعليكم ان تحافظوا على موارنته . " وهنا يبدأ اللمز بعرض ملغوم فيقول  : " انا لا أعني بالطبع الموارنة الذين يتنافسون للجلوس على كرسي الرئاسة ، او الذين يتوسلون  السياسة بوجه عام ، والطائفية بوجه خاص ، لبلوغ مآرب، شخصية أو عشائرية ... " وهذا أصدق الكلام ، ويضيف : " أنا أعني الموارنة الكبار ، اصحاب العقول النيرة ، المحافظين على تراث لبنان وأمجاده ، الذين يعملون من ضمن الجماعة ، الجماعة اللبنانية الواحدة التي تضم سائر المذاهب والطوائف . هنا يتركنا في إشكالية مموّهة تجعلنا نتساءل محتارين ومذهولين عن أولئك الكبار وعن تلك الجماعة أو المجموعة الواحدة .. أين يمكن أن نجدهم وفي أي زمن كانوا  يعيشون ، وإن كان لهم وجود في مراحل سابقة هل يمكن ان نقمّصهم بقول الحقيقة !...
هذا لا يعني انه اكتفى بعرض الحقيقة المموهة فحسب ، فبعض آرائه تأخذ أحيانا مواقف جريئة ، ومسارات حازمة جارحة ومؤنبة. فهو يشبّه الوزارة عندنا بالبقرة الحلوب فيردد المثل القائل : " يا حبذا الامارة ولو على الحجارة .. وفي هذه الأيام الرديئة ، وقد استبدلنا الامارة بالوزارة ، صار الجميع يتسابقون الى تولي الحقائب الوزارية ، ولكن ليس على الحجارة ، بل على الفضة والذهب والدولارات وما شابهها . . . دولة مهترئة ، غارقة في الديون ، تسير الى مزيد من المديونية والإفلاس . الموظفون ، وهم في غالبيتهم من الميليشيات التي اوجدتها الحرب البغيضة .. باستثناء... " وهل من استثناء !...
وماذا نريد بعد ؟ الجواب متأرجح وأبعد بنواياه البريئة من قول الحقيقة : " نريد وزارة تعنى بشؤون الرغيف ، والضمان الصحي للجميع ، وتحارب الغلا ء ..." يا لها من أحلام تراود وطننا الحضاري منذ وجد بكيانه الجديد . فنحن كلنا شهداء بل متمرّسون بالشهادة والإستشهاد وسنبقى على مصيرنا شهداء  ولا دواء ناجعا سوى الصبر والسترة وطول الأناة . أمّا نواقيس الخطر فلا حاجة لذكرها لأنها لم تصنّع بعد ولن تصنّع ولن يجرؤ أحد على إقامة قباب لها .
أنا أدعو القارئ الى تصفح الكتاب  سطرا سطرا ، ليتأكد  بأن كلمة النقيب هي الكلمة النقيبة والصامدة في بوحها الذي يحمل  هموم الوطن ولا يمكن ان تزعزعها ريح هوجاء وستبقى هي هي جريئة واضحة صريحة  ومدموغة بالحقيقة ولا شيء غير الحقيقة .

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net