Tahawolat

عقدت في دار الندوة وبدعوة من دار نلسن للنشر ندوة تكريمية بعنوان «ثلاثون عاماً على غياب مجلة الأديب وتحية الى مؤسسها الراحل البير أديب »، تقدم الحضور نقيب الصحافة محمد بعلبكي وحشد من المثقفين والمهتمين.
 
بختي
بداية رحب سليمان بختي بالحضور وقال «التحية لمجلة الاديب التي استمرت من 1941 حتى 1983 با انقطاع ولصاحبها ألبير أديب، لأنها تذكرنا بالينابيع الثقافية الحقيقية التي صنعت صورة للبنان الفكر والثقافة والابداع. عزز البير أديب في مجلته مساحات التلاقي وفضاء الحرية وهيأ مناخات الابداع. وأدار ظهره للسياسة وتقلباتها وخيباتها وراح يرش الارض قمحاً لتعلو السنابل وتحملها العصافير الى المطارح الجديدة. وختم «قصة ألبير أديب مع مجلة الأديب قصة حب وعطاء وتضحية ونبل لأجل الانسان والثقافة والمجتمع في لبنان المتفاعل مع دنيا العرب. وأولى بنا اليوم اذ نحتفي ونتذكر ان نستعيد المجلة وروحها ونوثقها ونعيد طباعتها وتكون في متناول الناس وفي صلب المناهج التربوية. واذ نفعل فإنما نكمل الطريق ونؤكد ان الثقافة كانت وستبقى عهد خاص للبنان .»
سلمان
اما الدكتورة نور سلمان فتوقفت في مداخلتها عند الصحافة الطليعية الجديدة التي مارسها ومثّلها ألبير أديب. وكيف انه بعصاميته وتواضعه نفذ الى القلوب ومدى اصراره على طلب الاصاح والتجديد. وان العبء الذي تحمله ما كان لينهض به لولا إيمانه القوي بالثقافة والانسان. وتذكرت اواصر الصداقة العائلية التي جمعتها مع ألبير أديب من السودان الى لبنان. وطالبت ان توثق مجلة الأديب لأنها ذاكرة للبنان والعالم العربي. وختمت «البير أديب مات فقيراً لانه استغنى عن مغريات المادة واختار حرية تصون كرامته .»
 
فلسطين
وكانت شهادة من مصر من الاديب وديع فلسطين قرأها سليمان بختي، وقال فيها: «أنا مدين بشهرتي الادبية والصداقات التي انعقدت بيني وبين أدباء لمجلة «الأديب. هذه المجلة التي لم تتعرّض في تاريخها لأي مصادرة او تعطيل في أي قطر عربي.
وأنها كانت أوسع نافذة لكل منها نجيب محفوظ على الحركات الأدبية في العالم العربي. أفنى ألبير أديب نفسه في المجلة لتبقى منبراً مفتوحاً لأدباء الامة العربية والمهاجر. وختم «هذه المجلة هي أثمن ميراث لنا جميعاً .»
بيوت من القصب والبردي مبنية فوق المسطحات المائية التي تكوّنت من ترسّبات نهري دجلة والفرات والتي شهدت ولادة وتطوّر الحضارة السومرية العريقة. وهذه البيوت ليست طراز سكن فحسب، إنما أسلوب معايشة مع البيئة وتطوّرات المناخ. ويبيّن كتاب «عرب الأهوار » الذي عاصر كاتبه سكان المنطقة حياتياً، «المعدان »، وجود قنوات الري لغاية الخمسينيات من القرن العشرين مرصوفة بألواح خشبية، الأمر الذي يدلّ على أسلوب التعامل السومري مع البيئة وتدبير شؤون المياه في حال ارتفاع منسوبها في نهري دجلة والفرات، إذ يساعد القصب الطيور
في بناء أعشاشها بخاف الأسمنت، وهكذا تكوّنت محميات طبيعية من أشجار وطيور وأسماك. واليوم، يتمّ تأهيل نصف مساحة هذه المحميات الطبيعية من خال استعمال المواد الطبيعية والناتجة من بيئة الأهوار كالقصب والبردي. ويمكن مقارنة بيوت الأهوار القصبية هذه مع البيوت التي اكتشفت في تخوم جبال الألب السويسرية قبل قرن ونصف، وهي بيوت مصنوعة من الخشب والعظام والجلد، مرفوعة على أعمدة مربوطة إلى بعضها البعض بواسطة جسور وعبّارات خشبية ) sur pilotis (. والمقارنة بين هذين النمطين المعماريين تدلّ إلى وجود قواسم مشتركة بين وسائل عيش الشعوب الريفية، في العصرين الحجري والبرونزي قبل المياد، ومدى اهتمام
 
سكانها بالبيئة التي تعاملت معها كنصير وكضامن بقاء. والجدير ذكره أن البيوت الخشبية السويسرية بُنيت قريباً من البحيرات ما جعلها في منأى من التخريب والعبث ولا زالت باقية إلى الوقت الراهن، لكنها مدفونة داخل الرمال أو وسط البحيرات، أمّا
بيوت البردي العراقية، فهي قائمة حيّة يسكنها عرب الأهوار، إضافة الى الزوارق، وسيلة التنقل بين النهرين، ولا تزال مستعملة وبأنواع كثيرة ومختلفة. وكانت الطبيعة ولا زالت الملهمة الأولى للإنسان في ابتكاراته الصناعية، وحتى في مجال الصناعات
الثقيلة والصناعات الحربية التي تعتمد على الطبيعة لتعطي أشكالاً لآلياتها )الغواصة /الحوت؛ المروحية الأوبتيكا/ الجراد؛ خيوط العنكبوت في الإطارات وحرير دود القز؛ الأفخاخ والآليات والخوذ التي تغطيها النباتات في الأحراش من أجل التمويه(.
وتكثر الأفام التي تعرض مدى استعانة المخترعين بالطبيعة والتي ساهمت مراقبتها في تحديد مصير دول كبرى منها على سبيل المثال الأسطول الإنكليزي الذي كان ينافس الأسطول الفرنسي في الوصول الى العالم الجديد، وتحدّيه للمصاعب وللقراصنة، ففي حين كان القائد الإنكليزي يبحث عن الوسيلة للإنقضاض على العدو الفرنسي، كان من بين طاقمه طبيب وعالم مهتم بالنباتات والأحياء وتجميعها وتصنيفها، وكان هناك دائماً مواقف صراع بينهما لأن الأول لا يفهم إلا بالبطش العسكري، بينما الثاني له نظرة ورؤية علمية للأشياء ويحتاج الى النزول الى اليابسة لجمع الأنواع الجديدة خاصة «الطائر الذي لا يطير ». واحتدم الصراع بين الرجلين: الأول لا يريد التوقف خشية أن يسبقه الفرنسيون، أما الثاني فكان مغتماً لمروره بعدد كبير من الجزر ولا تسنح له الفرصة أن يعاينها عن قرب ويتعرّف على أنواع أحيائها عن كثب. وحصل أن أصيب الأسطول والطبيب في إحدى المعارك، فاضطر القائد أن يتوقّف في جزيرة«الطائر الذي لا يطير » حتى يستعيد أسطوله قدرته للانطاق من جديد. وفي أسبوع النقاهة هذا، استغنم الطبيب العالم الفرصة للخروج الى الطبيعة وجال في أرجاء الجزيرة وجمع ما جمع من معلومات عن أحيائها، ولكن الأسطول الفرنسي فاجأ الإنكليز بهجوم غير متوقّع، فأسرعوا لتدارك الأمر، فاحتار القائد كيف يخلّص سفينته وطاقمها، فما كان منه إلا أن استمع لنصائح العالم التي اعتمد على حيل الحشرات والطيور، خاصة الطائر الذي لا يطير والذي كان قد وجده بعد عناء طويل، في تخليص نفسها من الأفخاخ من خال التمويه، كأن تتحوّل الحشرة الى عود خشبي يتماهى مع أغصان الشجرة التي اختبأت فيها، أو أن يتغيّر لونها والى ما هنالك من حيل، وهكذا كانت الطبيعة المعلم الذي منه استقى القادة الحيلة، ولولا استماعهم لنداء الطبيعة لما كانوا خلصوا، فالطبيعة يستمد منها الإنسان ليس فقط إبداعه، بل خلاصه وبقاءه أيضاً. وإن المطلع على مواضيع لها علاقة بالحواس وأدواتها يعلم أن النسبية تلعب الدور الأهم بالنسبة لحواسنا، فالمطابقة معدومة بين شخص وآخر، فما من ذوق مشترك ولا من نظر مشترك)ولا ننسى مرض عمى الألوان daltonisme (، وأن أضعف الحواس عند المرء هو الشمّ وهو الأكثر عرضة للضعف عنده، بينما لدى الحيوان الشمّ هو من أهم الحواس، فا تجب الاستهانة بهذه القدرة عند الحيوان وما لها من أهمية في حياة البشر وضمان سامتهم خاصة وقت الأزمات كالزلازل والفيضانات وغيرها من الكوارث، والتي يُستعان خلالها بالكلاب للتعرّف على الأحياء تحت الأنقاض، فكم من كلب أنقذ حياة آدميّ! ولكن بالمقابل، كم من آدمي اهتم بعالم الحيوانات وبيئتها وأثرها في حياته؟! وإذا ما أحصينا عدد القنوات العالمية المتخصصة بالطبيعة والبيئة، نجد أن لا عدّ لها ولا حصر، ولكن ولا واحدة منها عربية، والأنكى أنه رغم أن الفضائيات تبثّ قنواتها الى العالم العربي، يبقى السؤال: ما هو حجم مشاهدتها من قبل شعبنا؟ وهذه إشكالية بذاتها. فهل يضيّع المشاهدون العرب وقتهم بالبيئة وحيواناتها وأحيائها ويهملون المسلسات التي تعالج مَنْ تزوج مَنْ ومَنْ طلق مَنْ ومَنْ أحبَ مَنْ ومَنْ قتل مَنْ ومَنْ... مَنْ...؟ أيعقل أن يترك حريم السلطان بدون مشاهدين؟ وكيف يحقق العثمانيون الجدد ما فشلوا في تحقيقه منذ قرن؟ كيف يُهمل التتريك بهذه البساطة؟
وفي هذا التتريك الجديد تطبيع جديد وأقلمة من نوع خاص، وبالتالي طغيان ثقافة على ثقافة، فأهاً بالعبودية وإن الطيور على أشكالها تقع!
 
 
 
 
 
 
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net