Tahawolat

أعتقد وبقناعة مطمئنة أنه لم يتعرض حزب ما في أمتنا، وتحديداً في تاريخنا الحديث مثل ما يتعرض له الحزب السوري القومي الاجتماعي لحزمة التحديات والكم الهائل من التناقضات المفروضة عليه، بعضها بحكم عقيدته المبدعة، وبعضها بحكم تركيبته التنظيمية التي مازجت ما بين مثالية الابداع العقائدي، وما بين ترهات العمل السياسي وعقلية النادي القيادي، الصادق حيناً والمرتبط حيناً، والمخطىء حتى إنقطاع النفس احايين أخرى.
حتى لا يساء فهمي، فأنا لست في معرض الكتابة على خلفية نقد ذاتي للاحداث والسيرة والمسيرة لهذا الحزب، ولا للعقيدة والتي بكل فخر أقول أنني من المؤمنين بها، العاملين لنصرتها وتحقيق غايتها، بل لعرض الواقع وإستجرار ظلاله، والغوص في تفاصيله . وتمييله لمعرفة أين مكامن الانسداد في شراينه، وأخيراً وان كان لا بدّ من الكيّ، والكي هو آخر الدواء، فلنتعاون جميعاً على كيّه ، ولو كان شفاء مفروضاً.
الحزب حزبان، والحزبان في مهمتين:
واحدة أمنية – والثانية مهمة مصالحة وطنية.
هل نجا في الحقيقة اذا قلنا ان الواقع هو هكذا، مؤلم، مفجع ولكنه هكذا، ومن قال ان الحقيقة العارية لا تحمل في طياتها بعض الفجاجة؟ ولكنها بالنهاية هي الحقيقة وعلينا القبول بها.
الخيار الامني والمهمة الامنية أصبحا في عهدة التاريخ ، وقد يأتي من يكتب عن هذه الحقبة، من يكتب ايجاباً لصالحها، أو سلباً ضدها، أنا ممن كتبوا ضدها، وكتابتي هي أيضاً في عهدة التاريخ. وما تبقى من هذه المهمة هو بمثابة بقايا سيوف لانه يتناقض بنظري مع عقيدتنا نصاً وروحاً.
وكم نحن بحاجة الى اعادة النظر في يوميات التزامنا بهذه المهمة وكم عّولنا ان يكون مؤتمرنا مساحة لهكذا حوار ....... ولكن ........ان فريقاً من الموافقين على هذا الخيار وهذه المهمة، يرى في الظروف التي مرت بها الامة، وانعكاس هذه الظروف على الحزب وقياداته وكوادره وأعضائه، بعضاً من المقبولية التاريخية والمعقولية السياسية والقومية، ويذهبون الى الابعد، ان سلامة الحركة القومية، وبقاءها واستمرارها وضمان وجودها يفرض في بعض الاحايين وامام مفاصل قومية بالغة
 الدقة والخطورة، ان يتم استنباط بعض الوسائل غير التقليدية، وكان الخيار الامني على رأس هذه الوسائل ، وليترك للتاريخ ان يقول كلمته ويذهب فريق آخر في تسفيه هذه المقولة.
فيؤكد: ان كل غاية شريفة تحتاج الى وسيلة شريفة من أجل تحقيقها ، وهذا ليس قولنا، بل قول زعيمنا سعاده. وأكثر من هذا ، لقد أثبتت هذه المقولة عجزها وقصورها عن صيانة هذه الحركة وضمان تقدمها بل على العكس فقد أوصلتها الى حالة من الجمود والموت السريري، كما أوصلت أتباعها ومناصريها الى بدد ٍ مخيف وقاتل.
والسبب انها اخذت بيد القوميين الى موقع متناقض مع نهضتهم القومية ومراميها السامية النبيلة، فكان ان حصل الانفجار وحلّت الكارثة.
الخيار الاخر، خيار ومهمة المصالحة الوطنية يبقى السؤال : لماذا أوكل الى الحزب السوري القومي الاجتماعي مهمة المصالحة الوطنية؟
لا أريد في معرض الجواب على هذا السؤال، ان اتطرق الى الشق التنظيمي، او الحال التنظيمية التي هي عليها أحزاب الحركة السورية القومية الاجتماعية في لبنان او الشام ما يهمني قوله، هو : ان مهمة امنية أعطيت لحزب قومي، وان مهمة مصالحة وطنية أعطيت الى حزب قومي آخر. والمدهش في هذا ان القوميين ينظرون الى المهمة الثانية بكل فخر واعتزاز، لانها تلامس جوهر ايمانهم وعقيدتهم واخلاقهم، ولأنها المهمة التي يريدون ان يتجندوا في سبيل تحقيقها ، لان فيها نصرة للامة في مواجهة هذه الحرب الكونية الشرسة التي يشنها أعداء الامة منذ ما يقارب السنة ونيف تمويلاً، واعلاماً، ودعماً عسكرياً ولوجستياً، واستقداماً لمجموعات من المرتزقة، والمتطرفين والحاقدين وخريجي السجون ومرابع البغي والمخدرات واستحضاراً لأمراء الفتاوى، وأتباعهم من القتلة قاطعي الرؤوس وذاهقي الارواح، الذين حولوا قلب الامة النابض الى جحيم لا يطاق.
المهمة التي أوكلت الى الحزب القومي -  اوكلت لسببين :
لان عقيدته تختزن الدواء الناجح – لهذا المرض المستفحل.
لانه قدّم النموذج عبر الممارسة ، في قدرته على صهر أعضائه عبر سنوات طويلة في وحدة حياة ورؤية واضحة ونظرة واحدة في مسألة الوجود، والمصير، والحقوق ، خارج معادلة ، العائلة ، والقبيلة ، والعشيرة، والطائفة ، والمذهب، والكيانية ، والعرقية .
وحدة الامة هي في وحدة حياتها ووحدة مجتمعها.
انها صناعة قومية اجتماعية بامتياز ، ولهذا كان ان أوكلت الى النهضة هذه المهمة الرسولية .
اذاً فالخيار يفرض تحدياً ، والمهمة تفرض تحدياً، والامة في عين العاصفة ، فماذا نفعل؟ .....
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net