Tahawolat
من عالم البداوة والمذهبية والطائفية والعائلية،‮ ‬والقبلية والعشائرية،‮ ‬ومن عبور قلق حيناً،‮ ‬ومتسرع ومرتبك حيناً‮ ‬آخر،‮ ‬في‮ ‬عالم الأحزاب والتيارات الفكرية التغييرية،‮ ‬أو الأصوليات الدينية الى مكاتب في‮ ‬لندن وباريس ‬ونيويورك،‮ ‬وبرواتب شيكاتها مذهَّبة،‮ ‬يحررها أمراء ومشايخ افذاذ،‮ ‬أرقامها تفوق تصور أهل المهنة من بقايا أقحاح اليسار العربي،‮ ‬أو بقايا سيوف من أساطين اليمين اللبناني‮ ‬من تلامذة ميشال شيحا وسعيد عقل،‮ ‬الى عباقرة مبدعين من كتبة القرارات الدولية،‮ ‬وقوانين محاسبة الأشقاء الى هذا الحديث اليميني‮ ‬المستحدث من أهل الردة على تاريخهم الوطني‮ ‬والقومي،‮ ‬الى أهل المضافات الصهيو ـ لبنانية، جماعة التآمر على الأمة ومقاومتها ورجالها الكبار. إلى أصحاب الرأي‮ ‬من أساتذة الجامعات والكتّاب والمحللين السياسيين الذين لا‮ ‬يخفون إعجابهم ودهشتهم الدائمة بالفيلم الأميركي‮ ‬الطويل،‮ ‬ليبرالية نمت كالفطر على إمتداد مساحة الحراك الثقافي‮ ‬العربي،‮ ‬والتي‮ ‬بملء رغبتها تبوأت مسؤولية المشروع الثقافي‮ ‬الغربي‮ ‬وهجمته المضادة على مجتمعاتنا فراحت بتدللها وغنجها ودلعها تلعب بمنظومة القيم والمفاهيم التي‮ ‬تربينا عليها بغاية الإنقلاب عليها وتسخيفها‮.‬
يعتقد هؤلاء الليبراليون أنهم في‮ ‬صدارة تثبيت مقولة‮ "‬الرأي الآخر‮" ‬وإطلاق مبدأ الحوار‮‬، الحريات الفردية‮‬،‮ ‬وممارسة المعتقدات الدينية، ولا‮ ‬يخفون قبولهم بالرأي‮ ‬الآخر ولو أخذهم إلى الصهيوني‮ ‬والإسرائيلي‮. ‬فإزدواجية‮ ‬المعايير لا تليق بهؤلاء الأقحاح، ولا تنسجم مع ثقافتهم الرفيعة‮، ‬ولا مع رواتبهم المذهَّبة‮.‬
يعتقد هؤلاء الليبراليون أنهم في‮ ‬مرتبة أعلى في‮ ‬الثقافة العربية‮ ‬يترفعون عن مقولة، نظرية المؤامرة‮ "‬‬CONSPIRACY THEORY‮‮" ‬والتي‮ ‬تملكت بعقول العالم العربي حكاماً‮ ‬وشعوباً‮ ‬ومثقفين،‮ ‬هذه النظرية التي‮ ‬تردّ‮ ‬كل مآسي‮ ‬وويلات وأزمات ومشاكل هذه الأمة إلى خارج الحدود،‮ ‬الى قوى متآمرة، إمبريالية صهيونية، فراحت أقلامهم تسخف هذه النظرية إلى حدٍ من الخطورة،‮ ‬إنهم باتوا‮ ‬يقفون أذلاء تغمرهم‮ ‬غباوة ثقافتهم المدفوعة الأجر،‮ أمام حصول المؤامرات الحقيقية التي‮ ‬تحاك ‬ضدّ مجتمعاتنا ووحدتها وبقائها‮. ‬
يعتقد هؤلاء الليبراليون أنهم من اوائل البراعم التي‮ ‬تفتحت على ربيع الثورات العربية،‮ ‬متناسين أنهم وقيادييهم كانوا أواخر زوار الطغاة،‮ ‬ومن أكثر المتملقين لهم ولسياستهم وإرتباطاتهم الغربية،‮ ‬فبانت الوقاحة عدة الشغل الحقيقية فيما‮ ‬يكتبون وينشرون،‮ ‬تماماً ‬وما‮ ‬يصرّحون به في‮ ‬مقابلاتهم التلفزيونية والإذاعية‮. ‬
يعتقد هؤلاء الليبراليون أنهم في‮ ‬أساس وصلب المشروع الغربي،‮ ‬وأنهم‮ ‬يمتلكون ناحية التحليل والشرح والتعليل لكل خارطات طرقه وتعرجاته وإلتواءاته،‮ ‬والمدهش أنهم‮ ‬يجّندون أقلامهم لتحسين صورة‮ "‬الأخوان المسلمين‮" ‬والذين كانوا حتى الأمس القريب‮، ‬في‮ ‬خانة التطرف الديني، وفق أدبياتهم ومقالاتهم وتصريحاتهم‮. ‬فيتماهون مع هذا الحلف الجهنمي‮ ‬الأميركي – الإسىرائيلي – التركي، عرب الإعتدال، من أجل إيصالهم إلى‮ ‬الحكم،‮ ‬فينسابون مع باطنية الأخوان الذين‮ ‬يدَّعون رفضهم الوصول الى الرئاسات،‮ ‬وعدم تعدي‮ ‬معدّل الـ ‬35‮ ‬في‮ ‬المئة من مقاعد المجالس التشريعية، وذلك حسب ما يدعون لتأمين أوسع درجات المشاركة مع القوى الأخرى على إمتداد أنظمة الحكم المزمع الوصول اليها في‮ ‬العالم العربي‮.‬
وكم بالغوا في‮ ‬قدرة الأخوان على ممارسة الديموقراطية ‬والدولة المدنية، وقدرتهم على التعامل مع صيغ‮ ‬الدولة القادرة على الحكم،‮ ‬أما ما لا‮ ‬يقال عن هؤلاء،‮ ‬هو: ماذا سيكون دور الأخوان بعد الوصول إلى السلطة‮؟ ‬وما سيكون موقفهم من المقاومة وإسرائيل؟ هنا‮ ‬يكمن السر الذي‮ ‬لا تستطيع اميركا ولا تركيا ولا دول الاعتدال العربي‮ ‬ولا الليبراليون الكشف عنه ولا حتى الحديث‮ عنه‮.‬
أما أبلغ‮ ‬ما وصلت إليه حال هؤلاء الليبرالين فهي‮ ‬مقاربتهم للوضع في‮ ‬سورية‮.‬
يتساءلون‮: ‬ماذا لو ثارت‮  ‬الشعوب ولم تستطع أن تحقق الإنتصار الصافي؟
ويتساءلون‮: ‬ما الذي‮ ‬يجب أن‮ ‬يحدث في‮ ‬حال العجز عن حسم الصراع مع هذا النظام؟
ويتساءلون‮: ‬هل‮ ‬يكون الجواب،‮ ‬بالتراجع عن الثورة أو الإنسحاب منها وترك الفرصة للنظام كي‮ ‬يفتك بالشعب؟
إنها الغاية التي‮ ‬يريد‮ "‬أهل المهنة‮" ‬الولوج إليها في‮ ‬طرح البديل،‮ ‬فالمشروع الغربي - ‬الأميركي، الصهيوني‮ ‬تحديداً،‮ ‬يمنع عليهم القبول بصيغة الحوار‮ - ‬حلاً‮ ‬بين المعارضة واهل النظام.
إنه‮ ‬يريد منهم تسويق البديل الذي‮ ‬أنتجته وكالات الإستخبارات الغربية،‮ ‬بالتعاون مع الطامحة إلى دور عثماني‮ ‬جديد،‮ ‬وبتواطؤ الرجعية العربية وأمراء النفط والمال،‮ ‬وهذا البديل هو‮:‬
طلب الحماية الأجنبية،‮ ‬أو التدخل الخارجي
يعتقد هؤلاء الليبراليون إنهم‮ ‬يؤدون قسطهم إلى العلى،‮ ‬عندما‮ ‬يطلبون حماية الناتو لإنقاذ شعوبهم،‮ ‬علَّ‮ ‬طائرات الأطلسي‮ ‬تحسم الصراع ضدَّ‮ ‬النظام في‮ ‬سورية‮. ‬تماماً‮ ‬كما حسمت الصراع ضدَّ صدّام حسين والنتيجة ما‮ ‬يزيد عن مليون شهيد عراقي،‮ ‬وكما حسمته في‮ ‬ليبيا والنتيجة ما‮ ‬يزيد عن ثلاثين الف مدني‮ ‬ليبي‮ ‬انه حلّ "يقف على رأسه‮".‬
إنهم أهل "محنة مدفوعة الأجر".
إنهم البيادق على رقعة الشطرنج.
بالفم الملآن‮ ‬يقول الشعب في‮ ‬سورية‮ - ‬لا للتدخل الخارجي
اثبت شعبنا في‮ ‬سورية انه‮ ‬يمتلك من الوعي‮ ‬القومي‮ ‬وإرادة الصمود في‮ ‬مواجهة التحديات ما‮ ‬يجعله قادراً‮ ‬مع الإصلاحات على تخطي‮ ‬هذه الظروف الصعبة‮.‬
من أهم تجليات هذا الوعي‮ ‬القومي‮ ‬هو الحوار ما بين أهل النظام والمعارضة، ما بين مكونات وشرائح شعبنا في‮ ‬الشام‮.‬
إنه الحل الوحيد الذي‮ ‬يفسد على القوى الخارجية إمكانية تنفيذ مؤامراتها على شعبنا ومجتمعاتنا،‮ ‬كما وأنه الحل الوحيد الذي‮ ‬يعيد وحدة الشعب وريادة الدور القومي‮ ‬لسورية في‮ ‬عالمها العربي‮ ‬ومحيطها‮.‬

آراء القراء

1
16 - 10 - 2014
كل الشكر للاستاذ محمد الحاجم على نشر الخبر

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net