Tahawolat
أذكر في بداية تسعينات القرن الماضي، وفي مقابلة تلفزيونية مع أحد أهم المحامين ورجال الفكر اليهود، حين سئل عن أهم إنجازاته التي حققها في عمله المهني والسياسي وخدم بها المسألة اليهودية، فقال بعد صمت وتردد لافتين: "نعم... إنها النصوص الملتبسة التي إستطعنا إدخالها في المعاهدات والعقود"...
وحينها تذكرت القرار 242 - وحكاية الإنسحاب من الأراضي العربية و"الترجمة الملتبسة، أو النص الملتبس" الانسحاب من ارض عربية...
النص الملتبس في عالمنا العربي، وفي أمتنا، تعدى النص إلى الإنسان، والجماعة، والنظام، والحزب، فأصبح الإنسان ملتبساً وكذلك الجماعة والنظام والحزب. وآخر تجليات هذه الظاهرة هي حكاية النأي بالنفس، هذه البدعة - الخديعة التي انطلت على أهل العلم والرأي والسياسية. وباتوا ينظرون لها وكأنها خشبة الخلاص الوحيدة في وجه الأعاصير التي طالت قلب الأمة النابض في الشام.
النأي بالنفس، وباللغة، هي أن تبتعد، أو تتجنب الإنخراط في حالة تشوبها المخاطر، وما قد يتأتى عليها من نتائج.
أما حين نلبنن هذا التعبير، فيصبح النأي بالنفس، تجنباً وابتعاداً على طاولة مجلس الوزراء، وتضامناً وتعاضداً في وزارة الخارجية، تجنباً وابتعاداً عن سياسة الدولة اللبنانية في الشمال والبقاع او بعضه، وتضامناً وتعاضداً مع الثورة السورية والثوار واللاجئين. تجنباً وابتعاداً عن سياسة الجامعة العربية ودول الخليج والامم المتحدة - والغرب الاوروبي والاميركي، لدى اكثر من نصف الشعب اللبناني، وتضامناً وتعاضداً مع الشام دولةً، ونظاماً وقيادة.
عندما يكون الانقسام في المجتمع عامودياً. وحاداً كما هو حالنا في لبنان، وعندما تكون معادلة الخلاف هي ما بين حق وباطل. وعندما تكون درجة انقشاع الرؤية عند اصحابها، وبقناعاتهم اكانت صائبة ام مخطئة هي في حدود 20/20.
وعندما تكون مليارات الخليج وفائض سيولته، هي مادة اساس في رسم السياسات، والتحكم بالاعلام والفضائيات. وواسطة العقد ما بين هزيمة او انتصار لمشروعين متناقضين، وحين يكون في لبنان حكومة خيَّبت آمال جماهيرها، فلا هي قادرة على الحكم، ولا هي قادر على التَّنحي، ولا خصومها السياسيين قادرون على العودة الى السلطة، ولا هم قادرون على اسقاطها وتنحيتها.
وحين نعتقد واهمين اننا نريد كتابة تاريخ موحد في مجتمع منقسم على ذاته وحاضره ومستقبله، ونعجب كيف ينقسم على تاريخه وماضيه.
النأي بالنفس لبنانياً هي عبارة ساقطة...
سأبدأ بنفسي، أنا مع الشام، مع دولتها ورئيس دولتها وشعبها ووحدة اراضيها ومعارضتها الوطنية.
شاء من شاء.. وأبى من أبى.


آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net