Tahawolat
لمناسبة اللقاء السنوي الخامس
مع سعاده، الذي أقيم في ضهور الشوير القى الدكتور سليم مجاعص محاضرة قيمة بعنوان  « أنطون سعاده الحقيقة ورجل الحق»  تنفرد تحولات بنشر اهم ما جاء فيها :
 
 
نحن هنا، في هذا المكانِ المبارك، على جبلِ سعاده، فصيرورتنا المساواة، وإن إنتفت المساواةُ من أماكن كثيرة من الوطنِ المهشم. كلنا سوريون في عينه وفي قلبه، فهل نفرق بين ما جمعتهُ محبتُه؟
حديثي إليكم عن رجلِ الحق، صديقُ صنين وجبل الشيخ، وجبل الكرمل وجبل إنطاكية!
يكتب محررُ جريدة الإخاء الأرجنتينية غداة الإعدامِ اللئيمِ أن على أرحامِ النساءِ في سورية أن ترتاحَ لألف سنة حتى تلد شبيهَ أنطون سعاده!
لكني أُصارحكم إني سعيد أن أرحامَ نساءِ سورية لم تسترح لأن في ذلك فناءُ الأمة، وبين شبيهٍ لسعاده وحياةُ الأمة نختارُ حياةَ الأمة!
وأرحامُ نساءِ سورية لم تسترح قبل إنجابِ سعاده لأن عطاءَ الأمة السورية لا يبدأ بسعاده ولا ينتهي بهِ، ومن يدعي غير ذلك لم يفهم كيف إختار سعاده أن يحيا لأجل سورية وأن يموت في سبيلها.
يقول الكاتب: يجب على أرحام نساء سورية أن ترتاح لألف سنة! هذا كلامُ ذل من رجلٍ ذليلٍ لا يعرف حقيقةَ رجل الحق.
إن في هذه الأمة عادة مستعصية، كل عرزال مدرسة فكر وطود نبوغ! أسرعوا وإبتنوا لكم عرازيلَ تكللُ التلالَ فهي أنجعُ من جامعات المستعمرين!
أتحتاجُ الأرحامُ أن ترتاح وقد أنجبت مباركة مثل جولييت المير؟!
في رحلتي مع الرجل العظيم مررت بوديان وقمم. فلنبدأ من الوديان لأنه جميل أن ننتهي عند القمم!
في هذه السنين الطوال، درست كل ما توفر لي من الكتابات عنه في الكتب والدوريات.
كتاباتنا عنه منها الغث ومنها السمين، منها المتحرك ومنها البدين، البسيط والغليظ، والسخيف والمخيف.
فلو أخذنا هذه الكتابات، كتاباتنا جميعا، وأزلنا عنها رواسب بديهيات الزمان والمكان، وأخبار العشيرة والأعمام، والمدرسة الأولى والصديقة الأولى والوظيفة الأولى، وأزلنا المواعظ والحكم المنقولة ودروس الحياة المستقاة، يبقى سؤال أليم: رافقنا، أو رافق بعضنا، هذا الرجل الكبير لساعة، ليوم، لأسبوع، لشهر، لسنة، لعقد من السنين، وهذا كل ما إستطعنا أن نترك ميراثا لجيل التاسع من تموز؟
نعملق الأمر العادي البديهي فعندما نصل إلى العمل الفريد الفذ تكون التكبيرات قد إستنفذت أبعادها وصغرت وذبلت:
حمل أخته إلى الطبيب، يقولون، أي أخ برعمت في قلبه طيبة النفس السورية لا يفعل ذلك ويا عيبه إن لم يفعل!
أنزل العلم العثماني بعد إنسحاب جيش بني عثمان، يقولون. كم من هذه الأعلام نزع في الثغور والمدائن!
بدأ يعمل للإرتزاق في السادسة عشر من عمره، يقولون. وأين العجب وذلك شأن غالبية أترابه وبنات خاله.
بدأ العمل كمراقب في شركة خطوط حديدية، يقولون، «معرضا نفسه لتقلبات الطقس والبرد القارس وصعوبات الخدمة ونظامها القاسي الشديد». لكن عمل المراقبة يا رفيقي عمل شبه مكتبي وسعاده بلغ بلدة خاله في منتصف الربيع وغادرها مع نهاية الخريف. فأين البرد القارس. وهل نظام الحضور في الوقت المعين إلى العمل نظام قاس وشديد!
أمام هذه الأمثلة علينا أن نسأل: إن أذهلتنا البديهيات فما نوعية مقاييسنا وتجارب حياتنا ومؤهلاتنا الشخصية؟
أبهذه البديهيات نقدم رجل الحق إلى الأمة. ألا نخشى أن يذكرنا أحد بشاعر أمير حلب:
وتعظم في عين الصغير صغارها...
ألا نستحي ويستحون!
يقول لنا واحد أنه ولد في غياب والده في مصر فقام جده بتسميته على نفسه! ولد أنطون الحفيد في آذار، وتوفي أنطون الجد في كانون الأول من السنة السابقة، فكيف أتى الأمر العجيب!
لقد جرى الدكتور سعاده على عادة تسمية أولاده بأسماء غربية: أرنست، آرثر وما شابه. وقد شذ عن هذه القاعدة مرتين وفي الحالتين بعد وفاة قريب حبيب. المرة الأولى وفاة الجد أعطت الحفيد إسمه. المرة الثانية حين توفي أخ الدكتور سعاده سليم، فكان أن سمى الدكتور إبنه على إسم الأخ الراحل وأهدى كتابه حول السل الرئوي لذلك الأخ وكلل الكتاب برسم الأخ ذاك.  وبعد ذلك عاد الدكتور سعاده إلى نهج التسمية الأجنبية مع إدوراد وغريس.
ويقول لنا واحد أنه بدأ العمل كمراقب في سكة الحديد يوم الأول من آذار، لكن سعاده لم يصل إلى الولايات المتحدة حتى نيسان فكيف يقاسي نظام العمل الشديد قبل أن يركب الباخرة التي سوف تقله إلى بلاد تلك الشركة!
ونحاول سبك إستثناءات طفيفة في وهم التعظيم.
لم يدعي سعاده يوما أن ما عاناه من ويل الحرب العالمية الأولى أمر إنفرد به عن أقرانه. قال ما الذي جلب على شعبي هذا الويل، ليس ما جلبه علي. فعندما دفعه الفقر والجوع إلى مخيم برمانا صحب بالإضافة إلى أخوته ثمانين طفلا من الشوير منهم طفلتين من عائلتي. فمعاناته معاناة مشتركة، لكن فرادته هي في ما قادته تلك المعاناة إلى إبتكاره لإنقاذ الأمة.
ولا علاقة لذلك المخيم الإنقاذي بمدرسة الفرندز كما يدعون. هو مخيم أقامه دكتور إنكليزي بمعاونة الصليب الأحمر الأميركي.
ويدعي أحدنا أن سعاده تابع في سجنه البرازيلي الكتابة لصحيفة سورية الجديدة الأسبوعية، ويعين لنا الكاتب بالتحديد الواثق والإعلان الصريح الصارم تلك المقالات الجليلات وينحو باللائمة على رفقاء أهملوا إدراجها في مجموعات أعمال سعاده. ونحن الجائعون إلى فكر المعلم، ألا يجب أن نفرح ونهلل ونعلن رفيقنا بطلاً للفكر والكشف!
مهلاً أيها الفرح! كان سعاده في البرازيل قيد توقيف شبه عرفي، في سجن إنفرادي، على أساس مرسوم جمهوري لقمع أعمال الدعاوة للدول الأجنبية، وقد منعت عنه الزيارات حتى من ممثلي نقابة الصحافة البرازيلية أو المحامين، ومنعت عنه حتى أبسط حاجات السجين من وقت في الهواء الطلق والعناية الطبية. لكنه وفق رفيقنا أرسل مقالات جليلات إلى الصحيفة التي أسسها قبل بضعة أسابيع والتي لا تشير لا من قريب ولا من بعيد إلى الإعتقال خشية ملاحقة السلطة البرازيلية؟
لكن ما قولكم إن وجدنا في رسائل سعاده كلاماً عن تلك المقالات الجليلات يعلنها نموذجاً للإنحراف الفكري الذي ظهر في الصحيفة خلال أسره؟ أبهذا الإستخفاف نعين مكنونات الفكر السعادي؟ أم أن نشوة الإكتشاف المنفرد المظفر تبرر الإعلان المستبد؟
فإن كان هذا شأننا، شأن من نسبوا أنفسهم إليه فماذا ننتظر من معارضيه؟
يقول خريجو مدرسة الكسل الفكري أن سعاده إستقى فكرة القومية السورية من كتابات الأب لامنس اليسوعي وخصيصا كتاب هذا الأخير الموسوم خلاصة تاريخ سورية!
لننظر قليلا في هذا السخف الباهر: كان كتاب لامنس الصادر في أوائل العشرينات، ملخص محاضرات ألقاها الأب اليسوعي على طاقم الإنتداب الفرنسيين بطلب من الجنرال غورو وبتوجيه من سياسته. أي أن كتاب لامنس يشكل إحدى وجهات الدعاية السياسية الإستعمارية الفرنسية المتلونة المؤيدة حينا للوحدة السورية، إن قاد ذلك إلى توسيع إطار إنتدابها على حساب بريطانيا، والمؤيدة حينا آخر للتقسيمات الإدارية الدينية والإتنية متى كان ذلك يثبت أركان نفوذها.
ففي نسبة إتجاه سعاده نحو القومية السورية إلى تأثير الأب اليسوعي لؤم فكري معيب ودساس.
فلننظر في الحقيقة التاريخية: سعاده الفتى في فترة صدور كتاب لامنس نزيل البرازيل، يتدرب في فكره القومي على يدي والده الدكتور خليل، المناهض الأقصى في المهجر للإحتلال الفرنسي لسورية، المرسل صواعقه السياسية بإتجاه الإنتداب وأصحابه، الملقب الجنرال غورو بغورو باشا الغازي، على طراز العثمانيين الفاتحين، الواصف الفرنسيين بأتراك أوروبا موازاة في الغشم القاهر لأتراك آسيا. الإبن المتدرب على يدي هكذا أب، أيحتاج أن يستمد الفكرة السورية من بوق الدعاية الإستعمارية الفرنسية!؟
لكن تعالوا ننظر كيف إستبد القوميون بزعيمهم مثل واحد يكفي:
«لا يجوز للزعيم أن يتزوج»، قالوا عندما أعلن خطبته إلى جولييت المير، «عليه أن يقف نفسه لسورية، فهو إن تزوج أصبح رجلاً عاديا لا يصلح للقيادة!»
هل سمعتم بأعتداء على أبسط الحقوق الإنسانية أشنع من هذا الكلام وهذا الموقف؟
نعم، كان الرجل مستبداً لأنه يبدو لي أنه في بعض الأحيان إنفرد وحيداً يصون المبادئ الشريفة التي تكرم الحياة.
نعم، كان مستبداً لأنه أبى على نسر الزعامة السير في الوحول أو معاشرة الزرازير.
أهو المستبد أم نحن؟
طفيليات فكرية، وكسل منهجي، وقصص الموقد والفانوس هي بعض من إستبدادنا به.
عجب كثيرون من معلومات أدرجتها في المجلدين الأولين من سيرة سعاده لدرجة عدم التصديق والإمتعاض. من أين أتى هذا الكاتب بهذه الأخبار ليتحدى بها ما إرتحنا إليه من تصوراتنا عن سعاده ووالده؟ كيف تختفي فجأة عدة كتب من نسبها إلى الدكتور سعاده وأين القصص الأليفة عن فتوة سعاده الإبن؟
السؤال الأمرُّ هو لماذا لم تختفي من قبل؟
وأسأل نفسي: هذه الحيثيات كانت دوما متوفرة فلماذا لم ينظمها قبل اليوم أحد؟ المكتبات والسجلات والمراسلات والمرويات في مستطاع الجميع وتمر ستون سنة ولا من عمل رصين؟
قلت في مستطاع الجميع مع إستثناء ما حجب عن الناس وعني لخشية سوء إستعمال أو لغيرة فائقة أو أنانية دفينة.
لكن الرجل الكبير فرض حقيقته على هذا الوجود!
فما سر ثباته؟ ما سر هذا التلازم الواثق المحكم بين عناصر فكره؟
إنه في طمأنينته الفلسفية أنه عرف الحق والحقيقة.
إنه في طمأنينته الفلسفية الناتجة عن تأمله الطويل ودرسه العميم وصراعه الحثيث.
إنه في الصفاء الفلسفي الذي يميز فكره.
هذه الطمأنينة الفلسفية والصفاء الفكري اللذين يتمثلان في المواقف المبدئية الجلية حول شؤون الأمة والوطن، وحول شؤون حياة الأمة ونهضتها.
لننظر في بعض الأمثلة.
إلى الجنوب من هنا في الثغر، في بيروت، يتحاورون حول الحق النسوي، الحق بالعمل، الحق بالإرث، الحق بالهوية، الحق بالكرامة وبرفع العدوان الذكوري ضمن العائلة وخارجها.
نحن نسأل: هل يتساوى حق سناء في الشهادة مع حق وجدي؟
فإذا كان الجواب نعم، فلماذا لا يتساويان في كل الحقوق، في حق الإرث وحق العمل وحق الهوية وحق الحرية وحق العدل؟ أنساويهما في الحق الأقصى ولا نساويهما في الما دون؟ فلا يعجب الباحثون إن لم يجدوا في تراث سعاده كلاما عن حق المرأة فليس في تراثه كلام عن حق الرجل كرجل.
هو يقول بحقوق السوريين بالجمع، وما جمع المذكر إلا صيغة لغوية ولو وفى جمع المؤنث بالمعنى والتقليد لقال به!
إلى الجنوب من هنا، في الثغر، في بيروت، يتشاتمون حول حق المشردين الفلسطينيين في العيش الشريف وفي الحقوق الإنسانية البديهية الأساسية من الكرامة الشخصية وحق العمل وحق الحماية القانونية. ويثيرون مسألة «التوطين» لكأنها غول مخيف يبتلع الأطفال والأرزاق. ويتحججون، يا لحميتهم المخلصة، أن في التوطين في سفح هذا الجبل خسارة للحق في العودة! لقد حموا هذا الحق، يا لإخلاصهم، لأكثر من ستين عاما فلم يفد في العودة لكنه أفاد في إستمرارية البؤس واللوعة.
الصفاء الفلسفي والطمأنينة إلى الحقيقة الفلسفية تتمثلان في وضوح الحكمة وشعشعان العقل النافذ:
إلى الشرق من هنا يتباحثون في الحريات والإصلاح!
لتخرج كل الأفكار والعقائد إلى ساحة النور لتعرف منها الحرباء من الطير المغرد،
لتخرج إلى ساحة النور من أسودها إلى أبهاها، من أرذلها إلى أسماها،
أيحتاج الفكر النير إلى مقصلة تحميه؟
أيخاف أبناء النور من الفضاء الفسيح؟
ألم يعلمنا أن الدولة هي جمعية الشعب الكبرى وأن للمواطن الحق في إبداء الرأي في مصير جمعيته الكبرى ومن يمنعه من هذا الحق يتمرد على سيادته؟
وإذا كانت الدولة جمعية الشعب الكبرى فالأحرى بالشعب أن لا يدمر جمعيته ويعي مسؤوليته عن خيره الذاتي ودم قومه!
الدولة هي جمعية الشعب الكبرى، لكنها ليست جمعية المرتزقة!
إن إستفحال شر المذهبية الدينية لا يقاوم بالإختراعات اللاهوتية أو الكلام المعسول والمغسول عن التعايش – الذئاب والضباع تتعايش إلى حين! جميل أن تتناغم المآذن والنواقيس في أحلام لطاف الأدباء.
لكن المصير القومي يحتاج إلى درع مبادئ حصينة، مبادئ إصلاحية ثلاثة عبرت عن رؤية تامة متكاملة لمكان الدين والمذاهب في الهيئة الإجتماعية. أنتساهل بها إن نطق رجل دين خيراً في السياسة؟ وماذا نفعل إن نطق آخر شراً؟
والطمأنينة الفلسفية تنتج شجاعة في الوقت العصيب وهدوء أعصاب وثبات قيادة في زمن الزعازع، فهي لا تنحصر في الفكر بل تشمل الممارسة.
العمل التأسيسي عبر إنتزاع نخبة قيادية – أو هكذا ظنَّ – من براثن الإتجاهات العدمية.
لم يقف في جمع من عشيرته أو طائفته ويقول الأمر لي! بل وقف في عرين الرجعيات والإستعماريين وقال هؤلاء رفقائي فإرفعوا أيديكم عن الشباب السوري فهو لي ولسورية!
إن بروز فرادة سعاده القيادية عملية تاريخية باهرة في معانيها ودروسها وفي تحدياتها وإنتصاراتها وإنكساراتها، فلنتحاش الإسقاطات الدينية والوحي المكتمل من لوح مسطور – إن عملية الصقل القيادي والمعرفي والفكري للحركة القومية لم تتوقف في حياة سعاده لأنه من حق سورية عليه وعلينا أن يكون لها دائما أفضل ما نستطيع!
لكن في دربنا مع هذه الطمأنينة الفلسفية والصفاء الفكري تحديات لعل أكثرها صعوبة عبارة «كلنا مسلمون» التي تحيرني! يقول «ليس لنا من عدو يقاتلنا في حقنا وديننا ووطننا إلا اليهود». في حقنا فهمنا، في وطننا سلمنا، لكن في ديننا؟ أي دين هذا؟ أيتحدث هنا عن دين القومية الجامعة من قوله في الكورة في الثلاثينات أن هذه الأرض عرفت أديانا هابطة من السماء إلى الأرض أما اليوم فتشهد دينا جديدا صاعدا من الأرض إلى السماء. فإن كان كذلك زال العجب.
لكن هذا الحل الطبيعي لا يرضي النظر النقدي. لأنه في كلام لاحق يعلن أن الإسلام قد جمعنا وأيد كوننا أمة واحدة فمنا من أسلم بالقرآن ومنا من أسلم بالإنجيل ومنا من أسلم بالحكمة! ترى ماذا حل بالذين أسلموا بالتوراة إذا أردنا أن نتبع النص القرآني، وما هو مكان الملاحدة من السوريين فهل ينتفي إنتماؤهم إلى الأمة التي جمعها الإسلام؟ وكيف نوازن هذا الكلام مع معنى الأمة وصفتها والدقة الباهرة التي بها حددها في نشوء الأمم؟
ولكأن هذه التحديات لا تكفي حتى يقوم رفيق لنا يدعونا ألى تنكب مسؤولية التوسع اللاهوتي في هذه الوحدانية الإسلامية! ونسأل هذا الرفيق ماذا حل بفصل الدين عن الدولة إذا تنكبنا هذه المهمة اللاهوتية؟ أن فصل الدين عن الدولة هو أيضا فصل للدولة عن الدين.
وقد يقول أحدهم أن هناك ثوابت لؤم تاريخي في ذلك الشعب تملأ صفحات كتبه الدينية وأن في تلك الكتب دروساً جليلة.
أنحتاج أن نعود إلى كتاب الزبور وأمامنا دير ياسين وقانا وغزة؟! أليس الدمُ المسفوك أقوى حجةً من الحبرِ المهترئ!
يريد اليهود القدس عاصمة أبدية لدولتهم!
ويقوم بيننا من يزايد عليهم مدعيا أحقية دينية مخالفة، وتتيه مسألة الحق القومي بين الأحقيات الدينية وتداخلات الأوقاف، ومن له مرقد قس أو شيخ أو حاخام.
يريد اليهود القدس، ونحن نريد حيفا ويافا وعكا وعسقلان، نريد الناصرة وتلال الجليل وبيسان ، والقدس أيضا وبيت لحم! ليس لدلالة دينية بل لإنتسابها إلى الوطن. نحن لا نفاضل دينيا بين مدننا وبقاعنا، كلها في المنظار القومي واحد. ألم تغن فيروز لبيسان مثلما غنت للقدس!
لا أخفيكم أن بعضنا يشعر بغربة فكرية وأدبية عندما ننظر إلى المكتبة الحزبية في كتبها ودورياتها ونجد إحتفالا بأمير إرسلاني وتقريظا لشعر قروي. نستفقد لغة ربينا عليها ومفاهيم شببنا نلهج بها!
أجل، أنا من المؤمنين بسنة النشوء والإرتقاء فلا تخشو ترددا في قبول الأفضل والأجود.
أجل، أنا من المؤمنين بسنة النشوء والإرتقاء لكني أستفقدها لأهتف لها!
واجبنا نحو رجل الحق هو الحقيقة، بجدية، بمسؤولية، بإحترام وتقدير.
إفتحوا قلوبَكُم لرجلِ الحقِ لِتَحيا به ولِيَحيا بها سعاده.
سَلِمَت قلوبُكُم فَبِها تحيا سوريا.
وبتحية سورية تنتهي كلمتي فلنتحاور قليلا.
فرادة سعادة هي في ما قادته
معاناته إلى إبتكار لإنقاذ الأمة.
 
كل مقال عن سعادة هو حجاب
يلقى على حقيقته وساتر يرتفع دون نوره

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net