Tahawolat
يخطئ من‮ ‬يعتقد أن كتاب الراحل توفيق رافع حمدان‮، ‮"‬سيرة ومسيرة‮" ‬هو كتاب سردي‮ ‬لواقعة محاولة اغتيال رياض الصلح في‮ ‬التاسع من آذار‮ ‬1950‮ ‬والتي‮ ‬نفذها توفيق رافع حمدان بمعاونة البعض من رفاقه القوميين‮.‬
لقد تضمن الكتاب الحادثة‮‬،‮ ‬لانها بعض الصدق والوفاء الكبيرين، صفتان كانتا عنوان الكتاب ومحتواه ونهايته‮.‬
لقد نالت "عين عنوب" من الكتاب القسط الاكبر،‮ ‬أبو رافع كان‮ ‬يحب ضيعته‮ "عين تاب‮" ‬وهو اسمها التاريخي،‮ ‬يفاخر بمقاتلتها للصليبين،‮ ‬يفاخر انها كانت بيت الامراء الارسلانيين من محمد القاسم إرسلان حتى الأمير مصطفى ارسلان الذي‮ ‬بنى قصره في‮ ‬"عين عنوب" عام‮ ‬1875‮ ‬،‮ ‬أما إعتزازه الأكبر أنها كانت الضيعة التي‮ ‬استقبلت سعاده، وعرفته وأحبته كما أحبها وأحب من‮ فيها،‮ ‬وقد كان سعاده‮ ‬يتردد كثيراً‮ ‬اثناء مذكرة التوقيف بحقه على بشامون وسرحمول وعين عنوب‮.‬
ويردد قول علي‮ ‬الحاج‮ ‬بعين عنوب‮:‬
عين عنوب احلى عين             إنجينا نحكي‮ ‬الحقيقة
إن شرب منها أعمى العين         بيشفى من فرد دقيقة
الصفحة الثانية في‮ ‬كتاب صدقه ووفائه،‮ ‬كانت صفحة عباس،‮ ‬الأخ الأكبر ورفيقه، ومثاله الأعلى،‮ ‬وقد كان بمثابة الأب، الذي‮ ‬اولى توفيق وباقي‮ ‬اخوته العناية والتربية الصالحة‮ ‬اثناء اغتراب والده في‮ ‬البرازيل‮. ‬لقد احب توفيق، عباساً‮، ‬حباً‮ ‬كبيراً،‮ لتميزه بالحس المرهف والاخلاق العالية ونكران الذات وحب العطاء والتضحية‮.‬
وأحبه اكثر كرفيق قومي‮ ‬اجتماعي،‮ ‬وقد كان عباس متميزاً،‮ ‬ساطع الحضور، مولع بحبه لوطنه، ‬وايمانه بعقيدته وربما قصيدته التي‮ ‬بعث بها الى "البيدر‮" ‬تاريخ‮ ‬15‭/‬1‭/‬1956‮ ‬خير دليل:
قومي‮ ‬لنرجع‮ ‬يا أمل عالبيت‮ ‬
                    قدّيش قضَّييتِ وانا قضيت
قومي‮ ‬كفاها‮ ‬يا أمل‮ ‬غربي‮ ‬
                    الغربة خسارة وعالوطن ضربه
بدي‮ ‬أخي‮ ‬وأختي‮ ‬تكون قربي
                    وإمي‮ ‬ورفاقي‮ ‬لو أنا ناديت
الصفحة الثالثة في‮ ‬كتاب "صدقه ووفائه":
كانت محاولته الفاشلة لاغتيال رياض الصلح،‮ ‬رئيس الحكومة اللبنانية والذين‮ ‬تآمروا كطبقة سياسية في‮ ‬ذلك الحين،‮ ‬للتخلص من زعيم النهضة السورية القومية الاجتماعية‮. إعتقد القوميون، وقد كان اعتقادهم صائباً‮، ‬ان الرأس المدبَّر وصاحب القرار الفعلي‮ ‬هو رياض الصلح وليس رئيس الجمهورية بشارة الخوري‮ ‬ولا وزير دفاعه الامير مجيد ارسلان لذا قرروا الانتقام منه.
كم كانت جميلة كل التفاصيل التي‮ ‬اوصلت الى التنفيذ،‮ ‬عفويتها صدقها وجرأتها‮.‬
اما الرصاصات الطائشة، فكانت بمثابة‮ "‬الحسرة" ‬التي‮ ‬رافقت ابو رافع طيلة حياته،‮ ‬وكم كانت مجال‮ "‬تندرٍ" ‬اما الصوابية في‮ ‬اتخاذ القرار فيرويها ويؤكدها في‮ ‬رسالة الى حسين الشيخ الذي‮ ‬اطلق رصاصاته انتقاماً‮ ‬لسعاده، من‮ ‬يوسف شربل القاضي‮ ‬الذي‮ ‬اصدر حكم بالاعدام‮. ‬يقول له‮: ‬نعم‮ ‬يا رفيقي‮ ‬حسين لا انا مجرم ولا انت مجرم ولا سلاحنا نحن الاثنين سلامح اجرام،‮ ‬انما هو سلاح الحق المطعون،‮ ‬ولطالما حسدتك‮ ‬يا رفيقي‮ ‬لانك انتقمت ونجحت، اما انا فقد خانتني‮ ‬الخبرة وفشلت‮.‬
الصفحة الرابعة في‮ ‬كتاب "صدقه ووفائه":
كانت عائلته الصغيرة،‮ ‬زوجته التي‮ ‬حكمت على نفسها بالحب المؤبد حين كان‮ ‬ينفذ حكم المستبدين الطغاة به،‮ ‬حكم المؤبد خذله حب مؤبد ايضاً‮ ‬تعلقه بكل ابنائه،‮ ‬جود رافع واصالته وكرمه،‮ ‬رنده التي‮ ‬بعث لها برسالتين من اجمل ما‮ ‬يمكن ان‮ ‬يكتبه أب فاضل لإبنته،‮ ‬تعلق بوالده واخوته،‮ ‬توفيق رافع حمدان،‮ ‬ابو رافع كان من قماشة عرفت الانسانية‮ ‬فقط القليل منها‮.‬
اما باقي‮ ‬صفحات كتابه، قل من الجلدة الى الجلدة،‮ ‬كانت العقيدة التي‮ ‬آمن بها،‮ ‬عقيدته السورية القومية الاجتماعية،‮ ‬كتبها،‮ ‬وعاشها حتى آخر لحظة في‮ ‬حياته‮.‬
قرأت كتاب الرفيق ابو رافع، بعد ان فرغت لتوي‮ ‬من قراءة كتاب احمد داوود اوغلوا‮ "‬العمق الاستراتيجي‮".‬
الكتابان طبعاً‮ ‬مختلفان،‮ ‬دقيقان،‮ ‬صادقان بالمواضيع التي‮ ‬تناولها المؤلفان. اعترف انني‮ ‬كنت معجباً‮ ‬بكليهما‮.‬
ولكن‮...‬
المشكلة هي‮ ‬في‮ ‬المؤلفين:
توفيق رافع حمدان، كان صادقاً‮ ‬من رأسه حتى اخمص قدميه اما اوغلو، فالمقياس بالاعمال،‮ ‬وطبعاً‮ ‬بالمواقف،‮ ‬والرجال مواقف لقد كان كاذباً‮ ‬من قدميه حتى اخمص رأسه‮.‬

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net