Tahawolat
في روايتها الجديدة "قانون مريم" (دار "ورد" ، دمشق) تنشغل الكاتبة السورية كلاديس مطر بالعلاقة بين سوريا ولبنان. هذه العلاقة المعقدة والشغوفة، بين بلدين قد يكونان واحداً، لكن بمويل متعددة. إنها رواية الحب الكبير القديم الذي لوثه التاريخ وأعطاه قداسته في آن. تشتغل مطر على خطين دراميين متوازيين، يبنى عليهما الخطاب السردي: قصة حب بين مريم السورية وحازم اللبناني من جهة، والتاريخ المشترك لبلدَيْ البطلين، بتقاطعاته وتلاقحاته، من جهة أخرى. وبهذا، فإن العمل يغدو في بعض الأحيان كرونولوجية لأهم أحداث بلاد الشام، حيث يتداخل التاريخ ويتطابق مع وقائع اللحظة.
تبدأ الرواية ) 170 صفحة من القطع المتوسّط) قبل مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بأيام، وتنتهي بعد أقل من شهرين، لحظة خروج الجيش السوري من لبنان.
في مقطع من الرواية نقرأ:
"كانت بيروت شاغلة الدنيا في بداية السبعينات. كنت لم أزل يافعاً والحرب لم تقرع طبولها بعد، لكن طنينها الخافت كان مسموعاً مع ذلك ويهيء لما هو قادم.  كنت تعثرين على كل شيء في بيروت... الحب، الكتب، الأدب، الفن والفنانين، الجمال، الأناقة والشياكة. كنت تعثرين على العلاقات المنفلتة من ضوابطها وعلى الأديرة الكثيرة المنتشرة في ربوعها، تعثرين على المارقين والثوار والكارهين لأنظمتهم والمواظبين على التنظير في مقاهي الرصيف، تعثرين على الزعران والأوادم، على البلطجية بربطات عنق والسياسيين والباحثين عن الحقيقة. حتى صحن اللبنة والكبة النية، كان يعتبر من أهم معالم المدينة التراثية. كانوا يأتون إلينا من كل مكان لكي يتناولونه مع كأس عرق مختمر في المقاهي الصيفية المنتشرة بين ربوع الجبال. كان في بيروت كل شيء. سعة العيش وطيبها. كانت أجرة الراكب من بيروت إلى دمشق خمس ليرات لبنانية أو سورية إذا كانت من دمشق الى بيروت. أما رسم الخروج من سوريا الى لبنان فكان بـ 11 ليرة أو أكثر بقليل، بينما يصل سعر تنكة البنزين الى  ليرات. كانت الدنيا بخير. كانت بيروت خارجة عن سرب كل المدن العربية  حين اندلعت الحرب انفلقت المدينة إلى نصفين. كان المشهد من غاليري سمعان عبر المتحف أو الشياح مهولاً. الأبنية كانت نصف منهارة أو امتلأت بثقوب رصاص القناصة، والصواريخ التي لم يكن يعرف من أين تأتي أو تنطلق. كنا نحن أيضاً ممتلئين بالثقوب. اليوم نحن نعيش فترة ما بعد الصدمة. قسم كبير منا ما زال يحيا اليوم بسبب الأدوية المهدئة التي كانت الحل الوحيد أمام وباء الخوف والاكتئاب والإحباط التي اجتاح الروح اللبنانية.
أرجوك يا مريم... لا تلقي بالاً لمثل هذه الحوادث اليوم.. اعتبريها فشة خلق.. فورة دم.. اعتبريها ما شئت، ولكن لا تبعديها أبداً عن سياقها. أعطيني يدك وتطلعي بي. لا تجعلي هذا الحب يدوخ في محارق الأيام القادمة لأن الآتي لربما أعظم. قاومي مشاعرك. قاومي عواطفك وإذا تطلب الأمر اجتيازها متل سباق الحواجز.. اقفزي فوقها ولا تعيريها أهمية وتقدمي إلى الأمام. لا تضعيني في كفة ميزان مع عواطفك الوطنية. نحن شيء آخر" .

*نقلاً عن مجلة الادب العربي


آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net