Tahawolat
 
في إطار سلسلة محاضرات حول العلمنة اليوم وبدعوة من "مؤسسة سعاده للثقافة" القى الشاعر الدكتور نذير العظمة في دار الندوة محاضرة بعنوان " الدين والدولة في مرآة النهضة" وقدمه سليمان بختي مرحباً بالحضور وواصفاً العظمة بأنه سنديانة من سنديانات المعرفة في زمن التصحر، وهو شاعر ومسرحي وناقد وباحث ومترجم واكاديمي والأعز الى قلبه المناضل في صفوف النهضة القومية الاجتماعية.
أنه أحد أهم شعراء الحداثة ورموزها وروادها وأحد مؤسسي مجلة شعر في منتصف الخمسينات من القرن الماضي. كتب عنه أنسي الحاج انه كان الركن الأطيب في مجلة "شعر"، أطيبنا نذير العظمة يقول، وأعتبره جبرائيل جبور محام الشعر الحديث. لعب نذير العظمة دوراً مهماً في تطوير القصيدة العربية الحديثة وابتكار القصيدة المدورة. الكتابة لديه فعل حرية ومسؤولية. والشعر عنده غناء كوني يطلع من الارض والانسان. ولا يني، منذ ذلك الوقت، يسوق لنا أدباً رفع عنه الزيف والاقنعة والحجب.
وانه منذ تعرف الى سعاده وفكره أدمن النظر الى الأعلى والأبعد والأعمق والجوهر والحق. وبين ساحة الوغى وحومة الورق والكتابة كمن يدخل من غرفة الى غرفة. ألف أكثر من ستين كتاباً في الشعر والمسرح والنقد والدراسات في العربية والانكليزية،  وشارك في العديد من المؤتمرات والموسوعات العالمية. كما شارك في تأسيس عدة مجلات ثقافية وترأس تحرير جريدة البناء ومجلة الآداب العربية.
وانه أدمن اللغة فصار شاعراً كبيراً. وانه أدمن التعليم فصار معلماً وقضى في التعليم أكثر من نصف قرن حائزاً الدكتوراه في فلسفة الادب المقارن ودارساً ومدرساً بين جامعات هارفرد وانديانا وجورج تاون وشاغلاً كرسي الدراسات الشرق اوسطية في جامعة بورتلاند وفي جامعات لبنان والمغرب والسعودية. وانه ادمن النضال فصار مجاهداً كبيراً. وأكتشف في كل ذلك ان الشعر مثل النضال مثل المعرفة صراع بين لا بد منه وما يستحيل .
توقف العظمة بداية عند كتاب "الإسلام في رسالتيه" لسعادة وهو دراسة معمقة ومنهجية معرفية لنشوء الإسلام المحمدي في مرحلتي مكة والمدينة من خلال النص القرآني دراسة قائمة على التحليل المعرفي والاستنتاج العلمي الموثق بالنصوص. ومؤسسة على تاريخ الأديان الموحدة اليهودية والمسيحية والإسلام.
تؤكد الدراسة على مفهوم الإسلام الإبراهيمي كما ورد في القرآن. فالإسلام عنده ليس المحمدي فحسب بل أنه يتضمن الإسلام المسيحي والإسلام العبراني. جوهره التوحيد وعبادة الله وتجنب الشر وفعل الخير وخلود الروح في النعيم السماوي وتحقيق الثواب والعقاب .
وهكذا فإن كتاب "الإسلام في رسالتيه" يصحح علاقة الأديان بعضها مع بعض وينطلق من إرث إبراهيم الموحد فالدين ليس قومية أو جنسية إنه إيمان وعقيدة لله فيها القول الفصل أما اقتتالنا على السماء فيفقدنا الأرض.
ويلقي الكتاب أضواء كاشفة على علاقة القومية بالدين من جهة وعلاقتها بالعلمانية وعلاقة الأديان فيما بينها في الإطار القومي.
وبرأيه أن الدولة تتدبر الدنيا. والدين يتدبر الآخرة. وليحيى الوطن حراً.
وأعتبر العظمة  ان سعادة عالم الاجتماع في نشوء الامم " يلاحظ ان الدولة الدينية قد حل محلها نموذج الدولة المدنية. وهي ملاحظة علمية صادقة. هذا لا يعني أن سعاده يتجاهل قيمة الدين الروحية والأخلاقية. فالروح وأسئلتها عن الماوراء مشروعه على بساط الفكر وصقل الانسان اخلاقياته ليس من عمل الدولة وحدها بل لا بد للمؤسسات الدينية من القيام بوظائفها حيال ذلك.
وعلمانية سعادة علمانية نشأت من ضرورات الإصلاح السياسي والإجتماعي والديني. فبلادنا في نسيجها الديني والاجتماعي والقومي قائمة على التعدد الذي لا يجافي الوحدة.
 
وبرأي العظمة ان تاريخ الروح عند سعاده لا يلغي المكان والزمان وتاريخ الانسان فيهما بل يساند الخلاص الاجتماعي والقومي القائم على المعرفة والعقلانية.
ولذلك لا مندوحة لنا من أن نحيل المتلقي الى فكر سعادة إذا أردنا أن نقدر إصلاحية السياسي ونقدر عقيدته في  الاصلاح القومي. وكتابه الاسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية ضرورة لفهم هذا الفكر المنهجي.
علينا ان نكتشف ينابيعنا الروحية المشتركة.ومكامن القوة في هويتنا القومية بدء من معتقداتنا الدينية الفكرية والسياسية وانتهاء بوحدة الحياة والروح والمصير. فهي أساس وحدتنا الوطنية.
وخلص الى ان :
ــ العقل هو هبة الله للإنسان، والعلم هو هبة العقل
ــ والوحي هو هبة الله للأنبياء والخلق
ــ والله لا يعطل هباته إلا إذا كفر الإنسان بهبات الله وأجملها الإيمان.
ــ والعقل والعلم يعززان ما يعلمنا إياه الإيمان من وحدة الرسالة ووحدة الكون ووحدة الوحي التي تجلت في الأديان التوحيدية لا سيما المسيحية والإسلام. "كلنا مسلم لرب العالمين..." والقرآن الكريم الذي يعبر عن كمال هذه الرسالة، إنما يتوجه إلى الإنسان في عشرات الآيات المضيئة إلى التفكر والتدبر والعقل ليرى الإنسان ضوء الله الذي يتجسد في الوحي والعقل على حد سواء.  

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net