Tahawolat
أن تؤمن، يلزم ان تعطي ليكون لهذا الإيمان معنى. ويلزم أن تعرف ماذا تؤمن ومن أجل ماذا تؤمن.
فإيمان العارف ليس كإيمان الساذج بحجر ليبرأ من حجر تَجسَّده. إيمان العارف ليس هو كما كان ولن يكون هو ما هو الآن. وبين ما كان وبين ما هو وبين ما سيكون سيرورة وصيرورة. سيرورة سرمدية من آنات تنتظم حياة نبض وإيقاع صوت ومعنى رفض وتحدٍّ. سيرورة بطبيعتها حضور معنى وارتياد افتراق. وصيرورة من كون لكون إلى كون يكتمل كلما تغير لتغير ما لن يكتمل.
هكذا يتحول المتحول في تحولاته في رفض ما يُكان لنا ليكون ما سيكونه هو، في إرادة تامة تقرر ما تريد. وفي تحولاته ثبات ذات كلما تحولت عبرت عن إطلاق حضورها اللامحدود.
بعد نكبة أطلقت دعوة إلى الجهاد القومي فريدة في وعيها، حيّة في نبض عقليتها الخالقة من استعدادات مؤهلاتها التي صقلها تفاعل تاريخي مبدع فكانت هي كما شاءت شروط حياتها هي.
وبعد نكسة كانت "تحولات" الـ"لا" المقدسة المؤكدة وجودنا لا النافية له. لا الـ"نحن" لا الـ"كل" ببهاء جمعيتها النوارة واجتماعيتها الجامعة شكلت حبراً مقاوماً وبناء موحياً فيها كل مقومات الصمود العتيد.
بمناسبة حرب التشرين اكتملت حلاوتها فسيقت إلى معاصر الحبر لتُسبك درر مقالات وعقود صفحات لتنقذ صحافة لبنان والمشرق من إعدام التجار وإعلام الصغار المتسلقين على أبواب السلاطين لتفتح لهم أقفالها، لكن أقلام الحرية هي أقلام حرية ولو كانت نادرة في "تحولات"ها، وأقلام العبودية أقلام عبودية مرذولة ولو كانت جيوش أعناق غليظة ورؤوس يقطين مريضة تتراكم جماهير كفئران البيادر.
عبثاً، حاولت مصارف الأجنبي أن تجعل ورقنا يصفرّ، ازدحمت التسميات، نهاراً ومساء، عيراً ونفيراً، عبداً ومحرراً، إظلاماً وإنواراً، أياماً وأسابيع، ساعات واوقات، حتى غدا بين جريدة وجريدة جرائد، وبين صحيفة وصحيفة صحائف.. وكلها حضارة ورق يتوق لها عود ثقاب، هذر يبيع سخافته للتافهين، خدر ملوّن يسري في عروق اللاهثين: عن الوضع، الحرب، الأسعار، العمال، عن الأحوال ونقابات مجاميع واحزاب قطعان بالسلاح والليرة وكيس الطحين سلّعت أرواح شعب وخاضت حروبنا بالسكين وبالعبوة لتقلع مستأجرين.
"تحولات" التحول، تعرف تحولاتها وتعرف إلى ماذا تتحول، ومتى تتحول، وكيف تتحول.
"تحولات" لم تتحول ولن تتحول عن قضية هي كل الوجود وكل معناه. إنما ما عداه كل شيء فيها في تحوّل، فلا شيء يخلق من عدم، ولا شيء يضيع ولا شيء يبيد إنما الكل كـ"تحولات" يتحول بها ومعها.
·  ناشر موقع حرمون وباحث

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net