Tahawolat
كل حرب تبحث عن ضحيتها أو عن ضحاياها وكل حرب تسجل في بدايتها عدداً قليلاً من الخسائر. ولكن حساب النهاية يختلف عن حساب البداية.
فما كان متوقعاً في البدء، يصبح مجهولاً، وما كان معلوماً يصبح غائباً. وما كان محسوباً يصبح خارج جدول الاحتمالات.
   حرب سورية أو حرب العالم على سورية، عناوين كثيرة لا تعدو ان تكون بدايتها كارثة وآخرها سلسلة من الكوارث اذا لم يتدارك العرب نيرانها قبل ان تندلع في كل مكان من العالم، واذ لم يشعروا بان هذه الحرب الملعونة ليست هي الا النفق المظلم والدموي الذي ستدخله منطقة الشرق الاوسط، لتفرخ فيه، عند كل منعطف مظلم حرباً جديدة تجر اليها العالم، كل العالم، الى آتون من نار يحرق الاخضر واليابس ويجعل الكرة الارضية كلها لهيباً متفجراً قد ينهي الوجود البشري في هذا الكون الذي يتقدم بالعلوم الذرية والهيدروجينية والميكروبيليا نحو نهايته الحتمية. هذه الحرب - الكارثة التي صممتها الدول الجوارح، اولى ضحاياها شعب ولد التاريخ بين يديه مراراً وسجل فوق الارض كثيراً من الحضارات، حتى بات جزءاً من نسيج الحياة على هذه الكرة الارضية.
 هذه الحرب الملعونة، لا تقف عند حدود قطر او اقليم او كيان، بل هي تهز اعماق الكون وتخضه من جديد ليقع في دوامة الاخطار الكارثية التي تقود الى نهايته، فالقاع الذي تخلفه هذه الحرب، لا قاع له، والسقوط لا يتوقف عند حدود هذا الزمان بل يتخطاه الى اللا نهاية.
  هذه الحرب التي لم يبذل قبلها الا القليل القليل من السعي نحو السلام لن تكون فقط مجموعة صفحات من السجل العسكري للحروب، حيث التفوق الجوي والتفوق التقني جعل من هذه المعركة تدريباً يومياً فظاً تجرّب فيه الاسلحة الفتاكة من اللحم الحي، بل ستكون مجلّدات واسعة الحدقات والكلمات، تتحدث عن طوفان من النار فوق آبار من النفط لا يحرق العرب فحسب بل يمتد لهيبه الى الكرة الارضية جمعاء!!!
 انها الكارثة التي كان يمكن تفاديها، فلماذا اسرعوا جميعاً من عرب وإفرنج واميركان الى تظهيرها بقوة.
  اننا نعرف معاني الحروب وقد عايشناها طوال تاريخنا، قد تبتدئ بشعار وتنتهي بنار تأكلها النيران الاخرى، ونعرف ايضاً ان الارقام التي يمكن ان تسجل فيها الخسائر البشرية والاقتصادية والعمرانية والثقافية، لا يمكن ان تكون الا ضئيلة مهما كبرت امام حجم الكارثة التي ستحل بالعالم اجمع من جراء هذه المطامع للسيطرة على موارد الكون وشعوبه، انه مرض عميق بدأ من لوثة الحقد الذي نبتت له انياباً قاسية وكلها تعزف على لحن اقتسام موارد الكون بما فيه من ماء ونفط ومعادن وخيرات وبشر.
يظن العظماء في هذا الكون الذين تخلوا عن عظمتهم الى (عظيم) واحد هو الولايات المتحدة الاميركية  بأنهم هم الكاسبون وبمعنى آخر انهم يستطيعون ترتيب اوضاع الكون على لحن الفته - اسرائيل  للتمكن من عزفه لاجل ان يرقص العالم على انغامه.
  ولكن الى اين ستقودهم هذه الحسابات؟    
  ولكي نعود الى وقائع التاريخ القريب في منطقتنا  اقول انه بعد الحرب العالمية الاولى وهزيمة الامبراطورية العثمانية والغاء سيطرتها على منطقة الشرق الاوسط  ومناطق اخرى من العالم، رتب المنتصر آنذاك اوضاع منطقتنا على قاعدة سيكس - بيكو وخلفية وعد بلفور الا ان هذه الترتيبات الدولية الناتجة عن ذاك النظام الدولي الجديد من ملاحم وجماجم الحرب العالمية الاولى، ادى الى نشوء نزاعات وثورات دموية كثيرة ما لبست ان اطفئتها نيران الحرب العالمية الثانية وبعدها تكرث العالم الجديد الذي ساد ايام عصبة الامم  لذلك تفجرت المنطقة بالحروب وباتت مراراً على قاب قوسين من وضع تجر فيه العالم الى حرب ذرية آبان الاجتياح الثلاثي لمصر، بعد تأميم قناة السويس وبعدها في حرب تشرين عندما كادت اسرائيل تُهزم نتيجة الضربة الاولى التي وجهها جيشا سورية ومصر، ونتيجة لهذه الحسابات الدولية الخاطئة ونتيجة الموقف المتمادي من الغرب في دعم اسرائيل اصبحت المنطقة ترسانة عسكرية تتمتع بكل خصائص الانفجار الحربي.
   فخارج نطاق الدول العظمى، وبعض الدول في آسيا ليس هناك من منطقة تتجمع فيها القنابل الذرية التي تملكها اسرائيل والصواريخ  والصواريخ المضادة، والاسلحة الكيماوية، والاسلحة البيولوجية، اضافة الى لائحة طويلة لا تنتهي من انواع الطائرات والقاذفات والمدرعات والمدافع تملكها جيوش مدربة يجلس عليها القواد دائماً على فوهة بركان.
  لقد ازدادت قضايا الكون تعقيداً فما كان يمكن حله سابقاً بحرب خاطفة يتطلب الآن حروباً متنقلة ثم حرباً عالمية قد تؤدي الى تدمير الكون بكامله.
ومن يظن انه ليس الضحية سيتبين له ان العالم كله ضحية ما يملك اليوم من مقدرة تدمير الذات. فالحرب ستحرق الجسور والابواب ولن تبقي الا على الرماد، وما يبنى على الرماد مثل الذي يبنى على الرمال لا بد ان يتحول الى انقاض.
ان العالم كله في خطر وفلسفة (شمشوم الجبار)  تتردد اصداءها عبر التاريخ والى يومنا هذا...
عليّ وعلى اعدائي يا رب؟؟؟

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net