Tahawolat

(الحكاية نفسها تتكرر منذ  إنشاء كيان لبنان، إنها قصة ابريق الزيت، قصة الإنتخابات النيابية)
  أجل، ومن يدري، ولو أن العجلة دارت بوتيرة ما، أو سرعة ما، أو اتجاه ما، لكان السادة المرشحون للمقاعد النيابية نواباً ويمثلون الشعب. وهل هنالك من فرق بين النواب الفائزين والنواب الخاسرين؟ فهؤلاء يتحدثون وهؤلاء الخاسرون متحدثون أكثر من النواب الرابحين. إثر انتهاء عجقة الانتخابات النيابية، صَدَر مرسوم الباب العالي في البلديات بإزالة صور النواب الرابحين والخاسرين ومناشيرهم الملونة من على الجدران وعن أعمدة الكهرباء وعن جذوع الأشجار ومن فوق حاويات النفايات، لقد صدر المرسوم تحت طائلة المسؤولية وهبّ النواب لإزالة ما أمر به الباب العالي البلدي وإلاّ، فمن له شوارب ويستطيع تجاهل الأمر؟
  وبعد الدرس والأخذ والرد، وهات وخذ، فهمنا أن إزالة الصور من على الجدران سهل: سطل بويا وما كان، كما أن إزالتها من على الأعمدة الكهربائية، أيضاً، سهل فأي شبيح يعرف فن التشفيط وبسيارته الـ B.M.W.  وتشفيطة وما كانت بيفوت بالعمود ومنخلص من الشبيح والسيارة والعمود والصور. أما إذا كانت الصور على جذوع الأشجار فأيضاَ سهلة المنال، إذ أن الصور مثبتة بواسطة أسلاك معدنية. وغداً، تكبر الشجرة ويضيق حولها السلك، فإذا هبّ الهواء وكان عاصفاً قُصفت الشجرة وهكذا نتخلص من مشكلة الصور ومشكلة الباب العالي. 
  أما المشكلة الكبرى فهي عند حاويات النفايات، وعند العقدة ذهب بحاجته النجار، فما هو الحل؟
  وجاء الحل من مرشح خاسر، فقد التقى عند إحدى الحاويات مرشحان اثنان في حملة إزالة الصور. ومن مفارقات القدر أن صورتيهما أو صورهما كانتا متساويتين في التمزيق والطلاء والبول وال... ولما شرع رجالهما بالعمل تنحّى المرشحان جانباً ليدور بينهما حوار للتسلية فقط، وليس كما تظن، حواراً من النوع الثقيل.
  قال الأول لزميله: هل تعلم، لقد احتلت إسرائيل جنوب لبنان، فانتظر حتى تشوّه صورته في العالم؟
  ردّ الآخر بحرقة وهو يشير للصور: ع صرمايتك، راح الغالي وما زعلنا. أتريد أن نزعل ع لبنان؟
  وردّ الأول، قصدك تقول: "من بعد حماري ما ينبت حشيش؟
  وردّ الآخر: قصدي القول: فخار يفقش بعضه البعض!
حتى يصح فيه قول الشاعر:
قصب وتلهو به الريح والأهواء
والرافضون قبروهم سجناء
والأمر الناهي هم السفراء
نوابهم، وكلابهم وزراء
ما دام يحرس بيتنا الأجرّاء
جرؤت على غاب الأسود جِراء
  وطنٌ تقاسمه المغولُ، حدُودُه
والناس موتى لا تُزار قبورَهم
حكامهم الأصنام طال رقادُهم
أذنابهم كتابهم، وذئابهم
أنا لا ألوم الغرب في أطماعه
لو كان بيت العرب محمياً لَما



* باحث وأستاذ جامعي
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net