Tahawolat
ما هومصير المسيحيين في العالم وكيف تمت تصفية المسيحيين المشرقيين عبر التاريخ؟ يطرح الكاتب جورج حداد في جزئين صرخة احتجاج ضد الوضع المأساوي التاريخي لمسيحيي الشرق
 
 
كتب الباحث الاشوري السوري سليمان يوسف يوسف مقالا في موقع «الحوار المتمدن»، العدد 1967، تاريخ 5/7/2007 بعنوان «ماذا لو قتلت ميليشيات هيرودوس المسيح وهو طفل». ويعرض المقال للوضع المأساوي الذي يعيشه مسيحيو الشرق، وخصوصا مسيحيو العراق بعد «تحرير» (اي احتلال) العراق من قبل الاميركيين. ويخلص المقال الى طرح السؤال التالي:»ألم يكن لخير شعوب الشرق التي اعتنقت المسيحية، كالاشوريين والارمن والاقباط، لو ان عصابات هيرودوس اليهودي تمكنت من قتل المسيح وهو طفل...؟»
والمعنى الضمني الرئيسي لهذا السؤال هو: ألم يكن من الافضل للشعوب الشرقية التي اعتنقت المسيحية الا تظهر المسيحية من الاساس والا تعتنق هذه الشعوب الديانة المسيحية، ومن ثم ـ وبسبب اعتناق المسيحية ـ ان تعاني هذه الشعوب ما عانته في الماضي، وبالاخص ما يعانيه المسيحيون العرب في العصر الحديث من اضطهاد مضاعف: على ايدي المستعمرين الاميركيين والاوروبيين والصهاينة، من جهة، بوصفهم (اي المسيحيين) جزءا من الامة العربية والشعوب الشرقية، وعلى ايدي الظلاميين الاسلامويين المزيفين الذين يصدرون الفتاوى ويمارسون الاضطهاد المعنوي والمادي والجسدي ضد المسيحيين رجالا ونساء واطفالا وعائلات، لا لذنب اقترفوه، بل فقط لانهم ولدوا مسيحيين.
ان هذا التساؤل المفصلي، الوجودي والمصيري، الذي طرحه سليمان يوسف يوسف، لا ينبغي ان يبقى معلقا بدون جواب. ذلك ان هذا التساؤل يتعلق لا بمصير المسيحيين العرب والشرقيين فقط، بل يتعلق بمصير وطبيعة وجود الامة العربية وشعوب الشرق باسرها، كما وبمصير وطبيعة وجود المسيحية العالمية بكليتها، وتاليا مصير وطبيعة وجود الانسانية جمعاء التي لم يكن في الماضي وليس الان ولن يكون في المستقبل القريب او البعيد اي معنى لوجودها «الانساني» بدون المسيحية.
وسؤال سليمان يوسف يوسف هو صرخة احتجاج من الاعماق ضد الوضع المأساوي التاريخي لمسيحيي الشرق، الذين يعود لهم الفضل الاول والاساسي في وضع اسس المسيحية والحضارة الانسانية برمتها.
والواقع ان الغرب الاستعماري، منذ الامبراطورية الرومانية الى اليوم، اختلس المسيحية وعمل على الدوام على «تغريبها»، وتحويلها من حركة تحرر اجتماعي وانساني، مغلفة بالمسحة السماوية الدينية، الى «عقيدة جامدة» و»ديانة دولة» مفرغة من اي محتوى انساني، ومهمتها تبرير وتسويغ الظلم والاستعباد والاستعمار. ولاجل تبرير وترسيخ الاستحواذ على المسيحية وتغريبها، كان لا بد من القضاء على الشهود الأحياء اي على اصحاب القضية الاصليين، اي المسيحيين الشرقيين، وتصفية المسيحية الشرقية واقتلاعها من جذورها. 
والواقع ان هذا الغرب الاستعماري «المسيحاوي» المزيف كان على الدوام في حالة انزعاج كاملة من وجود المسيحية الشرقية والمسيحيين الشرقيين. واذا قلبنا بعض صفحات التاريخ، وقرأناها بعمق لا بالسطحية «الثقافية» و»العلمية ـ العلمانية» و»التاريخية» السائدة، نجد ان الغرب الاستعماري كان على الدوام يضع نصب عينيه (لتحقيق مآربه الاستعمارية تجاه الشرق) ان يتخلص نهائيا من الوجود المسيحي الشرقي ويعمل المستحيل لابادة المسيحيين الشرقيين وتهجيرهم وتغريبهم. ونكتفي بتقديم بعض الامثلة فقط:
ـ1ـ بعد ان كانت بيزنطية قد تخلصت من النفوذ والتقاليد والمطامح الاستعمارية التي ورثتها عن الامبراطورية الرومانية، اخذت (اي بيزنطية) تتحول الى قاعدة حضارية واجتماعية واقتصادية للتفاعل مع الشرق العربي الاسلامي (بما في ذلك وبالاخص الاندلس العربية)، وهذا ما دفع الغربيين لتوجيه الحملة الصليبية الرابعة ضد بيزنطية حيث اقاموا الامبراطورية اللاتينية في القسطنطينية التي استمرت حوالى ستين سنة (1204 ـ 1261). ولكن بعد تحرير القسطنطينية من الصليبيين الغربيين، اتصفت بيزنطية الجديدة بالضعف الشديد. وكانت روسيا تطمح للدخول (سلما او حربا) الى القسطنطينية واستيلاد «بيزنطية» جديدة، عمادها الروسيا، وصديقة للشعوب العربية والاسلامية؛ وكان هذا يعني عودة البحر الابيض المتوسط من جديد «بحر الروم» مما يهدد بل ويقضي تماما على المطامع الاستعمارية الغربية في الشرق. وامام هذا «الخطر» عمدت الدول الاستعمارية الاوروبية الناهضة (وعشية التحضير لاكتساح الاندلس) الى التواطؤ مع اليهود الخزر والعبرانيين (الاندلسيين) لتمويل وتسليح السلطنة العثمانية «الاسلامية المزيفة» ودفعها لاحتلال القسطنطينية وذبح غالبية سكانها الاصليين اليونانيين والبلغار المسيحيين و»اسلمتها» اسميا و»تتريكها» و»عثمنتها» فعليا. ومن الاهداف الغربية الكبرى لعثمنة القسطنطينية التقويض شبه الكامل للمكانة الروحية والسياسية العالمية للبطريركية المسكونية الارثوذوكسية في القسطنطينية ـ اسطمبول (وهي البطريركية التي كانت توازي البابوية الفاتيكانية للكاثوليك) بعد وضعها في قبضة العثمانيين.
ـ2ـ خلال الحرب العالمية الاولى، ومع استمرار الحكم الشكلي للسلطان العثماني (خليفة المسلمين المزيف)، فإن السلطة الفعلية الرئيسية في الدولة التركية كانت قد غدت في يد جماعة «تركيا الفتاة» و»الاتحاد والترقي» وقادتهم من امثال مجرمي الحرب واعداء الانسانية انور باشا وطلعت باشا وجمال باشا ومصطفى كمال (اتاتورك)، الماسونيين والعملاء الغربيين، الذين كانوا على صلة وثيقة بالدوائر السياسية والعسكرية والمخابراتية للحلفاء، من جهة، وبالصهيونية العالمية، من جهة ثانية. وتشير كل الدلائل إلى ان هؤلاء العملاء كانوا قد تلقوا اوامر باتة من اسيادهم بأن يعملوا المستحيل للتخلص من المسيحيين الشرقيين، وهذا ما يفسر المجاعة التي فرضها الاتراك ضد جبل لبنان المسيحي، والمذابح ضد السريان والاشوريين والارمن وبقايا اليونانيين والبلغار في اسطمبول، حتى سنة 1922، ومن ثم جاءت مكافأة مصطفى كمال (اتاتورك) بتسليمه السلطة المطلقة في تركيا الكبرى باسم الأوربة والعصرنة والتحديث. ولا تزال اوروبا واميركا الى اليوم تغض النظر عن تلك الجرائم ضد الشعوب ، ولم تحرك «عصبة الامم» ثم هيئة الامم المتحدة ومحكمة العدل الدولية ساكنا لمحاكمة تركيا على هذه الجرائم التي ذهب ضحيتها الملايين من المسيحيين الشرقيين. 
ـ3ـ عشية الحرب العالمية الثانية قامت فرنسا الاستعمارية (التي كانت منتدبة على حكم سوريا ولبنان) بتسليم لواء الاسكندرون السوري الى تركيا. واحد الاهداف الرئيسية لهذه العملية الاستعمارية هو اضعاف دور المسيحية الشرقية عن طريق تقويض المكانة الروحية والدور المميز الذي كان يمكن ان تلعبه مدينة انطاكيا المسيحية العريقة بالنسبة للمسيحيين الشرقيين، فيما لو استمرت في اطار الدولة العربية السورية. ذلك ان بطريركيات كل الكنائس المسيحية الشرقية (الروم ارثوذوكسية والروم كاثوليكية والمارونية وغيرها) كانت ولا تزال تنتسب الى انطاكيا ولا تزال الى اليوم تسمى كل منها «بطريركية انطاكيا وسائر المشرق...»، ولكنها اصبحت «بطريركيات انطاكيا» بدون انطاكيا!!!
ـ4ـ عشية الحرب اللبنانية في 1975 طرحت الدبلوماسية الاميركية مسألة تهجير المسيحيين اللبنانيين ونقلهم الى الغرب. وقال المندوب الاميركي دين براون للرئيس اللبناني حينذاك سليمان فرنجية «ان البواخر جاهزة لنقل المسيحيين».
ـ5ـ في 1983 صعدت «القوات اللبنانية» المسيحية العميلة بزعامة سمير جعجع، ـ صعدت الى الجبل بحماية قوات الاحتلال الاسرائيلية بهدف معلن هو طرد الدروز من الجبل الى البقاع الغربي، كخطوة على طريق تنفيذ مشروع «الدولة الدرزية» الصهيوني ـ الاميركي. ولكن الهدف السري البديل لصعود «القوات اللبنانية» الى الجبل كان بالفعل طرد المسيحيين من الجبل عن طريق استفزاز الدروز وتحريضهم على المسيحيين بذريعة «مسيحية» «القوات اللبنانية». وبالفعل، بعد فشل «القوات اللبنانية» في طرد الدروز بعد الانسحاب الاسرائيلي، وانسحاب فلول «القوات» المهزومة من دير القمر بحماية اسرائيلية، طلب وليد بك جنبلاط (الذي كان يتحالف مع النظام السوري ومع المنظمات الفلسطينية وفي الوقت ذاته يحيط نفسه بعملاء اسرائيل ويعطي أذنيه لهم)، ـ طلب من مسيحيي الجبل الذين لم يقاتلوا مع «القوات اللبنانية» ان يغادروا بيوتهم ويرحلوا. وهكذا أخليت منطقة الشوف وعاليه واقليم الخروب من المسيحيين.
ـ6ـ في الوقت الذي تدفع فيه الدوائر المخابراتية الغربية والاسرائيلية حلفاءها المكشوفين والمستورين من الاسلامويين المزيفين الى اضطهاد المسيحيين الشرقيين، فإن الدول الغربية تفتح ابوابها للمهاجرين والمهجرين المسيحيين الشرقيين وتقدم لهم التسهيلات للاقامة في الغرب، ليس محبة بهم، بل لتفرغ الشرق العربي الاسلامي منهم، بهدف محو المسيحية الشرقية من الوجود وقصر الوجود المسيحي على «المسيحية الغربية»، وفي الحساب الاخير «المسيحية الغربية المتصهينة» اي التي تسيطر عليها الصهيونية.
ومن زاوية نظر واقعية تاريخية، فإن السياسة الاستعمارية الغربية المعادية لوجود المسيحية الشرقية والمسيحيين الشرقيين هي استمرار «عصري» لقرار حاكم فلسطين الروماني ـ اليهودي المتوحش هيرودوس الذي قضى في حينه بقتل اطفال بيت لحم، للتوصل الى قتل يسوع الطفل واقتلاع المسيحية الشرقية من جذورها بمنع ظهورها اصلا.
طبعا انني لا اتهم الاستاذ سليمان يوسف بأنه كان يفضل تحقيق رغبة هيرودوس والكهنة والقادة اليهود بقتل يسوع المسيح الطفل، لاجتناب المعاناة التي عاناها المسيحيون الشرقيون في الماضي ولا يزالون يعانونها اليوم. وانا اتفهم تماما المرارة الشديدة التي يعبر عنها سؤال الاستاذ سليمان، الذي يعرف اكثر مما اعرف كم اعطى المسيحيون الشرقيون لشعوب الشرق، ومدى هول الظلم والاجحاف ونكران الجميل الذي يكافأون به، حيث يتراوح الموقف منهم بين التمنين «بحمايتهم» من قبل الدكتاتوريات «العلمانية» والملكيات «المتسامحة» وبين القتل والتهديد بالقتل والتهجير من قبل «الاسلامويين» المزيفين، «المتشددين» و»الاصوليين» و»التكفيريين». 
ولكن اذا تجاوزنا نظريا المرارة المشروعة التي يعبر عنها سؤال الاستاذ سليمان يوسف، فعلينا ان نناقش محتوى وخلفيات سؤاله، وان نحاول الاجابة عليه.
ولهذه الغاية علينا اولا ان نلقي نظرة على رواية مجزرة اطفال بيت لحم.
 
 
كانت فلسطين في ذلك الزمن تحت حكم الامبراطورية الرومانية التي كانت تتميز بالوحشية والظلم الشديد حيال اي مقاومة ومحاولة تذمر من الحكم القائم الذي كان يُضفى عليه طابع الهي (وثني) يتمحور حول تقديس او حتى تأليه الامبراطور، القيصر، الملك الخ.
وكانت الطغمة العليا اليهودية، ومعها جمهرة من «القاعدة الشعبية» الخاصة بها المضللة او المستفيدة او كليهما معا، تتعاون مع السلطة الرومانية وتدخل في شبه اتحاد معها.
ولكن جمهرة واسعة من القاعدة الشعبية اليهودية، مثلها مثل سكان البلاد الاصليين غير اليهود، كانت ضد الحكم الاستعماري الروماني.  وفي هذه الاوضاع كانت تنتشر العقيدة «المسيحية» او «المسيحانية» او «المشيحانية» وكانت ذات اتجاهين او شقين:
الشق الاول، خاص بالطغمة العليا اليهودية وانصارها ـ يقول بمجيء «مسيح» من الرب «يهوه»، بصفة ملك جبار، خاص باليهود، يقضي على الملوك الاخرين ويجعل اليهود «شعب الله المختار» واسياد العالم. ويفسر بعض «المتفلسفين الاقتصاديين» هذا «الملك» بأنه ليس، في المحصلة، شيئا آخر، سوى: الذهب، العملة، المال، الذي يمكن لليهود وانصارهم ان يسودوا به على العالم.
والشق الثاني ـ الشعبي، اليهودي وغير اليهودي ـ وهذا الشق كان يؤمن بأنه سيأتي «مسيح» شعبي، مبارك من الرب، ليحرر الانسان وكل الانسانية من الظلم والجوع والعبودية والتمييز الطبقي والقومي والاستعمار، ويجعل الانسان اخا الانسان ايا كان لونه وعرقه وقوميته ودينه وعشيرته وعائلته الخ.
وحينما علم هيرودوس بميلاد المسيح، اضطرب اضطرابا شديدا هو والطغمة اليهودية العليا، فأعتقد هيرودوس ان المسيح المولود هو «الملك الموعود» الذي يمكن ان ينتزع منه مملكته، في حين ان الطغمة العليا اليهودية اعتقدت ان المسيح المولود هو المسيح «الشعبي» الذي سيقوض نفوذها ومصالحها؛ فاتفقت مصلحة هيرودوس ومصلحة الطغمة اليهودية على قتل المسيح المولود كل لغايته، وامر هيرودوس بقتل المواليد الجدد من سنتين فما دون حتى يكون المسيح المولود في تعداد القتلى. وهو ما تعذر حدوثه، حسب الرواية المسيحية، لان القديس يوسف (النجار) خطيب مريم العذراء كان قد اوحى له الملاك في الحلم ان يأخذ الطفل ويختبئ به مع امه في مصر.
انا شخصيا ليس في متناول يدي مصادر يهودية او رومانية عن هذه الجريمة. ومن الطبيعي ان يقدم مرتكبو الجريمة (الرومان واليهود) على اخفاء اثار جريمتهم. ولكن سواء وجدت ام لا مثل هذه الوثائق اليهودية والرومانية، فمن باب العدل الانساني والموضوعية البحثية والتحقيقية الاطلاع على الرواية المسيحية عن المجزرة وتحليلها، خصوصا وأن هذه الرواية يؤمن بها اكثر من مليارين ومائتي مليون من البشر، الذين لا يجوز ولا يمكن لاحد تخطي قناعاتهم والاستهتار بها، والعمل ليلا ونهارا على «تفنيدها» كما تفعل الكثير من المواقع الاعلامية «الاسلاموية» المزيفة والسخيفة التي لا هم ولا شغل لها سوى العمل على «تفنيد» المسيحية، من جهة، ومحاولة تبرير وتسويغ «السلام» والتطبيع مع اسرائيل بكل الاشكال.
وتقول المراجع المسيحية انه لما ولد المسيح في مزود للابقار في بيت لحم جاء رعاة وسجدوا له، وجاء مجوس من الشرق وقدموا له الهدايا، وكانوا قد اهتدوا الى مكانه بواسطة نجم ظهر لهم، وكان هيرودوس قد قال لهم ان يرجعوا اليه في طريق العودة، ويخبروه بمكانه كي يذهب هو ايضا ويسجد له، ولكن الرب اوحى لهم بأن لا يعودوا الى هيرودوس، فاغتاظ هيرودوس وأمر بقتل جميع الاطفال من سنتين فما دون.
لقد خاف هيرودوس من ميلاد المسيح، لانه خشي ان يكون المسيح ـ الملك (كما كان يريده اليهود) وبالتالي ان ينتزع منه ملكه. في حين خشي اليهود من ميلاد المسيح، من ان يكون كما يعتقد به المسيحيون اي مسيحا من الشعب، جاء لمحاربة الظلم والاستعباد والخطيئة. ولو عرف هيرودوس ان المسيح الذي جاء لم يكن يهدد ملكه، ربما لما اراد قتله. ولكن اليهود ابقوا على الوهم لدى هيرودوس بأن المولود هو المسيح ـ الملك، من اجل تحريضه على قتل المسيح.
وجاء في موقع الكتروني قبطي:
(متى 2: 16-18) 16حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدّاً. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَبِ الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. 17حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ الْقائِلِ: 18«صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلاَدِهَا وَلاَ تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ».
لما ولد السيد المسيح أتى المجوس ليسجدوا له، فاضطرب هيرودس وخاف على مملكته، ولهذا أمر بقتل أطفال بيت لحم من ابن سنتين فما دون.. ليقتل السيد المسيح بينهم. وقيل أنه وقت قتل الأطفال ظن هيرودس أن يوحنا هو المسيح، فأرسل يطلبه من أبيه زكريا. فقال “لست أدرى أين الولد”، فهددوه بالقتل فلم يكترث به، فأمر الجند فقتلوه. ويقال أيضا ان هيرودس لما طلب يوحنا ليقتله، هرب به زكريا إلى الهيكل ووضعه فوق المذبح، ولما لحقوا به، قال للجند “من هنا قبلته من الرب” وعندئذ خطفه الملاك إلى برية الزيفانا، وإذ لم يجدوا الطفل قتلوا زكريا بين الهيكل والمذبح (متى 23: 35).
ففى السنة الثانية لميلاد المسيح، قتل أطفال بيت لحم الشهداء وذلك ان هيرودس لما رأى ان المجوس قد سخروا به غضب جدا فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها من ابن سنتين فما دون بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس وقد أراد هيرودس بذلك ان يقتل الطفل يسوع في جملتهم.
وقيل ان هيرودس احتال لتحقيق غايته الأثيمة بان أرسل إلى تلك البلاد قائلا لهم بحسب أمر قيصر يجب إحصاء كل أطفال بيت لحم وتخومها من ابن سنتين فما دون. فجمعوا مئة وأربعة وأربعين ألفا من الأطفال (144000) على أيدي أمهاتهم وقد ظن ان يسوع معهم وحينئذ أرسل الملك قائدا ومعه ألف من الجنود فذبحوا هؤلاء الأطفال على أحد الجبال في يوم واحد».
*كاتب لبناني مستقل
 (يتبع)
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net