Tahawolat

تطرح هذه الإشكالية، كما الفرضية المستقبلية نقاشات ومسائل تتعلق أولًا: بتاريخانية هذه الحركة منذ التأسيس، مرورًا بالحقبة الوسطية، وصولًا إلى مرحلة الحداثة والمعاصرة. ثانيًا: واقع هذه الحركة، وآفاقها المستقبلية. فأنا من المتمسكين بضرورة قراءة التاريخ وفقًا لتطوره المادي الاجتماعي الاقتصادي كما السياسي، وصولًا إلى مقاربة الواقع كما هو، كل ذلك استنادًا إلى مراحل تطوره وتفاعله مع العاملين الذاتي والموضوعي اللذين يلعبان دورًا محركًا وأساسيًا في تحديد وجهة هذا التطور ومآله. إن انطلاقة الحركة الشيوعية في لبنان والمنطقة العربية أتت منسجمة مع بذور البدايات التي زرعتها وفجرتها ثورة أكتوبر/تشرين الأول في روسيا عام 1917، وتلقف الأممية الثالثة التي أنشأتها تلك الثورة لها لمتابعة ونشر مهامها عالميًا. 
ومنذ أن تشكل حزب الشعب اللبناني في مطلع العشرينيات وهو واجهة الحزب الشيوعي اللبناني– السوري العلنية التصق، عمليًا، بنضالات وتوجيهات ومساعدة هذه الأممية التي أشرف عليها وقادها الحزب الشيوعي السوفياتي الذي شهد صراعات بعيد وفاة قائده ومحركه فلاديمير إيليتش (لينين) في منتصف العشرينيات، نتج عنها، وصول جوزيف ستالين إلى سدة الأمانة العامة للحزب، واختياره مسارًا لبناء الاشتراكية في بلد واحد، تلك الموضوعة التي جرى الخلاف حولها بين قادة الحزب، إضافة إلى مقولة أخرى تتعلق بالتحالف مع البورجوازيات الوطنية وتخوين أنصار الاشتراكية الأممية الثانية وأحزابها. هذا الخيار، كما المسار، فرضته قيادة ستالين للحركة الشيوعية العالمية وفقًا لأسلوب عمل، قهري وأوامري، متجاوزة مبادئ الديمقراطية المركزية لنظام الحزب، مع إخضاعه وتحريمه لنشاطات التيارات الأخرى فيه وملاحقة أعضائها وقياداتها عبر العالم.
وفقًا لهذا المناخ الذي سيطر على أجواء الحركة الشيوعية العالمية ترعرع الحزب الشيوعي اللبناني- السوري الذي قاده أمينه العام خالد بكداش لعشرات السنين: التزام تام بتوجيهات ومسارات الحزب الشيوعي السوفياتي برعاية "الكومنترن"، ولاحقًا، "الكومنغورم" الذي حُلّ في أواخر الأربعينيات، حيث كانت مهمتهما تنظيم ومراقبة عمل الحركة الشيوعية وتوجيههما. انسجامًا مع ذلك عانى هذا الحزب ومنذ انطلاقته، ولحين إقصاء هيمنة بكداش عليه، من وصاية كان لها تأثيرات ضارة على مساره. وحتى حينما سيطر المناوئون لهذه الهيمنة المطلقة، بعيد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني وقبله بقليل بقيادة الراحل الشهيد جورج حاوي على قيادة الحزب، وخففوا ثم أنهوا هذه الهيمنة وصاغوا برنامجًا جديدًا للحزب، استمرت العلاقة مع السوفيات كما مساعداتهم له مع تباين ظهر بينهما إزاء بعض المواقف العربية والدولية. غير أن العلاقة مع بكداش، كوصي، كانت قد انتهت واستمرت فقط من ضمن لقاءات الأحزاب الشيوعية العربية. هذه القراءة والاستعادة السريعة لحقبة مضت مهمة لتبيان طبيعة العلاقات الأممية للأحزاب الشيوعية بعضها بالبعض الآخر. كان طابع تلك الحقبة قبيل الحرب العالمية الثانية بالنسبة للشيوعيين العرب واللبنانيين والسوريين تحت القيادة البكداشية يتسم بنضالات تحررية واجتماعية عامة وبث التأييد للسوفيات والتعريف بهم كأمناء للحركة الشيوعية العالمية. وما من شك في أن تلك المرحلة التي خاض خلالها الشيوعيون اللبنانيون والسوريون والعراقيون وغيرهم من الشيوعيين العرب النضالات ضد الاستعمار الفرنسي والبريطاني جاءت منسجمة مع تاريخانيتها، بأحداثها وعناصرها التكوينية، ذات المستوى الصراعي الطبقي المحدود، من حيث العمل الدعائي وبث الأفكار الاشتراكية ومقاومة الاستعمار وعملائه عبر التظاهرات والبيانات والإضرابات وحتى تأييد العمل المسلح إبان الثورة السورية التي اندلعت في منتصف العشرينيات. سنوات قليلة إثر ذلك، بدأت مقدمات وإرهاصات الحرب العالمية الثانية، وبدء سيطرة النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا وبدأ تحرك الحزب الشيوعي لمقاومة هذا الخطر الداهم الذي غفل عنه ستالين لزمن وجيز، مع الاستمرار بفرض مقولة فك الارتباط مع الاشتراكية الأممية الثانية، ما كاد يسبب ضررًا كان من الصعب تجاوز نتائجه.
ورغم أن الشيوعية، وفقًا لماركس وعلى نحو ما عند لينين، هي تطوير للأفكار والمناهج استنادًا إلى الواقع ومحدداته ومؤشراته المستقبلية، فإن الدوغمائية العقائدية، والأيديولوجية الجامدة كمبدأ (Doctrine) أو (Principal)، تحكمتا بأساليب وعمل النضالات خلال تلك المرحلة. غير أن بعض الأحزاب الشيوعية العربية والآسيوية الناشئة تمكنت من الإفلات نسبيًا من ذلك المسار المرسوم وانتهجت نمطًا وخطًا ثوريًا تنظيميًا وبحدود أدنى سياسي واجتماعي خاص بها كالحزب الشيوعي العراقي ولاحقًا السوداني وحزب تودة الإيراني والإندونيسي، لكن الوصاية السوفياتية عليها استمرت ماثلة...

نكبة فلسطين
أدت هزيمة الهتلرية الألمانية والفاشية الإيطالية في الحرب الكونية الثانية، وبروز المعسكر الرأسمالي بقيادة بريطانيا والولايات المتحدة، كما المعسكر الاشتراكي وعلى رأسه الاتحاد السوفياتي، إلى انتعاش نشاطية وعمل الشيوعيين اللبنانيين والسوريين. ذلك أن نتائج هذه الحرب دفعت بهم إلى بدء لعب دور مهم وملحوظ في عملية نيل الاستقلال والتحرر والتخلص من الانتداب الفرنسي ونشوء الدولة اللبنانية. وقد أدى هذا الانتعاش إلى رفد الحزبيين بعناصر قوة مادية، لكن تثمير هذه القوة، ونظرًا لخيار قائدهما الإصلاحي خالد بكداش، لم يأت متناسبًا مع تأثير وحجم تلك القوة ذاتيًا وموضوعيًا. هنا وفي هذا المفصل، برز الإخفاق المؤثر في تجسيد تلك المكاسب وبثنواة عمل طليعي ثوري كان منشودًا. وذلك عبر إطلاق برنامج علم وتكتيك وتحالف إصلاحي بطبيعة مرنة وتصالحية غير صراعية.
مع ذلك لعب الحزبان دورًا محدودًا، لكن ملحوظًا، على صعيد علاقاتهما وتوسيع قاعدتهما الشعبية كان من الممكن أن تكون حصيلته أكثر مردودًا، لولا فداحة الضربة التي وجهت إليه عبر تلقفه سلبًا ما استجد على صعيد المسألة الفلسطينية، وذلك عبر خياره الموجع والضار بتأييد قرار تقسيم فلسطين عام 1947 الصادر عن مجلس الأمن الدولي. هذا التأييد الذي أعاده خطوات ارتدادية كبيرة إلى الوراء وخسرانه لعديد مديد من الشعبية الجماهيرية والأعضاء والأنصار– ففي أواسط العام 1947 تم تقسيم فلسطين إلى مناطق عربية ويهودية. موقف الحزب الشيوعي بقيادة بكداش الذي كان ممسكًا بالقرار نظرًا لتسلطه وهيمنته انتقل وبسرعة من حالة رفض التقسيم إلى تأييده وذلك بعد تبني السوفيات له وتأييدهم إياه. تلا ذلك معاقبة فرج الله الحلو المسؤول اللبناني في الحزب الذي قال، آنذاك، "هل من الضروري يا رفاق، هل ترونه مناسبًا، لأن الاتحاد السوفياتي غيرّ موقفه، أن نغيّر نحن أيضًا موقفنا دفعة واحدة، مع العلم أن الحزب منذ تأسيسه أخد هذا الموقف المؤيد لفلسطين الموحدة، وخصوصًا أننا أصدرنا أكثر من بيان ضد التقسيم".
يومها رُمي فرج الله بالمحرمات وتهديده بسيف التطهير والإقصاء من الحزب. وتطلب الأمر تغييبه عن العمل العلني كقائد أساسي فيه والطلب منه كتابة نقد ذاتي أعاد كتابته مرارًا. يومذاك، فقد الشيوعيون شعبيتهم الصاعدة وخسّرهم الكثير من الأعضاء والمناصرين. وهوجم مكتب الحزب في دمشق وهتف المتظاهرون ضد روسيا واستشهد مناضل يدعى حسين عقّو حمى المكتب كما تم حل الحزب.
كانت هذه الواقعة هزيمة مؤثرة صنعها القائد ألفرد الذي لم يحتكم إلى ديمقراطية مركزية منشودة هي في أساس العمل التنظيمي. بعد هذا التاريخ بدأت حقبة جديدة  في حياة الحزب هي حقبة العمل السري. استمرت هذه الحقبة حتى بروز العهد الديمقراطي في سوريا في العام 1954. خلال تلك الفترة صمد الحزب، بمعنى حافظ على وجوده ضد الديكتاتوريات العسكرية لحين بروز حركة الضباط الأحرار في مصر عام 1952 بقيادة جمال عبد الناصر وما تلاها من نهوض لحركة التحرر العربية.
أيضًا إحباط مخطط إخضاع مصر إثر تأميم قناة السويس ونشوب حرب عام 1956 من قبل بريطانيا، فرنسا وإسرائيل وصعود نجم عبد الناصر وتزعمه لحركة عدم الانحياز ما رفعه إلى مصاف زعماء عالميين مثل نهرو، تيتو، سيكوتوري ونكروما. يومها، أصبحت سوريا محط أنظار العرب والعالم كونها أصبحت نقطة نزاع وصراعات بسبب استهدافها من قبل حلف السنتو الأميركي التركي. وقد تمكنت قوى حزبية مؤلفة من بعثيين وشيوعيين وشرائح يسارية من الحزب الوطني وكتلة خالد العظم الديمقراطية من تأسيس تجمع برلماني واسع إثر فوز هذه الكتلة بكمية مرموقة من النواب: شكل البعثيون فيها 19 نائبًا وخالد بكداش منفردًا عن الشيوعيين. غير أن وزن الحزب الفعلي، قبل وبعد اغتيال العقيد عدنان المالكي وإحباط محاولات انقلابية موّلها الغرب (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة) ضد سوريا، ودعم السوفيات لعبد الناصر في حرب السويس بإنذار مشهور وجهه بولغانين للحلف البريطاني- الفرنسي- الإسرائيلي بالانسحاب فورًا من مصر، كان أصبح أكبر من تمثيله البرلماني، حيث رشح الحزب عشرات المرشحين ونالوا أصواتًا واسعة وبنسب عالية.

1958 عام الوحدة السورية- المصرية
أصبحت الوحدة مطلبًا شعبيًا سوريًا. نادى به البعثيون ومعهم كتل نيابية من الحزب الوطني بقيادة صبري العسلي وخالد العظم (الكتلة الديمقراطية، وحتى حزب الشعب اليميني)، أي مجمل البرلمان. كانت هذه القوى مدعومة بقوة من الجيش. وكان للشيوعيين فيه كتلة صغيرة نسبيًا تمحورت حول قائد الفريق عفيف البزري ومعه شقيقه صلاح اللذين تحمسا للوحدة وكانا من المؤيدين للحزب. هنا أود أن أشير إلى حقيقة أن خالد بكداش، وكما أفادني أصدقاء لي من الشيوعيين السوريين وأحدهم قريب له، أنهم قصدوه مرة للطلب منه دعمهم لدى أساتذة الحزب المشرفين على اختيار المرشحين لدخول الكلية العسكرية فأجابهم: لا أريدكم أن تنخرطوا في الجيش، تجنبًا لتصفيتكم دمويًا أي عبر انقلاب عسكري، كما حدث لعسكريي حزب توده الإيراني في زمن الشاه، حيث أعدم عشرات الضباط الشيوعيين في ليلة واحدة. طبعًا كان هذا التصور قاصرًا عن رؤية آفاق الأحداث في المنطقة ودور الجيوش فيها وقيادتها وتحديد كساراتها. وهذا ما أثبتته الوقائع لاحقًا.
في مسألة الوحدة، برز موقف الحزب الشيوعي مؤيدًا لها. لكنه سرعان ما ارتبك لدى إعلانها. فبكداش أراد لها أن تكون اتحادًا فضفاضًا لا وحدة، فقدم برنامجًا اعتبر كوثيقة انفصالية بنظر دعاة الوحدة. وفي يوم انعقاد البرلمان للتصويت على هذا القرار غاب بكداش عنه وتبين أنه أصبح خارج سوريا في تشيكوسلوفاكيا ولاحقًا في الاتحاد السوفياتي. هذا الموقف أحدث ضررًا بالغًا وفوّت فرصة تاريخية لاستثمار نضالات ومواقف مرحلة مهمة من مراحل النهوض التحرري في سوريا والمنطقة العربية، لاحقًا، تم ضرب الحزب ضربة موجعة جدًا وانفضت عنه جماهير واعدة كانت منحته التأييد إما بسبب الموقف أو بسبب القمع الشديد.
أصبح الشيوعيون في سوريا ومصر في المعتقلات وخسروا إمكانية أن يلعبوا دورًا تاريخيًا كان من الممكن أن يؤهلهم للريادة بدلًا من هزيمتهم وعزلهم. لقد دفعوا ثمنًا باهظًا. أما في لبنان فقد أضرّ هذا الموقف تجاه الوحدة كثيرًا، لقد انعزل الحزب عن الجماهير المؤيدة للوحدة بشكل ساحق.
في العراق حيث كان الحزب الشيوعي هناك قد أصبح جماهيريًا ومؤثرًا جدًا بعد ثورة 14 تموز (يوليو) 1958، وكانت تظاهراته لحماية الجمهورية وتأييد حكم عبد الكريم قاسم الديكتاتوري الذي عاد فاعتقلهم، يصل عدد المشاركين فيها إلى مليون متظاهر وأكثر، جرت تصفيته في أعقاب انقلاب عسكري دموي قام به حزب البعث مع العقيد عبد السلام عارف.
كان بإمكان الحزب الشيوعي، يومذاك، وبشهادة معظم المؤرخين الاستيلاء على الحكم، لولا تدخل الاتحاد السوفياتي وإقناع قادته بعدم الإقدام على ذلك، كي لا تحدث مواجهة مع الأميركيين، تؤدي إلى حرب ماحقة. وكان أمين عام الحزب سلام عادل الذي عُذّب وصُفّي قتلًا بعد انقلاب 8 شباط 1963 من أنصار أخذ السلطة، لكن كتلة أخرى في الحزب بقيادة عامر عبدالله عارضت ذلك ووقفت إلى جانب نصيحة السوفيات.
يذكر أن الحزب الشيوعي العراقي مع أطراف "جبهة التحرر الوطني" بعيد ثورة 14 تموز (يوليو)، عمدوا إلى إصدار بيان في 29 كانون الأول (ديسمبر) 1958، أي بعد أسبوعين ونيف على إطلاق بكداش برنامجه الذي دعا فيه للاتحاد بديلًا من الوحدة، وبعد حوالي أسبوع من إدانة عبد الناصر له، يدعو للتصدي للمؤامرات الاستعمارية التي تتعرض لها الأمة العربية، والتي تهدف للإيقاع بين الجمهوريتين... العراقية والعربية المتحدة. لقد فتحت المعركة الضارة والمدمرة بين القوى القومية والشيوعية على مصراعيها، وكانت تجلياتها وتأثيراتها السلبية البعيدة المدى على المسار اللاحق لكل ما يسمى، يومذاك، بمعركة التحرر العربية أو حركة التحرر العربية.

هزيمة 5 حزيران 1967: نهوض اليسار وقوى حركة التحرر وبروز الثورة الفلسطينية
في أجواء ساخنة جراء الانقسامات التي عاشتها الأنظمة العربية، وبسبب جملة تباينات وصراعات حول عدد من القضايا الماثلة، يومذاك، أبرزها تحويل مجرى نهر الأردن، الحلف الإسلامي السعودي ومعاداة مصر عبد الناصر وسوريا (البعث) له، وصعود العمل الفدائي الفلسطيني داخل إسرائيل وبدء ظهور المنظمات على الساحات الأردنية- السورية واللبنانية وما نتج عن ذلك من حشود إسرائيلية على الحدود السورية، وسحب القوات الدولية من مضائق تيران وغزة، نفذت إسرائيل حربها الخاطفة يوم 5 حزيران (يونيو) عام 1967 التي انتصرت فيها على سوريا ومصر والأردن خلال سبعة أيام، ما أدى إلى ضم الضفة الغربية والجولان السوري وسيناء إليها. لقد حدثت الهزيمة ووقعت الكارثة.
كان لهزيمة الخامس من حزيران (يونيو) 1967 أثر كبير في تبلور حركية اليسار عالميًا، عربيًا ولبنانيًا. كما تنامت حركات التحرر العربية والعالمية. وما كانت الأزمة التنظيمية والنتائج السريعة التي تمخضت عنها بوصول مجموعة الشهيد جورج حاوي إلى سدة أمانة الحزب الشيوعي لتحدث على هذا النحو، لولا أجواء الهزيمة التي سيطرت على المنطقة كلها، والتي لم توفر واحدًا من الأحزاب والتنظيمات السياسية، وكذلك لولا أجواء النهوض العام الذي شهده لبنان بدءًا من متصف الستينيات. وهنا لا بد من الإشارة، إلى أن مجمل التطورات والانشقاقات التي حدثت داخل الحزب الشيوعي السوري وغيره من الأحزاب الشيوعية العربية بهدف أن تجدد نفسها، ما كان لها أن تظهر إلى السطح لولا زلزال هزيمة حرب 1967 التي سميت تجاوزًا نكسة.
ومنذ عام 1967، بدأت مرحلة يمكن تسميتها بمرحلة المقاومة الفلسطينية التي شهدت تصاعد العمل الفدائي في الأراضي المحتلة عام 1948 و1967 أو في العالم أو في الفضاء (خطف الطائرات) وبدأ ذلك كله يشكل إحراجًا للأنظمة والأحزاب على السواء، خاصة أن الجماهير بدأت تنشد إليه. فما كان من الأحزاب إلا أن اتبعت الطريق نفسه وبدأت السير وراء المقاومة محاولة الكسب من رصيدها المتنامي.
بالنسبة للشيوعيين اللبنانيين، الذين بدؤوا التحول للتغيير، كي لا تطيح بهم موجة اليسار الجامحة، فإن انتقالهم إلى هذه المرحلة الجديدة لم يأت بسرعة ودونما تعثر واضطراب في العلاقات مع كل القوى السياسية المستجدة والقديمة، التي حاولت هي أيضًا اللحاق بركاب النهوض العام، والتجذر السياسي في المواجهة. ومما زاد في بطء هذا الانتقال الخلافات التي نشبت بين فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها "فتح" أقواهم، والاتحاد السوفياتي حول تفسير قرار مجلس الأمن الخاص رقم 242 وكذلك الموقف من الأنظمة العربية ومشروع روجرز.

الشيوعيون في الحرب اللبنانية (1975- 1990)
دخل الشيوعيون اللبنانيون هذه الحرب والأفكار الثورية والتحررية في أوج انتعاشها وازدهارها، ومعهم برنامج إصلاحي تبنته الحركة الوطنية التي تشكلت بزعامة الاشتراكي كمال جنبلاط، لخلاص لبنان من أزماته. غير أنهم سرعان ما انتقلوا إلى التجريب والانتقائية والمغامرة الضارة بالعمل الثوري وحتى الإصلاحي. جرى هذا الانتقال بحجة الدفاع عن المقاومة الفلسطينية التي قادها ياسر عرفات بدعم من الأنظمة العربية، فكانت النتائج مأساوية، إذ انغمس الحزب الشيوعي الذي سيطرت على نشاطه وعلى نحو كبير، حركة "فتح" كما العسكرة فتقلبت الولاءات والتحالفات مع الأنظمة العربية السائدة التي أضاعت بوصلة التحرر وأصبح همها الدفاع عن سلطاتها وتحولت إلى أدوات قمعية، في حرب أهلية جوهرها الدفاع عن المقاومة والتغيير، لكن مسارها ونتائجها كان طائفيًا تدميريًا لبنية اللبنانيين كما الحزب.
هذه الحرب الطائفية المموهة بشعارات شعبوية وتحررية كما العسكرة، وفشل الحركة الوطنية التي سادها الفساد والانتهازية، خسّرت الحزب الشيوعي واليسار خسائر فادحة، وأصابتهم بالصميم وهدرت إمكاناتهم. وما زاد الأمر سوءًا أن بنى الحزب أخذت تتفكك وتضيّع ما لديه من رصيد معنوي ومادي. ألوف الشهداء والعائلات المشردة وبعثرة للقوى والممتلكات سقطت وسُيّبت في ظل أزمات داخلية أخذت تنمو وتؤثر سلبًا على واقعه وتطوره. وبدلًا من أن يسحب الحزب الشيوعي نفسه من أتون هذه المحرقة الطائفية ويعلن حالة طوارئ داخلية وينزل تحت الأرض بعمل سري، اختارت قيادته الاستمرار بالمغامرة والتجريب والنزف ومراكمة الخسائر. خلال تلك المرحلة التي استمرت طويلًا فقد الحزب الآلاف من أعضائه ومناصريه. كما دخل في صراعات دموية كان يجب ألا يدخلها مع قوى طائفية ومذهبية وجماعات موالية لأنظمة تحركها.
وعندما وصلت التطورات إلى مفصل مؤتمر الطائف وما تلاه، كان الاتحاد السوفياتي ومعسكره قد انهارا، وبدأت التحولات العالمية تفعل فعلها. دخلت العولمة ونشأ جيل جديد إلى عالم متغير ومتحول. وفي لبنان تمكنت الطائف من فرض منطقها ومسارها وولاءاتها.
ورغم مساهمة الحزب في مرحلة احتلال إسرائيل لبيروت ولبنان بمقاومة المحتل، وتلك ظاهرة كانت مضيئة في تاريخه ودفع أثمانًا غالية بشهداء سقطوا له، غير أنه لم يتمكن من استثمار هذا النضال على المدى البعيد. فبنيته المتهالكة ضعفًا وتخبطًا وتقلبات خطه السياسي جعلاه شبه مغيب عن مجتمع يتحول بمقاييس ومضامين جديدة وقوى مستجدة في إطار تنامٍ ملحوظ للتيارات الإسلامية. وانضباط الأنظمة العربية في حركيتها. ولم يكن القرار الإقليمي والدولي الذي فرض على الشيوعيين بعد عام 1985 بمراقبة عمليات المقاومة ضد إسرائيل التي كان الحزب قد بدأها وطلب الإذن قبل الشروع بها سببًا مقنعًا لإيقافها وإنهائها. فالواقع أن الاستمرار بها كان يتطلب بنية ملائمة ووضعًا مناسبًا لها. وهذا الأمر كان معدومًا. فالاتحاد السوفياتي سقط لاحقًا وانتهى، والحزب أصبح في حالة لا تمكنه أبدًا من متابعة هذا المنحى إلا رمزيًا. ليعترف القادة بذلك وكفى...
إن إمكاناته وحالته لم تكن تؤهلانه للعب هذا الدور مثلما بدأه حزب الله الذي ظهر فتيًا، منظمًا وحديديًا في تكوينه وواعدًا، عندما شرع يغرف من بحر جماهيري، مستفيدًا من تراكم كل الأخطاء والخطايا المرتكبة من قبل اليسار في مرحلة السبعينيات والثمانينيات. 
مضافًا إلى ذلك نجاح الثورة الإيرانية عام 1979 في تركيز دعمها لهذا الحزب من ضمن خطه المقاوم لإسرائيل من أجل تحرير مناطق الاحتلال في الجنوب والبقاع الغربي.

حالة اليسار والحزب الشيوعي اللبناني في أعقاب حقبة ما بعد "الطائف"
لقد كان ملفتًا بصورة مخيفة ومنذ ذلك المشهد المتكرر في الثامن والرابع عشر من آذار العام 2005 الذي نزل خلاله أكثر من مليون ونصف المليون مواطن ومواطنة إلى الشارع بدفع من قوى المذاهب والطوائف بوجه خاص، في حين اقتصرت المسيرات التي دعا إليها الحزب الشيوعي في تلك الفترة نفسها تقريبًا، وما تلاها من تظاهرات مستمرة اقتصرت لحد الآن، على بضعة آلاف من الشيوعيين وأنصارهم، وفقًا لبرنامج اجتماعي اقتصادي وسياسي متواضع وموقف ينطوي على الحد الأدنى على الأقل من الاستقلال الطبقي والابتعاد الحازم في الوقت نفسه، عن الاصطفاف المذهبي والطائفي. بيد أن هذا الموقف الذي بقي ظرفيًا بحتًا ولم يتحول إلى ممارسة يومية وعمل تحريضي وتنظيمي دؤوب لأجل وضع شعاراته ومطالبه موضع التنفيذ، جاء ليعبر عن أزمة النظام الطائفي المريض والمسموم في وقت يعاني فيه اليسار اللبناني من أزمة عميقة على مستويات شتى، إذ بالإضافة إلى التشرذم والضعف البرنامجي، مع بروز حراكات مدنية مختلفة التكوين والأهداف، تحاول أخذ دوره، وقلة الانغراس الجماهيري وانعدام الفعالية لدى المجموعات اليسارية المختلفة الموجودة خارج الحزب الشيوعي اللبناني، تدب في صفوف الكتلة الأهم ضمن هذا اليسار والمتمثلة بالحزب المذكور خلافات عميقة، أساسها تاريخي، ذاتي وموضوعي، سبق أن أدت إلى ابتعاد القسم الأكبر من مناضليه عن الحياة التنظيمية، في هيئاته والى انشقاق قسم آخر، ولو ضئيل العدد نسبيًا، يجد موقعه الفعلي إلى يمين الحزب الذي انشق عنه، وهو بالضبط ما سمي حركة اليسار وخلافه، وفي كل تلك الحالات لعب غياب الحياة الديمقراطية الحزبية والنهج القيادي البيروقراطي الروتيني دورًا أساسيًا ومستمرًا في سيرورة التأزم هذه.
إلا أن غياب الديمقراطية وأسلوب القيادة في العمل وظهور التكتلات بديلًا من التيارات لم يكن هو السبب الوحيد في تعمق أزمة اليسار والحزب الأهم ضمنه، بل يضاف إلى ذلك أيضًا غياب الاستقلال الطبقي والوضوح الكافي في البرنامج والممارسة، والقصور عن صياغة برنامج مرحلي يجيز رسم سياسة تحالفات آنية وأخرى إستراتيجية، ينفي عنه ما يلازمه من نزاعات انتهازية ولاسيما خلال المواسم الانتخابية، تحول دون بروزه كقوة مستقلة حقًا قادرة على طرح برنامج ثوري شامل يمثل مصالح الجماهير الفعلية.

مستقبل الحركة الشيوعية اللبنانية وقوى اليسار وحركات التحرر العربية
في ضوء هذا الواقع، هل من سبيل لطرح آفاق مستقبلية لقيامة مستجدة لهذا اليسار والحزب الشيوعي اللبناني في قلبه؟
خطوات متأنية لكن جدية لا بد من اتخاذها في هذا الشأن.
لا يكفي أن يكون قادة من الحزب التاريخيين وحلفائه اليساريين قد أقدموا، لاحقًا، (كلمتا الأمينين العامين للحزب الشيوعي اللبناني ولمنظمة العمل الشيوعي خالد حدادة ومحسن إبراهيم في ذكرى مرور أربعين يومًا على اغتيال الشهيد جورج حاوي) على تحميل كل شيء باستثناء ما يفترض أن تحمله كلمات قائدين حزبيين في موقعهما.
جميل وجريء النقد الذاتي الذي قاما به، لكن إذا أراد المرء استخدام لغة الحشد والتعبئة، فهل من الصعب السؤال عن عدد اللبنانيين الذين اقتنعوا بمقولات اليسار اللبناني بعد خطابي الأمينين العامين؟

آفاق النهوض المستقبلية
حقائق ووقائع عديدة دامغة ومؤثرة، تحيط بعمل واستمرارية نشاطية الحركة الشيوعية في لبنان واليسار العربي وحركات التحرر العربية، أبرزها وفي طليعتها: انهيار الاتحاد السوفياتي ومعسكره الدولي وتفككهما لحد الزوال، وظهور عالم جديد حددت الإمبريالية الأميركية وحلفاؤها أطره الرأسمالية الاحتكارية، في ظل وجود كتل أخرى دولية روسية وصينية تتنافس فيه ومعها. في عالم صراعي مستجد كهذا، فقدت الحركة الشيوعية العالمية ومعها الحركة الشيوعية العربية ومنها لبنان وقوى اليسار الدولي وحركات التحرر في العالم والمنطقة العربية، سندها وداعمها التاريخي الأساسي. وما زاد من سوء واقع هذا الحزب واليسار اللبناني كما العربي أنهم لم يتمكنوا من إرساء بنية تنظيمية راسخة وشبكة حماية ذاتية وإطار شعبي واسع جراء خسارات فادحة في تجربتهما التاريخية أفقدتهما كسب قوى شبابية جديدة إلى أطرهما الراهنة، في ضوء تحولات طاغية عصفت بالمنطقة العربية والعالم ككل خلال العقدين الماضيين. ما منعهما من إمكانية لعب دور مؤثر في مجريات الأحداث. فالضعف السائد لديهما، مع تحولات مستجدة في طبيعة تشكل القوى الاجتماعية والسياسية على أسس طائفية- مذهبية بحتة، منعهما من تجسيد أي تأثير على مسرح الواقع.
كل هذا عزل الحزب واليسار عن آليات العمل السياسي المؤثر والفاعل، في وطن معولم بأسس اقتصادية متوحشة، قائمة على إرساء جموح أصحاب رأس المال بروافدهم التقنية، الإعلامية، الثقافية، التربوية والاجتماعية. وفي واقع مستجد كهذا اقتسمت فيه الطوائف والمذاهب السلطة والحكم، من ضمن محاصصة سياسية، فقد الحزب الشيوعي واليسار جراء ضعف بنيتهما وإمكانيتهما، أي فعالية جدية للتأثير في تغيير ما هو قائم أو حتى تعديله.
هنا يبرز السؤال المشروع: هل من مستقبل لهذا الحزب بأن يطور أوضاعه وواقعه كي يصبح فاعلًا ومؤثرًا، في ضوء إخفاق إقليمي لربيع عربي كان مأمولًا، أن يشد من عزيمة هذا اليسار ومعه الحزب الشيوعي لإجراء تطوير منشود مثل هذا؟
واقعًا، الأزمة كبيرة وعميقة.. وإنني أرى أن المدخل لتحفيز الحزب راهنًا ومعه اليسار للبدء في حفر حيّز للعمل السياسي المؤثر لا بد أن يكون ذاتيًا.. بمعنى أن البداية يجب أن تكون في إعادة صياغة مستجدة لجسم الحزب وخططه الآنية والإستراتيجية كما عقله التنظيمي، كي يستقيم مساره نحو التأثير والفاعلية.
من هنا نبدأ! إن مراجعة تاريخية لكل ما حدث من إضعاف وتشويه لواقع الحزب الشيوعي ومساره تشكل الأساس لهكذا صياغة وتجديد.
في مقدمة هذه المراجعة السعي لوضع النقاط على الحروف تجاه مسؤولية القيادات التي قادت حقباته التاريخية الحديثة قبل الحرب اللبنانية، خلالها، وبعدها.
فعندما تتحدد المسؤوليات يصبح بالإمكان تظهير وفرض الإدانات اللازمة.. من غير المطلوب إنزال عقوبات. ما هو منشود وحاسم تحديد المسؤوليات وإصدار الإدانات لا أكثر ولا أقل! هكذا يكون المدخل لانطلاقة جديدة.. يعرف خلالها الأعضاء، الأنصار، الرأي العام، حقيقة ما حدث كما النتائج المؤذية التي تسبب بحصيلتها قادة الحزب. مصارحة حقيقية وفقًا لمقولة كل الحقيقة للجماهير ستعيد ثقتها به وبدوره ويكون ذلك ممكنًا، عبر مؤتمر عام للشيوعيين تتم الدعوة إليه بمادة وحيدة لا غير: مناقشة واستعراض تاريخ هذه الحقبة ومسارها بأساسياتها السياسية والتنظيمية والمالية.. في هذا المؤتمر يطلع المؤتمرون على ما حدث من هدر وضياع للإمكانات وما إذا كان ممكنًا الحفاظ على بعضها وهذا لم يحدث!
يحضر هذا المؤتمر كل الشيوعيين الذين انخرطوا فيه سابقًا وراهنًا وانتموا إليه. وتوجه الدعوة لكل من تم عزله، فصله، استنكف عن النشاط، جُمّد أو حتى تم طرده!
في نهاية هذا المؤتمر تصدر وثيقة عنه بنتائجه مع تبني الدعوة لانعقاد مؤتمر ثانٍ بعد ستة أشهر، تتم فيه مناقشة الوثيقة البرنامجية لخطة عمل الحزب التي تكون قد صاغتها لجنة انبثقت عن المؤتمر الأول، فيجري إقرارها وانتخاب هيئات قيادية تشرّع وجود تيارات داخل التنظيم وليس تكتلات، تسير أعمال المؤتمرين وفقًا لآلية الديمقراطية المركزية، عنوانهما: الشفافية المطلقة، مع نقد ذاتي. تحديدًا للمسؤوليات التاريخية مع صياغة البرنامج المستقبلي.

مقترحات لبنود مناقشة وصياغة الوثيقة البرنامجية: 
- طبيعة الحزب: وهل من دور مستقبلي للتغيير؟ 
- مسار التغيير- تقليدي، إصلاحي أم ثوري.
- فساد الحكم والسلطة القائمة.
- تصورات الخروج من الأزمة الاقتصادية، الاجتماعية.
- مواجهة عملية تدمير التعليم الرسمي.
أسس حل المشكلة البنيوية للاقتصاد اللبناني المعلّق حبل سرته بتوافد السياح العرب وبقاء طرق الجوع بوجه أبواب مئات الآلاف من الناس؟
وكيف سيقنع اليسار جيل الشباب بعقم وانغلاق آفاق الواقع الطائفي والمذهبي؟ هل بالتلويح بالرايات الحمر وصور غيفارا بامتلاكه مفاتيح مداخل المستقبل وأخيرًا متى تنتهي طقوس "أسسنا" ليبدأ فعل "نؤسس"؟
- المجتمع المدني... وظيفته علاقته بالمجتمع السياسي/ الدولة.. هذا المجتمع الذي يضم جميع العلاقات الاجتماعية والمنظمات التي لا تشارك في الإنتاج الاقتصادي (المشاريع الرأسمالية) ولا في اشتغال الدولة. هو مجتمع مجاله اجتماعي فيه تنشأ وتدور بين الأفراد والجماعات الصراعات والخلافات ذات الطابع الأيديولوجي. هو حقل مفتوح للنقاش والحوار باتجاه خلق إقناع ورضا الطبقات المغلوبة بهيمنة الطبقات السائدة والسلطة القائمة، أو بخلق الاعتراض على هذه الهيمنة واستبدالها بهيمنة نقيضة.
- المقاومة... رؤيا متكاملة للواقع والدور والآفاق...
- التحالفات... طبيعتها- حدودها- دورها- شعبوية أم لا...
- الديمقراطية.. فحواها.. حدودها.. واقعها ومسارها..
- مواجهة الإمبريالية... إخضاع الشرق الأوسط...
- علاقات دولية.. من هي القوى اليسارية... طبيعتها... دورها... التحالف معها- كيف... وما هي حدود هذا التحالف؟
تصورات ورؤى تتم مناقشتها في هذا المؤتمر للخروج بوثيقة برنامجية للعمل... مع هذين المؤتمرين يكون قد تم وضع أسس شفافة ووقائع تاريخية لمسارات وآفاق مستقبلية تؤهل من يريد أن يكون شيوعيًا الإطلاع على كل المسارات والوقائع المحيطة بالحزب الذي فقد في راهنيته أسس إمكانية أن يعبّر عن مصالح العمال والفلاحين والمستخدمين وفئات الشعب الدنيا الاجتماعية والاقتصادية وتطلعاتها للخروج من واقعها الانسحاقي. إن آفاق المستقبل لا تزال تحمل في ثناياها صراعًا طبقيًّا مستمرًا وإن بأشكال وقوالب مغايرة لماضٍ غاب وتوارى، لكنه فاعل في دروسه وعبره. فالرأسمالية لن تشكل في طور توحشها الراهن حلًّا للإنسانية.
وتبقى الاشتراكية كهدف، هي الحل والسبيل نحو دولة مدنية خالية من مخاطر توحش الرأسمالية، وكبديل لسلطة المحاصصة الطائفية والمذهبية.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net