Tahawolat
في هذه المقالة أبيّن مفاهيم عن هذا الجسد وما فيه من أعضاء تشير إلى معجزة خلق الله ذلك الجسد الذي فيه أكبر حجة وبرهان على قدرة الله الخارقة في تركيب خلق كائناته وبالذات أجمل الكائنات الإنسان بجسده وذاته أي هويته الذاتية التي تحوي العقل الذي أعجز عقول البشر في فهمه، ولا تزال هناك عدة مفاهيم وحقائق عن الهوية الذاتية بما فيها العقل، غامضة ومُبهمة، فكتبت عن الجسد في مقالتي وهويته الذاتية واتبعت المنهج التحليلي والمنهج الظاهراتي. فالفلسفة التحليلية التي تكشف إشكالية الهوية الذاتية وإشكالية الوعي بالذات بناء على مبدأ الصورة. ويتناول هيجل موضوع الوعي بالذات والذات عينها كما هي موضوع ويتكلم عن الذات المفكرة وارتباطها بالواقع، ولجأت إلى الفلسفة الظاهراتية التي درست الظواهر العقلية وعملية الإدراك والتفاعل، وآليات الدفاع وتطورت هذه الفلسفة في علومها وأبحاثها ودخلت عليها القصد به لهوسرل وهي فلسفة تعتمد على الخبرة الحدسية للظواهر كنقطة بداية وتعتمد على العلاقة الديالكتية بين الفكرة والواقع وهي فلسفة لا تُسلم بوجود حقائق موضوعية مستقلة عن الوعي الإنساني وهو أسلوب التفكير الذي يوصل إلى حقائق اجتماعية.
أحب أن أكتب عن موضوع الجسم والجسد والهوية الذاتية، فكثيراً ما شدني لذلك هو أن أعرف عن جسدي الذي أعيش فيه، أي جسدي الذي هو ذاتي، وأنا مقتنعة أن الجسد والذات شيء واحد، فجسدي هو موطن التفكير والوعي والحركة والإشكاليات النفسية فجسدي تتجسد فيه المشاعر والأفكار، والأحاسيس التي تأتي من الجهاز العصبي المركزي من الدفاع الموجود داخل الجسد، وأننا ضد ثنائية أفلاطون ومبدأ المذهب الآلي فتصوري إلى جسدي إلى تصور واحدي يستند إلى وجود الدماغ وليس تصور الإنسان الآلة، إن الجسد نسق فيزيائي لكنه يتميز بالقدرة على الإبداع، وأنا مع نيتشه حين قال( يوجد وراء أفكارك ومشاعرك سيد قوي مرشد هو ذاتك التي داخل جسدك بل هي جسدك، الذات هي التي تأمر الجسد فالجسد يفهم ويستجيب لطلباتها، فيتحرك أي له حركاته وإيماءاته حسب أوامر الذات، وأنا مع جونسون الذي تكلم عن الدلالة المتجسدة وعندما قال نحن وجودنا بين الآخرين بواسطة التعبير الجسدي والحركات والتوليد والتفاعل مكون أساسي في هويتنا منذ البدء. وقال إن الدلالة والفكر ينبثقان من قدرتنا المتصلة بإدراك ومعالجة الأشياء والحركة الجسدية بناء على منظور التجسد" وأنا معه في وجهة نظره هذه.
مقدمة
ظهرت علوم كثيرة تكلمت عن مفهوم الجسد حديثاً، وأهم نظرية ظهرت نظرية المعرفة المُجسدة نال اهتمام فلاسفة القرن العشرين والباحثين وترجع إلى الفلسفة التحليلية وتركز على التصورات والقضايا وتحليل اللغة. وظهرت علوم النفس بأشكالها مثل علم النفس المرضي، وعلم النفس المعرفي، وعلم النفس السريري وتطورت دراسة علوم المخ والعلوم العصبية، وعلم الأعصاب المعرفي، حول توليد أذهاننا للفكر، والأهمية الكبرى التي تحتلها سيروراتنا الحسية والحركية والعاطفية في كل تجارب المعنى لدينا، ومن كل أشكال التواصل، وهذا ما أعلى من مكانة الجسد في ظل هذه العلوم، والاكتشافات. وذلك في ظل ما نجربه ونفهمه ومفهوم الجسد اليوم اكتسح كل مجالات الدراسة، بما في ذلك الفلسفة والدين وعلم النفس، وعلم المعرفة، والأنتروبولوجيا، وعلم الأعصاب وعلم الدماغ وعلم الاجتماع، واللسانيات والنظرية النَّسوية، وكل أنواع الفنون وبذلك تنبهنا أن أجسادنا لها مكانة كبرى وتصلنا بالعالم وبالآخرين.
واهتم العلماء بكل اكتشاف وكل موضوع يعود إلى مفهوم الجسد واهتموا بالمواضيع التي تخُص بالمعرفة المتجسدة نعرف ما بنيات المعنى والفكر المتجسدة التي تشترك فيها مع الثقافات، وتعرَّفنا على بعض البنيات الكلية المشتركة للمعنى المتجسد، ما دمنا نشترك في الخصائص الجسدية ونعيش في بيئات مُتماثلة، وبعض البنيات يوجد فيها اختلافات وفروق حيث تتطور بعض منها من لُغات وثقافات متباينة، والباحثون والفلاسفة اهتموا بالعلوم المعرفية التي تعتمد على التجارب التي تخص الذهن البشري وعمليات التفكير والدماغ وعملية البناء بواسطة الفكر الاستعاري في أفق كشف الخطاطات الفكرية التي تبنيها، وهذه التجارب على الفكر والذهن وإشغاله، يُعتبر من فلسفات الجسد، وإن تفكيك المفاهيم الفلسفية يعتمد على دراسة الجانب الاستعاري ويعتمد على دراسة علاقة الجسد بالنفس أي المادة والفكر، وهي كيف لنسف مادي خالص تتحكم فيه قواعد الفيزياء وحدها وأن يكون نسقاً مفكراً أي هل يمكن لآله كما يقولون تخضع لقوانين الفيزياء أن تفكر وتستند إليها حالات ذهنية.
الفلسفة اليونانية القديمة ونظرتها إلى النفس والجسد
ويستعرض أرسطو في كتاب مؤلفات الشباب لثنائية النفس والجسد مقال نسبة النفس إلى الجسد نسبة الحاكم إلى المحكوم، وقال العقل هو صاحب السيادة والقيادة والحكم، أما الجسد فهو مأمور بحكم طبيعته، لهذه النفس. وقال إمكان أي نفس أن تصبح لبوس أي جسد، وقال أرسطو "بما أن النفس داخل الجسد وهي التي تشارك العالم الإلهي في بعض خصائصه"، واعتبر أرسطو  "أن هناك صلة بين الجسد البشري ببنيته التشريحية والطباع النفسية والقدرات الذهنية، واعتبر النفس كمال جسم طبيعي آلي مُهيأ لاستقبال عملية التفكير التي هي من عمل النفس.
مفهوم النفس عند أفلاطون ، واعتبر أفلاطون أن النفس غير فانية لا تتحلل لا يخضع للموت ولا للتغيير والفساد وهي غير محسوسة وتدرك بالعقل، والجسد هو سجن النفس وقبولها، والموت يُحرر النفس من الجسد وتتطهر وتُدرك المعارف، وعلى الإنسان أن لا يهتم للذات الجسد ونوازعه.

النفس والجسد عند ديكارت ونظرية العقل والاستدلال على وجود ذات مفكره
ديكارت  وضع مفهوم عن الجسد باكتشاف الكوجيتو إلا أن هذا الاكتشاف اعتبر الجسد آلة منفصلة بالكامل عن النفس، ووضع الأسس المعرفية للعلوم الطبيعية الناشئة. وميز ديكارت بين النفس والجسد بناء على معايير معرفية أو أنطولوجية تتبنى دراسة الذهن واعتبر ديكارت كل ما هو موجود خارج العقل ليس موضوع معرفة مباشرة، وتقوم المعرفة المباشرة على مبدأ المحادثة الذي يرفض أي شهادة تأتي من خارج العقل، وتخلى عن الأشياء التي تتضمن الجسد والعالم الخارجي والموجودات التي تقع خارج النفس الخاضعة للزمان والمكان واهتم ديكارت بالموجودات العقلية أو المثالية، على خلاف الموجودات الواقعية، وذلك من نصوصه أنا أفكر، أنا أشك، أنا أتنفس، أنا موجود، وهذا يدل على الاستدلال على الوجود الفعلي بناء على الشعور بالوجود، وأن الشعور بالتنفس أمام وجودنا الفعلي يرجع إلى العمليات الذهنية التي تنتمي إلى التفكير، أي الاستدلال على الوجود الفعلي هو استدلال على وجود ذات مفكرة، أي وجود ذات تتنفس تفكر تشك، وهو من اعتبر الحواس خداعة لا يؤمن بها وقال "إن فكرة الشيء المفكر تستتبع فكرة الامتداد ما دام كل موجود في الواقع متحيز في المكان؛ وبذلك يسلم ديكارت باتحاد النفس والجسد في الواقع الفعلي" .
تأثر بفلسفة ديكارت أرسطو وأفلاطون وأرخميدس وكان يعتمد في فلسفته على بديهيات الرياضيات وقوانين الفكر واتبع في تجاربه على تجربة الشك في شهادة حواسه وذاكرته ووجود العالم الخارجي وصدق الرياضيات ووصل إلى براهين كثيرة بذلك وهو إن وجد شيء لا يمكن الشك فيه، هو واقعه ووجوده الخاص أنا أفكر أنا أشك إذن أنا موجود.
الموجودات العقلية أو فلسفة العقل أو فلسفة الذهن هي فلسفة تدرس طبيعة الذهن والعقل والأحداث والوظائف والوعي والخصائص الذهنية وعلاقتهم بالحالة الذهنية من أهم أقطابها ديكارت.
الفلسفات المعاصرة الحديثة اهتمت بدراسة الجسد عبر دراسة المخ والدماغ والعمل الذهني والجهاز العصبي
مقدمة: تشهد الدراسات الفلسفية المعاصرة تطوراً حثيثاً في تخصص ثقافة الجسد، وفي نظرية المعرفة البيولوجية ومباحث الدلالة والظواهرية والعلوم المعرفية للجسد حاضرة بقوة، ولم ترجع إلى الكبار الذين بلوروا إشكالية الجسد داخل الأنساق الفلسفية المختلفة، ونستعرض الجسد داخل الفلسفة اليونانية، في ضوء أفلاطون وأرسطو بنصوصهم المتصلة بالموضوع، ونستعرض موقف ديكارت من الجسد، بناء على التعارض بين الاتجاه الآلي الذي يمثله لاميتري والاتجاه الحيوي في تاريخ علوم الأحياء، كما تجسد في أعمال المثالية الألمانية  لدى كانط وهيجل وغيرهما، سنعكف على تقديم استثمار الجسد في بعض المذاهب الفلسفية مثل الظواهرية وانفتح هذا المذهب على الأبحاث الخاصة في فلسفة الذهن وفرض استعراض الإشكالات الفلسفية الكبرى التي طرحتها العلوم المعرفية الناشئة بخصوص الجسد، واهتمت بدراسة الدور الحاسم الذي يؤديه الدماغ في ممارسة الوظائف المعرفية وفي معالجة المعلومات الواردة من العالم وذلك يعالج إشكالية الوحدة بين الظواهر العضوية والظواهر الذهنية في ضوء نظريات المطابقة بين النفس والجسد.

الجسم والجسد والهوية الذاتية هيجل ومقولته الوعي بالذات ندخل إلى مملكة الحقيقة وهو صاحب الفلسفة الظواهرية
أما هيجل  والهوية الذاتية لا يعالج هيجل إشكالية الوعي بالذات بناء على مبدأ الهوية فقط بل عمل سلسلة من المقارنات بين الصور التي يتخذها الوعي وأعتبر أن الصورة الجديدة أصدق من التي سبقتها.
"وبالوعي بالذات نكون قد دخلنا إلى مملكة الحقيقة، ونجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام حقيقة موضوعية، وهي حقيقة الهوية الموجودة بين الذات بما هي ذات والذات عينها بما هي موضوع، ولكن الهوية ما زالت مجردة ما دام الواقع خارجاً عنها" . ولكن الحقيقة باعتبارها فكرة تكون المطابقة بين الذات والواقع في رمته، يجب أن تصبح الهوية موجودة بين الذات المفكرة والموجودة لذاتها. وقال "المعرفة المطلقة ثمرة جهود كل الكائنات العاقلة وكل العلوم، وأن المؤسسات الاجتماعية والثقافية هي الحامل الفعلي الذي يُجسد التراكم المعرفي وغاية تحقيق معرفة المعرفة المطلقة، أي تتطابق هوية الذات مع هوية الذات العارفة التي تُقال على الجنس البشري بكامله. وركزت الفلسفة الظواهرية بإعادتها الاعتبار إلى الجسد أن الشعور بالهوية ليس فقط شعور الذات العارفة بل كذلك شعور بالامتداد داخل جسم ذاتي متصالح مع هويتنا، أي هناك ترابط بين الظواهر الذهنية والظواهر العضوية داخل العلوم المعرفية ولا فصل بين ظواهر نفسية وظواهر بدنية، إلى الحركات العصبية في الدماغ من فعل حركات الجسد، لذلك أصبح الجسد من المعايير الجديدة الهادفة إلى تحديد الهوية الذاتية.

الجسم والجسد والهوية الذاتية لاميتري صاحب المذهب الآلي ومقولته (كل الكائنات تخضع إلى التنظيم الآلي حتى التفكير الذي مركزه الدماغ هو وفق نظام آلي).
لاميتري: ابتكر مصطلح الآلة زكّى مذهب الآلية الطبيعية إلى نظرية عقلانية لدى ديكارت، بينما الآلية لدى هؤلاء أدت إلى تطوير مذهب مادي، وإلى تفسير أحادي للعالم.
وتغير لاميتري عندما مرض فأدى ذلك أن الاضطرابات الجسمية أدت إلى اضطرابات ذهنية وذلك جعله يؤيد الوحدة بين النفس والجسد، وقدم لاميتري تصور مادي لفكرة ليبنتر بشأن وجود حلقات متصلة بين العوالم المادية المجهرية والعوالم السماوية العليا وبدافع عن وجود خط متصل يربط كل الكائنات، وقال لاميتري كل تنظيم العالم يتبع إلى مبدأ التنظيم الآلي من العالم الأصغر إلى العالم الأكبر. وكل الكائنات تحتكم إلى مبدأ التنظيم حتى التنظيم كاف لتفسير حركات الجسد من القلب إلى كل أعضاء الجسد، حتى عمليات التفكير والفكر يتطور من خلال الأعضاء ويعم لاميتري التنظيم مبدأ يعم كل الكون بناء على تجانس الآليات التي تحتكم إليها الكائنات الحية وغير الحية، ولديه رؤية شمولية مادية للكون.
المذهب المادي: هو نوع من الفلسفة الأحادية تتبنى أن المادة هي المكون الأساس للطبيعة وأن كل الأشياء حتى الجوانب العقلانية كالوعي هي نتاج تفاعلات كيميائية ويخضعون إلى المادة والعمليات المادية مثل الكيمياء الحيوية للدماغ والجهاز العصبي ويعتبرون أن الوعي والفكر تخلُقُه الماديات واعتبروا أن الماديات هي بسيطة مثل الهواء الماء التراب النار تدخل في مكونات العالم المنعزلة والمنفصلة أيضاً أي اعتبروا كل ما هو موجود فيزيائي، والفلسفات المعادية للفلسفة المادية أو الفيزيائية هي المثالية.
المذهب الآلي: يفسر كل الظواهر الطبيعية ترجع إلى الأسباب والنتائج التي تفسر حركة الأشياء ويمكن إدراك هذه المعارف بمعرفة الحجم والشكل والنظام وحركة الجزيئات والذرات ويعتبرون العالم آلة عملاقة ويشتغل هذا العالم بتفاعل الذرات والجسيمات وهو ضد مذهب الغائية.
مفهوم الجسد داخل الظاهراتية أعلامُها هوسرل وهيجل

وهي عمل البحث بأسلوب جديد يعيد الاعتبار إلى الجسد ومفهومه، وقد حققت هذه الفلسفة إنجازات كثيرة في علوم مفهوم الجسد وتحقيق ذلك في سيكولوجية الجشطالت وعلم النفس التجريبي وعلم النفس، المرضي، فكان علم النفس يُصاغ صياغة ميكانيكية للوظائف النفسية على غرار وظائف الساعة. وقام بالاهتمام بموضوع الجسد بهذه الفلسفة. ميرلوبونتي اعتبر التصور الآلي للحياة النفسية فيه صحة مسلمات ثلاثة المسلمة الذرية التي تقول الحياة النفسية تتكون من وظائف معزولة عن بعضها البعض مثل الانفصال بين الوظائف الحسية والحركية أي مثل الانفصال بين وظائف الإدراك، والإرادة والخيال والذكاء. والمسلمة الثانية هي المسلمة السلوكية وهي رد فعل للمُنبهات الخارجية الواردة من مصادرها الفيزيائية والكيميائية أو الكهرومغناطيسية المسلمة الترابطية تفترض الحياة النفسية تقوم على الترابط بين التمثلات، إلى علاقة آلية بين التمثلات النفسية.
وركزت العلوم المعرفية الجديدة على دراسة الجسد ومفهومه عبر دراسة الدماغ والجهاز العصبي وعلوم وظائف الأعضاء، وعلوم النفس اللغوية واللسانيات وعلوم المنطق، ودرس العلم الحديث الإشكاليات حول موضوع الوعي بالذات والشعور بالذات والهوية الذاتية، ودرسوا الدماغ عند مُعالجته المعلومات الواردة من داخل النفس ومن الخارج ومن العالم المحيط إلى ذات طبيعة فكرية ممتدة، وذات طبيعة فكرية غير ممتدة وتعالج معلومات تُميز النفس عن الجسد.
الظاهراتية والفينومينولوجية هي فلسفة تعتمد على الخبرة الحدسية للظواهر إلى ما تمثله الظاهرة في خبرتنا الواعية وهي خبرة لتحليل الظاهرة ولا تدعو إلى الوصول إلى حقيقة مطلقة مجردة أنصارها وفلاسفتها هوسرل وهيجل وهذه الفلسفة تسلم بوجود حقائق موضوعية مستقلة عن الوعي الفردي، ويعتقدون أن الوعي الإنساني هو الطريق الموصل إلى الحقائق الاجتماعية.
الغاية الطبيعية بها يحقق الجسم العضوي غايته أو ثمرة فعله بذاته من أصحاب الاتجاه الحيوي كانط وهيجل
كانط الذي أعاد الاعتبار إلى الجسد والاتجاه الحيوي وهو من تكلم عن الجسم العضوي والغاية الطبيعية، وقد تراجع المذهب والاتجاه الآلي أمام نفوذ اتجاه المذهب الحيوي، وميز كانط بين الآلية والحيوية، وقال كانط "يستطيع الإنسان أن يرى الطبيعة ويحس بها ويشعر أنها بداخله، ويشعر بها بالتبعية والامتثال" .
ونجد من الظواهر الطبيعية نفسها وحياة وروحاً، أي يكون حيوياً وهو رفض الآلية وينصر المذهب الحيوي ويميز كانط بين العلة التي تسير باتجاه واحد من الأعلى إلى الأسفل والعلة الغائية وهي العلة المستقبلية للقيام بالفعل الحالي. 
وقال كانط يمتلك الكائن العضوي طاقة ذاتية ذات قدرة تكوينية قادرة على الانتشار من الخارج والتأثير بمادة أخرى.
وهيجل يُناصر كانط مبدأ الحيوية ويُؤيده، وقال العلاقة بين الجسم العضوي والعناصر المكونة له تكون من خلال مفهوم الغاية والغائية الطبيعية والغاية تُمثل ماهية الجسم العضوي ومفهوم الغاية مفهوم واقعي والغائية تربط الجسم العضوي بجسم آخر خاضع لمحض المصادفة. والجسم العضوي يحقق غايته أو ثمرة فعله بذاته، ويُسمى هيجل الشعور الذاتي، وفيه ينتقل إلى المعرفة المُطلقة، والدماغ هو المسؤول عن الوعي بالذات، والحركة التي تميز غائية الجسم العضوي تمثل انعكاس على الذات تسمى الشعور الذاتي، وهنا برزت أهمية مكانة المذهب الحيوي ومنزلته في تاريخ العقل.
الغائية الطبيعية هي التي تزعم أن كل شيء في الطبيعة وما يجري فيها يتوجه لتحقيق غاية وعينة، فإن العلة الكامنة وراء كل التغيرات، والسلوك الإنساني يخضع إلى الغائية أي لتأثير الغاية، والطبيعة تخضع للغاية، بل الغاية مزروعة فيها بشكل غير واعي، والإنسان يحدد غايته في الحياة بوعيه.
كايرز ينصح بالاهتمام بالصحة النفسية أكثر من الاهتمام بالجسد:
"الإنسان أهمل لغة الجسد وهيمنت عليها القوة العسكرية طريقنا في محاربة الأمراض كما نُحارب الأعداء فعداؤنا اتجاه المرض جعلنا نفرط في العلاج ونفرط في استعمال الأدوية وبسرعة هائلة وبذلك نُخرس صوت الجسد ولغته، ونُضعف مناعته وقدراته في الشفاء الذاتية، والإفراط في العلاج بالمستحضرات الطبية جعل الجسد يصرخ ويتمرد، ونحن نعلم أن الجسد يتعرض للانهيار العصبي، وأمراض الاكتئاب، والأمراض التي تدخل في باب الاختلال الوظيفي" .
 مقولة كايزر (كأن النفس لم تجد مكاناً لها داخل الجسد).
ادوارد كايزر قال "إن النفس هل ستجد في الجسد مكاناً كأن الجسد غير مهيأ لاستقبالها" وقال ادوار "إن الطب النفسي طُرد من الجسم بناء على منظوره التكنولوجي".
على الطبيب في نظر كايزر أن يدرس المرض العضوي للمريض ويدرس ملفه الشخصي، يقترح كايزر في مقابل الحرب الكيميائية ضد الأمراض على أن يأخذ الطبيب سيرته بعين الاعتبار لشفاء هذا المريض أن يدرس بيئة المريض وتاريخه الشخصي ليس دراسة فقط المرض العضوي، بل يدرس أيضاً السيرة الذاتية للمريض فالمرض شق يرفض جزء من الذاكرة، وأن المرض اضطراب في المجرى المنتظم للحياة، ويقول كايزر "الطب هو خدمة إنسانية تسمح بالاستماع إلى جسد المريض وإلى فهم آليات الدفاع التي يدافع بها الجسد عن نفسه اتجاه ضغط الواقع، وتنتقل أثناء فهم لغة الجسد وشيئاً فشيئاً أي من لغة الحقيقة إلى لغة الحكاية".
ادوارد كايرزر: هو أول من افتتح شركة صحية في العالم وهذه الشركة الالكترونية تعتني بالسجل الصحي للمريض وكُرِّم كايزر في فاست كومباني وهذه الشركة تعمل ملفات صحية للزبائن وحياتهم الشخصية وتهتم بقضايا صحتهم وأدويتهم ويقدمون الرعاية الصحية عبر البريد الإلكتروني والإنترنت وتهتم بالعيادة النفسية للمريض وهي خامس أكبر شركة بالعالم للاهتمام بالصحة.
تطور مفهوم الجسد في العلوم المعرفية
مارك جونسون  (نحن ندرك ونعالج الأشياء وحركات جسدنا مبنية على مبدأ التجسد)
ويربط بين الوجود المادي الواقعي والوجود الذاتي الذهني وقال (نحن نتفاعل مع الآخرين بحركات جسدنا ونعبر بالحركة والتفكير المفهومي والذهن والعقل يتصل بحركات الجسد وأن هناك تصور عصبي للجسد).
(قال نيتشه  لا توجد صحة نفسية على حساب البدن ولا يوجد صحة جسدية على حساب النفس فالإنسان كامل شيء واحد ذات وجسد أي عقلاً متجسداً أي الجسد عقلاً كبيراً وأن أفكارنا ومشاعرنا ورائها مرشد هو ذاتنا التي تسكن جسدنا)
ريكور وشاب 
(دراسة الجسد يتمثل في الحكايات وسردها لا في الوعي والغائية للحسد ولا في الجهاز العصبي) جسدي يصحب مختلف أشكال التدخل في العالم وهو متوسط في الحكايات وسردها حول ذاتي ومعطيات الجهاز العصبي يُشكله الجسد أي جسدي حاضر داخل الذاكرة الشخصية والبيئة المحيطة .
دولباج صاحب المذهب الآلي 
قال (العالم آله ضخمة تنتج كل الآلات العضوية والطبيعية والإجتماعية كلها تُنتج بطريقة آلية وأن الحياة لها فوائدها الفكري ومذهب الآلية يرفض الظاهرة الحتمية الطبيعية) ويُرجع كل الظواهر النفسية والحية إلى تفسير أحادي يعتمد على الفيزياء.
الجسد والهوية الذاتية سورل ومبدأ القصرية
سورل  الظواهر العقلية لها أربع خصائص تبدأ بخاصية القصدية يهتم بالإتجاه الآلي ويعتبر الجسد آلة كبرى على خلاف الإتجاه الحيوي وأن الإتجاه الآلي له قصدية تحركه. وأركز في أبحاثي على خاصية القصدية والوعي والذاتية وخاصية العليه الذهنية واهتم بدراسة الدماغ والحالات الذهنية فيه وقال أن هناك تطابق بين الحالات الذهنية والبنية المادية للدماغ.
ميرلوبونتي ونظرية الفكر المجسد
قال (فكرنا وتصوراتنا مبنية وقف استعارات مبنية بالجسد والجسد يملك قصديته الخاصة) واعتبر مبرلوبونتي مكانه الجسد عالية واعتبر الجسد جسماً وذات  واهتم بدراسة عملية التفكير والحالات الذهنية داخل الدماغ وقال فكرنا وتصوراتنا مرتبطة بالجسد وسماه الفكر المتجسد داخل الجسد.
الآلية والمادية.
ماتورانا: هو الذي أتى بنظرية النسق وبجمع بين الإتجاه الآلي المادي والإتجاه الحيوي ويعتبر الجسد نسق فيزيائي له قدرة على الإبداع وهذه الأنساق تتجدد ذاتياً وتستمر في الوجود ولها مناعة ذاتية تحفظ النسق من تدخل العالم الخارجي والإنساف هي التي تحلق مقولات الوصف والملاحق وقال أن النسق يفكر ويتفاعل مع أحواله الباطنية والإنساق الحية المزودة بجهاز عصبي لديها الوعي بذاتها.
تشومسكي ونظرية الإبداع التي تأتي من تطور الجهاز العصبي الذي يستثمر المعرفة الفطرية واعتبر الفكر والذهن أهم من الجسد في مكانتهما.
وقال (نحن نفكر بحرية دون قيود فيزيائية والذهن هو ما يجعلنا بشراً وليس جسدنا وهذا يمنحنا حرية الإدارة والعقلانية في فلسفة تشومسكي تحتل مع الحرية المركز الأول والمهم.
كارل بوبر
(الجسم والجسد والهوية الذاتية بنظري أن المعرفة التكوينية هي الجمع للمكون المادي لبنيتنا العضوية مع المكون السيكولوجي)
كارل بوبر هو حق من نقد الحتمية الطبيعية وأتى بالعوالم الثلاثة عالم الموضوعات الفيزيائية وثانياً عالم المقولات النفسية والعالم الثالث هو عالم الموجودات المجردة تحمل طابعاً من النظريات والمشكلات والقضايا وهذه العوالم تتداخل في علاقة متبادلة مع بعضها البعض وقال بوبر أن المكون المادي الذي يقوم عليه بنيتنا العضوية يجتمع مع المكون السيكولوجي الذي تقوم عليه أفعالنا ومعرفتنا وقال كل حدث من الكون خاضع لتسلسل منطقي سببي.
خاتمة
يتطلب استرجاع الجسد الشعور بوجود جسم ذاتي، يدخل في دائرة سيادتي ويمثل قنطرتي الممتدة داخل العالم وإذا ما كانت الحاجة إلى الوعي بالذات فإن الحاجة إلى الوعي والفكر تترجم الحاجة إلى الوعي بالذات، فإن الحاجة إلى الجسد تترجم الحاجة إلى الاستقلال الذاتي. وقد تبين من خلال تتبع الأفكار البيولوجية إن الاتجاه الحيوي، على خلاف الاتجاه الآلي كان يدافع عن خصوصية الكائن الحي وعن استقلالية الكائن الحي، عن البيئة الفيزيائية المحيطة، وكانت نظرية المعرفة مدخلاً عقلانياً إلى معرفة العالم في المثالية الألمانية، إلا أن الحيوية مدخلاً إلى تأكيد الاستقلال الذاتي، الذي يتمتع به الجهاز العضوي. 
وقد أعادت الظواهرية الاعتبار إلى الجسد من خلال إعادة الاعتبار إلى الفلسفة العملية وإلى الوعي الحركي، من خلال صياغة صورة عن العالم تحمل بصمات الجسد البشري، ولم يعد الجسد معدن الشهوات، وسجن النفس، بل أصبح معطى إيجابياً يُجسِّد إنسانية الإنسان بامتياز، غير أن تطور العلوم المعرفية قد اكتشف الأهمية المركزية التي تميز الدماغ والجهاز العصبي المركزي وقد أدى هذا الاكتشاف إلى مركزية جديدة للكون حول الدماغ، لذلك، كان من اللازم علينا البحث عن سُبل الخروج من المركزية العصبية، دون إهمال دور الدماغ في معالجة المعلومات الآتية من العالم، وقد عزَّزنا موقفنا بالمذاهب الفلسفية التي تحارب الاتجاه الواحدي الذي طغى من قبل في مذاهب الآلية، كما يطغى اليوم على العلوم المعرفية، وكان السبيل المناسب هو الربط بين الهوية الذاتية وهوية الجسد، وقد انتهينا إلى اعتبار الجسد محاوراً ظل مكبوتاً على الدوام في الاتجاهات العلمية الصارمة، لذلك يجب فك عزلته وتعلم لغته من أجل المصالحة بينه وبين النفس، ولا تعني إعادة الاعتبار إلى الجسد الاكتفاء بالحكمة المأثورة المباركة (العقل السليم في الجسم السليم) أي لا تتبنى إعادة الاعتبار بتمجيد القوى البدنية بوسائل غير مشروعة وتناول المنشطات، أو استعمال حمية مُفرطة أو تطوير مستحضرات التجميل وتعريف الجسد لأن يكون سلعة مربحة، ولا يؤدي تأليه الجسد إلى الشعور بالسيادة أو الإحساس بالامتداد الذاتي داخل الجسد أو الشعور بالهوية الذاتية أي في الوقت الذي أصبح فيه الجسد للربح وزيادة المردودية ومعرض لألعاب القوى أو عرض الأزياء ولا تزال النفس في هذه الحقول على الرغم من المظاهر الخداعة غريبة عن الجسم غربة الذات العاقلة عن وكر الشهوات فالجسم الذي نقدمه للآخرين والمشاهدين والزبائن جسد مُنشئ فقدَّ صلته بالهوية الذاتية، وإن كانت الوظيفة العلاجية تعتبر من بين الوظائف الأساسية داخل الفلسفة، فهي تحاول إيجاد تصالح بين النفس والبدن، وحاولنا إبراز البدائل للجمع بين النفس والبدن في ضوء الروافد الجديدة في مقاربة الهوية الذاتية والسعي إلى الخروج عن المنظور البيولوجي الصرف من أجل الانفتاح على البعد الثقافي في دراسة ظاهرة الجسد من خلال المدرسة التأويلية .

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net