Tahawolat
البيئة وإشكالياتها

مقدمة: تتضمن المقدمة أسباب اختيارنا لهذا البحث، وطبيعة المنهج الذي نعتمده بالإضافة لأهمية البيئة ومفهومها. 
أما أسباب اختيارنا لهذا البحث، فهي تعود للاهتمام الزائد بالبيئة، في الآونة الأخيرة، حيث هناك انتشار واسع لظاهرة التلوث، وتزايد أخطاره، بسبب ما نشاهده من انتشار الأمراض الخطيرة، الناتجة عن التلوث البيئي. فمع تطور الوعي البشري وتقدم التطور العلمي، تزايد الاهتمام بالبيئة وأهميتها، وضرورة الحفاظ على نظافتها وتوازنها، وذلك لأجل الحفاظ على حياة الإنسان ومجمل الكائنات الحية. 
أما المنهج المعتمد لدينا، في هذا البحث، فهو المنهج العلمي، الذي يعتمد على المنجزات العلمية، والمشاهدات الواقعية والموضوعية. كما أننا نحرص كذلك، على اعتماد التفكير المنطقي والتحليل والنقد. وقد نستخدم المنهج التاريخي، والمنهج المقارن، والمنهج التحليلي، في بعض الأحيان. وهذه المناهج تعتبر كمناهج علمية، في الأبحاث الإنسانية والاجتماعية.
أما مفهوم البيئة، فهو لغويًا يعني البيت. وكلمة بيئة مشتقة من باء. وباء إليه يعني رجع. وتبوأ المكان يعني نزل وحل فيه. فالبيئة تعني المكان أو المأوى الذي يسكن فيه الكائن الحي. 
والبيئة بمعناها العام المعروف، هي كل ما يحيط بالكائن الحي، من عوامل ومكونات مادية وحيوية، يؤثر فيها ويتأثر بها. والفرق بين مفهومي البيئة والمكان، هو أن البيئة أعم وأشمل، وقد توسع مفهومها ليشمل البيئة الاجتماعية، بما تمثله من حضارة وفنون وعلوم وقوانين ومعتقدات وفلسفات، وبما تمثله كذلك من أنماط عيش ووسائل إنتاج. 
وقد أعطى مؤتمر ستوكهولم 1972 مفهوم البيئة معنى أوسع، بحيث أصبح يشمل الموارد المادية والاجتماعية، بالإضافة إلى عناصر الطبيعة ومصادر الطاقة والنباتات والحيوانات. 
لقد اهتم الإنسان، منذ القدم، بالبيئة الطبيعية، فوقف مندهشًا أمام عظمتها، حتى أدى الأمر، عند المجتمعات القديمة، إلى تأليه بعض مظاهرها. كما ظهرت بعض العلوم التي ترتبط بالبيئة، كعلم الفلك، وعلم الجغرافيا، وعلم النباتات وأهميتها في معالجة المرضى. وكان للظواهر الطبيعية الدور الأساسي في اكتشاف المعرفة. فقد كانت هي الموضوعات الأساسية لكل المعارف البشرية؛ فلسفية كانت أم طبيعية.
اعتبر هوميروس، منذ القدم، أن الطبيعة حية. فهو يؤله الأرض، ويعتبر أنها "ولدت الجبال الشاهقة والسماء المزدانة بالكواكب، ثم تزوجت من السماء المحيطة بها من كل جانب، فولدت أوقيانوس والأنهار، وإن أوقيانوس المصدر الأول للأشياء"(1).
واهتم الفيثاغورسيون كذلك بالطبيعة، وتميزوا بعلم الفلك، واعتبروا "أن مركز العالم يجب أن يكون مضيئًا بذاته، لأن الضوء خير من الظلمة، ويجب أن يكون ساكنًا، لأن السكون خير من الحركة"(2). 
وأدخل انبادوقليس التراب في تركيب النفس. وهو يعلل الحياة بأسباب آلية، "تجتمع العناصر بمقادير معينة بفعل المحبة، فتنبت في الأرض رؤوس من دون رقاب، وتظهر أذرع مفصولة عن الأكتاف، وعيون مستقلة عن الجباه"(3). 

تطور مفهوم البيئة حديثًا، فأصبح يشمل البيئة الاجتماعية إلى جانب البيئة الطبيعية. أما الفرق بين مفهومها القديم والحديث، فهو أن الأول يبقى مجرد إمكانيات متوفرة في الطبيعة. أما الثاني، فهو قد أوجده الإنسان، بالتفاعل والتأثير المتبادل، بينه وبين البيئة الطبيعية. 
يمكن تعريف البيئة حاليًا، بأنها الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، ويحصل منه على مقومات حياتية، من غذاء وكساء ودواء ومأوى، ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر. وعلى هذا الأساس يمكن أن نميز بين بيئة إنسانية وبيئة حيوانية.
أما عناصر البيئة فيمكن قسمتها إلى قسمين: حية وغير حية. أما غير الحية، فهي: الموقع والمناخ والتربة. وأما الحية، فهي: النباتات والحيوانات، بالإضافة إلى الإنسان والمجتمع، بما يشمله هذا الأخير، من أنظمة وعلاقات وأشكال قائمة؛ كالعائلة والمدرسة والمؤسسات على مختلف أنواعها. 
أما عناصر الطبيعة، فأهميتها تبرز في توفر شروط الحياة، كالموقع الملائم، والمياه والهواء والتربة والمناخ، وغير ذلك من الشروط الصالحة للحياة. والمكان له أهميته، من حيث تأثيره على اللون والشكل والطباع والمزاج. والموقع الجغرافي قد ساعد الفينيقيين، قديمًا، على تقدم حضارتهم وازدهارها.
الإنسان جزء لا يتجزأ من البيئة التي يعيش فيها. ومن حق كل كائن أن يعيش حياةً ملائمة في بيئته، ومن واجبه أن يحافظ على بيئة نظيفة. 
أما علم البيئة فهو حديث العهد. وهو يعتبر فرع من فروع علم الأحياء. وكان أول من اقترح كلمة إيكولوجيا سنة 1866، هو العالم الألماني أرنست هيكل، وذلك ليضفي على مفهوم البيئة معنى حديثًا. وتتألف كلمة "إيكولوجيا" من كلمتين يونانيتين: إيكوس أي المكان، ولوغوس أي العلم. وعلم البيئة برأيه، عبارة عن مجموع العلاقات التي تربط الكائن الحي ببيئته. 
وكان بارك الذي يلقب بأبي الإيكولوجيا الإنسانية، هو أول من استخدم هذا التعبير في مجال الدراسات الاجتماعية. ويرى ماك كنزي أن الإيكولوجيا الإنسانية تدرس الظواهر المكانية التي تنتج عن العلاقات المتبادلة والاختلاط بين الناس، وغرضها الكشف عن العوامل، التي تفسر الاختلاف، في طرق استغلال الإنسان للبيئة، وفي توزيع السكان، في المناطق المختلفة، وفي النظم التي يخضعون لها. كما أن علم البيئة يهتم بدراسة التوازن القائم، بين الكائنات الحية والظروف الطبيعية، من مناخ وأرض ومياه من جهة، والتوازن بين الكائنات الحية، فيما بينها، من جهة أخرى.
اهتمت العلوم الطبيعية بدراسة البيئة، من حيث دراسة التفاعلات الكيميائية والفيزيائية، بين الكائن الحي والوسط الذي يعيش فيه. كما أن العلوم الإنسانية تدرس البيئة، من حيث حفظ حياة الإنسان وتأمين ما يحتاجه، وتحسين علاقاته مع الآخرين. 
ويهتم علماء القانون، كذلك بالبيئة، فهم يهتمون "بالقواعد القانونية التي تكفل صيانة البيئة، ومكافحة كل أنواع التعدي على التوازن بين مكونات النظام البيئوي"(4).
فهناك مواد تشريعية تحرص على سلامة البيئة، وتحمّل المتسبب بالتلوث كل المسؤولية. فجاء في إحدى المواد "عندما تكون الانبعاثات الملوثة للجو تشكل تهديدًا للأشخاص والبيئة أو الأملاك، يتعين على المتسببين فيها اتخاذ التدابير الضرورية لإزالتها أو تقليصها"(5). 
والقانون المدني يلحظ ضرورة مكافحة التصحر، ومنع طمر المواد الملوثة، في مجاري الأنهار والآبار والينابيع والحفر. وكذلك فهو يمنع التعدي على الأماكن الأثرية والتاريخية والمساحات المحمية ومباني الإدارات العامة وعلى الأشجار. ففي نطاق القانون الجزائي "تعد الجزاءات المقررة على مخالفة قواعده أشد الجزاءات صرامة"(6). 
هكذا تعدد مفهوم البيئة ليشمل البيئة الاجتماعية، من ثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية. وهناك بيئة مبنية، وهي تشمل المسكن ومكان العمل والطريق وما إلى ذلك. 
وقد تنبه عددٌ كبيرٌ من المفكرين، إلى أثر البيئة على الإنسان وصحته وأشكاله وألوانه وميوله النفسية، بالإضافة إلى قدرته الفكرية. وقد رد هيبوقراط قديمًا، التناقض القائم بين الشعبين، الآسيوي والأوروبي، إلى صلاحية البيئة الطبيعية. وكذلك ميّز أرسطو في كتابه السياسة، بين سكان المناطق الباردة، الذين يتحلون بالشجاعة، وسكان المناطق المعتدلة الأذكياء، وبين مواطنيه الإغريق، الذين يجمعون ما بين تلك المميزات، وذلك بسبب وجودهم في بيئة متوسطة بين المنطقتين. وهو يرى أن الشعب اليوناني يجمع بين "الميزتين، الشجاعة والذكاء، كما أن بلده متوسط الموقع. لهذا هو يحتفظ بالحرية، ولو أتيحت له الوحدة لتسلط على الجميع"(7). 
وبرع كذلك علماء اليونان في العلوم الطبيعية والهندسية والفلكية، إلى غير ذلك من الأمور التي تتعلق بالبيئة، من حيث علم النبات وعلم الحيوان وسائر العلوم الأخرى. 
كما أن هناك من اهتم بحساب محيط الكرة الأرضية، وبتحديد موقع وحركات النجوم، وحساب السنة الشمسية، وتحديد خطوط الطول والعرض، ووضعت الخرائط المصورة. وكان أهمهم في العالم العربي، البتاني والطوسي والبوزجاني والصوفي. 
أما ابن خلدون، فهو يقدم الدليل المنطقي على تأثير المناخ. وهو يرد لون السواد، عند أبناء حام، إلى طبيعة البيئة الجغرافية، حيث الحرارة مرتفعة. كما أنه يرى أن المناخ يتجاوز تأثيره على الشكل الفيزيولوجي، ليصل إلى الحالة النفسية والأخلاقية. والزنوج برأيه، ميالون للهو والطيش والرقص، بسبب سكنهم في مناطق حارة، بينما سكان المناطق الباردة يتميزون ببرودة الأعصاب والتفكير بعواقب الأمور. 
يقسم ابن خلدون المعمورة إلى عدة أقاليم. وهو يرى أن أقاليم الوسط، كالثالث والرابع والخامس، معتدلة، "وسكانها من البشر أعدل أجسامًا وألوانًا وأخلاقًا وأديانًا حتى النبوءات فإنما توجد في الأكثر فيها"(8).. 
يرد ابن خلدون أسباب التفاوت بين المجتمعات البشرية، إلى طرق الإنتاج. وهو يرى "أن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش"(9). 
وهو يربط العامل الاقتصادي بالأرض والإنتاج والإنسان، "ويدرس الفعل الإنتاجي بتفرعاته وميادينه وحتى بأخلاقيته، وينبه إلى الصراع بين أنماط من العيش والوجود والإنتاج"(10). 
واهتم مفكرو العصر الحديث بالبيئة كذلك، فكان باسكال وليبنتز وسبينوزا، في القرن السابع عشر. وروسو وكانط، في القرن الثامن عشر. وهيغل ودارون ونيتشه، في القرن التاسع عشر. وبرغسون وغيره في القرن العشرين.
ظهرت الأبحاث البيئية في أوروبا، منذ النصف الثاني للقرن السابع عشر. وقد أشار مونتسكيو إلى تأثير المناخ والتربة في طباع البشر. وهو يأخذ العوامل الطبيعية بعين الاعتبار، عند أي بحث، بخصوص أنماط المعيشة، وطرق التفاعل الاجتماعي، ودراسة الأنظمة السياسية وأشكال الحكم. كما أنه يرى أن الأنظمة الجمهورية والديمقراطية هي وليدة التربة الفقيرة. أما الأنظمة الديكتاتورية والإقطاعية والأرستقراطية، فهي تسود في المناطق الغنية. أما سكان الجزر، فهم أكثر ميلًا للعزلة والاستقلال. 
وكانت آراء أخرى لبعض الألمان، ومن بينهم، ريتر. كانت الغاية منها وضع قوانين عامة، تحكم علاقة الإنسان بالبيئة. وهو يفسر التباين الحضاري بالتباين البيئي.
 أما ديمولان، فهو يرى أن المعادلة تصدق فقط على المجتمع الريفي. أما في المدينة، فالمعادلة تختلف، لأن نوع العمل يفقد اتصاله بالبيئة الطبيعية. هكذا تتباين الآراء حول البيئة، بين المدرسة الحتمية والمدرسة الإمكانية. ففيما تعتبر الحتمية أن الإنسان محكوم للبيئة، فإن الإمكانية تفسح المجال للتأثير المتبادل، وكذلك بإمكانية الإنسان وقدرته على تعديل بعض عناصر البيئة. 
وهناك آراءٌ لكثير من المفكرين، حول البيئة. فكانت آراءٌ لداروين، حيث تكلم عن نظريته في النشوء والارتقاء. فهو يرى أن الأحياء جميعًا يتفرعون من أصل واحد، بمقتضى قانون الانتخاب الطبيعي أو بقاء الأصلح، وهو لازم من تنازع البقاء. كما أنه يضع قوانين أخرى، وهي: "أولًا قانون الملاءمة بين الحي والبيئة الخارجية؛ ثانيًا قانون استعمال الأعضاء أو عدم استعمالها تحت تأثير البيئة أيضًا، حيث تنمو الأعضاء أو تضمر أو تظهر أعضاء جديدة تبعًا للحاجة؛ وثالثًا قانون الوراثة وهو يقضي بأن الاختلافات المكتسبة تنتقل إلى الذرية، على ما يشاهد في الانتخاب الصناعي"(11). 
أما نيتشه، فهو يرى أن الحياة مجموعة من القوى المرتبطة بعضها ببعض، عن طريق تغذية مشتركة. كما أنه يدعو الإنسانية إلى الارتفاع عن الواقع القائم، لتخلق طابعًا جديدًا. فهو يدعو للتخلق بأخلاق الأرستقراطيين، لا بأخلاق العبيد. "فإرادة القوة هي الاسم الحقيقي لإرادة الحياة، وكل إرادة قوة فهي تذهب إلى حدها الأقصى لأن الحياة لا تزدهر إلا بإخضاع ما حولها. ومتى وضعنا هذا المبدأ انقلبت القيم المتعارفة رأسًا على عقب"(12). 
أما روسو، فهو يرى أن المدنية، القائمة على الآلية والتجريبية، تسلب الإنسان جوهره. فهو "يزعم أن العلوم والآداب والفنون تكمل ظاهر الإنسان فقط ولا تكمل باطنه، بل إنها كلما تقدمت أمعنت في إفساده"(13). 
 وكذلك نرى عند كانط أفكارًا مؤيدة للبيئة، كتصوره المتعالي للإنسان، واعتباره لفكرة الجلال، وأن المعرفة هي أحكام. "والأحكام التي من هذا النوع الأخير أولية كالأحكام التحليلية مع كونها تركيبية، فإنها صادقة دائمًا بالنسبة إلى أي شخص آخر، ولا تتوقف على عدد التجارب ولا على حالة الشخص الذاتية؛ وهذه الأحكام هي التي تتألف منها العلوم"(14). 
أما برغسون، فيتلاقى مع الفلسفة البيئية بمعرفته الحدسية، واعتباره للصيرورة بأنها عين الوجود، ورفضه للنظرية الآلية، وقوله بوجود تيار حي، ينقسم بين الأنواع الحية. "فهو في النبات سبات وخمود، وفي الحيوان غريزة، وفي الإنسان عقل، وهذه طبقات مختلفة بالطبيعة لا بالدرجة فقط. أما المادة فقد نشأت من وهن التيار الحيوي أو توقفه ، فما هي إلا شيء نفسي تجمد وتمدد"(15).
وهناك من اهتم بالكثافة السكانية وأثرها على البيئة، بهدف الحفاظ على توازن الموارد الطبيعية وعدد السكان، أمثال: زلسكي 1966، إيرلتش 1968، بورجستروم. وجاءت نظرية مالتوس التي تؤكد على أن التزايد السكاني هو شر تجب معالجته. كما أن هناك من يرى عكس ذلك، أمثال: ماركس وأنجلز. وكان مؤتمر جوهانسبرغ 2002 يعلن أن العالم مهدد بثورة الجياع، ولا سبيل لردها إلا باعتماد سياسة عولمة، تضمن التوزيع العادل لثروات الأرض. 
هكذا مع انتشار الوعي البيئوي حديثًا، تزايد الاهتمام بضرورة الحفاظ على البيئة، لما لها من أهمية على كافة الأصعدة، الأمنية والغذائية والصحية والأخلاقية والتربوية والثقافية والسياسية الخ. ويقترح الأمين العام لمجلس الأمن الدولي عام 1992، تكنيكًا جديدًا، يتضمن نشر قوات عسكرية، لتفصل بين الدول المتحاربة، "بغية ردع اندلاع الصراعات المسلحة بدلًا من اتساع رقعة النزاع المسلح، واقترح كإجراء وقائي خلق مناطق منزوعة السلاح"(16). كما دعا الأمين العام، كذلك، لتزويد المجلس بالمعلومات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كحالات الهجرة الجماعية الواسعة، والمجاعة، والاضطربات الإثنية، التي تهدد السلام والأمن الدوليين.
واهتم علماء الجغرافيا كذلك، بالبيئة، فخلال السنوات الأخيرة، "كان هناك ارتفاع مطرد في التزام الجغرافيا البشرية بالقضايا البيئية،... وشمل هذا كلًا من الدراسات التطبيقية للتأثيرات الإنسانية والعمل على سياسة التغيير البيئي"(17). 
 وبسبب تزايد الاهتمام بالبيئة، أصبحنا نشاهد اليوم الآلات الحديثة، كالروبوتات التي تحل محل الإنسان، في الكثير من الأعمال. فهو يبصر ويمشي ويرفع الأثقال، ويقدم خدمات عديدة.
أدركت البشرية أهمية البيئة على حياة البشر، والتاريخ البشري يؤكد على أن المناطق المعتدلة، كانت ولا تزال مهبط الحضارات البشرية. فهناك الحضارات الصينية والهندية وبلاد ما بين النهرين ومصر واليونان، وجميعها نشأت في مناطق معتدلة. 
يمكن إيجاز أهمية البيئة بالأمور التالية: استكشاف أسرار الطبيعة، كتحديد موعد الصلاة وتحديد الاتجاهات، وحاجة علوم الفلك لها، كالحاجة للتأكد من كروية الأرض ومركز الكون واستكشاف الفضاء. وكذلك تطور علوم الأحياء، الرد على ظاهرة التنجيم، استكشاف العلاقات القائمة بين عناصر الطبيعة، حاجة الإنسان لبيئة نظيفة ملائمة للحياة. زيادة نسبة الوفيات بأمراض تعود للتلوث البيئي. بروز ظاهرة التصحر وحاجة الإنسان لمياه نظيفة. 
واهتمت المنظمات الدولية بالبيئة الصحية، من خلال اهتمامها بالتربية الصحية، وعقدت لأجل ذلك لقاءات متعددة، وعقدت منظمة الأونيسكو في العام 1982، حلقة دراسية، في عمان، وكان اهتمامها بالتربية الغذائية والتثقيف الصحي. كما أجريت دراسات حول متوسط عمر الفرد، فهو بالسويد يبلغ ما بين سبعين وستة وسبعين عامًا، بينما في الدول المتخلفة يتراوح ما بين خمسين وخمسة وخمسين عامًا. 
وأما علماء الاجتماع فعملوا على تكيف الإنسان مع بيئته، "بمعنى أنه جزء من هذا الكل ويحتل مكانًا فيه"(18). 
وكذلك اهتم علماء النفس السلوكي بالبيئة، فمن وجهة نظرهم، "ترتكز التربية والتنشئة الاجتماعية، قبل كل شيء، على تعلم الاستجابات المناسبة للمواقف والحوادث والأشياء الخارجية التي تفعل فعلها كمؤثرات، هذا التعلم الذي يتم على الأخص عن طريق التكرار وبحكم الجزاء"(19). 
وهناك من يعتبر الموسيقى جزءًا من البيئة، ومتممًا لها، والإنسان يقيم الشعائر الدينية ويرتل ويرنم. وهو يلجأ للموسيقى ليرتاح، كما أن لها أهميتها في تفجر الطاقات الإبداعية. فهي وسيلة للتعبير الذاتي والترفيه والتواصل والانفعال. كما أنها تستخدم حاليًا في ترويج السلع والمنتجات، كالدعايات والإعلانات. وهي تستخدم كذلك في المجالات الأدبية والثقافية والتربوية والدين. فهي جزءٌ من التراث والفنون. وما الأصوات الموسيقية إلا رموزٌ تعبر عن علاقة الإنسان ببيئته. 
والطبيعة أشبه بمقطوعة موسيقية، تتناغم أوتارها وتتكامل، مؤلفة جوهرًا مؤتلفًا متكاملًا. فالطبيعة عبارة عن لوحة موسيقية تبهر المهندسين والعباقرة. وهي مصدر كل المعارف الفنية والهندسية والموسيقية. هي صور تنبض بالحياة والروح. 
وكذلك فللبيئة أثرها على التنمية، ولم يكن هذا من اهتمام المفكرين، في سبعينيات هذا القرن، وذلك يعود "إلى عدم إدراك العلاقة الأساسية والتكاملية بين البيئة والتنمية واستهداف كليهما لتحقيق متطلبات الإنسان وتحسين نوعية حياته وأن البيئة السليمة مدخل أساسي -لا غنى له- عن مدخلات التنمية وأن العناية بها -أي البيئة- وحمايتها ضرورة اقتصادية في المقام الأول، حيث لا يمكن تحقيق التنمية على قاعدة تتدهور فيها الموارد الطبيعية"(20).
والتنمية، هي "عملية مستمرة تستهدف تغيير الأوضاع السائدة في المجتمع إلى صورة تخالف جذريًّا (أي تناقض) تلك الأوضاع السائدة في المجتمعات المتخلفة النامية"(21). 
وتعني التنمية المستدامة التوفيق بين تنمية اجتماعية واقتصادية، بشكل يؤمن الاستمرار وحماية البيئة. فالتنمية المستدامة من أولوياتها إدارة الموارد الطبيعية وحمايتها وتوجيه التغير التقني والمؤسساتي، بطريقة تضمن تحقيق إرضاء الحاجات البشرية واستمراره للأجيال الحالية والمستقبلية. وهي تهتم بتنويع الإنتاج، للحفاظ على التنوع البيولوجي. وهي تهتم ببقاء الأنواع المختلفة من الكائنات الحية. كما أنها تهتم بالتطور التكنولوجي في الدول النامية. وهناك من يعمل على الاستفادة من الطاقة الشمسية وتحلية المياه المالحة. 
تحتاج التنمية لاعتماد سياسة توجيهية تنموية، تعتمد التخطيط الشامل، حتى لا يضيع شيء من الموارد المتاحة. "إن حصيلة التفاعل المتبادل بين نوعية السياسات والمؤسسات والأفراد في البلدان النامية، تفسر في المقام الأول، ثمار جهودها الإنمائية"(22). 
لقد تعددت نظريات المفكرين حول البيئة، ومن أهم تلك الاتجاهات: 
-وجهة النظر الحتمية. وهي ترى أن الإنسان خاضع للبيئة بشكل كلي ومقيد بها. 
-وجهة النظر التي ترى أن الإنسان هو سيد الطبيعة ومسيطر عليها. وقد أيّد هذا الرأي، كل من الفلسفة العلمية والتجريبية. 
-وجهة النظر الاقتصادية. وهي التي تهدف إلى استخدام الموارد الطبيعية في تنمية الاقتصاد. 
-وجهة النظر البيئية. وهي تنطلق من اعتبار الإنسان، كمكون مهم من مكونات البيئة، يتكامل ويتفاعل ويتكيف معها. وحسب هذه النظرية، تكون علاقة الإنسان بالبيئة علاقة تفاعلية. فهو يتحمل مسؤولية في إدارتها. ومن واجب المجتمعات البشرية مراعاة الاعتبارات البيئية، عند القيام بأي نوع من المشروعات، إن كانت مشروعات صناعية أو عمرانية، أو أي نوع من المشروعات الأخرى. 
-وانقسم هذا التيار البيئوي، بدوره، إلى قسمين: التيار الأول، يعتبر أن فلسفة البيئة هي فلسفة حياة. وأهم أعلامه: وايتهد، تيار دو شاردان، وهيدغر. 
-أما التيار الثاني، فهو التيار التحليلي. وأهم أعلامه: رسل، كارناب، وأوستن. 
ترى الفلسفة البيئية أن الفلسفة الصحيحة هي التي تؤكد على فلسفة الحياة. فهي تعارض كل الفلسفات المادية، كما أنها تعارض العلوم المادية. كما أنها تعتمد على المعرفة الحدسية والوجدانية، فهل تقتصر المعرفة فقط على المعرفة الوجدانية؟ وهل المعرفة العلمية القائمة على التجربة يمكن الاستغناء عنها؟ وهل التفكير العقلاني أصبح عقيمًا؟ 
كما أن هناك إشكاليات تدور حول خطر التلوث، الناتج عن المؤسسات الصناعية. فهل أن حماية البيئة يفرض إيقاف عمل تلك المؤسسات؟. وهل المطلوب الاستغناء عن مجمل المؤسسات الإنتاجية؟ 

2- التلوث البيئي وأخطاره 
من أهم عناصر البيئة الطبيعية: المياه والهواء واليابسة. فهي تشمل الأرض، وما عليها، وبما تتضمنه من مواد معدنية صلبة وسائلة. فهي موارد طبيعية، وقد تتفجر براكين ملتهبة، في مناطق عديدة . تتضمن البيئة كذلك، الغلاف الجوي وما يحتويه من أوكسجين وغازات على أنواعها. أما اليابسة، فهي تشمل القشرة الأرضية، وما تكونه من تضاريس وجبال وسفوح ووديان وسهول وغير ذلك. 
هناك توازنٌ طبيعي بين مكونات الطبيعة؛ فالمياه تساعد على النمو واستمرار الحياة. والهواء يزود النباتات بالأوكسجين وثاني أكسيد الكربون. والنباتات بدورها، توفر الغذاء للحيوان والإنسان. والتربة توفر المواد الغذائية للنباتات، التي تتحوّل بدورها لتدخل في تركيب التربة. والنباتات تحول الطاقة الشمسية إلى عناصر كيميائية، تحتاجها الكائنات الحيوانية. وهي تحول ثاني أكسيد الكربون إلى أوكسجين، الذي هو ضروري لاستمرار الحياة. كما أن الأوكسجين بدوره، يحافظ على نسبة الأوزون في الغلاف الجوي. والأشجار بدورها، تحافظ على الغطاء الأخضر وعلى المناخ الجيد، كما تحمي التربة من الانجراف، بالإضافة إلى المسحة الجمالية التي توفرها للطبيعة. 
إن أول من تكلم عن نظام إيكولوجي، هو العالم البريطاني السير آرثر جورج تانسلي، عام 1935. لقد كان هدفه تبيان التوازن البيئي القائم. فلكل نوع من الكائنات الطبيعية وظيفة معينة. فهناك فئة المنتجين، وفئة المستهلكين، وفئة المفككين. أما الفئة المفككة، فهي بعض الأنواع التي تتغذى بالنفايات، فهي تفكك المواد العضوية من خلال أنزيمات تفرزها. 
أما الفئة المنتجة، فهي النباتات التي تستعمل أشعة الشمس، كمصدر للطاقة، لتحول ثاني أكسيد الكربون والماء إلى مادة الغلوكوز، التي تشكل المصدر الأساسي للطاقة، التي يحتاج إليها الإنسان. 
أما فئة المستهلكين، فهي الكائنات الحية جميعها، ومنها المستهلكة بالدرجة الأولى والثانية والثالثة. والإنسان يعتبر مستهلكًا من الدرجة الأولى والثانية والثالثة. فهو يأكل السمك، والسمك الكبير يأكل السمك الصغير. 
تشكل هذه المنظومة مثالًا حيًا على التوازن البيئي بين الأجناس والأنواع، وعلاقة بعضها ببعض. وقد تكون تلك العلاقات متكاملة ومتعاونة ومتبادلة المنافع، كما هي الحال بالنسبة للنحل الذي يمتص رحيق الأزهار، فينتج عن ذلك عملية تلقيح جزئي، تستكمل بواسطة الهواء والماء والإنسان. 
تنجم الأخطار البيئية بسبب اختلال التوازن القائم. ويحدد تايلر- ميلار تعريفًا للانحلال البيئي، فهو حسب رأيه، "استنزاف أو تدمير مورد من المحتمل تجديده مثل التربة والمروج والغابة أو البراري التي تستعمل أسرع مما تغذى طبيعيًا. وإذا استمر هذا الاستعمال فقد يصبح المورد غير قابل للتجديد (على مستوى مقياس زمني إنساني) أو غير موجود (منقرض)"(23)، وهذا يحدث بسبب التلوث وفقدان بعض عناصر الطبيعة، كالأوكسجين، مما يتسبب بتزايد نسبة الغازات وتسرب الإشعاعات النووية. وقد يتسبب كذلك، بثقب طبقة الأوزون، وبحصول الاحتباس الحراري، الناجم عن عدم ارتداد الإشعاعات من الأرض إلى الفضاء الخارجي. وهذا ما يؤدي إلى تغير المناخ وتغير البيئة الملائمة للحياة. 
أما أسباب التلوث البيئي، فهي متعددة، أهمها: انبعاث الغازات الناتجة عن الآلات الصناعية، تمركز المؤسسات الصناعية داخل الأحياء السكنية، الغبار المنتشر مع الهواء، التجمعات البشرية ذات الكثافة السكانية العالية، تلوث أماكن العمل الصناعي، كالصناعات الكيميائية، ودباغة الجلود وصناعة الزجاج وغيرها. التلوث بالمواد العضوية، والأملاح غير العضوية، التلوث بالزيوت. وهناك تلوث يحصل داخل المشافي، كالإشعاعات. وكذلك من مواد الدهانات، التي تحتوي على الرصاص، كالمنظفات والمبيدات ودخان السجائر وغبار المفروشات والسجاد. وهناك غازات الرادون تنبعث من الصخور المتكسرة. كما أن الأصوات المرتفعة على أنواعها، فهي تزعج السمع. وهناك تلوث المياه والأنهار، بسبب رمي النفايات، وتحويل المجاري الصحية واختلاطها بمياه الشرب، وقد تستعمل لري المزروعات. وقد تؤدي إلى تلوث المياه الجوفية. وقد يحصل اختلال بيئي، فينعدم التوازن القائم، بسبب التصحر وقطع الأشجار، وصيد الأسماك والطيور، بشكل غير منظم، فتنقرض أنواع عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المفيدة للحياة. إن سوء استخدام الإنسان للطبيعة هو السبب الحقيقي في كل تلوث.
وساهمت كذلك المجتمعات الصناعية الغربية بزيادة سرعة التلوث، وذلك "من خلال التلوث الصناعي أساسًا عن طريق استعمال الفحم، في المستعمرات، ربما التأثير الرئيس لمرحلة التصنيع كان إزالة الأحراج عندما تم مسح الأرض للزراعة لإمداد معاقل الإمبريالية والمستعمرات"(24). 
التلوث يهدد عناصر البيئة ويهدد الإنسان والحيوان والنبات. إنه يهدد الموارد المائية، وذلك بسبب ضعف تقنيات حماية البيئة، "مما يؤدي إلى خسارة كميات كبيرة من الموارد المائية الجوفية والسطحية معًا. ويزداد بازدياد نفايات الصناعة والزراعة والإنسان. وهنا يجدر التنويه إلى أن كل لتر واحد من المياه الملوثة يلوث من 40 إلى 60 مترًا مكعبًا من المياه الطبيعية النظيفة"(25). وإذا زاد التلوث تزداد الحاجة للأوكسجين لأن كميته تخف، وتصبح المياه غير صالحة لنمو الأحياء المائية المتطورة، من أسماك وغيرها، "أما إذا وصل التلوث إلى الحد الذي يؤدي إلى استهلاك كل الأوكسجين الموجود أصلًا في المياه، فإن هذا يتسبب في تكاثر البكتيريا اللاهوائية، ما ينتج عنه روائح غير مستحبة، بالإضافة إلى انعدام الحياة البحرية المتقدمة"(26). 
وتبين كذلك الدراسات، التي تقوم بها الجهات المتخصصة، في لبنان وبعض الدول العربية، أن هناك تلوثًا في مياه الشرب، وفي العديد من المواد الغذائية وخاصة المواد المعلبة واللحوم. كما أن هناك أدوية فاسدة ومزورة، وإلى غير ذلك، من مشاكل تعاني منها المجتمعات النامية. 

الفلسفة البيئية 
تعددت الاتجاهات الفلسفية البيئوية، بتعدد الموضوعات الفلسفية، وتنوع المفكرين، من حيث تباين الثقافة وتباين المجتمعات وتباين الأهداف. وهي تجمع على أن من واجب الفلسفة البيئية، المحافظة على توازن البيئة، والتكيف معها، من حيث رسم خطة لحياة الإنسان المعاصر. 
وكما ذكرنا سابقا، انقسم هذا التيار إلى اتجاهين: الأول: أهم أعلامه: وايتهد، تيار دو شاردان، وهيدغر. 
أما الاتجاه الثاني، فأهم أعلامه: رسل، وكارناب، وأوستن.
يعتبر الاتجاه الأول، أن فلسفة البيئة هي فلسفة حياة.  
يؤيد هنريك سكوليموفسكي الاتجاه الأول. وهو يرى أن فلسفة البيئة "تعني الالتزام بالقيم الإنسانية، وبالطبيعة، وبالحياة نفسها"(27).
وهو يعتبرها فلسفة حياة، تهدف لوضع تصاميم جديدة للعيش. وذلك لأجل تحقيق التناغم بين الإنسان والبيئة. إنها إعادة نظر دائمة، من دونها لا يحس الإنسان بمعنى الحياة. 
فلسفة البيئة تهدف لإعادة الاعتبار للحياة الروحية، كما أنها تعمل على تفكيك العلاقات المادية. فهي تعيد التواصل ما بين المعرفة والقيم. وهي تفتش عن بنى اقتصادية وسياسية وإنسانية وإيكولوجية، داعمة للحياة. تؤيد التقشف، وتؤيد العمل المتصالح مع البيئة. تهتم بالتنمية المستدامة، التي تحافظ على استمرار الموارد الطبيعية. كما تعمل على تأمين مساكن ملائمة للحياة. ومن مهماتها معالجة أحزمة البؤس القائمة حول المدن. 
يرى سكوليموفسكي أن التطور الإغريقي سابقًا، كان متصالحًا مع البيئة، أما التطور الغربي الحديث، فهو تطور سلبي، لأنه يقوم على أسس مادية، دون اعتبار القيم الإنسانية. وترى هذه الفلسفة أن الغاية من وجود الإنسان، هي حماية الطبيعة، وليس استغلالها.
يتلاقى الوعي البيئوي مع الوعي الديني، من حيث الدعوة للتحرر، والتوافق مع الأديان، والوقوف معًا بوجه الاتجاهات المادية والآلاتية. 
والوعي البيئوي يختلف عن الوعي القائم على الفلسفة المادية والواقعية والموضوعية. الوعي المادي أو التقني يتميز بأنه ذرّاني، كمي، علماني، موضوعي، آلاتي، انسلابي. فهو عاجز عن مد الإنسان بأي أمل. أما الوعي البيئوي، فهو كلياني، نوعي، روحاني، إجلالي، تطوري، اشتراكي. 
تتصور النظرة البيئوية أن الكون هو كمنزل للإنسان. هذا التصور يعني "أننا قوامون عليه، ومسؤولون عن كل ما هو موجود، بما في ذلك مصيرنا"(28). 
ترى الفلسفة البيئوية أن الوعي يأخذ أشكالًا وأنساقًا متميزة. ونحن لا نملك وعيًا، بما هو وعي، بل نحيى ضمن أنساق محددة من الوعي. وهذه الأنساق ترتبط بالثقافة وبالنوع. 
 ترى البيئوية، أنه إذا كان الوعي الديني هو القضية، وإذا كان الوعي التقني هو عكس القضية، فإن الوعي البيئوي هو نقض النقيض أو هو التأليف الجديد. وهو عودة إلى الروحانية والابتعاد عن المادية وعن الطبيعة العدوانية للبشر. إنه سعي إلى تحسين المجتمع وتحقيق العدالة، وهو لا يصاغ صوغًا، بل يحتاج لجهد لبلوغه.
ترى فلسفة سكوليموفسكي البيئية أن الحياة تصنعها أقليات حائدة عن النظام السائد للأشياء. "لقد كان التطور على السلم التطوري يتم دومًا بفضل أقليات ضئيلة تشق طريقها وئيدة لتنتج طفرات جديدة: وراثية، وبيولوجية، وثقافية، وفكرية، وروحية"(29). 
أما كيفية الطريقة، التي بموجبها تقودنا هذه الأقليات، الحائدة عن العلوم التجريبية والتقنية، "إلى حياة راشدة وأنساق بديلة من التفاعل مع الطبيعة والكائنات البشرية الأخرى، فهذا لا يزال سؤالًا مفتوحًا"(30). 
تحمّل فلسفة سكوليموفسكي البيئية مسؤولية إفساد البيئة للعلوم التجريبية والموضوعية. وهي تقف بوجه الفلسفة العلمية والعقلية والمنطقية. فهل الحفاظ على بيئة سليمة يستدعي هدم مجمل العلوم التجريبية والموضوعية، وكذلك هدم الفلسفة الواقعية والعلمية والمنطقية؟. 
فلسفة سكوليموفسكي البيئية تحارب التفكير المنطقي والتحليلي. وهي تتعارض مع الفلسفات الأخرى، من عقلية وواقعية وعلمية. إنها تعتمد المذهب الحدسي. 
يرى سكوليموفسكي "إنما البينة في عقلنا. إن التفكير في الكون بجمال هو التفكير فيه بجلال. هو معاينته بإجلال... نحن بالأحرى نقول إن الإجلال صفة من صفات العقل. فإذا عاينا الكون بإجلال، فإننا نقيم في كون إجلالي. أما إذا عايناه بصورة آلاتية، فإننا سوف نقيم في كون آلاتي"(31).
وتؤكد التجريبية على المعرفة الموضوعية. يقرن روجر بيكون الاستدلال الرياضي بالتجربة. فهو يرى أن الرياضيات هي فن البرهان، "فإذا لم تستعن العلوم بالرياضيات كانت مجموع ظنون وأخطاء"(32). فهو يرى أن المعرفة الصحيحة هي التي تؤسس على البرهان المقترن بالتجربة. كما أنه يرى أن الرياضيات تظهر واضحة لأنها تستعين بالتجربة. فهي تبين الحقيقة للحواس في أعداد وأشكال، فتجعلها محسوسة. ولا بد أن تستكمل الرياضيات "بالتجربة التي توقفنا على الظواهر في ذاتيتها، فتولد في النفس يقينًا أقوى من يقين الاستدلال"(33). 
ويرى جون لوك أن الذهن يبدأ، وكأنه صفحة بيضاء. والتجربة هي مصدر كل المعلومات. وهو يرى أن الحصول على معرفة صحيحة يقتضي استكشافها، من طبيعة العلاقات بين الأشياء. 
أما إيزاك نيوتن، فهو يؤيد المنهج الآلي والرياضي. كما أنه يقول بزمان مطلق ومكان مطلق. والمكان المطلق هو الواسطة التي يتجلى بها حضور الله في كل مكان. أما الزمان المطلق فهو أبدية الله. وهو يجعل من المكان والزمان شيئين ثابتين، يستدل على وجود الله من خلال الغائية البادية في نظام العالم وجماله. ونيوتن لم يكن ماديًا بل استخدم الآلية، لربط الظواهر في نظام علمي.
أما إسحق نيوتن، فقد استطاع "أن يصل إلى الكمال بحساب التفاضل والتكامل، وأن يقدم قانونه الرياضي المهم عن العلاقة بين الكواكب وقوانين الجاذبية. وهي إنجازات بدت لمعاصريه كافية تمامًا لتفسير كل ظواهر الطبيعة"(34). 
أما بوانكاريه، فهو يؤكد أهمية الهندسة اللاإقليدية في الفضاء. كما أن آينشتاين، يؤكد على وجود علاقة بين الهندسة والجاذبية. وهذا ما أكدته دراسات أجريت، خلال كسوف الشمس. كما أن هناك من يرى أن الهندسة النجمية لا إقليدية. 
لقد لعبت البيئة دور المرشد والدليل، في مسيرة الاستبصار الفلسفي. وما أنتجته الفلسفة التقليدية، من ادعاء باكتشاف قوانين العقل، لم يكن بنظر الفلسفة العلمية، إلا تكيفًا للخيال البشري مع البناء الفيزيائي للبيئة.
أما الفلسفة العلمية، فتتباين آراؤها حول قوانين الطبيعة. فهناك من يعتبر أن المعرفة الدقيقة لحركة الذرات، هي بعيدة عن متناول البشر. ولذلك فهم يلجؤون للاحتمالات. 
أما الرأي الآخر، فهو لا يؤمن بالسببية الدقيقة، في حركة الجزيء المنفرد. وإنما يرى أن القانون السببي للطبيعة، يأتي كنتيجة لعدد كبير من الحوادث الذرية، ومن الممكن النظر في فكرة السببية الدقيقة، على أنها التعبير المثالي عن النظام المشاهد في البيئة المعاشة. 
أما الفيزياء الحديثة، فهي ترى أن الحوادث المنفردة، قد لا تقبل تفسيرًا سببيًا، بل تحكمها قوانين الاحتمال فحسب. 
أما التباين بين النظرية السببية والنظرية الاحتمالية، فهو يتمثل في اعتبار السببية للقوانين، على أنها انتظام لا يعرف استثناءات. 
أما نظرية الاحتمال، فهي تقر بالاستثناءات، وهي تتوافق مع النسبية. 
يمكن القول إن قانون السببية قد لا يصح إلا في حدود معينة. فمثلًا عندما يحسب عالم فيزيائي مسار رصاصة أطلقت من بندقية، فإنه يحسبه على أساس بعض العوامل الرئيسية، مثل شحنة البارود واتجاه الماسورة. مهملًا عوامل أخرى، مثل اتجاه الرياح وسرعتها ورطوبتها. والمهندس الذي يشرف على بناء جسر، فهو لا يمكنه التنبؤ بقوة تحمله إلا في حدود احتمالية. وقد تحدث ظروف غير متوقعة، تجعل الجسر ينهار تحت حمل أقل. 

خصائص الفلسفة البيئية 
من أهم خصائصها، اهتمامها ببيئة نظيفة، تتلاءم مع استمرار التوازن البيئي. وهي تدعو للتحرر من سلطة المادة، وتعمل على احترام الحياة، وإعادة الاعتبار للقيم الروحية والإنسانية. وهي تتمسك بالقيم الأخلاقية والاجتماعية، فتدعو للتعاون والمحبة والمشاركة والحكمة والمسؤولية. إنها تدعو لتحقيق السلم العالمي. فهي لا تقصر عملية التطور على الجوانب البيولوجية والكيميائية والفيزيائية والمادية. 
فهي تعتمد المنهج الديالكتيكي، الذي يتحقق عن طريق الانتقال من الوعي الديني إلى الوعي التقني ثم الوعي البيئوي. إنها فلسفة تركز على الإحساسات، حيث القلب هو خزان المعرفة. كما أنها تعتمد التقشف في الحياة. إنها تنظر للموضوعية على أنها من اختلاق العقل البشري. فهي تتهم الفلسفة المعاصرة، بأنها مادية وحتمية وعلمية، ومخادعة، تدعي المدنية، في حين أن أبناءها يعانون البؤس والحرمان. 
تعتمد الفلسفة البيئية المنهج الحدسي، الذي يرى أن الحقيقة تدرك بالحس لا بالعقل. بالحدس فقط ندرك الشعور الباطني. المعرفة الحدسية تدرك ذاتية الموضوع. أما العقل فقد خلقه التيار الحيوي، كما خلق الغريزة في الحيوان. 
تتلاقى الفلسفة البيئية مع آراء أفلاطون. فهو يوحّد ما بين القيم والمعرفة. فلسفته تتوافق مع الآراء الدينية. كما أنها توحد ما بين الخير والحق والجمال. إنها تتعارض مع الفلسفة المادية والموضوعية والواقعية، التي تفصل ما بين القيم والمعرفة. هي تتعارض مع فلسفة كل من دالمير وكوندياك وكوندرسيه وديدرو وفولتير ولابلاس ولا متري. كما تعارض فلسفة الماديين أمثال: فورباخ وماركس وإنجلز وغيرهم. كما تعارض الفلسفة الوضعية المنطقية، والفلسفة التحليلية. 
يرى سكوليموفسكي أن الفلسفة المادية، هي التي سببت وجود النظام الرأسمالي، القائم على تحقيق الأرباح، دون أي اعتبار للقيم الإنسانية. يرى سكوليموفسكي أن الفلسفة المعاصرة تربط ما بين القيم والدين المؤسساتي. وهذا ما يعتبر انهيارًا للقيم، حيث يستعمل الدين كأدوات بيد الكهنوت. 
أما الفلاسفة البيئيون ، أمثال باسكال وليبنتز وسبينوزا، في القرن السابع عشر، وروسو وكانط، في القرن الثامن عشر، وهيغل وداروين ونيتشه، في القرن التاسع عشر، وبرغسون، في القرن العشرين. 
يرى باسكال أن معرفة العالم المادي لن تواسيه عن جهل الخلق ساعة الشدة، غير أن معرفة الخلق ستواسيه دومًا عن جهل العالم المادي. أما سبينوزا، في كتابه الأخلاق، فهو يرى أن السعادة قوامها المعرفة وحدها، وأن الفضيلة في حد ذاتها معرفة. 
أما روسو، فهو يرى أن المدنية تسلب الإنسان عن جوهره وعن رفاقه البشر. أما كانط فقد نظر للإنسان نظرة إجلال، فهو مخلوق أرفع من الطين. وهو يرى أن المعرفة هي أحكام. كما أن الأخلاق، برأيه، تقوم على مبدأ إجلال الحياة.
أما فلهلم دلتاي، فهو أول من ميّز بين التجربة الحية والتجربة الآلية. فهو يرى أن الإنسان بإمكانه أن يصل عن طريقها إلى إدراك الوقائع، كما هي في حقيقتها. أما التجربة الآلية، فهي تفصل ما بين الوجود والإدراك. 
أما أزفلد شبنغلر، فهو يرى أن للوجود صورتين: صورة الطبيعة، وصورة التاريخ. ولكل منهما منهج خاص. منهج الطبيعة هو التجريب، ومنهج التاريخ هو التوسم. والمؤرخ يتوسم الملامح، فيتخذ من الحوادث رموزًا للروح التي أملتها. ومن الآثار آيات على حياة تركتها. ومن الظواهر المختلفة شاهدًا على روح واحدة أبرزتها.
انحاز الفلاسفة البيئيون للاتجاه الرومانسي، الذي يعطي الدور الأساسي للعاطفة والإحساسات. وقد تمثلت تلك الحركة في أوج ازدهارها عند روسو. ورغم التباين القائم بين الاتجاه الرومانسي والاتجاهات الأخرى، حيث كانت الرومانسية تمردًا على العقلانية، فقد كان هناك دائمًا نقاط مشتركة. وقد كان بينهما تداخل وتمازج. "إن العقل والعاطفة لم يتفقا فقط على إدانة السبل القديمة للنبلاء والقساوسة وغير المستنيرين بعامة، بل إنهما تلاءما وتضافرا في عقول كثيرة لإقرار الجديد وتأكيد سيادة الغالبية غير الفاسدة"(35). 

إشكاليات الفلسفة البيئية 
الفلسفة البيئوية المعاصرة تتباين مع بعض الفلسفات الأخرى، كالواقعية والتجريبية والمادية. وهي وإن تضمنت أمورًا في غاية الأهمية، كاهتمامها بالبيئة، فقد تواجهها إشكاليات عديدة. 
تتعارض البيئوية مع المذهب النفعي، ومع أخلاق المجتمع الصناعي والمادي. تتعارض مع فلسفة بازاروف المادية والاجتماعية. الفلسفة المادية برأيها، لا تجسد إلا المحاكاة والعبودية. 
الفلسفة البيئية ترفض الفصل ما بين المعرفة والقيم. وبرأيها أن هذا الفصل يؤدي بدوره إلى استقلال المناهج العلمية عن الفلسفة، ويؤدي أيضًا إلى انحسار القيم. كما أنها ترى أن بعث القيم وإعادتها إلى سابق عهدها، سيكون على حساب تعبدنا للعلم والمعرفة العلمية. 
الفلسفة البيئية تنتقد الفلسفات القائمة على المعرفة العلمية. تلك المعرفة التي أقرت بصدقيتها الحضارة البشرية، من حيث صدقيتها وثباتها، وتعبيرها بشكل موضوعي، عن طبيعة العلاقات القائمة بين الظواهر الطبيعية. فهي ليست سوى القوانين الفيزيائية، التي تربط عناصر الطبيعة بعضها ببعض. ولا دور للإنسان في ذلك، سوى مجرد اكتشاف تلك القوانين وفهمها. 
وأما بالنسبة للادعاء، بعدم خضوع الجسيمات الصغيرة لقوانين الفيزياء، فجوابنا هو أن الأماكن التي تواجدت فيها تلك الجسيمات، قد تتباين عن الأمكنة الطبيعية للأجسام الطبيعية. وبالإمكان القول إن المعارف العلمية المتوفرة قد تكون قاصرة عن الإحاطة بطبيعة حركة تلك الجزيئات. 
أما أعتبار الفلسفة البيئية، بأن التفكير الصحيح هو التفكير الذي يقوم على تحقيق حياة صالحة، يستبعد فيه المعرفة المادية والموضوعية والتجريبية. فهي ترفض هذه المعرفة وتعتبرها غير صحيحة. فهل المعرفة الصحيحة تتوقف فقط على المعرفة الحدسية؟ وهل المعرفة الصحيحة تتباين مع المعرفة التجريبية والعقلية والتحليلية؟ 
إن رفض المعرفة الموضوعية سيؤدي إلى الغموض والجهل. ويؤدي إلى رفض العلوم الطبيعية والموضوعية. وهي ليست إلا تلك العلاقات القائمة بين الأنساق البيئية.
الفلسفة البيئية تناقض نفسها، حين تدعي الحفاظ على التوازن البيئي وترفض العلوم الطبيعية والتجريبية. والحفاظ على التوازن البيئي يحتاج للتعرف على طبيعة المعرفة البيئية، وطبيعة المعرفة الموضوعية الطبيعية. 
الفلسفة البيئية تجمع ما بين المعرفة والقيم. والقيم برأيها حدسية ومباشرة، مفعمة بالحساسية والشعور. ولقد جمع أفلاطون بين القيم والمعرفة، وجاءت فلسفته مثالية بعيدة عن الواقع.
أما الفلسفة الحديثة فهي تفصل ما بين المعرفة والقيم. وقد فصل كانط بين السماء المرصعة بالنجوم فوقنا والقانون الأخلاقي في داخلنا. وكذلك الفلسفة المعاصرة، فهي تفصل المعرفة عن القيم. لا بل إنها توطد صدارة المعرفة على القيم. فهي تنظر للمعرفة على أنها كناية عن العلاقات القائمة بين عناصر الطبيعة. أما القيم، فهي عبارة عن مواقفنا وأحكامنا، التي نطلقها لتقويم تلك المسارات. وهي قد تتباين من إنسان إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر. ومن زمن إلى آخر. أما المعرفة العلمية، فهي تلك المعارف التي تبقى محافظة على صحتها وصدقيتها، مهما تغيرت الظروف. 
والقيم على درجات، منها ما يجمع عليها المجتمع، مثل قيم التناسب والهندسة والترتيب وغيرها. وقد تتضمنها طبيعة الظواهر الفنية والطبيعية. وهي قد تصبح علومًا فنية أو مهارات تكتسبها الأجيال. أما النوع الآخر من القيم، الذي يقتصر على مجرد الأحكام الفردية. فهذه تتأثر بثقافة الفرد وميوله ومدى ذكائه. فهذه تتباين بين إنسان وآخر.
رغم استقلال المعرفة الموضوعية عن القيم، إلا أن هناك تأثيرًا متبادلًا بينهما. إنهما ترتبطان وتتفاعلان بشكل جيد. وما القيم إلا تلك النتائج المترتبة عن الواقع الثقافي القائم. والقيم هي وليدة ثقافة، بكل ما تتضمنه من معارف ومبادئ ومعتقدات. 
إن إقرار الفلسفة البيئوية بحدسية القيم والمعرفة، فهذا لا يمكن القبول به، وذلك لأن هناك تباينًا بالقيم. 
يمكن القول إن المعرفة والقيم جوهران متمايزان ومرتبطان في الوقت نفسه. القيم لا يمكنها أن تغير بطبيعة المعرفة العلمية. أما المعرفة وبكل أشكالها، بمقدورها أن تصنع القيم. المعرفة العلمية تستمد شرعيتها من طبيعة العلاقات القائمة في الطبيعة. أما القيم فمصدرها، المعتقدات والثقافة ومجمل المعارف والعادات والأعراف الاجتماعية وغيرها. 
المعرفة العلمية والتجريبية تتوافق مع المعرفة البيئية، من حيث مصدرها الكون والطبيعة. أما هناك فتباين من حيث المنهج، ففي حين تعتمد العلمية على أساليب التحليل والتجريب، تعتمد البيئية على أساليب الإحساسات والشعور والحدس. 

الفلسفة البيئوية تركز على الجانب السلبي للتطور العلمي، لتأخذ منه حجة لمحاربة العلوم والمعارف العلمية والموضوعية. فهي ترى أن العلوم بدل أن تكون لخير وسعادة البشرية، تحولت لتكون ويلًا ووبالًا. فهي تؤدي إلى تدمير الطبيعة والإنسان. 
والحقيقة أنه لا يجوز تحميل الأساليب العلمية والموضوعية مسؤولية كل المساوئ. المسؤولية مفترض أن تتحملها الفلسفة العاجزة عن مواكبة التطور العلمي. تتحملها الثقافة البشرية التي تتأثر بالقيم المادية. العيب لا يكمن في جوهر المعرفة العلمية، بل في سوء استخدامها. 
الفلسفة مدعوة اليوم لتقويم انحراف التطور العلمي. أما التمسك بالمعرفة العلمية والموضوعية والتجريبية، فهو المسار الصحيح للفلسفة المعاصرة. 
أما موقف البيئوية من الفلسفة المعاصرة، باتهامها لها بأنها بعيدة عن فلسفة الحياة، بل مقتصرة على اللغوية، وليس لها أي تأثير على حياة البشر. فهي في ذلك تعي جانبًا معينًا من جوانب متعددة. 
الفلسفة البيئية تدعي بأنها وحدها حية روحية، في حين أن الفلسفات الأخرى ميتة روحيًا. فهل كانت البيئوية وحدها أول من اندهش أمام عظمة الطبيعة؟ ألا يزال موضوع الطبيعة من الموضوعات الأساسية في الدراسات الفلسفية؟ 
الروحانية عند البيئوية لا تقر بوجود إله خارج الطبيعة، وروحانيتها ليست إلا شعورًا أو إيمانًا بالطبيعة. تنظر لمظاهر الطبيعة على أنها حرم. هذا المفهوم يحتاج لفلسفة لتوضيحه. إنها ترى أن التجربة الروحية قد تمثلت بالديانات والفنون والمفاهيم المجردة، مثل: الرحمة والمحبة والعبادة والاستغراق التأملي في الشعر. الروحانية عندها مرادفة للطبيعة الإنسانية. وهي قائمة على حالات عاطفية وإيمانية. 
البيئة لا تفصل ما بين المادة والروح. وهي تشدد على الجوانب المعنوية والروحية. وهذا ليس جديدًا، فالفلسفة بجوهرها معانٍ عقلية. 
البيئوية تخلط ما بين جوهر المعاني وجوهر الأرواح، في حين أن الفلسفة المعاصرة تهتم بكل الأمور المعنوية والنفسية والأدبية والروحية. وكذلك تهتم بالتأملات الداخلية والإحساسات الذاتية. تدعي الفلسفة البيئوية بتفردها بالحكمة القائمة على معايير نوعية، في حين أنها لا توضح طبيعة تلك المعايير. فما هو الدليل المنطقي على امتلاكها الحكمة أو المعارف الصحيحة؟ ولو صح ادعاؤها لتحولت إلى قواعد علمية وخرجت عن إطار الفلسفة. 
تدعي البيئوية أنها وحدها تهتم بالبيئة، في حين أن معظم الفلسفات المعاصرة تهتم بالبيئة، وتعمل على استمرار التوازن البيئي. 
أما ادعاء البيئوية بأنها تهتم باقتصاد النوعية، وتتهم الفلسفات الأخرى بأنها تهتم باقتصاد النمو المادي. وهل السعي إلى تحقيق التنمية يعد من الأمور السلبية؟ ثم كيف تتصرف البشرية لتطور اقتصادياتها أمام تسارع النمو السكاني؟ وهل بإمكان الموارد الطبيعية وحدها، إمكانية تأمين الحاجات الضرورية للمجتمع البشري؟. 
 الفلسفة البيئوية تتهم الفلسفة المعاصرة بأنها تتعامل مع المجتمع على أنه جملة آلاتية، يتم تناوله على أساس السلوك القابل للملاحظة. 
هذا الرأي في غير محله، وهو يعاكس الحقيقة. والدراسات الاجتماعية الصحيحة، هي تلك التي تعتمد الدراسات الإحصائية، وعلى دراسة السلوك والتغييرات الاجتماعية. 
الفلسفة المادية تسعى لمعرفة طبيعة اللامعقولات، وتعتبرها نتاجًا للمادة. والفلسفة البيئية بذاتها ترى أن المادة ستتحول إلى طاقة، ثم إلى طبيعة روحانية. 
أما بالنسبة لتحميل مسؤولية ما يجري من ظواهر الفساد والإجرام واغتصاب وانتحار للحرية الفردية، فهذا ما لا ينسجم مع التفكير المعاصر. وكان من الأفضل لها لو حمّلت المسؤولية للنظام الرأسمالي فقط. والمسؤولية تقع على عاتق عدم التعاون، وعدم المشاركة، وعدم التكافل والتضامن. 
ترى البيئوية أن الحفاظ على الصحة يقتضي دفع الأمراض بالوقاية، في حين أن هناك أمراضًا بالوراثة وأمراضًا مصدرها التلوث وغير ذلك. 
ترى البيئوية أن تغيير النفوس يؤدي إلى تغيير الكون والمشاركة بإبداعه. تعترف البيئوية فقط، بعلم البيئة، كعلم يتّحد مع المذهب الفلسفي، في حين أن علم البيئة هو جزء من العلوم الأخرى، كما أنه يشترك مع علوم أخرى، كعلوم النباتات وعلوم البيولوجيا والكيمياء وغيرها. 
ترى البيئوية أن كل تقدم هو تقدم روحي، وبمقدار ما يضحي الفرد بحياته وروحه، يجعل من نفسه أداة "لبلوغ غايات أخرى؛ فالتضحية والإيثار والورع طبيعة لا مفر منها. ويمكن التساؤل كيف أن هذه الفلسفة تعتبر أن الإنسان وعاءٌ قدسي، وهي تقبل التضحية بنفسه، في سبيل تحقيق أغراض أخرى، تعتبرها أرفع مقامًا منه؟ 
أما اعتبار البيئوية بأن الغيرية متأصلة في غريزة الإنسان، فهذه المسألة تحتاج للتوضيح. وهناك آراءٌ معاكسة ترى أن الغريزة هي السبب الحقيقي لكل ما يرتكبه الإنسان من أخطاء. 
أما بالنسبة لاعتبارها أن الإنسان جزءٌ من الألوهة في طور الميلاد، وأن الروحانية والألوهة تظهران في نهاية سيرورة روحنة المادة. هذه الآراء هي مجرد افتراضات. 
ترى البيئوية أن مذهبها الإنساني لا يمكن الدفاع عنه ببراهين منطقية، في حين تدعي بأن مذهبها متماسك عقليًا. فهي تهدف لتقويض كل ما أنتجته البشرية من تطور تقني وعلمي. فهي تعود بنا إلى الماورائيات، ولا تستند على أسس منطقية. 
البيئوية، في نبذها للتخطيط، تنبذ التفكير الهندسي والمنطقي، لصالح أشكال أكثر عضوية وحدسية. هذا الرأي غير مقبول، لأن التخطيط العمراني يترك فسحات حول الأبنية، حيث تخصص للجنائن والأحواض. فهو أكثر تلاؤمًا وتكيفًا مع البيئة. 
أما اعتمادها المنهج الديالكتيكي. فهي ترى أن الدين هو القضية، ثم العلم كنقيض القضية، ثم تعود إلى الماضي، لتعتبر أن نقض النقيض هو الفلسفة البيئية، القائمة على الحدس، دون التفكير العقلي والعلمي. وهذا ما يتعارض مع جوهر المنهج الديالكتيكي. حيث لا عودة إلى الماضي في المناهج الديالكتيكية.. ويمكن أن نعتبر أن جدلية المنهج الديالكتيكي، بإمكانها أن تتحول من المعرفة العامية والدينية إلى معرفة عقلية وفلسفية، ثم إلى معرفة تجريبية وموضوعية، ثم إلى معارف علمية وعقلية ومنطقية. 
الفلسفة البيئوية تستخدم المفاهيم والمصطلحات، بمعانٍ خاصة. وهي تخلط ما بين المعرفة العقلية والمعرفة الحسية، كما تخلط ما بين الدماغ والإحساسات. 
أما بالنسبة إلى توحيدها ما بين القيم والمعرفة. فهي توحد من دون العودة إلى ما توصلت إليه العلوم والأبحاث. ففي الحقيقة أن هناك تمايزًا قائمًا ما بين القيم والمعرفة، وذلك من حيث المصدر، ومن حيث الغاية المرجوة. 
المعرفة الصحيحة تبقى مشتركة بين البشر، أما القيم فهي تتباين من مجتمع لآخر، ومن فرد لآخر، ومن زمن لآخر. المعرفة تتحرى عن الحقيقة، بينما القيم تسعى لتتكيف مع واقع المفاهيم. 
مصدر القيم المعتقدات والأديان والتربية والعادات والمفاهيم الاجتماعية، أما مصدر المعرفة الصحيحة فهي التجربة والظواهر القائمة، إن كانت طبيعية أو اجتماعية. وهناك معارف وقدرات فنية قد لا تقرها القيم الإنسانية. 

خاتمة 
إن فلسفة البيئة، كما يعتبرها سكوليموفسكي، من شأنها أن تنسف كل الإنجازات العلمية، التي تحققت منذ ما قبل أرسطو حتى زماننا الحاضر. وهي تعود بنا إلى الإحساسات الأولى، حيث اعتبار القلب على أنه خزان المعرفة. إنها تنسف الإنجازات المعرفية والعقلية، مستخدمة كل ما توصلت إليه المعرفة البشرية، من تحليل وربط وحوار واستنتاج. وكل ذلك من عمل الدماغ وليس من عمل القلب. 
فهي ليس من حقها محاربة المعرفة والعلوم. إنها ترى أن الأقلية الحائدة عن المعرفة العلمية، هي التي تحمل لواء التغيير.
هذا الرأي، هو بخلاف ما يراه المفكرون. والحقيقة أن الأقلية التي تحمل التغيير، برأي المثقفين، هي تلك الطليعة الواعية المتسلحة بالعلم والمنطق والثقافة والذكاء.
ترى البيئوية أن العلم الكمي يقف سببًا أمام عدم توفر حياة سعيدة. إن هذا الأمر كذلك مرفوض من قبل المفكرين، حيث يعتبرون أن مسؤولية عدم تحقيق السعادة لا تقع على التطور العلمي وتراكم المعارف، وإنما تقع على انحراف الثقافة الخلقية والاجتماعية. 
ترى البيئوية أن الإحساس بالألم يؤدي إلى التعلم. هذا الأسلوب التربوي قد اعتمد سابقًا، فهو يمكن أن يكون مقبولًا في المجتمعات البدائية والمتخلفة. وهو قد يؤدي إلى نتائج سلبية على صعيد الوعي، وعلى صعيد الحالة النفسية. والمجتمعات الحديثة قد أقلعت عن هذه الأساليب واستبدلتها بأساليب تربوية أسلم وأنجع للأطفال. حيث أخذت تستخدم المحفزات المشجعة، بدلًا عن التعنيف الذي يصاحبه الألم والخوف. 
أما الأسلوب التقشفي الذي تعتمده البيئوية، والقائم على الزهد والتصوف، فهو وإن استهوته فئات من البشر، إلا أنه لا يمكنه تحقيق الحاجات البشرية المتزايدة والمتنوعة. فهو أسلوب لا يتلاءم مع تطور المجتمعات البشرية. إنه يعمل على إضعاف قوى الجسم، بهدف إحياء القيم الروحية. 
أما اتهام البيئوية للعلم، على أنه لا يستطيع أن يقدم أي شيء للقيم والحياة، فهو اتهام باطل، لأن المعارف العلمية، تساعد على تحقيق القيم والتمسك بها.
ترى البيئوية أن أساس المعرفة هي المعرفة الوجدانية. أما الآخرون فيرون أن المعرفة الوجدانية، هي مجرد إحساسات، لا ترقى لمستوى المعرفة الحقيقية. وهي تبقى في مستوى التخيلات والأوهام، ولا يقوم دليل على صحتها، بواسطة براهين عقلية. 
أما بالنسبة للدعوة لعقد اجتماعي جديد، فهو مطلوب. وذلك لأجل التفاهم بين المجتمعات البشرية. إن هذه المجتمعات تتحكم فيها حاليًا، الدول الصناعية الكبرى. والمؤسسات الدولية، كمجلس الأمن الدولي، ومؤسسات الأمم المتحدة، تهيمن على قراراتها بعض الدول الكبرى. ونشهد من فترة لأخرى اختلال توازن القوى، فتتأثر بذلك بعض الدول النامية، ذات القدرات الضعيفة. فهي تخاف على استقلالها، وعلى اقتصادها، كما تخاف على وجودها ومصيرها. 
أما بالنسبة لانتقاد البيئوية للفلسفة المعاصرة. فهي محقة من حيث أن أسس تلك الفلسفة، تقوم على أسس مادية ومنفعية. ومن حيث أن تلك الفلسفة قد تمهّد للأنظمة السياسية، القائمة على أسس الصراع والحروب والاستعمار والسيطرة. فالدول الصناعية الغربية تعمل على استغلال الشعوب النامية. وهي لأجل ذلك تروج لكل ثقافة تتلاءم مع سياساتها. 
يمكن للمجتمع البشري أن يعتمد ثقافة بيئية، لا تتعارض مع التطور العلمي، إن كان ماديًا أو تجريبيًا أو عقليًا وتحليليًا. العلوم بمجملها لا تتعارض مع بيئة نظيفة، بل بالعكس إنها خير مساعد وموجه لتأمين بيئة نظيفة. أليست البشرية تحتاج للآلات وللمعارف في محاربة التلوث البيئي؟ 
أكثر ما تواجهه السياسة البيئوية اليوم، هو كيفية القضاء على التلوث أو تخفيف حدته. كيفية تأمين أماكن سكنية ومدرسية ملائمة للحياة وبعيدة عن الضجيج والروائح الكريهة وكل أنواع الملوثات. كيفية تأمين أماكن صناعية، تكون أقل تلوثًا. كيفية تأمين طرقات صالحة للسير. كيفية القضاء على تلوث الأنهار والينابيع والآبار. كيفية معالجة النفايات المتراكمة على جوانب الطرقات. 
إن الحفاظ على بيئة نظيفة، لا يعني محاربة المشاريع الصناعية والإنتاجية ومنعها من العمل. بل يتحقق ذلك بتنظيمها ووضع قوانين لها، تقوم على خبرة ومعرفة الاختصاصيين. 
القضاء على التلوث يقتضي تعاون عوامل عديدة، منها سياسية واقتصادية واجتماعية. ذلك العمل يتطلب تخطيطًا، إن كان على صعيد الحفاظ على بيئة نظيفة، أو على صعيد تحقيق تنمية اقتصادية وبشرية. الحفاظ على بيئة نظيفة يستدعي تحقيق تنمية مستدامة، تعتمد التخطيط في كل المجالات. كما يتطلب ذلك تحقيق بيئة سليمة من الأمراض، بكل أشكالها، نفسية وصحية واجتماعية. 
الحفاظ على بيئة نظيفة يحتاج لنشر الثقافة والتوعية. ثقافة تقوم على المعارف العلمية الصحيحة والموضوعية. ثقافة تساعد على الإبداع والإنتاج. الحفاظ على بيئة سليمة يتطلب محاربة التعصب، بكل أشكاله، القومي والطائفي والقبلي وغير ذلك. ثقافة تتوافق مع احترام القوانين العادلة. 
من واجبات الفلسفة البيئية ابتكار مبادئ عامة، تساعد على تقويم الأنظمة الاستبدادية، ثقافة ترفع من قدر العلم، وتحارب الجهل بكل أشكاله. إنها تحتاج لمبادئ التضامن والتعاون والمشاركة. ثقافة تحاسب كل متسبب بالتلوث. ثقافة تلتزم بمبدأ الوقاية، ومبدأ التوافق الحر المسبق، ومبدأ الضريبة التصاعدية، ومبدأ التوجيه الاقتصادي، ومبدأ الحل السلمي للنزاعات القائمة. ثقافة لا تميز بين رجل وامرأة، ولا بين طبقة وطبقة، ولا بين متنفذ ومواطن عادي. 
الثقافة البيئية اليوم، مدعوة للعمل على تحقيق المساواة التامة بين الرجل والمرأة. ولقد حرصت الهيئة العامة للأمم المتحدة منذ نشأتها، على تأكيد حق المرأة بالمساواة. وجاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، "إن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات، دونما تمييز من أي نوع ولاسيما بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين"(36).
وقد أقر مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان، عام 1993، بحقوق المرأة والطفلة، كجزء لا ينفصل من حقوق الإنسان العالمية، واعتبر أن من أولويات المجتمع الإنساني مشاركة المرأة الكاملة، في الحياة السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية. وتربط بعض المؤتمرات بين حقوق المرأة والحق في التنمية، وقد أقر "الإطار العام الذي تندرج فيه كل حقوق المرأة، حيث يتداخل الاجتماعي منها مع السياسي والاقتصادي مع الثقافي والبيئي مع الصحي"(37). 
وتعمل المنظمة الدولية على ربط حق المرأة، وتعليمها وتدريبها. كما تعتبر ذلك من أسس التنمية المستدامة. وهي تعترف بأن الدول الفقيرة "غير قادرة على إزالة مظاهر الفقر والتخفيف من آثاره ما لم يتحقق نوع من العدالة الاجتماعية الدولية. ولعل أول شروط هذه العدالة يتمثل بحوار مثمر بين دول الشمال والجنوب"(38).
الثقافة البيئوية اليوم، تحتاج لوضع خطط ناجعة في مكافحة التلوث، وفي كل المجالات على الشواطئ البحرية، حيث النفايات المتراكمة، وحيث استخدام المواد المتفجرة في اصطياد الأسماك، وحيث الفوضى وعدم الترتيب، وعدم التخطيط. 
أما عن معالجة التلوث، من الناحية الفنية والتقنية. فإن الحلول المطروحة تتبع منهجين: "أولهما منهج تقليدي يقوم على التجزؤ والتعامل مع ظاهرة التلوث، بعد حدوثها وظهورها. وثانيهما، منهج تكاملي يؤكد على مراجعة هيكل عمليات التصنيع نفسها ومحاولة إعادة تصميمها أو تصميم بعضها بغرض منع وتلافي حدوث التدهور أو التلوث البيئيين أساسًا آخذًا بمبدأ الوقاية"(39). 
هناك إمكانية للتعامل مع هذه الظاهرة، بشكل أفضل، فيما لو كان هناك فهم متكامل، يعتمد الإنتاج الأكثر نظافة، وإعادة تدوير وترشيد المواد، مستفيدين من تجربة العالم الصناعي، في هذا المجال. 
وتتزايد الحاجة في العالم العربي للمياه العذبة، وقد توجهت بعض الدول لتحلية مياه البحر. وكذلك لتكرير مياه الصرف الصحي، إذ تعتبر ذلك، "أحد الموارد المائية المهمة التي بالإمكان إعادة استخدامها على نطاق واسع لإيفاء متطلبات الزراعة. والواقع أن اهتمام الدول العربية بهذا المصدر لا زال محدودًا"(40). 

الحاشية 
1-كرم، يوسف، تاريخ الفلسفة اليونانية، مراجعة د.هلا أمون، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، ص 12. 
2- م. ن. ص 36. 
3- م. ن. ص 47. 
4- سلامة، أحمد عبد الكريم، قانون حماية البيئة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002- 2003، ص 9. 
5- الجريدة الرسمية، عدد 11، 2003، المادة 46 من قانون حماية البيئة، رقم 10/3. 
6- الخلياتي، حبيب ابراهيم، المدخل للعلوم القانونية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ط 8، 2006، ص36. 
7- كرم، يوسف، تاريخ الفلسفة اليونانية، مرجع مذكور سابقًا، ص 225. 
8- ابن خلدون، المقدمة، دار القلم، بيروت 1978، ص 82 .
9- م. ن. ص 120. 
10- زيعور، علي، الحكمة العملية، دار الطليعة، ط1، بيروت 1988، ص 502. 
11- كرم يوسف، تاريخ الفلسفة الحديثة، دار المعارف، ط6، القاهرة 1979، ص 352.
12- م. ن. ص 410. 
13- م. ن. ص 201. 
14- م. ن. 218. 
15- م. ن.443. 
16- الأمن العربي والتحديات الراهنة، مركز دراسات العربي الأوروبي، باريس 1996، ط1، ص 432. 
17- موراي، ورويك، جغرافيات العولمة، ترجمة سعيد منتاق، من سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، عدد 397، فبراير/شباط 2013، ص 364. 
18- غي، روشيه، تعريب د. مصطفى دندشلي، مقدمة في علم الاجتماع العام، مكتبة الفقيه، بيروت 2000، ص 241.
19 م. ن. ص 250. 
20- تحديات العالم العربي في ظل المتغيرات الدولية، مركز دراسات العربي الأوروبي، ط 2، 1998، أعمال المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي عام 1994 في القاهرة، دار بلال للطباعة والنشر، بيروت 350. 
21- التنمية المستقلة في الوطن العربي، ندوة مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت 1987، ص 28. 
22- صادق، محمد توفيق، التنمية في مجلس التعاون، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 1986، ص 58.
23- موراي، ورويك، جغرافيات العولمة، مرجع مذكور سابقًا، ص 366. 
24- م. ن. ، ص 368. 
25- تحديات العالم العربي في ظل المتغيرات الدولية، مرجع مذكور سابقًا، ص 369.
26- م.ن.ص 370. 
27- سكوليموفسكي، هنريك، فلسفة البيئة، تعريب ديمتري افرينوس، ص 58. 
28- م. ن. ص 154. 
29- م. ن. ص 189. 
30- م. ن. ص 190. 
31- م. ن. ص 155. 
32- كرم، يوسف، تاريخ الفلسفة الأوروبية، دار القلم، ص 127. 
33- م. ن. ص 127. 
34- تشكيل العقل الحديث، من سلسلة عالم المعرفة، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 1984، عدد 82، ص169. 
35- م.ن. ص 174. 
36- حقوق الإنسان، مجموعة صكوك دولية، منشورات الأمم المتحدة، 1988، ص 3. 
37- باحثات، كتاب متخصص يصدر عن تجمع الباحثات اللبنانيات، عدد 4، مركز توفيق طبارة الاجتماعي، بيروت 1997- 1998، ص 37. 
38- م. ن. ص 37.
39- أعمال المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي، 1994، دار بلال للطباعة والنشر والتوزيع، ص 350. 
40- الأمن المائي العربي، أعمال المؤتمر الدولي الثامن الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي، ط1، دار بلال، بيروت، حزيران 2000. 

فهرس الموضوعات 
1- ابن خلدون، المقدمة، دار القلم، بيروت 1978 
2- أعمال المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي، 1994، دار بلال للطباعة والنشر والتوزيع. 
3- الأمن المائي العربي، أعمال المؤتمر الدولي الثامن الذي نظمه مركز الدراسات العربي الأوروبي، ط1، دار بلال، بيروت، حزيران 2000 
4- الأمن العربي والتحديات الراهنة، مركز دراسات العربي الأوروبي، باريس 1996 
5- باحثات، كتاب متخصص يصدر عن تجمع الباحثات اللبنانيات، عدد 4، مركز توفيق طبارة الاجتماعي، بيروت 1997-1998 
6- تشكيل العقل الحديث، من سلسلة عالم المعرفة، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، عدد 82، الكويت 1984 
7- تحديات العالم العربي في ظل المتغيرات الدولية، مركز دراسات العربي الأوروبي، ط2 ، أعمال المؤتمر الدولي الثاني الذي نظمه مركز دراسات العربي الأوروبي في القاهرة عام 1994 ، دار بلال للطباعة والنشر، بيروت 1998 
8- التنمية المستقلة في الوطن العربي، ندوة مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت 1987 
9- حقوق الإنسان، مجموعة صكوك دولية، منشورات الأمم المتحدة، 1988 
10- الخلياتي، حبيب ابراهيم، المدخل للعلوم القانونية، ديوان المطبوعات الجامعية، ط8 ، الجزائر 2006 
11- زيعور، علي، الحكمة العملية، دار الطليعة، ط1، بيروت 1988 
12- سلامة، أحمد عبد الكريم، قانون حماية البيئة، دار النهضة العربية، القاهرة 2002-2003 
13- سكوليموفسكي، هنريك، فلسفة البيئة، تعريب ديمتري افرينوس. 
14- صادق، محمد توفيق، التنمية في مجلس التعاون، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 1986 
15- غي، روشيه، تعريب مصطفى دندشلي، مقدمة في علم الاجتماع العام، مكتبة الفقيه، بيروت 2000 
16- كرم، يوسف، تاريخ الفلسفة اليونانية، مراجعة هلا أمون، دار القلم للطباعة والنشر 
17- كرم، يوسف، تاريخ الفلسفة الحديثة، دار المعارف، ط 6، القاهرة 1979 
18- كرم، يوسف، تاريخ الفلسفة الأوروبية، مراجعة هلا أمون، دار القلم 
19- موراي، ورويك، جغرافيات العولمة، ترجمة سعيد منتاق، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عدد 397، الكويت 2013  
20-الجريدة الرسمية، عدد 11، 2003، المادة 46 من قانون حماية البيئة.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net