Tahawolat
  سكن فيه الوطن بدلاً من ان يسكن هو فيه. غادره لكنه مازال متعلقاً به. تقرأ تغريداته على مواقع التواصل الاجتماعي، فتحسّ بأنه يعيش في مكان مجاور. تشعر بأنك اذا مشيت في شوارع بيروت، ستلتقي به حتماً. هو علم لبناني يرفرف في مدينة "الموضة والأناقة"، ورمز إعلامي يدلُّك على الوجه الحقيقي لعراقة الصحافة اللبنانية.
  بدأ ميشيل الكك ميسرته الاعلامية في خضم الحرب اللبنانية العام 1984. تعلم المهنة على اصول ثابتة، وحاول ان يكون مهنياً في زمن علا فيه صوت البندقية على صراخ القلم. واكب الحرب ونقل آلامها واوجاعها. "انطلاقتي الاولى كانت من المؤسسة اللبنانية للإرسال "ال بي سي" في العام 1985 مع بدايات هذه المحطة، ولحسن الحظ انني كنت مراسلا دائماً في قصر منصور، اي مجلس النواب اللبناني في تلك الفترة بعد انتقاله من وسط بيروت الذي دمرته الحرب، على خطوط التماس بين "البيروتين" ليتمكن النواب من الوصول اليه ومن كل المناطق"، ويضيف "من هنا استطعت، ومن بداياتي المهنية، ان انسج العلاقات، مع الفرقاء كافة، واكوّن المصادر الخاصة للأخبار حيث لم تكن هناك وسائل الاتصال الحديث".
حاز ميشيل الكك على ثقة المكونات السياسية، الامر الذي جعله يغطي "العديد من المؤتمرات الخارجية حول لبنان في تلك الفترة والتي شارك فيها المتخاصمون اللبنانيون والفاعلون الإقليميون والدوليون بداية اجتماعات تونس في بداية العام 1989، وانتهاء بتغطية اتفاق الطائف في اكتوبر/تشرين الاول من العام نفسه. يقول: هذه التغطية كانت تجربة مهمة في عملي الصحافي اذ اكسبتني خبرة إضافية لعل أهمها تمثل في كيفية الاتصال بمختلف المصادر وتكوين عامل الثقة بيني وبينها وعدم الاكتفاء بموقف معين ينسجم مع ميولي الشخصية. وللأسف هذا ما لا نراه اليوم في ظل الاصطفافات السياسية القائمة". 
بعد الاعلامي المرئي، انتقل للعمل كموفد لاذاعة الشرق التي تبث من باريس، اذ غطى العديد من المؤتمرات الدولية مثل "مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991 بجميع جولاته في العاصمة الامريكية، اضافة الى تغطية القمة العربية في بغداد العام 1990 التي أعقبها اجتياح الكويت، اضافة الى تغطية جلسات محكمة لوكربي، وانتخابات الجزائر التي فازت فيها جبهة الإنقاذ الاسلامية وما أعقبها من حقبة سوداء في بداية التسعينيات". 
في العام 1996، "تم الاتصال بي من قبل إدارة قناة الجزيرة في قطر للعمل كمراسل لها في العديد من العواصم الأوروبية، وتم الاتفاق على تأسيس مكتب الجزيرة في باريس، فعُينت مديراً له بعدما أنجزت عملية التأسيس في العام 2000، وبقيت فيها حتى العام 2009. هذه التجربة بدأت بشكل جيد ثم تحولت الى علاقة ممتازة قبل ان تتغير الادارة العامة وتبدل سياستها. لن أخوض في تفاصيل العلاقة التي تحولت الى صفحة سوداء في مسيرتي المهنية بعد الضغوط التي مورست على العديد من قدامى ومؤسسي المحطة فاستقالوا او أُرغموا على الاستقالة". أما اليوم، فيتابع "انتقلت الى محطة فرانس 24 الدولية ومقرها باريس وأعمل كرئيس لتحرير الاخبار في القسم العربي".
وعن تجربته في الاعلام الغربي، يؤكد ان عمله فيه جعله يميّز "بين الكثير من المواقف والآراء واتعرف اكثر على كيفية استنباط المعلومات والأخبار لدى العديد من المجتمعات والشرائح المختلفة وعلى الاصعدة كافة. ان المحطة التي اعمل فيها حالياً تضم ثلاثة أقسام عربي وفرنسي وإنجليزي ونعمل كلنا في غرفة التحرير نفسها واجتماعاتنا مشتركة مع صحافيين من جنسيات عربية وأوروبية وأميركية مما يثري هذا العمل ويعطينا نظرة اشمل وأوسع لطبيعة التعاطي مع كل الاخبار، اضافة الى ان القوانين الفرنسية والأوروبية المعمول بها تحكم عملنا بشكل واسع، بحيث يمكن هنا النظر بوضوح الى الفوارق مع بعض الاعلام العربي. ما يؤخذ هنا مثلاً على الاعلام العربي انه منحاز الى أطراف من دون اخرى، وقد انكشف ذلك بشكل واضح منذ انطلاق ما يعرف بـــ"الربيع العربي" وميول بعض هذا الاعلام للجهة الممولة او وفق أهداف مؤسسيه". ويضيف "هذا الاعلام يريد ان يتحول من ناقل للحدث الى صانع له، الامر الذي يخرجه عن دروه ويفقد ثقة المشاهدين له".
في هذا الاطار، يشير الى "نقطة مهمة وأساسية وهي ان بعض وسائل الاعلام العربية لا يتقيد بالقوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية بما فيها مواثيق الشرف الموقعة بينها، اذ ان الحدث عندها اهم من القانون على عكس المحطات الغربية. فالإضافة الى توقيعي لعقد العمل مع فرانس 24، وقّعت بموازاته على وثيقة وجوب احترام مبادئ وقيم الجمهورية الفرنسية اضافة الى ميثاق الشرف المهني".
ويتطرق الاستاذ ميشيل الى نقطة غاية في الاهمية تتعلق بالصراع العربي - "الاسرائيلي"، ويقول "ربما يأخذ الاعلام العربي علينا تأييد الغربي والإعلام الفرنسي لإسرائيل من خلال نفوذ قوي للوبيات يهودية فيه. لكن وبكل صراحة أقول إنني كرئيس تحرير لم اتلقَ اي تعليمات من اي سلطة اعلى مني في المحطة لتمرير او وقف هذا الخبر او ذاك. على سبيل المثال، في حرب غزة نقلنا ما اسفرت عنه الغارات الجوية من قتل للمدنيين والأطفال، ونقلنا كل المواقف سواء أممية او حقوقية حول إدانة اسرائيل لارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، كما عرفنا كيف ننقل ماذا يجري في اسرائيل من خلال قصفها بصواريخ حماس، وكذلك جميع المواقف الدولية المؤيدة لها في هذا المجال والمتهمة لحماس بالإرهاب. لم يكن لدينا أية تعليمات من الخارجية الفرنسية او سواها. من هنا اعتقد ان المسؤولية كبيرة جداً على رئيس التحرير في الاعلام الغربي لانها محكومة بقوانين صارمة، كما ان الصحافي ليس مجرد مذيع، كما الحال في العديد من المحطات العربية، بل هو مشارك فعلي في قرارات التحرير خلال الاجتماعات، وهو ايضاً يحرر ويكتب أخباره ويضع أسئلته بحرية. في فرنسا، يمنع ممارسة الضغط على الصحافيين، فهناك قوانين وقضاء يحميهم، اضافة الى النقابات التي ينتمون اليها".
اما "الحدث الساخن" فكان ضمن برنامج "حوار" والتي استضاف فيها البطريرك الكاردينال بشارة الراعي. حتى اليوم "لم افهم تصرف البطريرك الذي انسحب مباشرة على الهواء علماً ان هدفي لم يكن استفزازه، فقناعتي تقوم على ضرورة ان اكون، مع اي ضيف، في الموقف المضاد لمواقف الشخصية التي أحاورها انطلاقاً من هموم وقلق وتساؤلات ونظرة الطرف الآخر. ربما موقفي الخاص هو تأييد زيارة البطريرك الى القدس، لكن اسئلتي لا يجب ان تنطلق من هذه القناعة، فأي مقابلة مع أيٍ كان ليست للمجاملة او الخروج عن مبادئ اللياقة والأدب والاحترام الكامل لأصول المهنة". 
  وعن مدى امكانية عودته للعمل في احدى وسائل الاعلام اللبنانية او العربية المتواجدة في لبنان يقول "لا اعرف صراحة بماذا أجيب. هذا ما أتمناه في كل لحظة لكني ما زلت عاجزاً عن اتخاذ قرار نهائي بهذا الخصوص، فالوقت يمر والعمر يمر، لكن الأزمة في بلادنا لا تريد ان تمر ولا تحسب حساباً للأسف للعمر والوقت الضائعين".
 
-  عملي في الاعلام الغربي والفرنسي تحديداً جعلني أميّز بين الكثير من المواقف والآراء
-  علاقتي مع الجزيرة تحولت الى صفحة سوداء في مسيرتي المهنية
 

آراء القراء

1
6 - 9 - 2014
السيد ميشيل من أكثر العاملين في مجال الصحافة مهنية و أخلاقا و يتمتع بنبرة صوت فريدة و مرونة عالية في تمرير المعلومة ذات القيمة ..... شكرا لجهوده

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net