Tahawolat
   
بهية كعشتار وزنوبيا.. سيدة من تراب سورية وبقايا الآلهة التي انقرضت في عصر الأصنام المتناحرة علينا.
في عينيها ربيع سوري لا يخبو، فسوريا هي ربيع هذا العالم الجميل الذي تتآلف عليه كل شياطين الشتاء الدموي.
عرضت لوحاتها، أحصنة تتحاور، قافلة عيس تحدو في بادية حين شروق، ربيع يأتلق بأزهار ملونة، جمالات أنوثة تتحسس تجليات جسد يتأله...
هي جمانة الحصني، فنانة تشكيلية سورية طالعة بلمسة ريشة تعشق الحياة وتبوح بحب فتيّ لا يشيخ، بمناسبة معرضها الفردي "بلا حدود"، في القاعة الزجاجية في مبنى وزارة السياحة في بيروت، كان لـ"تحولات" حوار هنا نصه..

 
كيف بدأتِ؟
منذ كنت صغيرة، لعب أبي الفنان محمد الحصني دور مدرس الرسم، حببني به هواية فأصبحت حرفة ودربة. أحببت الرسم منذ نعومة أظفاري وانا تلميذة مشاركة في حصص الرسم في الصفوف المدرسية. وتلعمت كيف اكون رائدة وأتدرج في أسلوبي وتدريبي. وكلما كبرت كانت تجربتي تكبر ومحبتي وخبرتي كذلك، وكان تشجيع أهلي وأسرتي وأصدقائي خير زاد لي.
 
كيف وضعك الأسري؟
متزوجة ولدي ثلاثة اطفال فنانين صغار، كبيرهم في الحادية عشرة رفيقي في كل نشاطاتي الفنية.. كذلك هذا جو الأسرة كله فني، ومشجع، ومتذوق للفن، فزوجي أيضاً محب للفن وداعم لدرجة لا تصدق. هكذا انا محظوظة ببيئة صديقة للفن. هكذا صار أطفالي يتابعون معي ولادة أخت جديدة او أخ جديد مع كل لوحة ارسمها ويترقبون ملامحها بمجرد ان ترى النور.
 
ما علاقتك باللوحة؟
علاقتي باللوحة أمومة تماماً. أرضعها الفكرة واللون ولمسة الريشة وأتركها تنمو فيي حباً ولمسة ودهشة وضوءاً. هكذا هي طفل لي في بداية تكوينها، لتصبح رفيقة حضور ونبض حياة. فكل لوحة لي هي طفل مني. نبضة من حياتي ودفقة من دفئي.
اللوحة هي المرآة الحقيقية بين المتلقي والفنان.
 
كيف تصفين أسلوبك الفني؟
اسلوبي واقعي انطباعي مع بصمة خاصة تترجمها حركة الريشة ولمستها وفكرة اللوحة وموضوعها الواقعي المعيش، وحركية اللون ودلالته ووضوحه وجرأته وجدليته مع الألوان الأخرى. مثلاً أفضل الأحمر القوي على غيره من الألوان.
 
برأيك من يرسم الآخر: اللوحة ترسم نفسها بيدك ام انت ترسمين لحظتك فيها؟
أعلل العلاقة بالحالة النفسية. فاللوحة انطباع لحالة نفسية تجسدها بقوة. هنا علاقة تأثر متبادل، كل طرف بالآخر، مرات كثيرة تأخذني إليها وتخطفني من لحظتي إلى عالمها، وكأننا مختلفتان، تسرقني من محيطي ببراعة. وأتساءل مرات كيف يحدث هذا؟ هل لاحظ من حولي انخطافي عنهم؟ ما الذي جرى؟ وبالواقع لا اعلم موقف اطفالي من بُعدي النفسي عنهم، أحياناً، وهل يغارون من لوحة تحتل بلحظات كل الاهتمام؟
 
ماذا ترين في الفن؟
الفن لغة عالمية موحدة ورسالة سامية، وهي لغة باطنة أعمق من أي لغة متحدث بها ومتداولة. لا تلزمها تراجم إن تحدثت بها الألسن وإن تباينت اللهجات والأساليب. رسالة سامية للحب والفرح والعطاء والحياة وجودتها. بعيداً عن الحروب والنزاعات المدمرة التي ندفع أثمانها من أرواحنا وبيوتنا واجسادنا وشعبنا ومواردنا واقتصادنا.
 
ماذا تقولين لمن علّمك الفن من أسرتك؟
أشكر كل فرد من أسرتي لأنه علمني بعض ما أعرف مما يعرف او مما أخطأ فيه فتجنبته. بخاصة أبي، الفنان الكبير ذي التجربة العريقة لما يزيد عن اربعة عقود، كان بفنه البعيد عن المتبذل راقياً دوماً ورومانسياً شفافاً كطفل وديع لا يشيخ، يبقى مدهشاً على الدوام. كذلك والدتي، التي حصّلت ثقافة فنية نقدية ونظرة فاحصة، صقلت موهبتي ورشدت فني وشدت مفاصله اكثر، واخواتي اللطيفات تعلمت منهن الكثير من براعة اللمسة وتميزتُ عنهن لتبقى لكل منا بصمتها التي لا تشبهها بصمة اخرى.
 
أقام لك موقع حرمون معرضاً اخترت تسمية له "بلا حدود". لماذا؟
كان معرض "بلا حدود" في بيروت، معرضي الفردي الأول. اشتغلنا بعكس السائد. فإن فجّر انتحاري نفسه انكفأ السياح عن شاطئ الروشة والرملة البيضاء وعين المريسة وهربوا مسرعين. أنا اخترت بيروت لتكون قابلتي الفنية الأولى ولتطلقني عبر موقع حرمون فنانة للجمال والوحدة في زمن البشاعة والفتنة والدم.
وأنتهز المناسبة لأشكر معالي الوزير والنائب السابق رئيس الجامعة اللبنانية الدولية الأستاذ عبدالرحيم مراد لرعايته الكريمة لافتتاح المعرض في القاعة الزجاجية في مبنى وزارة السياحة، وغامر معنا في معرض التحدي، كما وصفه الصديق هاني الحلبي، تحدي الخطر. اما "بلا حدود"، فليس وطني شريف يتوهم لحظة أن بيننا في سورية وبيننا في لبنان أية حدود قط، لولا الجمارك ونقاط العبور التي تستفز الشعب في البلدين ليسرع الوحدة.
 
ماذا تقولين لسورية وللسوريين الآن، بعد معرضك الفردي في بيروت بدعوة من موقع حرمون؟
إلى سورية الأم، إلى السوريين قيادة وشعباً وجيشاً، أرجوكم كفانا دماء. لنرجع إلى وحدتنا، إلى سورية الواحدة الموحدة، بعيداً عن كل ما يفرقنا من اديان وطوائف وسياسات ودول وقوى في هذا العالم. والمستقبل لنا، إن أحسنا الالتفاف وأسرعنا عجلة التوحيد.
ولموقع حرمون، كل الوفاء على ما بذل من اجل ان يقدمني للبنانيين والإعلام اللبناني، وعبرهما للعالم. أقول شكراً من كل قلبي، لرئيس تحرير الموقع الصديق هاني الحلبي وللمتطوعين المساعدين. ولبيروت البهية وعد السماء للأرض أننا نغم واحد في سمفونية وجودنا. لنستمع إليه بحب.
 
 
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net