Tahawolat
أطلق من العاصمة السورية دمشق مشروع حصر وتوثيق التراث اللامادي في سورية، ضمن أزمة تمر بها البلاد لم تستثنِ منها تراثها وحضارتها، من تدمير وسرقة وتشويه للصروح الحضارية المنتشرة في مختلف انحاء البلاد، فكانت انطلاقة المشروع بمثابة عملية تحمي جزءاً مهماً من التراث وتعمل على تنظيمه بشكل ممنهج ومؤسسي.
التراث اللامادي بحسب (الاتفاقية الدولية لصون التراث اللامادي – اليونسكو)، يتضمن الممارسات، التمثيل للجماعات، التعابير، المعرفة والمهارات التي تعتبرها المجموعات وفي بعض الحالات الأفراد جزءًا من تراثهم الثقافي وينتقل من جيل إلى آخر وتعيد الجماعات إنتاجه كاستجابة للبيئة المحيطة بهم ولتفاعلهم مع الطبيعة ومع تاريخهم.  ويقدم للناس حساً بالهوية والاستمرار وينشر الاحترام للتنوع الثقافي والإبداع الإنساني. ضمن هذا التعريف يعمل المشروع على توثيق وحصر 100 عنصر لامادي من مختلف المجالات ومن مختلف أنحاء البلاد.
قامت الجمعية السورية للثقافة والمعرفة بالتعاون مع وحدة تطوير المتاحف الوطنية ومواقع التراث الثقافي ومديرية الآثار والمتاحف في وزارة الثقافة بتنفيذ هذا المشروع، يحدد اهدافه بتحفيز إحساس السوريين بغنى هويتهم الوطنية والتأسيس لأرشيف التراث اللامادي وتمكين الوصول إليه. يتضمن المشروع حصر 100 عنصر من التراث اللامادي وتأسيس قاعدة بيانات له، وإنشاء موقع إلكتروني تفاعلي  متزامن مع قاعدة البيانات السابقة ويسمح بإدخال بيانات خاصة بعناصر جديدة.
تضمنت آلية حصر عناصر التراث اللامادي تحديد مصادر معلومات ثانوية عن كل من العناصر مثل البحوث والأدبيات المكتوبة والمصورة عنه أو ذات الصلة به. ثم القيام ببحث ميداني عن طريق إجراء مقابلات مع ممارسين للعنصر المعني، عند التمكن من ذلك. وقبل إقرار النتائج يتم تقييم حصر كل من العناصر على ثلاثة مستويات من قبل الخبير المشرف على البحث ومنسق المشروع ولجنة الإشراف. تم جمع البيانات وفق استمارة حصر تم تطويرها بناءً على معايير اتفاقية صون التراث اللامادي – اليونسكو. تضم الإستمارة ستة أسئلة رئيسية حول: تعريف العنصر، خصائصه، الأفراد والمؤسسات ذات الصلة به، قابليته للإستدامة، معلومات حول آلية جمع البيانات، ومراجع الحصر.
تضمن المشروع ثلاث مراحل عمل رئيسة، المرحلة الاولى الإعداد للمشروع والذي تضمن إجراء بحث مبدئي حول الجهود السابقة ذات الصلة وتحديد مصادر البحث والعناصر المستهدفة وإعداد آلية العمل في المشروع وبناء فريق العمل وتحديد مهامه والبدء ببناء قدراته، المرحلة الثانية مرحلة حصر مئة عنصر من عناصر التراث اللامادي في سورية والتي تضمّنت عملاً مكتبياً وبحثاً ميدانياً، المرحلة الثالثة  بناء قاعدة البيانات وبوابة عناصر التراث التي تم حصرها على شبكة الانترنت. وقد تم  تقييم نتائج عملية حصر العناصر بشكل تدريجي على ثلاثة مستويات: أولاً يقوم الخبير بمتابعة عمل كل من الباحثين المعنيين وتوجيههم وتقييم عملهم أثناء البحث، يشرف منسق المشروع على احترام عملية الحصر للمعايير والتزامها بآلية البحث والتوثيق المعتمدة في المشروع. وتراجع  لجنة الإشرف على المشروع نتائج البحث وتقيم محتوى العناصر التي تم حصرها من الناحية العلمية.
وتشكل فريق العمل ضمن ثلاثة مستويات: لجنة الاشراف المؤلفة من خبراء في مجال التراث الثقافي، الادارة التنفيذية واللوجيستية وضمت الإدارة المالية والقانونية والإشراف على عمل الباحثين والتنسيق بين المستويات المختلفة لفريق العمل، والفريق التنفيذي  ضمّ  أكثر من أربعين عضواً منهم حيث ضم خبراء مشرفين متخصصين في مجال أو أكثر وامتلكوا خبرة ومعرفة سمحت لهم بتوجيه الباحثين والإشراف على حصر العناصر وتقييمها بشكل مباشر.
تشكل قاعدة البيانات الموجودة على موقع المشروع مساحة تفاعلية بين المشرفين والمجتمع، حيث يتم تشكيل هذه العناصر من خلال عملية تفاعلية ضمن فريق عمل خاص بكل عنصر مؤلف من باحث وخبير ومدقق. يقوم مدير العناصر التراثية في المشروع بإنشاء استمارة إلكترونية جديدة للعنصر وفق محددات وحقول معرفة مسبقاً كما يقوم بتعيين المجال التراثي الذي ينتمي إليه العنصر الجديد، ومن ثم يقوم بإسناد صلاحيات البحث والمراجعة والتدقيق لفريق العمل، وهذا الفريق  يجب أن يكون من المستخدمين المسجلين في الموقع للتمكن من استخدام أدواته الخاصة بحصر العناصر التراثية. بعد انتهاء فريق العمل من حصر بيانات العنصر التراثي وفقاً لاستمارة حصر عناصر التراث يقوم مدير العناصر في المشروع بنشرها على الموقع الإلكتروني.
ومن العناصر اللامادية في المشروع، التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، فنون وتقاليد أداء العروض، الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات، المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون، انتاج الزيوت والعطور من الورود الدمشقية، الحفر والنقش على النحاس، رمزية النار عند السوريين الأكراد، صناعة الاغباني.
تهدف الجمعية السورية للثقافة والمعرفة "إلى إطلاق المساهمات الحضارية في المجتمع السوري والذي يحتاج هذا الجهد إلى أدوار فاعلة من قبل الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي لبناء مجتمع سوري حيوي متمكّن معرفياً وثقافياً، ضمن بيئة حضارية حوارية تفاعلية تستهدف الصالح العام، ومتفاعل مع الثقافة المحلية والعالمية لتحقيق تنمية مستدامة محورها الإنسان".

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net