Tahawolat
الحرب. نعم إنها الحرب. سرقت ضحكتها الجميلة وخلَّفت وراءها بسمة تحمل من الألم أكثر مما تحمل من الأمل. "كيف لي ان اضحك وانا انقل خبر استشهاد احد المواطنين؟".
هي زهرة ياسمين تعبق بنسيمها اقدم عواصم التاريخ، وتغرق ارضها بالقداسة. فإذا مشيت في دروبها القديمة "عليك ان تخلع نعليك ليلتصق جسدك بالتاريخ".
يتقدم منا نادل المطعم ليسألنا عن طلباتنا بلهجة سورية. تنظر إليه بتمعن شديد وتسأله بدل أن تجيب "هل انت سوري؟ "لا تغيب عنها قضية الوطن، فهي حدثٌ تراه في عيون اطفال بلدها المهجرين وليست خبراً عابراً في جريدة صباحية".
"كلما ابتعدت عن بلدي اشتقت اليه اكثر. عندما اصلُ الى الحدود ما بين لبنان وسوريا احس بالأمان برغم كل الاحداث فيها"، وتضيف "هو شعور مشترك مع ابني محمد. نُحس بأننا نريد ان نُقبل تراب سوريا عند دخولنا إليها في كل مرة. انها حلم ووجع في الوقت نفسه".
بدأت عملها بالصحافة المكتوبة لفترة قصيرة وكانت مقالاتها محصورة في المواضيع الاجتماعية، وتابعت دورات عدَّة في احد المراكز المتخصصة في الخارج. وتذكر لنا العديد من المواقف التي أثرت فيها خلال دورات تطويرية صحافية عقب احتلال العراق ومنها انه وفي حلقة نقاش "كنت مع طالبتين نبحث في موضوع سياسي، إحداهن وهي أوروبية كانت تستخدم مصطلح "حرب التحرير الاميركية على العراق" وكنت في المقابل دائما أصر على استعمال مصطلح الغزو أو الاحتلال الأميركي للعراق".
وفي حدث آخر، تروي لنا موقفاً يحمل في طياته الكثير من القسوة وغياب الضمير، "ففي احدى مداخلاتي ضمن هذه الدورات كنت أتحدث بها عن إحدى جرائم قوات المارينز الاميركية عندما قتلوا عدداً من المدنيين في العراق بينهم ثمانية اطفال، فأجابتني مسؤولة الدورة ببرودة اعصاب شديدة بأن هذه المجزرة هي ثمن للحرية. أجبتها: نحن لم نطلب الحرية من جورج بوش الابن ولا من توني بلير".
"انه مركز تعليمي تابع لإحدى السفارات الغربية"، وتتابع "يعمدون فيه الى اختيار الاشخاص اصحاب الحجة والإقناع، ويقومون بعملية "غسل للدماغ" عبر اشباعهم بأفكار تخدم مصالحهم ثم يرسلونهم الينا من جديد لتنفيذ برامجهم السياسية. وأذكر جيداً انهم قدَّموا لي عرضاً مغرياً كي اكمل دراسة الماجستير في اللغة الانجليزية لدى احدى جامعاتهم كنوع من الرشوة لتطويعي فكرياً".
تنقلت الاعلامية فتون عباسي بين العديد من المحطات الفضائية العربية، فلكل محطة "تجربة فريدة تختلف عن الاخرى. واذكر ان بعض المحطات "المشبوهة" قدمت لي عروضاً توصف بالخيالية وتحديداً على الصعيد المادي، واستطيع بأن اقول إنها أكثر بكثير مما كنت أحلم به، شرط ان اتخلى عن قناعاتي وان اتخذ مواقف ضد مصلحة ووحدة سوريا لكنني رفضتها جميعاً".
"انا من المذيعات اللوات يتبنين ما يقلن"، وتضيف "اخاطب الناس من داخلي لأصل اليهم وهذا ما يهمني. اذكر جيداً انني بكيت على الهواء حينما كنا نعرض تقريراً في الميادين عن الطفل الفسطيني الذي جاءت قوات الاحتلال الإسرائيلي لاعتقاله ولديه امتحانات في اليوم التالي. أبكاني عندما وضع يده على فم أمه كي لا تترجى الجنود ليتركوه فتهان كرامتها. كان موقفاً يفتقر اليه العديد من القادة العرب".
وعن قناة الميادين، تقول الاعلامية فتون عباسي "ان احد اهم اسباب نجاح القناة يكمن في تحليها بالمبادئ، فهي تعمل للحق والقضية، بوصلتها فلسطين الحاضرة دوماً في أغلب ملفاتها، الميادين بترجمتها لشعارها الذي انطلقت منه (نقل الواقع كما هو) والتزامها به أكسبها محبة الناس فدخلت الى كل بيت تقريباً".
ما يميزها عن غيرها من المحطات الفضائية كثير، "ترى في الميادين تنوعاً في الجنسيات العربية العاملة فيها"، وتتابع "ومن اجيال اعلامية عدة. منهم المخضرم صاحب التجربة الكبيرة، ومنهم من وصل الى نصف الطريق، ومنهم الجيل الجديد الذي لا تتوانى الإدارة عن تقديم المساعدة له من خلال الإعداد الجيد واعطائهم الفرصة كي يثبتوا انفسهم".
اما المواضيع التي تطرح فتأخذ حقها في النقاش "تبدأ من اختيار الضيف، الى احترام رأيه، والبحث معه عن الحقيقة والوقائع وليس تلفيق المعلومات، مما أكسب القناة مصداقية عالية تفتقر اليها العديد من المحطات الاخرى. ان سياسة المحطة تقوم على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، والابتعاد عن الفتن والتجييش، والسعي لبث روح المحبة خصوصاً بين شعوبنا العربية التي تستحق منبراً يوصل صوتها، وينقل حقيقة واقعها بعيداً عن التشويه الاعلامي، ويحمل نبض شارعها بطريقة راقية وموضوعية ومهنية عالية".
 
-  كلما ابتعدت عن دمشق... اشتقت لها اكثر
-  بين المال والمبادئ... اخترت وطني

آراء القراء

5

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net