Tahawolat
 
لقد بدا التغيير الحاصل في النسق الدولي واضحاً ولو بصورة بطيئة، فالنفوذ الاميركي على العالم لم يعد كما كان في السنوات الثلاثين الماضية، يقابله صعود قوى اخرى موجودة ومستجدة تحاول "ملء الفراغ" الدولي.
1.  الامم المتحدة:
كان مقدرا لها ان تكون "الحكومة الدولية" التي تدير العالم خاصة بعد سقوط عصبة الامم والنتائج الكارثية التي افرزتها الحرب العالمية الثانية بشرياً واقتصادياً. وكان اول التحديات هو الحرب الكورية في حزيران 1950، بعدها بدأت الحرب الباردة التي سقطت مع جدار برلين وتوحيد الالمانيتين العام 1989، وظهور القطبية الآحادية الاميركية.
من هنا، برزت مساع عدة لتجديدها وتطويرها. فتقدم الامين العام للامم المتحدة السابق كوفي انان بعدد من التقارير، ابرزها تقرير بعنوان "تجديد الأمم المتحدة: برنامج للإصلاح" في 23 أيلول/سبتمبر1997 حيث اعتبر أن "الغرض من إصلاح الأمم المتحدة هو تعزيز مؤسسة لا غنى عنها وإعدادها لمواجهة تحديات المستقبل. وليس الإصلاح في جوهره مجرد عملية خفض تكاليف أو تقليل عدد الموظفين. لكنها عملية تستهدف تأكيد أهمية المنظمة في عالم متغيّر. وضمان تنفيذ المهام التي كلفتها بها الدول الأعضاء... بفعالية وكفاءة في حدود الموارد التي تم تخصيصها لهذه الغايات".
كما بيَّنت المشاكل والصعوبات التي تواجه البشرية من الحروب والإرهاب إلى الفقر مروراً بالأمراض الخطيرة والأوبئة من خلال تقرير آخر بعنوان "في جو من الحرية أفسح: صوب تحقيق التنمية، والأمن، وحقوق الإنسان للجميع" تاريخ 21 آذار/مارس 2005 أكد فيه عدم قدرة "أي دولة، مهما بلغت قوتها، أن تحمي نفسها بنفسها. وبالمثل، فليس بإمكان أي بلد، ضعيفاً كان أو قوياً، أن يحقق الرخاء من فراغ. وفي مقدورنا أن نعمل معاً، بل وعلينا أن نقوم بذلك"، وكان إعصار كاترينا ابرز مثال على ذلك.
وفي تقرير بعنوان "إصدارات الولايات وتنفيذها: تحليل وتوصيات لتسيير استعراض الولايات" في 26 آذار/مارس 2006 رأى الأمين العام أنه لم يكن بوسع مؤسسي هذه المنظمة التنبؤ "بصورة كاملة بنطاق التحديات التي نشأت وتطورت، ومدى تعقيدها. إن المهمة التي تقع على عاتق الأمم المتحدة هي مهمة هائلة. واليوم، تتراوح الولايات (المهام) المنبثقة عن الأجهزة الرئيسية المختصة ما بين المساعي الحميدة لمنع نشوب العمليات، وحفظ السلام، وبناء السلام، والإنقاذ".
  وبدأ الحديث عن توسيع مقاعد مجلس الامن وضم عدد من الدول الصاعدة بشرياً واقتصادياً (كالهند والبرازيل مثلاً) وإيجاد آلية تسهل الجمعية العمومية وتسرّع عملها، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل في ظل تولي المحافظين الجدد مقاليد الحكم في الولايات المتحدة. فلقد كان صقور هذه الادارة من اشد الناس عداوة للأمم المتحدة، ومن أشهرهم سفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة جون بولتون، إذ قال ذات مرة إنه "لو اختفى عشرة طوابق من طوابقها الثمانية والثلاثين فإن ذلك لن يؤثر في العالم بشيء". وقال أحد المعلقين آنذاك "إن هذا الرجل (بولتون) ذاهب إلى الأمم المتحدة لتدمير ما تبقى منها".
  اما "مهندس" الحرب على العراق ريتشارد بيرل فيقول "لقد أوشك عهد الإرهاب الدولي الذي يتولاه صدام حسين على نهايته. سيتلاشى بسرعة لكن ليس بمفرده: سيأخذ الأمـم المتحدة معه في سقوطه. حسناً، ليس الأمـم المتحدة بأكملها. فسينجو جزء الأعمال الحسنة، ستبقى بيروقراطيات حفظ السلام القليلة الخطر، وسيستمر التفوه بالحماقات في المبنى الذي يلوح من الهدسون. ما سيموت في العراق هو فانتازيا الأمم المتحدة كأساس لنظام عالمي جديد".
إن الامم المتحدة لم تعد تصلح ان تكون حكومة عالمية او حتى قطباً يواجه التفرد الاميركي، ويتجلى ذلك في عدد من الامور:
أ‌.  التبعية السياسية للارادة الاميركية من خلال تشريع الحرب التي خاضتها على أفغانستان والعراق، اذ يعتبر قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1546 الصادر في 7/6/2004 من أهم الأمثلة الحية على ذلك، فهو يقر بضرورة تشكيل حكومة عراقية انتقالية موافقاً بذلك على الطريقة التي أُبعد بها النظام السابق اي استعمال القوة دون الرجوع اليها.
ب‌.   تجفيف المصادر المالية للامم المتحدة من خلال عدم دفع الدول الاعضاء الاشتراكات المالية المتوجبة عليهم خاصة الولايات المتحدة التي تمول ما نسبته 25%. ولقد ذكر الأخضر الإبراهيمي – وزير خارجية الجزائر الأسبق - في تقرير للجنة الدولية التي شكلها الأمين العام العام 2000 وتقع مهمتها في إعداد تقرير شامل حول عمل الأمم المتحدة في حفظ السلام، أنه يجب "توفير الاعتمادات المالية المناسبة التي تمكّن عمليات حفظ السلام من الاضطلاع بمهامها، حيث تعاني إدارة عمليات حفظ السلام من نقص حاد في الموارد المالية، نتيجة تأخر دفع الدول أنصبتها للأمم المتحدة".
ت‌.  بداية الانقسام السياسي في أجهزتها وخاصة مجلس الامن الدولي مما يجمد عمله.
2.  الاتحاد الاوروبي:
لم يكن الاتحاد الاوروبي وليد تسعينيات القرن الماضي، بل مر بتطور تاريخي على ثلاث مراحل. المرحلة الاولى عبر إنشاء منظمات اقليمية تعاونية كالمنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي في 16/4/1948 المكونة من 16 دولة. والمرحلة الثانية ظهور نزاعات اتحادية لدول قوية اقتصادياً ادت الى انشاء المجموعة الاوروبية للفحم والصلب في 18/4/1951. اما المرحلة الثالثة فقد عرفت كثيراً من التنظيمات التي ادت في نهاياتها الى توقيع اتفاقية ماستريخت في 7/2/1992 التي حلت مكانها اتفاقية امستردام لتشمل دول اوروبا الشرقية (سابقاً) ودخلت حيز التنفيذ العام 1999.
وبعد حوالي 14 عاماً من قيامه، يرى كثيرون أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع ان يشكل منافساً "قطبياً" لعدَّة أسباب أهمها:
أ‌.  إن بعضاً من الدول التي يتألف منها الاتحاد تدور في فلك الولايات المتحدة الاميركية سياسياً وعسكرياً (حلف شمال الاطلسي).
ب‌.  عجز الاوروبيون عن الظهور امام الخارج بجبهة موحدة، فهو لن يتمكن من سد الثغرات الموجودة في السياسة الدولية من دون اعتماد سياسة خارجية موحدة. ويرى الفيلسوف الالماني يورغن هابرماس ان الاروبيون "هم الوحيدون القادرون على الضغط على حليفهم الاميركي لمنعه من القضاء على المسوغ الشرعي المتبقي للنظام الدولي، وهو القانون الدولي الكلاسيكي، الذي باتت تحل محله سياسات دولية تسيرها اسس الداروينية الاجتماعية".
ت‌.  عدم اقتناع جميع الدول الاعضاء به اقتناعاً تاماً، اذ استثنى البعض نفسه من العملة الموحدة وسمات الدخول.
ث‌.  تفكير بعض الدول بالانسحاب من الاتحاد، خاصة ان اقتصادها يتحمل العبء الاكبر من النفقات.
ج‌.  الازمات المالية التي تعصف بدول الاتحاد، خاصة الازمة المالية الاخيرة في قبرص، وقبلها اليونان، وبدأ تفاقم المشاكل المالية في كل من اسبانيا والبرتغال وفرنسا في مسألة البطالة تحديداً وارتفاع مستوياتها. وهذه الازمات مرشحة للتزايد والتفاقم.
ح‌.  بروز الازمات بين الدول الاعضاء، خصوصاً ما طرحته اليونان اخيراً من تحضير ملف يطالب المانيا بتعويضات مالية نتيجة الحرب العالمية الثانية، آخذة بالمقولة "التاجر المفلس يفتش في دفاتره القديمة"، علماً ان الاقتصاد الالماني يعتبر إحدى رافعات اقتصاد الاتحاد الاوروبي بشكل عام وأقواها.
3.  منظمة شنغهاي للتعاون:
وتضم ست دول: الصين، روسيا، طاجيكستان، اوزباكستان، كازاخستان، وقرقيزيا. وتقع ابرز اهدافها في:
أ‌.  تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار ما بين الدول الأعضاء.
ب‌.  تطوير التعاون الفاعل بينها في السياسة والتجارة والاقتصاد، والعلوم والتكنولوجيا والثقافة، وفي شؤون التربية والطاقة والنقل والسياحة وحماية البيئة.
ت‌.  العمل على توفير السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
ث‌.  العمل على تطوير وتقدّم الأفكار للوصول الى نظام سياسي واقتصادي عالمي ديمقراطي، عادل وعقلاني متوازن.
  على الرغم مما تحققه هذه المنظمة من إنجازات، وما تحتويه من ثروات بشرية واقتصادية، الا ان البعض يرى عدداً من نقاط الضعف التي تمنعها من تكوّن قطب دولي، اهمها:
أ‌.  إن بعض الدول التي تتمتع بصفة مراقب في منظمة شنغهاي كالباكستان أقرب إلى التحالف مع الولايات المتحدة منها إلى موسكو وبكين.
ب‌.  ان المنظمة لا يمكن ان تكون نواة مشروع قطبي لضمها دولاً غير متكافئة.
ت‌.  التنافس بين بكين وموسكو على الزعامة داخل المنظمة، ووجود خلافات بين البلدين بشأن قضايا التوسع الاقتصادي والسياسي الصيني في آسيا الوسطى.
4.  مجموعة البريكس:
تضم مجموعة البريكس خمس دول من ذوي الاقتصادات الناشئة، هي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وتضم دول البريكس حوالي 45 في المئة من سكان العالم، ومساحات جغرافية شاسعة، وثروات طبيعية هائلة، وطاقة إنتاجية قوية. وحسب إحصائيات العام 2010، بلغ إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول: الصين 5 تريليونات ونصف تريليون دولار، والبرازيل تريليوني دولار، وكل من الهند وروسيا تريليوناً و600 مليار دولار، وجنوب أفريقيا 285 مليار دولار.
وخلال العام 2012، بلغ الناتج الإجمالي المحلي لدول البريكس مجتمعة نحو 13.6 تريليون دولار بينما بلغ مجموع احتياطي النقد الأجنبي لتلك الدول أربعة تريليونات دولار. أما متوسط نمو الناتج الإجمالي المحلي في المجموعة فقد بلغ نسبته 4%، فيما بلغ المؤشر ذاته في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى 0,7%.
وتستحوذ الدول الخمس على نحو 18% من الاقتصاد العالمي بناتج محلي يقارب عشرة تريليونات دولار سنويا، كما تستحوذ على أكثر من 15% من إجمالي التجارة العالمية وأكثر من ثلث السوق العالمي. ومن المنتظر أن تتجاوز نسبة مساهماتها الإجمالية 50% من إجمالي النمو الاقتصادي العالمي بحلول العام 2020.
احتل مشروع إنشاء المصرف الإنمائي الحيّز الأكبر من نقاشات دول البريكس، وهو مشروع يفترض أن يشكل منعطفاً حقيقياً في مسار سحب بساط السيطرة الاقتصادية، حيث يساعد المصرف في التخلص من التبعية للبنك الدولي واحتياطي صندوق النقد وارتباط التجارة الدولية بالدولار الاميركي، ويفترض أن يبدأ المصرف الجديد عمله برأسمال قدره 50 مليار دولار بحسب الدراسات، أي 10 مليارات لكل دولة.
غير ان البعض يرى عددا من نقاط الضعف تتمثل فيما يلي:
أ‌.  أن العديد من الدول الناشئة تخشى من ان تؤدي مؤسسات بريكس الى ترسيخ هيمنة الصينيين الذين يتنامى وجودهم، الامر الذي دعا قادة البريكس الى لقاء مع عدد من القادة الأفارقة شمال دوربان.
ب‌.  فشل دول البريكس في تأسيس أجسام مشتركة، حيث اعتبرت بعض الصحف أن المصرف سيبقى رمزياً. وهو ما أشارت إليه مجلة فورين بوليسي عن الاختلاف في نمو الدول الخمس، حيث أن جنوب أفريقيا ليست مصدر فائدة كبرى أو إنتاجية بعكس الهند أو البرازيل، فاقتصاد روسيا (على سبيل المثال) وهو الأصغر بين الدول الاعضاء، لكنه يتفوق بأربع مرات على اقتصاد جنوب أفريقيا.
ت‌.  هناك فروقات شاسعة في سلم أولوياتها.
ث‌.  عدم وجود ترابط بين اعضائها مستويات السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة.
ج‌.  وجود تباين بين اعضائها على مواضيع اقتصادية، ابرزها الخلاف الروسي – الصيني حول تسعير النفط الروسي، وفرض الهند ضرائب على بعض السلع الصينية، واغراق اسواق الاعضاء بالمنتجات الصينية بشكل كبير.
في المقابل، استطاعت مجموعة البريكس خلال السنوات القليلة الماضية أن تصنع لنفسها مكانة شديدة الأهمية داخل المجتمع الدولي، فهي أسرع دول العالم نمواً حالياً وأقلها تأثراً بالأزمة المالية، يحكمها رابط مهم ترتكز على قيامه برفض الهيمنة الغربية على الاقتصاد والسياسة العالمية، وينعكس ذلك من خلال تبنيها مواقف مشابهة طرحتها في القمة الأخيرة من سوريا والنووي الإيراني وأفغانستان وقضايا الشرق الأوسط.
5.  الاتحاد الروسي:
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في إحدى خطبه أن "الرفيق الذئب (مشيراً إلى الولايات المتحدة الاميركية) يأكل ولا يستمع إلى أحد. ولا نية لديه للاستماع إلى أحد. كيف يخفي الكلام المبالغ فيه عن الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية حيث يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالحه الخاصة، حينها كل شيء يصبح ممكناً، ولا تعود هناك أي حدود".
  ومع عودة "الدب الروسي" الى الواجهة الدولية مجددا، بدأ بنسج العديد من العلاقات الدولية مع عدد من الدول تعيده الى الواجهة مجدداً، ولعب دور محوري، اهمها:
أ‌-  روسيا وايران: حيت قامت موسكو ببناء المفاعلات النووية في ايران، الامر الذي عاد عليها بأرباح مالية ضخمة، وجعلها من المدافعين الاول عن البرنامج النووي الايراني ضمنياً.
ب‌-  روسيا وسورية: حيث ان موسكو تستخدم ميناء طرطوس لصيانة القطع البحرية، واعتبار سوريه آخر موطئ لها على البحر المتوسط، والطمع في الاستثمار النفطي بعد اكتشاف آبار عدة في المتوسط.
ت‌-  روسيا والبحرين: صادق رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف على مشروع الاتفاقية بين روسيا ومملكة البحرين حول الترويج والحماية المتبادلة للاستثمارات، والتي تتضمن تهيئة ظروف ملائمة للاستثمار، وعدم وضع تدابير مقيدة أو غير معقولة لاستخدام أو لامتلاك أو لإلغاء الاستثمارات على أراضيهما.
ث‌-  روسيا ومصر: وافق الكرملين على تقديم المساعدة لمصر في اطلاق برنامج نووي طموح خلال العام المقبل ويتضمن الاتفاق بناء سلسلة من المفاعلات النووية من بينها منشأة نووية على ساحل البحر المتوسط. وافاد المسؤولون ان هذا الاتفاق تم التوصل اليه اثناء الزيارة الاخيرة للرئيس مرسي على رأس وفد كبير الى موسكو، حيث تمّ عرض التعاون بين البلدين في مجال الطاقة وزيادة التبادل التجاري، وأشار صالح إلى ان اول مرحلة في البرنامج النووي المصري سوف تكون تطوير اول مفاعل نووي في منطقة دبعا قرب الاسكندرية وان شركة روساتوم الحكومية الروسية سوف تقوم باعادة تأهيل المفاعل المتوقف عن العمل منذ 25 سنة بسبب عدم توفر المال ومعارضة الولايات المتحدة.
ج‌-  روسيا واليابان: يسعى البلدان الى توقيع اتفاقية صلح تنهي بها آثار الحرب العالمية الثانية غير ان بعض الامور لاتزال عالقة اهمها قضية جزر الكوريل المُتنازع عليها بين البلدين، اذ تم تكليف وزارتي خارجية روسيا واليابان بتنشيط الجهود من أجل صياغة خيار مقبول للطرفين لحل المشكلة، علماً أن المفاوضات الروسية - اليابانية حول إعداد معاهدة الصلح توقفت العام 2001. وأشار بوتين إلى أن العلاقات بين البلدين "تتطور باطّراد وفي اتجاه إيجابي"، معرباً عن أن روسيا بوسعها أن تلبي حاجة اليابان إلى موارد الطاقة من دون أن تلحق ضرراً بمصالح شركائها الدائمين. من جانبه، ذكر رئيس وزراء اليابان شينزو أن "إمكانيات التعاون بين البلدين لم تستغل على نحو كافٍ"، وأضاف إن "الارتقاء بمستوى التعاون لا يلبي المصالح الوطنية للبلدين فحسب، بل يسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار". وشدد على أن حجم التبادل بين البلدين ازداد بمقدار 8 أضعاف خلال الأعوام العشرة الماضية، فيما تضاعف عدد الشركات اليابانية في روسيا. كما وقّعت روسيا واليابان عدداً من الاتفاقيات المهمة في شتى مجالات التعاون، اذ حازت اتفاقيات الطاقة والتبادل الاستثماري الحصة الأكبر.
وعلى الرغم من هذه الشبكة العنكبوتية للعلاقات الاقتصادية خاصة مع دول تابعة لواشنطن تاريخيا (اليابان ومصر مثلا)، يرى البعض ان هناك نقاط ضعف عدة تتمثل في:
أ‌.  أن القطاع العام وقطاع الخدمات لم يحققا كثيراً من التقدم عما كان عليه الوضع في السنوات الأخيرة للاتحاد السوفياتي.
ب‌.  ان الاقتصاد الروسي يعاني من مشكلات صعبة، منها الفساد المالي والبيروقراطية، فبمقارنة أداء الاقتصاد الروسي مع اقتصادات دول البريكس الأخرى يتبين ان الاقتصاد الروسي يفتقد المبادرة والدينامية.
ت‌.  يشكل النفط والغاز ما نسبته 70% من الصادرات، في حين لم تشكل صادرات الآلات والأسلحة سوى 5% منها في العام 2012، الامر الذي يجعل الاقتصاد الروسي مرهوناً بأسعار النفط والغاز التي تبقى عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، والتي تشير إلى انخفاض أسعار تلك المواد في السنوات المقبلة، وذلك جراء الاكتشافات الكبرى للنفط والغاز في الولايات المتحدة، والتي تستخرج بواسطة ضخ المياه، وبالأساليب الأكثر ابتكاراً وتقدماً في العالم.
ث‌.  عدم تمتع السلع الصناعية الروسية بمزايا تنافسية في السوق العالمية. كما ان الاستثمارات قليلة، والبنى التحتية في حالة يرثى لها، وهي من ميراث الاتحاد السوفياتي السابق.
6.  الصين الشعبية:
لقد وضعت الصين خطة اقتصادية طويلة الامد مكونة من ثلاث مراحل وعلى مدى 50  سنة:
المرحلة الاولى: 2000-2010 وتقضي بمضاعفة اجمالي الناتج المحلي الموجود لديها.
المرحلة الثانية: 2010-2020 وتقضي بمضاعفة الناتج المحلي مرة اخرى وهي المرحلة التي تعيشها اليوم.
المرحلة الثالثة: 2020-2050 وتقضي مواكبة التطور كي تصبح دولة مزدهرة ديمقراطيا، ومتمدنة.
ويرى عضو منتدى الاصلاح الصيني تشنغ بي جيان في مقال له بعنوان "الصعود السلمي لمكانة الدول العظمى" ان هناك ثلاث مشكلات اساسية تواجه الاقتصاد الصيني، وهي:
أ‌.  قصور في الموارد وحاجة الصين الى مصادر الطاقة، وهو ما يفسر الخلاف الذي ظهر مع الفليبين وبعض الدول الأخرى بسبب سيطرة الاسطول الحربي على بعض المناطق في البحر الصيني والتي تختزن كميات ضخمة من موارد الطاقة، وقيامها بالتوجه الى افريقيا لهذا الغرض ايضا، من خلال الاتفاقات التي عقدتها ابرزها توقيع عقد مع موريتانيا للتنقيب على النفط وشرائها 65% من الإنتاج.
ب‌.  مشاكل بيئية تتمثل في التلوث  المتزايد، كثرة النفايات ونقص في عمليات التدوير.
ت‌.  مدى القدرة على التنسيق بين الاقتصاد والتطور الاجتماعي من نواحٍ عديدة (نمو الناتج المحلي الاجمالي والتقدم الاجتماعي – التطور التكنولوجي وخلق فرص العمل).
ويرى بي جيان ان على الصين تجاوز ثلاث مراحل:
أ‌.  تحديث آليات التصنيع غير المكلف والتخفيف من الاستهلاك الزائد للطاقة، وتقليل كميات التلوث.
ب‌.  سعي الصين من أجل تحقيق السلام والتنمية والتعاون مع جميع دول العالم على عكس المانيا واليابان اللتين سببتا الحرب العالمية الثانية.
ت‌.  تجاوز وسائل عفا عليها الزمن للسيطرة الاجتماعية، وبناء مجتمع اشتراكي متناغم.
خلاصة:
  من خلال ما تقدم، يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
- ليس في النسق الدولي حاليا ايه قطبية مسيطرة بل هناك توزيع للقوى وان كانت متفاوتة.
- ان المنظمات الدولية مهما بلغ حجمها (اقتصادياً – جغرافياً - بشرياً) لا يمكن ان تشكل قطباً دولياً، فالدول بطبيعتها تميل الى السيطرة، وابرز مثال تعاطي الولايات المتحدة الاميركية مع الامم المتحدة كما ذكر سابقاً.
- ان ضمور الدور الاميركي، خاصة بعد الازمات الاقتصادية (الحروب التي خاضتها – ازمة 2009 المالية)، هي من الاسباب الاساسية التي تساعد على  سرعة وتصاعد دول عدة.
- سعي الدول الى السيطرة على موارد الطاقة ومحاصرة بعضها عسكرياً، وهو ما يفسر اعلان الرئيس باراك اوباما بضرورة تواجد 60% من القطع البحرية الاميركية في المحيط الهادي لمحاصرة الصين وزيادة القواعد العسكرية في المنطقة.
 
·  باحث في الشؤون القانونية
___________________________
المراجع:
Foreign Affairs 2005 .
الدكتور محمد المجذوب، التنظيم الدولي، 2002.
يورغن هابرماس، لماذا نريد بناء اوروبا سياسية؟، صحيفة اللموند، 24/12/2006.
سمير التنير، روسيا: اقتصاد وفساد، 27/4/2013.
http://www.assafir.com/
http://arabic.ruvr.ru/
http://www.aljoumhouria.com/
http://www.al-akhbar.com/
http://www.khabaronline.com/
http://www.lebarmy.gov.lb
http://ar.wikipedia.org
 
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net