Tahawolat


اين انا؟ للوهلة الاولى يعتريك سؤال عابر وتمضي ... لكن الى أين؟ المدينة مقفلة إنها تمام الساعة الحائرة في ليل طهران والجوع يتآكلني... روائح التلوث تم أ رئتيّ... والطريق الى الفندق بعيد. المدينة تنام باكرا هنا... وانا وطواط ليل رغم أن ان افضل ساعات الحياة الصاخبة في ليلي ... الفندق في هذا الوقت كأشباح... كقصر مهجور وتماثيل لاحياة فيها... حسناً سأبتلع ليلي ببعض سجائر بلا كحول... كم سأبوح بقصص... وانت بعيدة، سأحاول ان ارسم لك... ألوّن هذا المكان ... أتجوّل في أزقته ... استدرك لغته... امتص طاقته... هذه المدينة في حدائقها وناسها تحب الحياة ... وربما اكثر من ذلك ... كفرٌ أن أبوح وأخاف من اغتيالها لو يتجرأ لساني على الالحاد . حتى الآن من الصعب أخذ انطباع عنها ... ماذا سأقول لمن يسألني ... هناك أشياء مشتركة بيننا، لكن لا أستطيع أن أحددها. في أكثر الأحيان أتفاجأ! أحاول ان اسقط كل الصورالمسبقة. وأنا الآن في شوارع طهران واكثر ما يثير انتباهك هنا الحجاب.. جميع النساء هنا يلبسن حجاباً.. يغطين نصف شعرهن ويبقى النصف الآخر مكشوفاً .. كما يهلّ القمر بنصفه المضيء احياناً..كبدرفي السماء هكذا النساء يتنقلن في شوارع طهران ..امرأة تقود السيارة ليس بغريب.. امرأة تحمل علىكتفها الكاميرا وتصور ..تصور ولكن لمن؟تلتقط حدائق كيفما تحرّكت... الحدائق هنا ثقافة ... الورود بألوانها عادة! تلتقط جبالاً شامخة في علوها .. تركت على جبينها بعضاً من الثلج الأبيض لهذا الربيع! حين تنظر اليها تظن أنك في قعر الحياة .. في باطن الارض .. كأنك في وسط فنجان قهوة وتتفاجأ بأنك تنظر عالياً وانت على ارتفاع الف متر وأكثر. هذه الجبال تثير في داخلك روح المغامرة... جنون التسلق ! وحين يحدثونك عن كبار السن كيف يتساقطون من هذه الجبال الشاهقة العلوّ في الصباح الباكر بعد أن تسلقوها بهدوئهم تكتشف للحظات أنك رجل من كرتون .. لكن هذا المشهد لم تلتقطه المصورة الايرانية! إيران تذكرني بأميركا.. لا ابتدع بعضاً من خرافاتي .. حتى أنا أشعر بالغرابة لمقارنتي .. ولكن حدث ذلك .. وانا انتقل إلى الشارع المواجه عبر المصعد الكهربائي لأعبر الجسر سمعت موسيقى رقيقة .. اذني أخذتني .. عازف يجلس على الجسر يحمل الكامنجا ويعزف مبتسماً للعابرين وأمامه وعاء للنقود... في نيويورك أينما التفت داخل محطات الميترو ترى هذا المشهد. لكن عازفي الشوارع في اميركا لو شاهدوا كيف امت أ وعاء عازف طهران في أميركا لا توجد ديمقراطية ايضا .لا ادري كيف ربما انت هناك رقم .. ربما مجتمع مركب ربما »السيستم ».. هناك قانون نعم. ولكن هناك عقل اخترعغوانتانامو ايضاً.. وعقل قام بحروب وقتل وشرّد واستقوى وحاصر ونهب وسرق خيرات امم اخرى .. سأهرب من السياسة ..
 
علني لا انزلق إلى تفسيرات أخرى، رغم ان هيكلية النظام هنا ايضاً مركبة بطريقة غريبة قد تحتاح إلى احد غيري ليفسرها.. أعترف بفشلي. فهمتها على طريقتي واستمتعت بعقلي المحدود لفهمها ببساطة تجمع ما بين النظم المدنية والتركيبة الهيكلية والقانونية والمؤسسية والبعد الروحي والعمق الثقافي والسياسي والديني للدولة. كيف تستطيع دولة دينية أن تكون متطورة! سؤال مر في رأسي فجأة.. لست هنا لأمتلك اجوبة.. لدولة تحيك التاريخ بصمت وتحيك السياسة بهدوء... لكنني لا أستطيع أن أدفن اسئلة كثيرة! بالنسبة لي ما زال حتى الله سؤالاً ! جوابه.. الله موجود في قلوب مؤمنين كثيرين... ربما .. ليس كفراً أن اسأل ربما أجمل الطرق وأعمقها إلى الله عبر الشك في وجوده.. عذراً دائماً أخرج من الكادر وأهلوس ... طهران لا تنتهي هنا.. إنها البداية لنكتشفها ! بعض من الغباء والبرودة ان تبقى هذه الصورة سجينة .. كأمراة تخبأ نصف وجهها او اكثر تغلق على الكثير من الجمال فيها ... على كثير من الحياة والحب المقموع! هل هذا خوف؟ غباء.. خجل .. عمداً؟.. لا ادري .. ربما كل ذلك! هنا طهران ومزيج من التناقض يساورني ... قد احتاج إلى هدوء..وانا على عجل من امري. ووقتي لاينتظر حياكة السجاد نحن جيل الوجبات السريعة! تمتلئ أمعاؤنا من دون متعة بطعم ونكهة ولذة ... ربما في عيون بعض العابرين جوع وثورة أخرى وفي داخلهم لغة تحتاج ان تفك عقدة لسانها للبوح. ... ربما تشبه اللوحة التي بدأت أن ارسمها للتوّ. أين انا؟ هنا طهران ...أكثر المدن جدلية هل من أحد يتجرأ لزيارتها واكتشافها !
 
 
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net