Tahawolat
يعتبر الشاعر السعودي ابراهيم الجريفاني ان الكلمة او القصيدة يجب ان تنبع من رؤية انسانية كي تصل للناس وتشكل فرقاً في المجتمع. ويبقى الحكم للقارىء وتفاعله، فالقصيدة لوحة من نوع آخر وحين يظن صاحبها أنها كاملة يفقد قدرته على الابداع.
ويرى الجريفاني أن الاضاءة على عيوب المجتمع من خلال الفكر قضيته كشاعر ومثقف فيعلن رفضه للمنطق الذكوري في التعاطي مع المرأة الشرقية التي لا تجد الا وسادتها ملجأ لتفريغ معاناتها من خلال دموعها المحتقنة.
"تحولات" حاورت الشاعر حول شعره ومواقفه في الواقع الراهن:
نبدأ من القصيدة المتصلة بالواقع لديه فيقول:" حين أكتب القصيدة أسعى لكي تصل رسالتي من خلالها وإن لم تصل فهناك مشكلة، ما أكتبه بمعظمه يتناول قضايا واقعية ومعاناة إنسانية وليس خيال شاعر. برأيي يجب أن يكون تقييم النص من خلال المتلقي، ومن يقل أن قصيدته رائعة يجب أن يثبت روعتها من خلال حجم قراءة الناس لها. الامر شبيه بالفن التشكيلي وحين يشعر الفنان بالرضى عن لوحته يكون إبداعه قد توقف.. أنا أبحث عن تأثير الكلمة عند المتلقي وليس تأثيرها عليّ فقط. يجب أن يكون لدى الكاتب أو الشاعر فكر واضح يعيد تشكيله ويقدمه للناس".
ويضيف في نفس الإطار:" أنا مثلا أعيد تشكيل فكر المرأة الشرقية، التي لا ارى أنها خُلقت فقط من اجل الرجل، بل هي خُلقت ككيان بشري مستقل ويجب أن تكون سعيدة كي تمنح محيطها السعادة. المجتمع الذكوري متطلب الى حين حصوله على مراده، فعلى سبيل المثال هو يعتبر أن المرأة دورها فقط منحه السعادة ولو على حساب معاناتها وهي تستلم لقدرها وتخشى كلمة "مطلقة" فتخسر هويتها ودوري كمثقف وشاعر يُحتم علّي الاضاءة على قضية من هذا النوع وهنا يأتي تشكيل القصيدة وكأن الانثى تتنفس حريتها بما أخط"
لكن هل التعاطي الذكوري مع الانثى ينحصر بالمجتمع الشرقي؟ يجيب:" فعلياً هو كذلك، فالمرأة الغربية استطاعت ان تكون حرة ومستقلة وقادرة على البحث عن الحب والتعامل بانانية حين تحب لأنها حين تُسعد نفسها تقدر أن تمنح السعادة لغيرها، بينما قرينتها الشرقية لم تبلغ مرحلة الاستقلالية ولو كانت عاملة لكنها تعود الى منزل الزوج لتكون جارية ،لذلك أطالبها أن تكون أنانية في الحب لتشعر بالحرية".
ونسأل الجريفاني إذا ما كان في طرحه نوع من التمرد على بيئته، فيقول:" انا لست متمرداً على بيئتي، بل احاول أن أكون مرآة صادقة تعكس واقع المرأة في الوطن العربي سببه الموروثات الاجتماعية التي تعلق اخطاؤها على شماعة الدين، والدين منها براء لانه لم يقل أن المرأة يجب ان تكون جارية، الدين يعلمنا الكرامة ولكننا للاسف قبلنا بالموروثات التي باتت اغلالاً، المرأة مخلوق قوي وجميل ومتسامح ويجب أن تدرك أنها لم تُخلق للرجل بل خُلقت معه".
وعن ردود الفعل تجاه رؤيته يقول:" ردود الفعل من الطرفين احتاجت الى دراسة فمنهن من اشترت الديوان لتهديه لزوجها كي يتنبه ومنهن من استطاعت التمرد إيجابياً وبالتالي أنعكس تمردها على حياتها ونالت سعادتها، وللاسف هناك جزء كبير من الرجال لاموني على طرحي واعتبروا أني عريتهم أمام المجتمع، وكرجل شرقي أعترف أن لديّ الكثير من الاخطاء ويجب أن اشير الى المشكلة كي اصحح الخلل".
ويرى الجريفاني ان الرسالة وصلت، فيقول:" من خلال الكتابات النقدية والرسائل الى تصلني استطيع القول أني بلغت الهدف، والشاعر يجب أن يكون مؤثراً في مجتمعه بحسب احد المفكرين الاندوسيين، وانا من الذين يرون في الحرف رسالة، ومحتوى الرسالة الاعتناق في الدين والفكر والحياة والقيم يجب أن تكون موجودة خلف القلم، أنا ارفض أن يكتب أي كاتب بعكس شخصيته، هناك جوانب كثيرة في المجتمع تحتاج الى تسليط الضوء عليها ومناقشتها بكل شفافية، ونحن نعاني من امراض في مجتمعاتنا العربية فنرفض كل الظواهر البشرية ونهرب منها بدل ان نسعى لمناقشة اسبابها ومعالجتها، نحن نرفض وجود المثلية على سبيل المثال لا الحصر والمفروض أن نقر بوجودها ونسعى لبحث اسبابها من خلال متابعة منهجية وتربوية متكاملة وتعاون فكري يبدأ من المنزل من خلال الحوار والنقاش وعدم اعتماد القمع وتحديد المحرمات دون تفسير مفهومها".
لكن هل يرى الجريفاني أن التطور والانفتاح يساهم في حل المشاكل أم يوسع الهوة بين الاجيال؟ يقول:" نحن نعيش في زمن سريع بتطوره وحين لا يجد الابناء اجوبة مقنعة وصادقة من الاهل يبحثون عن مصادر ثانية لارضاء فضولهم وهنا يقع المحظور، المصداقية هي الاساس في العلاقة بين الاهل والابناء كي لا تصبح الهوة أكبر ونلقي باللوم على التطور".
ويشير الجريفاني الى مسؤولية البيت بالدرجة الاولى ووزارات التربية ومن ثم دور النشر عن تراجع دور الكتاب فيقول:" اليوم دور النشر تسعى للربح على حساب منح المعرفة وادارات التربية والتعليم الرسمية الغت دور المكتبة المدرسية وفي المنزل العربي لا يوجد من يدفع هذا الجيل الى القراءة وهذا ثالوث جهل قاتل ومدمر، حين يرى الاولاد أن الاب والام يحملان كتاباً يحذون حذوهما وبالتالي تصبح القراءة عادة وهذه الصورة غائبة للاسف في معظم البيوت، فنحن اليوم نعيش ثقافة "الفاست فود" والتزييف الفكري والادبي، ومعارض الكتاب باتت فارغة من معناها الثقافي الحقيقي".
ولانه يدعو للتغيير في مواجهة الموروثات نسأله عن الثورات فيقول:" ما نشهده اليوم في العالم العربي لازالت غير مفهومة، ونحن نحاول التحليل في اطار رد الفعل، رغم انها شرارة ضد انظمة ترفض ان تصلح ذاتها، وللاسف المجتمع بات منقسماً والدم العربي يراق على يد العربي نفسه، المفروض ان الشارع هو النظام والنظام هو الشارع بمعنى اننا بحاجة لتنمية مجتمع متصالح وإذا افترضنا نظرية المؤامرة فهذا يعني أننا نسيّس رغبة الشعوب، وطبيعي أن أي فراغ يحصل يجعل من الثورة ارضاً خصبة لتمرير المصالح الخارجية، المطلوب معالجة المشكلة منذ البداية كي لا نصل الى مرحلة التفتيت والخراب".
هل العدالة قائمة في دول الخليج ولماذا التعتيم الاعلامي على واقع ثورة البحرين؟ يجيب:" دول الخليج ليست منزهة ولكن هناك افواه استطاعت ان تصل للنظام وتدعوه للعمل على اصلاح الخلل الاجتماعي كي لا يقع المحظور، البحرين لم تكن مغيبة اعلامياً ولكنها اخذت جانباً طائفياً غير محق، ومن عاش في البحرين يجد ان الفئة التي اعلنت العصيان لم يكن مغلوب على امرها ولكنها ركبت موجة الثورات باسلوب خاطىء وهناك العديد من الاخطاء التي ارتكبتها الجهات الامنية وحين يغيب العقل تكون النتيجة اعمالاً غير مقبولة من كل الاطراف".

 


آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net