Tahawolat
نشرت جريدة "الأخبار" اللبنانية مقالاً للصحافية رشا أبو زكي، بعنوان "البنك الدولي: مال الدولة سائب!"، بتاريخ 17 كانون الثاني 2012، تناولت فيه نتائج تحقيق قام به البنك الدولي وشركة "أوراكل" للمعلوماتية حول النظام المعلوماتي لوزارة المال في لبنان، يخلص إلى أن "المال العام في لبنان كان منذ عام 1994 متروكاً بلا رقابة لجهة الصرف والإنفاق، متروكاً بلا محاسبة، متروكاً لنظام معلوماتي صادم، نظام يتيح لمن يشاء التلاعب بالمعلومات المالية، كيفما يشاء، وساعة يشاء!"

يصف التحقيق النظام المعلوماتي بـ"الغريب"، ويرى أن "من صمّم النظام المعلوماتي في الوزارة وطوره لم يتبع المبادئ الأساسية في هندسة هذا النوع من البرامج. لا وجود لأي تقسيم في المهمات، لا رقابة وقائية لضمان صحة المعلومات. ويصل الأمر إلى حد أن إمكان الدخول إلى النظام متاح، حتى من خارج الوزارة!"

ويتابع شارحاً أن "هندسة البرنامج المعلوماتي المالي ليست متكاملة. تمنع الحصول على رؤية شاملة للأحداث المالية في مرحلة من مراحل الإدارة المالية". كما يشير إلى "النقص في تحديد مهمات كل من يستخدم النظام تقنياً ووظيفياً، وكذلك عدم توثيق عمل كل مستخدم للنظام لجهة تاريخ وتوقيت دخوله إلى النظام والعمليات التي نفذها...".

والأخطر من ذلك أن "النظام المعتمد على صعيد الموازنة مثلاً، يتيح:عدم إقفال حسابات موازنة كل سنة مالية في الوقت المحدد لذلك، ما يوفر إمكان إدخال تعديلات وتغييرات عليها في كل حين. ويتيح إمكان تعديل عقود النفقة التي سبق إجراؤها وتصفيتها وحتى دفعها، وإمكان إلغاء أوامر دفع سلفات موازنة سبق دفعها، ومن ثم تسديدها من دون أي مستندات ثبوتية... وكذلك إمكان إلغاء أوامر دفع سبق أن دفعت من الصندوق. إمكان إلغاء قيود في نظام المحاسبة في كل حين وتعديلها".

يخلص التقرير إلى أن "هناك شخصانية ووحدانية في إدارة أكثر من نظام من أنظمة المعلوماتية، الأمر الذي يفقد إدارة النظام الصفة المؤسساتية".

كما أشارت أبو زكي إلى "(تقاطع) هذه النتائج مع ما أظهرته جلسات لجنة المال والموازنة منذ أن باشرت نبش حسابات الدولة. وكانت المستندات التي أبرزت في جلسات اللجنة قد تضمنت مذكرة تحمل الرقم 1660/156 موجهة من النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة إلى وزارة المالية بتاريخ 20 تشرين الثاني 2008 بموضوع توفير الضوابط الفنية والقانونية اللازمة في البرامج المعلوماتية المعتمدة في مديرية الخزينة والدين العام".

"إذا عُرِف السبب، بطُل العجب"؛ ويبطل العجب أيضاً إن نحن وضعنا الخبر الصادم أعلاه في سياقه العام. أليس نظام الطائف برمته قائماً على "المحاصصة" والمحميات الحزبية-الطائفية، التي هي نقيض الدولة؟

في الواقع، إن الإدارات العامة، بل كل الحيّز العام من مرافق وعقارات ومؤسسات، "أملاك خاصة" بالزعامات الطائفية والحزبية الضيقة، ما يمنع المراقبة والمحاسبة، ويفتح الأبواب على مصراعيها أمام كل أشكال النهب والاستغلال والعربدة.

إن ما يسمى تجاوزاً بـ"دولة" الطائف هي ليست دولة على الإطلاق، بل هي "ائتلاف" تناحري مافيوي بين الزعامات الحزبية - الطائفية و"رجال الأعمال". إنها "دولة" تسير بلا موازنة منذ سنوات، وتتخلى عن مسؤولياتها الوطنية في التحرير وصد العدوان الخارجي، و"تلزمها" لجهة غير "دولتية"، وتتخلى عن مسؤولياتها الاجتماعية لتكتفي بتكريس "اتفاقيات رضائية" بين الطرف الأقوى بالمطلق، اتحادات أرباب العمل، ومن يدعي تمثيل العمال، الطرف الأضعف، وتتخلى عن مسؤوليتها في تأمين الخدمات العامة من نقل وصحة وتعليم لـ"القطاع الخاص"، وأصحابه أرباب السلطة أنفسهم، ولا تبالي بأكثرية المواطنين الذين لا يستطيعون دفع التكاليف. إنها "دولة" منح العقود "بالتراضي"، و"دولة" الإدارات الموازية للإدارات العامة وغير الخاضعة للمساءلة والمحاسبة العامة. إنها "الدولة" التي يصادر أربابها الأملاك العامة، لا سيما الأملاك البحرية والنهرية، لحسابهم الخاص... واللائحة تطول

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net