نظمت دار نلسن بالتعاون مع دار الفرات ندوة وأمسية شعرية للشاعر نعيم تلحوق حول كتابه "شهوة القيامة" شارك فيها الكاتبة مهى خير بك ناصر، رئيس تحرير "تحولات" سركيس ابو زيد، الدكتور محمود شريح، وأدارها الناشر سليمان بختي، بحضور عدد من المهتمين والمثقفين في اطار فعاليات معرض بيروت للكتاب الدولي الـ57 في البيال لهذا العام.
بختي
اعتبر بختي قصيدة نعيم تلحوق سؤالاً يُطلق في وجه الدنيا، صبوة الجمال المستحيل، صرخة عبور الى نهضة مرتجاة، شوقاً الى حلول وذوبان يلامس أعتاب الصوفية. فنعيم تلحوق يتأرجح بين الحكمة والمعرفة، بين النهضة والنكوص، بين اللغة والحياة. في شعر نعيم تلحوق زواج الحق والحكم على ما يقول جان بولان. في صوته تلمس تلك المسافة الصعبة بين الكلمة والفكرة.
واضاف: وبعد الشعر كلام بلغ ذروته من الإحراق والاحتراق، هو كلام لو رقد فيه مخمور لصحا، ولو قرأه مكلوم لشفي ولو قرأه العاشق لخطّ سطراً في الهوى ولو ظهر الحسن وأغرق العينين فما أصعب الغفا. وتابع: يا صديقي نعيم نصيب الشعر في الحياة ان يفسر المستحيل والغامض واللا بدّ منه. ونصيبك فيما تكتب ان تمتلئ من نفسك ومن العالم ومن الآفاق ومن التيه وان تقبض على جمر المعنى ثم تفلته، وهكذا حتى ينتهي الوجود أو هكذا حتى تصير على الظن والاحتمال خيطاً من خيوط المساء في ذروة الفجر.
خير بك ناصر
استهلت خير بك ناصر كلمتها بالقول: بهذه المعطى تُعبَرُ عتباتُ البوح في شعر نعيم تلحوق، وبه يتمّ الكشف عن جدلية العلاقة بين الناطق والمنطوق، بين الثابت والمتحوّل، بين الحسيّ والمجرد، بين الظاهر والباطن، بين الرياضة والمجاهدة، بين جدليات تتحاور في ديوانه الجديد "شهوة القيامة". بهذا المعطى يُقرأ بوح الشعر، وبه تنفتح حجب المعاني وتتكشّف الدلالات، وبه تُدرك المعقولات، ويُعرف عالم الحلم الذي يصوغه الشاعر من رؤى تجسّد نتاج كيمائية التفاعل الدينيّ والثقافيّ والمعرفيّ والحضاريّ في مختبر إبداعيّ يمايز نتاج نعيم تلحوق الشعريّ الغنيّ بالمعاني والدلالات والرموز والإشارات.
أبو زيد
استهل ابو زيد كلمته بالقول: لقد أتمّ نعيم تلحوق ظهوراته العشرة، ربما في محاكاة رمزية لتجليات إلهية عشرة، كما تقول إحدى الفلسفات التوحيدية الإلهية. لكن في سياق التطور كلُّ تمام آني، يبقى نقصاناً في مدى الكل، ما دام نتاج فرد. وما بين العام 1986 ميلاد ديوانه الأول "قيامة العدم" إلى العام 2013 ميلاد ديوانه العاشر "شهوة القيامة" سبعٌ وعشرون سنة كرّس فيها نعيم تلحوق عطاءه شاعر القلق والبحث والإمحاء والانوجاد والتحول والتكون والثورة والنقد والتمرد والحب.
وتطرق أبو زيد الى كل ديوان وصولاً الى ديوانه شهوة القيامة، حيث اعتبر أن نعيم وزّع ديوانه في الشكل مبتدئاً بإهداء إلى ملهمته التي لا تنفك عن وظيفة الخلق والانوجاد، وكلمة تبدأ بها كل الأشياء واللوحات… في كلمة التعريف يصيغ نعيم نسقه الشعري بمسار خلق من "هو وهي" إلى "هي وهو". والـ"هو" والـ"هي" صورتان لذات تصارع ذاتها وتخلق من الجَدْل الثنائي حبل صرّة لا ينقطع خلقاً ليقوم العدمُ في الوجود تجدداً. أما جسد الكتاب فيتوزع لوحات ثلاثاً عنوَن الأولى سقوط الشهوة قبل التداعيات، الثانية احتمال الخروج من الأمكنة والثالثة رقصٌ على عرش الكلام.
وقال: إن نعيم تلحوق هو نتاج جدلية الشعر والفلسفة. وبداياته الشعرية كانت مع الفلسفة. مطلع شبابه قرأ كتب الفلسفة فهجر الطفولة باكراً ليبدأ بالأسئلة الكبيرة فلقح وعيه بالقضايا الكبرى. جمع بين الفلسفة والشعر وبين اللون والاسطورة والتاريخ، فكانت قصيدته مشبعة بالفكر واستحضار الحضارة العربية وتطلعات النهضة القومية مع انحياز جدي الى لغة غنية بالرموز والمفردات وهي أصدق تعبيراً وأبهى جمالاً ولها طعم خاص وهوية خاصة، اضافة الى تطعيمها بمزيج فلسفي وصوفي وبلاغة شعرية من ناحية تركيب الصور وخلق فضاء متخيل لا يشبه الأمكنة المستعادة. للشاعر تلحوق لغته المتميزة والفريدة واسلوبه الخاص… ينظر في شعره الى جوهر الحياة وحقيقة الكون من خلال العمق والبعد الصوفي، الذي يتميز به، كما يعمل على تطويع النص والمفردات والشعر وربطها بالعقل.
شريح
اشار شريح الى أن في قصيدته "شهوة القيامة" عنوان ديوانه، أي تسمية الكل بالجزء، يتساءل نعيم تلحوق عن جدوى طوفانه حول أسمائه، فيصغي إلى طير غربته… في هذه الغنائية الحالمة ثورة هادئة حدّاها العقيدة والغرام، وما بينهما شقاء مبارك. تجنح قصيدة نعيم تلحوق الى طرح السؤال وسؤاله رغبة ورغبته مدى، وقصيدة نعيم تلحوق رسم الذاكرة في غنائية رقيقة.
وختمت الأمسية بقراءات شعرية للشاعر من كتابه الجديد "شهوة القيامة" رافقه فيها على العود الفنان تميم هلال وعلى الكلارنيت الفنان طارق بشاشة.