الفنان محمد صفوت إبن حلب العظيمة بكل ما فيها من تاريخ وتراث وشعب رائع مليء بحس الانتماء للوطن، يحيا الفنان حياته في لوحاته، وفي ألوانه، ليعبر عن الحب الذي يربطه بجميع الناس، فرسم الفنان مدينته وشوارعها وقلعتها وحكايتها، إيماناً منه بجلب بعض من السعادة التي تعينه على الحياة، فيزيل في لوحاته الصدأ والغبار، ليرتاح من وطأة الحرب التي أبعدته عنها، التي اغتالت روحه فيها وأصبح بعيداً عنها، ويستقر في مرسمه الجميل والصغير في حي بربور في العاصمة بيروت، بعدما ضاق بلده بساكنيه، فأصبح مرسمه ولوحاته هي نوافذه على الكون الوحيد للعودة للحياة.
في كل مرة ألتقي الفنان محمد في مرسمه، أشعر بالسعادة بعد أن أشاهد الحياة تريد أن تذهب الى الأمام، مع كل إحساس داخل اللوحة يوَلد خلقاً مغايراً لاكتشاف عالم لا يتسطح فيه الجمال ويصبح نقلاً حرفياً للموجود لتقدم شجناً بين حياتنا.
لحوار الفنان مع الطبيعة علاقة روحية، فالمَشَاهد الطبيعة لا تحمل مجرد صور بل تشعر به قلوبنا تجاه تلك المشاهد، مقرونة في دواخلنا بمشاعرنا وهذا ما يضفي عليها حالة إنسانية تعاطفية فنية مختلفة. فمن خلال اللون وبه، يصور ويرسم ويعبّر، وبنوع من حساسية شاعر تربطه بأدواته التعبيرية جملة من العلائق الحميمية المتينة والمتكافئة.
يقدم الفنان محمد صفوت من خلال فن اللوحة أسلوباً جديداً وخاصاً لا يتقنه سواه مثله، من منظور وجداني تنضح بها أعماله جميعها فيتجلى بحثاً بصرياً في روح الطبيعة ويجردها لينقل المشهد إليناً تعبيراً مكثفاً.
الفنان محمد صفوت من أهم الفنانين في رسم البورتريه لعلاقته مع اللوحة كجسد بدائرة مفتوحة تكمل نفسها فقط في الأشياء والعالم.
فالفنان يريد أن يحيا حياته الحقة في لوحاته، متجاوزاً كل المحن، إن في لوحاته وألوانها كحياة ونبض يخصه فيعبّر دائماً عن الحب الذي يربطه بالناس فيوزع ألوانه ومساحاته لتعتبر قوة هائلة للاستمتاع بالحياة، ليعكسه في لوحاته بالحيوية وبالتفاؤل وبالحماس..
(( ولد الفنان التشكيلي “محمد صفوت” في مدينة “حلب” عام /1949/، درس الفن دراسة خاصة، وتخصص بالتصوير الزيتي، وهو عضو بنقابة الفنون الجميلة في “حلب”، وعضو باتحاد الفنانين التشكيليين العرب، متميز في رسم الوجه الإنساني (البورتريه)، انتقل إلى مدينة “الرقة” عام /1972/، وهو في العقد الثالث من عمره، ليساهم مع زملائه من الفنانين التشكيليين من أبناء “الرقة”، في تأسيس تجمع فناني “الرقة”، في عام /1967/، والذي كان ثمرة لجهود الفنانين الذين أرادوا المساهمة فيه، ليعبروا عن تجربتهم كجماعة، وليس كأفراد، وقد ساهم هذا التجمع في توحيد العطاء الفني في المحافظة.
أول معرض لمحمد صفوت، كان في عام /1970/، له تسعة معارض فردية حتى الآن، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية داخل سورية وخارجها، أعماله مقتناة في الكثير من دول العالم، تميزت أعماله بالألوان الانطباعية، بعوالمها الوسيمة، وموجوداتها المتنفِسة فوقها بارتياح وهدوء!!