في يوم منصور عازار يجتمع الأحبة والعيون شاخصة إليه، إذ إن الكبار وإن رحلوا عن هذه الدنيا نشعر أنهم بيننا. وها نحن نجتمع في ذكراه لنفتح القلوب والعقول على بيادر عطاءاته.
– مفكرٌ متشبعٌ بالفكر والمعرفة.
– سياسيٌ أمينٌ لمدرسة الكبير الزعيم انطون سعادة.
– مغتربٌ بنى لبنانه رسالة إنسانية وحضارية تتميز بنقاوة أهدافها.
– لبنانيٌ أصيل لم تُبدل الغربة انتماءه إلى وطنه لبنان.
صحافيٌ حمل قلمه ومنبره إلى كل مغترب، يسكب الكلام مقالات ومحاضرات وندوات تضج جميعها بالحياة والحماسة والمبدأية.
هو صاحبُ القلب الكبير المليء بالمروءة والوطنية والبساطة الراقية، وعندما تتكلم عنه فإنك تتكلم عن أولئك اللبنانيين الأوائل إذا قلبت أوراقهم فإنك تقع لدى كل منهم على قصة اغترابية خالدة في قلوب الناس وفي مجتمع المغتربين. هؤلاء الرجال آمنوا بأن قيمة المرء بما يعطيه لا بما يأخذه، وبما يتصدق به لا بما يجمعه.
ها هو منصور عازار وحتى أيامه الأخيرة يسير مع رفاق له، حاملاً مشعل النضال والعلم والوطنية لم تُتعبه السنون لقرن من الزمن. حمل على كاهله قضية شعبه بكل إخلاص ومحبة. وكان دأبه المثل القائل "الناس أخبار فطيبوا أخباركم"، ولذلك كان دائماً خبراً طيباً بين معارفيه ومحبيه.
ها هو جندي من جنود النهضة آمن بأن الدماء التي تجري في عروقه ليست ملكاً له بل إنها وديعة للأمة متى طلبتها وجدتها. لقد نظر دائماً إلى الأعلى. وكان رفاقه في الحزب السوري القومي الاجتماعي لديهم السر الذي يحركهم، وهو أن الحياة كلها وقفة عزٍ فقط. يكبرون كلما كبر الزمان وهم والدهرعلى وتيرة واحدة.
أيها العزيز الأمين منصور
إن ذكراك تنادي المغتربين وتناديني لكي أتابع المسيرة وأعاهدك وإياهم أن نمضي إلى الأمام لأن الدنيا تمشي إلى الأمام، نأخذ من تراثكم وتعبكم ونضالاتكم لنكمل المسيرة مهما بلغت التضحيات، ومهما علّت أصوات النشاز المتطفلة على الاغتراب ومؤسساته، ونعدك أننا كما كنت لن نقبل التعامل مع الاغتراب بمنطق السياسات الضيقة والحسابات الطائفية العقيمة.
سنعمل بقوة على تثبيت العلاقة بين الدولة وبين المغتربين، لأن لبنان يحتاج إلى كل مساعدة إيجابية ممكنة. فكم بالحري أن نتعاون مع أبنائه المنتشرين الذن يشكلون احتياطه الاستراتيجي.
إننا نعلم كم كنت تتطلع إلى اليوم الذي تتحد فيه الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وكم كنت تتوق إلى هذا الإطار الذي يُوحد المغتربين والمظلة التي تقيهم مصاعب الغربة.
إننا نزف إليك البشرى بأن يوم وحدة الجامعة بات قريباً جداً، وستشهد الأشهر القادمة مؤتمرأ واحداً للجامعة يجمع الشمل ويوحد الكلمة ويحمي المصالح ويعزز العلاقة بين بلدان الاغتراب ولبنان.
إننا فيما تقدم وبإسم المغتربين ندعو الجميع لأن يفتشوا دائماً عن الوحدة، وأن نعمل جميعاً على إبقاء لبنان نموذجاً لحوار الحضارات والأديان، وتبقى الديمقراطية والحوار والمشاركة الأقانيم الضرورية لتعزيز السلم الأهلي. والقدرة الوطنية لمواجهة أي نوع من التحديات إن على حدود الوطن التي يمكن أن تنشأ من العدوانية الإسرائيلية أو أي نوع من التحديات الإرهابية التي تُشكل تهديداً للوطن والسلم الأهلي.
إن منصور عازار وإن أغمض عينيه على الدنيا إلا أنه حاضرٌ في قلوب وعقول محبيه، وما هذا اللقاء إلا إستعادة لصور كثيرة من حياة هذا المناضل، لا بل هو مناسبة لتجديد العهد بأننا سنبقى أصحاب رسالة حضارية مقيمين ومغتربين نعمل أبداً من أجل لبنان وتقدمه وازدهاره.
* مدير عام المغتربين في وزارة الخارجية