محمد وليد الحاجم
برعاية جوزف أبو رزق وبالتعاون مع الفنانين محمد وحسن عقل، اُفتتح معرض فينيقا للفن التشكيلي العربي في القاعة الزجاجية، وشارك في المعرض الذي حمل عنوان: «وشم»، نحو 29 فناناً وفنانة من لبنان وفلسطين والسعودية والإمارات وسورية، جمعتهم ثقافة مميزة، وعبروا عن روح عامة واحدة، دون أن تفقدهم تلك الوحدة حرية التنوع الذاتي فى الرؤى، والأصالة فى الإبداع.
نظم هذه التظاهرة الفنية الفنانان والناقدان التشكيليان السعودي مؤيد منيف والسوري عبود سلمان، في قلب بيروت النابض بالعروبة والأصالة والجمال والإبداع والفن والفكر. ومنهما نجد القول أن قوام الإبداع مسكنه المدن الحضارية والإنسانية والجمالية، وبيروت إحدى أهم عواصم سحر الشرق، كي تكون نواة مرجعية لكل إبداع تشكيلي عربي وإنساني!.
يقول الفنان والتشكيلي الناقد مؤيد منيف: "تتجلى روح نبض هذا التجمع والتظاهرة الكبرى في مدينه بيروت. في كونها ليست المحطة الأولى لنا في شكل تجمعنا التشكيلي العربي. فقد سبق العرض البيروتي عروضاً في سوريا والجوف والخبر والإسكندرية والرياض وجدة واللاذقية وحلب والدمام، وعلى مدار سنوات قد بدأت أول ملامحها في عام 2000م، واستمرت بإيقاعها الاحتفائي والاحتفالي، في مسيرة كان لها نبض جمال عطاءها المتدفق بلا حدود، ونظراً لكثرة المعوقات والصعوبات في يوميات الواقع التشكيلي العربي. اخترعنا منتهى الأساليب الإنسانية والجمالية التي تجعل من تجمعنا مهماً وهاماً، فكان الانترنت ومنتدى الميادين للإبداع العربي الذي تم تأسيسه على الشبكة العنكبوتية ليكون هو محطة لقاءنا عبر الأثير، كلاً حسب دولته ومكانه، ونظراً لأننا جهة إنسانية ومستقلة، ومن قوام أي مجتمع مدني. كان لنا شرف التواصل بالمراسلة والعرض أيضاً كذلك، حيث تصدى كل فنان أو فنانة للقيام بدوره، بحيث يوصل الطرف الآخر إلى بر الأمان، ويقام الملتقى كما فعلنا في محطة بيروت، ومن الجميع يتم الاشتراك للإقامة على المحطة الأخرى في دولة عربية أخرى.
ويضيف منيف: "دائماً في الذاكرة التشكيلية العربية هناك هم الهموم في زرع معالم الحب والجمال والمحبة في سلام. لأننا كلنا نبض إنساني وتشكيلي عربي، وما أجمل أن تكون بيروت في محطاتنا.
بدوره قدم الناقد التشكيلي العربي السوري عبود سلمان زملاءه بقراءاته الجمالية معبراً عن محتوى جماليات كل تجربة على حدى، وقال: "نتابع في لوحات الفنان التشكيلي السعودي مؤيد منيف رؤى تجريدية، تأخذ من الصحراء مدرسة لها، تعالج بألوان المائي والإكرليك والأحبار والرمل، قضايا إنسانية من شمال الجزيرة العربية، وثقافة حضارة سكاكا الجوف، وقيمة التاريخ والقلاع والنقوش فيها، من حناء النساء ومطرزات السدو. وفي أعمال الفنان التشكيلي اللبناني عباس عقل التي تنتمي لوحاته إلى فن الغرافيك المشغول بالقلم، قلم الحبر الأسود، وقلم الفحم الأسود والحبر الصيني وتلك الرؤى السريالية المشبعة بالأفكار والرؤى.
أما في لوحات الفنان التشكيلي اللبناني المصمم حسن عقل حيث يقدم في أعماله، الكثير من الرؤى الإستشراقية لفن استخدام الحرف العربي في اللوحة الفنية التشكيلية العربية.
في لوحات الفنان التشكيلي السوري هادي قاصوص، الذي يقدم مجموعة من أعماله في الرسم على القماش في زهاء اللون وبريقه، وصخب خطوطه الملونة، وألوانه بمساحات تجريدية انفعالية.
أما المصورة الضوئية الفلسطينية سعاد شهاب، التي تقدم لوحاتها الضوئية في هذا الملتقى لأول مرة. وذلك عبر ما تقدم من لوحات من الحجم الصغير لتكون أعمالها وأفكارها النافذة على كل ما هو سائد.
الفنانة التشكيلية اللبنانية عبير عربيد قدمت موزاييك لوني وابداعي يتفرد في حمل هموم الخط واللون.. في ثلاثية تحمل الكثير من خصوصية اللوحة المكتظة بتدرج هارموني ساحر متموسق بألوانه وإيقاعاته.
أما لوحات الفنانة التشكيلية اللبنانية ثريا حلال فتأتي من خلال جماليات الطرح التشكيلي الذي أوقفته على شكل يوميات معاشة عبر جماليات رسم واقع الرجل أو المرأة أو حركة الناس، والنافذة و والورد والأشياء الأخرى، والكرسي أو الباب الشرقي وأصيص النباتات.
الفنان التشكيلي السوري عز الدين عبود (المعتزل) الذي اعتمد في لوحاته وتجربته على السابحة في لوحاته بألوان حارة ومدهشة وصادمة، وهي التي اعتمد فيها على ذاكرته وذكرياته ومشاهداته من الطبيعة والأحداث التي تحيط به، ليعبر عنها في جماليات مختلفة مرات تأخذ من ملوناته الكثير من الانتباه والدهشة، وتكون مصدر إبداعي آخر.
في حين نشاهد تجربة الفنانة التشكيلية اللبنانية سناء حلال التي قدمت أعمالها لأول مرة، وهي أعمال تحاكي الزهور والطبيعة بألوان مائية. كما نبحث في تقنية التصوير الضوئي مع الفنان الضوئي السوري خالد وردي وقيمة الطبيعة الصامتة وتصاويره للبحر والبيوت والناس.
الفنان الفتوغرافي أنور صالح عراقي أبدع في تصوير الطبيعة اللبنانية من مناظر خلوية وطبيعة صامتة وزهور ونباتات وفواكه وآثار حديثة وقديمة.
وتبقى تجربة الفنان التشكيلي الخطاط فادي العويد من سوريا لتفصح عن جماليات دفينة مابين شكل جمال رسم الحرف العربي وتجسيده لجماليات حروفه، وذلك عبر ما يشتغل عليه في تقنية تصويره للحرف واللون والتصميم.
كذلك ما قدمه الفنان التشكيلي والخطاط الحروفي السوري غسان إسماعيل عبر ما أظهرت لوحاته في مؤثرات النفس حركية في حرارة دافئة عوالمها الخطية واللونية والتي تشكل الوجه الحقيقي لإبداعه في شكل كتابة لوحته التصويرية التي تقف عند الحرف كقيمة فنية وإبداعية خلاقة.
أما الفنانة التشكيلية وردة فرشخ فهي الفنانة التشكيلية التي تشتغل في فنها على تجسيد جماليات الطبيعة حول طبيعة جبال لبنان، وبأسلوب تجريبي يميل إلى استخدامات اللون الواحد البني وتدرجاته الهارمونية والمونوكرامية، تبقى تسكن ألوانها أبعاد نفسية تحاول الفنانة الإفصاح عنها في تلافيف داخل العمل الفني.
وعن معالجة الوجه الإنساني في لوحته يظل الفنان التشكيلي النحات اسماعيل سلمان حاضراً في أعماله الفنية المشبعة بتقنيات الرسم التصويري الوحشي المعجون بالدهشة والمفاجآت، والذي كمن خلاله نحس بجمالياته و بحس تعبيري متناغم ما بين الانفعال وتوشيحات اللون الدرامي.
كذلك الفنانة التشكيلية اللبنانية حليمة الاوسطة التي تقدم أعمالها في مجهود حفظ التراث اللبناني الشعبي حيث تتصدى لفكرة إعادة تدويره جمالياً، وإعادة إنتاجه بعين جديدة، وروح جديدة لتقدم خاصية إبداعها لكل الناس، وتفرح بتقديمه لهذا الزمان الذي يشهد تحولات كبرى، أفقدتنا بعض خصوصيتنا، وجعلت من أعمال الفنون التطبيقية لا تضيع كما ضاعت الحرف اليدوية التي أقيمت عليها لبنات حضاراتنا الشرقية بالمنطقة الشرقية.
وفي لوحات كلثم عبد الله صور ضوئية عن قلاع وبحر دبي ونقوش جمال إبداعها على شواطىء أرض الإمارات وصحرائها. وقد أبدعت في تصويرها في أوقات جعلت للصورة الواقعية في روح تسجيلية مدهشة يغلب عليها اللون النقي والأزرق والبني، وبعض جماليات اللون المحلي في تلك المناطق التي تدهش الرائي في الغسق والشفق.
الفنانة التشكيلية اللبنانية ملكة عازار جاءت مشاركتها تجربة هامة حيث رسم الورد والبيوت البيروتية والطبيعة الإنسانية في سحر نبيل.
ومن الأسماء التي قدمت مشاركاتها الفنان التشكيلي نصر الدين عراقي في رسوماته الدقيقة التي كانت مفاجئة للجميع. والفنان عقيل أحمد في تجاربه الحروفية الجميلة وتجربة الفنانة باسكال مسعود حول أسواق بيروت القديمة، فقد أبدعت في شفافية ألوانها، وجمال لوحتها المشاركة بها. كذلك أعمال حواء حلال وأعمال منى عز الدين عندما قدمت لوحتها حول الناس وألوان الأطفال، في إبداع رائع. وهذا ما قدمته الفنانة رباب أمين في أعمالها الرائعة، والتي تدور حول واقع المرأة وجماليات البيئة المحيطة بها. ومجد أبو كرم في لوحاته وجمال حسه الإبداعي فيها. والفنانة اللبنانية روبي الحلو التي قدمت لوحتين حول الحس التصويري والطبيعة الإنسانية حيث تألق اللون والضوء بهما.
وحسن مداوي وجماليات بلاده وألوانه وواقعته السحرية التي تغوص في جمال جنوب السعودية، وقدم رؤية كاملة للعين العاشقة في التقاطاتها الجمالية.
أقيمت على هامش المعرض أمسية شعرية شارك فيها الشاعر الدكتور محمد خالد الشاكر، والشاعرة ياقوت دندشي، والشاعر محمد علوش، ورافقهم عازف العود أمير عيسى، كما أقيمت جلسة نقدية للأعمال المشاركة.