احتفلت دارصادرللنشربمرور 150 سنةعلى تأسيسها،حيث تعدأقدم وأشهرمكتبة عربية.
وكانت المكتبة العمومية التي تأسست في 1863م على يد إبراهيم صادر «الجد»،ثم تحول اسمها إلى مكتبة صادرفي 1907م على يد سليم صادر «الأب»
أما تحولها إلى الاسم الحالي «دارصادر» فقد تم في عام 1952م،على يد أنطوان صادر «الابن».
كانت دار صادر، خلال قرنين سلفا، ثانية أهم مكتبتين في بيروت بعد المكتبة الشرقية، ما جعل طالبة الدكتوراه هالة البزريتعد أطروحة دكتوراه في التاريخ المعاصر بعنوان: «الكتاب والنشر في لبنان خلال النصف الأول من القرن العشرين، محاولة لاستعادة ذاكرة مفقودة»، إشراف جان-إيف مولييه ، باريس ، جامعة فرساي سان كنتان ، 2013. وخصصت جزءاً منها لقصة نشوء مكتبة صادر.
ويروي ثقافة تاريخ روايات عدّة عن بدايات عائلة صادر المهنية، بحيث تتداخل الروايات المختلقة والوقائع. فالذين كان بإمكانهم رواية أحداث ذلك الزمان، مثل إبنَي إبراهيم صادر، لم يفعلوا ذلك. وإذا ببعض أولاد الأحفاد يسعون إلى إعادة تكوين الماضي، فيما يعتمد آخرون على المخيّلات.
هكذا نشأت روايتان مختلفتان لقصّة آل صادر وأسطورتهم مع الكتاب وصناعته. الأولى تقول: إن إبراهيم صادر، كان مُصلّح مظلاّت (شماسي) ، وكان زبائنه بخاصة من رجال الدين والكهنة الذين يقصدونه في «دكّانه» الكائن قرب التياترو الكبير في بيروت (المسرح) وسط بيروت. وحين كان هؤلاء يفتقرون إلى السيولة، غالباً ما كانوا يسدّدونه بدل أتعابه كتاباً أو أكثر. ما حدا به العام 1863، أن يعرض الكتب المستوفاة في حانوته حتى أصبح مقصداً لشراء الكتب.
أما الرواية الثانية للقصّة، فهي تلك التي تتذكّرها إيما، المولودة صادر، وهي زوجة أنطون بن سليم بن إبراهيم صادر، ووالدة أبنائه الذين يديرون اليوم دار صادر. وكانت دار صادر تكبر مع الأجيال من جيل إلى جيل حتى غدت امانة ثقيلة يحرص كل جيل على تسليم راية انتقالالأمانة إلى جيل تم تاهيله وتدريبه ليتقدم بالمؤسسة إلى الأمام ويواكب عصره.
ففي العام 1893، نقل إبراهيم صادر صلاحيّاته إلى ولديه بموجب عقد نصَّ على أن المكتبة العموميّة والمطبعة العلميّة يشكّلان معاً شركة واحدة يملكها الوريثان، على أن يتكفّل هذان الأخيران بإعالة أبيهما وأمّهما حتى وفاتهما.وبمقتضى هذه الوثيقة، كان سليم وحده مخوَّلاً التوقيع باسم المكتبة ويوسف باسم المطبعة. وقد دامت هذه الشراكة إلى أن قرّر الشريكان وضع حدّ لها.
وما لبثسليمأن اضطر إلى نقل صلاحياتهإلىابنه أنطونحوالى العام 1924، بعد ان أُصيب سليم بفالج شقّي. والأرجح أنه منذ ذلك التاريخ بدأ ولده انطون، إبن العشرين ربيعاً، بالحلول محلّه إلى أن تولّى المسؤوليّة كليّاً اعتباراً من العام 1935.
شهادات للتاريخ
يقول الدكتور إبراهيم شبّوح في مقال بعنوان : المرتكزاتالفكريةلدارصادر – التراثالعربيوالإسلامي: … إنّ دار صادر التي أنشأها إبراهيم صادر في بيروت سنة 1863 مسيرةٌ علميّةٌ موفّقةٌ في تاريخ ثقافتنا، خدَمت اللّغة العربية وآدابَها، واهتّمت بالإسلام ورجاله تَفْسيرًا وتراجمَ وتاريخًا وحضارةً، فصنعَت بذلك مرتكزاتٍ مكينةً راسخةً في خدمة ثقافتنا وتُراثنا العربي والإسلامي".
ويقول الدكتور محمد يوسف نجم في مقال بعنوان "مكتبةصادر – أقدمالمكتباتالحيّةفيبيروت" صدر في مجلّة الأفكار العدد 576 السنة 11 تاريح 23/8/1993 نقتطف منه: والمكتبة الثانية، والأهم ، هي مكتبة صادر ، لصاحبها أنطون صادر ، التي كانت أقدم المكتبات الحيّة في بيروت إذ أُنشئت سنة 1863 على يد إبراهيم صادر وكانت دار نشر ومطبعة ومكتبة في آن معاً وكانت تقع في أول شارع أللنبي على يمين القادم من شارع ويغان . هذه المكتبات كانت تمدّنا بالكتب والصحف والمجلاّت التي نحتاج إليها .
ويقول الدكتور إحسان عبّاس في رسالة بعنوان "دارصادر- مصدرإشعاعفيعالمناالعربي": لعلّ العالم العربي لم يشهد ناشراً في مثل نزاهة «أبو سليم» – أعني الصديق العزيز أنطون صادر وفي مثل روح الإنصاف لديه وفي تقديره للكتاب وكلّ من يتّصل بالكتاب . لقد أمضى ستّين سنة وهو يعمل بجدّ واجتهاد من أجل توسيع الدائرة الثقافية في عالمنا العربي ، وفي نشر الثقافة العربية . لقد ورث «النشر» صنعة عن أبيه وتحوّل بها إلى فن جميل ممتع مفيد .
في مناسبة الاحتفاء بذكرى تأسيس دار صادر، تحيي "تحولات" آل صادر عبر اجيالهم المتفانين في خدمة الثقافة واهل الكتاب وصناعته جيلاً بعد جيلاً.