اللوحة الاولى
***
هذا الغبارُ الذي يعلو قلبكَ حبيبي
ليس سوى
بقايا أجنحةٍ…شيعتهُ إلى الحلم الأخير
أنا النجمةُ ..التي بقيتْ شمالهُ
دموعها..مناديلُ ضوء
تمسحُ عن وجههِ الموت..
لتعيدهُ…قمراً
إلى واجهةِ السماء.
***
اللوحة الثانية
***
على براقِ عطركَ حبيبي أسرى قلبي نحو ممالكِ النّور
القلبُ مفتاحٌ لأنهارِ الجسد
الجسدُ بوابةٌ من وردٍ
تضوعُ منها ينابيع الروح
الرتاجُ..وهجُ قبلةٍ
ترتيلةٌ من عبيرِ النّغم …
تسبّحُ باسمِ الحبّ وتنادي :
أن حيّ على أقدسِ أسرار الماء..
***
اللوحة الثالثة
***
سأطلقُ سراحَ ربيعكَ
من عطر أصابعي
ثمّة فراشاتٌ تسكنُ في دمِ الضّوء
تهفو للرّقص
***
اللوحة الرابعة
***
عندما يبكيكَ الحنين
عطراً للقصيدة
أنادي على البحر
أرجُّ دمهُ في قلبي
كي تشمّكَ الدموع ..
***
اللوحة الخامسة
***
حبلُ الغسيلِ المعلّق بين دهرين
نشرَ أكمامهُ سرّاً في ذاكرةِ المدينة
يُحكى
أنّ الملابسَ التي نذرتْ له ياقاتِها
تركتْ أزراراها تراقبُ التعاقبَ
الدائر فوقَ كراسي المقهى
***
اللوحة السادسة
****
الماءُ لايغفو على الأجنحة الرطبة
أسرجْ لمطري هودجَ الضوء
لأقيم أبداً في عينيك
عجباً…كيف صباحكَ يرتدي قلبي
دون أن يفكَّ أزرار نومهِ
سأزوّر تاريخَ البرد
لتغدو حبيَ الأول …
كغرابٍ… دخل حلمنا صدفةً لوحته الرمادية
خرجَ ملوّن الريش …
يجيبني كبيرُ الليل وهو يحجز الفجر …حتى آخر رئة :
قابيلُ المقيّد إلى جذع التوبة … لن يقتلكما الآن
أتأكد من ثلاثيتنا..
شعرُ القصيدة … أفردهُ كي لايملّ الضوء
عصبُ الدفء يلمع .. كلما بلع الظلام ريقهُ
مكنسةٌ تشربُ كؤوس النهار..تحلمُ بغبارٍ لايرقص
نتذكر أحزانَ تيلماخوس
حين نهمّ نحو مدينتنا الأخرى
نحتطبُ لدمنا…دروباً منسية
فيها مقعد حجري وحيد …يلمّ أشلاء الحياة
شلوٌ تلو آخر
نرتفع أقماراً ..دون ذئابٍ تُذكر
*تيلماخوس اسم روماني قديم يعني أوقفوا القتل
***
اللوحة السابعة
***
كيفَ أنعشُ ألحانَ ضوئكَ ..
و قلبي نغمةٌ
في صدرِ البيانو القديم ..
هل تذكرُ المفاتيح…؟
كانتْ أصابعُكَ الصّول ..تمتدُ لنهدِ القصيدة
تنتشي عتمة الأبنوس …
ولا تغني لدمي
***
اللوحة الثامنة
***
أيها البحرُ الذي ينادي على الريّح
كي يهزّ سطحَ موجة
و ينتشي برقصة زبدٍ مؤقتة
أنا بحيرةُ موسيقا في قلبِ السماء
ترقصُ على صفحتها غيماتُ البجع
نشوتها مطرٌ و نجومٌ أُخر
***
اللوحة التاسعة
***
قلبي قررَ أن يسافر
حزمتُ له الصباحَ في حقيبة
قرأتُ عليه وصايا البحر الخمس
دعوتُ نجمةً لم تعرف بكاءً قبلُ ..لتصففَ شعرهُ
عند السادسةِ من صفير الفجر
أيقظتُ قمرهُ المسجّى في دمي كوطنٍ صغير
غسلتُ قدميهِ من رائحة اللّيل
رششتُ عطر الخريف تحتَ ياقةِ حزنه
هذا القلب
يكرهُ الوداع…لن يحضن صمتي لحظةَ الضوء
لن يزرع قبلاً على وجنة التعب
هذا القلبُ .. ابن القلب
قطارهُ …قصيدة
و سكةٌ لا تنتهي … بموتٍ عابر
****
اللوحة العاشرة
***
قمرٌ…وأنا
………………
أطوار
محاقٌ يرتبُ الزمنَ مناجلاً ..أضفرُ شَعري بنجمةٍ حادة
أحضنهُ من الخلف
أهمسُ للظلالِ أن لا تتعب
يزدادُ المدى إمعاناً بمبارزةِ حلمهِ الليلكيّ …
أقشّرُ موزةَ الضوء…لقمةٌ واحدةٌ تكفي
يرميني على كتفهِ… كي لاتتزحلقَ بي فكرةٌ إلهيةٌ شاردة
قبعةٌ لغيمةٍ مراهقةٍ أغدو..وتارةً صيواناً للريح
كعنقودٍ معلقٍ في ثقب ..أصبح قرطاً شهيّاً للأجنحةِ الضّالة..
ماهذا الصفير ؟ صوتٌ يسيلُ في قلبي
قبل أن يفرّطَهُ الضبابُ في سلةِ النّوايا المبهمَة ..
لاتغادري أيتها الشمسُ الأم..
اخسفي وجعكما برضعةٍ قبلَ فواتِ الذئب …قبل مكرِ النور
يا خلوَد المغيب… ليسَ الحليبُ خيرُ الماكرين
أطواق
تعشقُ بيَ التّكوين..كنتُ مضغةَ حزنٍ قبل العلقةِ البكرْ
درَجنا معاً…ليتَ لا أكبَرُ
كنتُ أراكَ تعودُ من رغيفكَ…مدوّراً قبل هلالِ جسدي
ليتَ لارحمَ سوى زرقةُ اسمك
صرختُ إليكَ أن ترجعْ.. أرسلتُ وجهَ موتي
قضمَتهُ كائناتُ الهواء …قبلَ بلوغهِ رشدَ الأحدَبِ الأول
منازلُ تتكاثرُ لتصنعَ المدينةَ الفاضية
قربَ نهرِ عزاءٍ لايفيقُ من سكرته ِ
إلا ليقظةٍ تنوسُ في عواءِ الأمنية .
****
اللوحة الاخيرة
***
فيكَ نورٌ ضلَّ…ثم انسكبْ
**************
1-
فاعتنقْ…هلاّ آمنت….!
من أزلِ النّور.. حيثُ الأمكنةُ مازالتْ تتعطّرُ للمرايا
كانَ وجهكَ أوّلَ صفحةِ ماءٍ في سفرِ تورّدي
يعلّمُ الشعاعَ الخجولَ.. كيفَ ينعكسُ دون أن يتكسَّر لألفِ حلم
من أبدِ الحزنِ الإلهيّ…حتى قيامةِ دمنا من موتهِ
كنتَ الآهَ.. ضلعاً ينمو بين رئتي والبحر
ألا تأملتَ …؟
من زمن الغبار أنا ذرةُ َعطرٍ… تتعلمُ من لسعةِ العسلِ بعينيك
أن تقيمَ في قلقِ الضوءِ..مهرجانَ زهرٍ دونَ صخبْ.
***
2-
عندما بغت العتمةُ مع الضوءِ..لتنجبَ قصائدي الحرام
كنتَ تحضّر لترابِ قلبي ماءً حافياً
سرقَ من الوحلِ أفكارهُ اليابسة
نسيَ حذاءهُ عندَ القبابِ الرّاحلة
تاركاً جرساً بلا قبعةٍ ..سجادتين ِ دونَ بسملةٍ حمراء.. كتباً بهويةٍ
أضاعتْ مفاتيحَها المُرسلة.. في سكرةِ الصلوات
القفلُ مقتولٌ بيدِ حارسٍ
لايقدّسُ مرونةَ الموتِ في صلابة الحياة..بكى جمرتيهِ و انطفأ
اتعظْ
صلصالُ مدينتي معجزةُ التكوين …لافضيلةَ تورق في كهوفها العتيقة
إلا بدم ٍمدفوعِ الأجر…سلفاً قبلَ الخطيئةِ بعمرين..بحقبتين ِ من خمرٍ
بنجمتين ِ من رُعاف الحقول…
هنا العرشُ بيميني.. فوقَ الطقوسِ…. يرمّمُ وجعين
فانظر….هلا ّدققتَ في وجوه ِ العناقيدِ
كم شاخَ فيها النبيذُ قبلَ العصرِ…والعمرِ
حقاً.. إنّ إنسانكَ لفي قهرْ
قُم
اشرح للزمانِ آيةَ صراخي
قبل أن يفورَ الوقتُ نصفين ِ على ناصية ِ الموتِ
نصفٌ يوثق السماءَ بقوسِ الضجيج..
ونصفٌ يلتحي وجهَ العنب..
***
3-
عقدتانِ..ويخيطُ الماءُ ثوبنا الرّضيع
خطوتانِ..و على مقربةٍ من أنفاسِ الحليبِ
يزهرُ صدرُ القصيدةِ..حلماتٍ تلمعُ بموسيقا وردية ّ
لا الصناديقُ في جوفِها ..ألحانُ الأبِ القديمة
ولافرغتْ من الحواسِّ ..أحواضُ الروحِ الأمّ
فانتظرْ…هلا ّانتظرتَ….
هذا الخفيُّ وراءَ عمرَينا
ينكمشُ كلّما تعاظمَ الضوءُ في شفاهِ المعنى..
يكمّمُ عينيكَ كي لاتبكي الحروفُ
يصادرُ قيثارتي..فلا تموتُ الكلماتُ عندَ تسرّبِ الأناشيد
يضرمُ أوتارهُ بدمعهِ .. يحقنُ حناجرَ السُرُج لوثةَ الطّربْ
***
4-
وأنتَ تفكّ أزرارَ قلبي
دعْ آخرَ عروةٍ تكحّلُ المسافةَ الغريبةَ
و اقتطفْ…
هلا ّاقتطفتَ من نبيذِ الغرقِ نجمةً
على قدميها..يتكوّر ُ البياضُ.. دموعاً خجلى الضّوءِ
تستحمُّ بلونها كبحرٍ بلا ذاكرة..
الزمنُ هنا .. ليلٌ يورق بينَ خاصرتين من عطش ٍ
ليسرقَ برتقالةَ النهار ..
الزمنُ هنا…وريدٌ مسافرٌ في أصابعِ حلم ٍ
يحضّر الهدايا في لحظةٍ مجنونةِ الرحيق
يرتّبُ خرزَ أنينكَ…فوقَ جيدِ العُلَب…
****
5-
فالتمعْ…هلاّ التمعتَ
عطركَ أراجيحٌ.. حبلى بالشهبِ
بقايا رحيقهِ..فتنةٌ تقسمُ بيدرَ النور شهقتين
هنا الليلُ لايوجع عتمتكَ ..ليفيق
لايشتتُ سناهُ… لتغفو
كلّ المداراتِ بين عينيكَ أسئلةٌ
كيف ائتلقَ القلبُ.. ارتمى قمراً.. ثم ارتقى ألفَ جوابٍ
كيف استراحَ بين تهمتين .. ولامن طرحةٍ تشذّبُ أناملها لمعراجهِ
فارسٌ ترجّلَ عن صهوة ِ دمه ِ
من برقِ الخفايا موفورَ النبض
من سدرة ِ أحلامهِ بخمره ِ المضيء
انسكبَ..ارتفعَ..قبيلَ الصباح بعنقودٍ ..
تجلّى ثمّ انسحَبْ..!
***
6-
فاستمعْ…هلاّ استمعتَ..
هنا صمتٌ غريبٌ…
لا تنوحُ عنادلهُ في أقبيةِ الضوء
في وجيبِ همسكَ عن مستقرّها تسألُ الأجنحةُ
لرفرفتها ترنيمةٌ.. تحجبُ حزنَ الصّحوِ عن القصيدة
ترسمُ الخدرَ فجرَ رحيقٍ…نغمتانِ..في كلّ شبرِ طلوع
كيفَ الغناءُ تسألني
هذا سجعُ نجمةٍ سكرى
ترقصُ حافيةً بين ضفتينا…
كلما تنامى العطشُ بين قدميها يزغردُ الماء
ولا يسألهُ النهرُ عن السبب.
***
7-
فاشتعلْ..هلاّ اشتعلت..؟
هنا نبوءةُ المواقد..هناكَ دخانُ التيه
كيف العناقُ …تسألني
جمرُ الوقتِ طفلٌ … يبدّل أحلامهُ برمادنا
كل شيءٍ دونَ احتفال الحريقِ…ملحمةٌ
إلا شفتيكَ و بعضُ المغيبِ الطاهر
اتّقدْ..ابتردْ..ثم اتقد واصطبرْ
هنا لاخوفَ على النارِ من الذنوب
هنا روحُ السماءِ..تنبتُ أشفارَ الحطب..
**
8-
فاغتسلْ…هلاّ اغتسلت..؟
هنا الغديرُ يسمعنا …
هناكَ صهيلُ الماءِ يتعلّم
خيلٌ تركضُ ..
أخرى تشعلُ زوابعَ الصمت
مربطُ يديك..
علامةٌ فارقةٌ في وجعِ الضحى
يقرأ طيبهُ فاتحةً
فوقَ جبينِ النّور
يتشكلُ بحيرةً سماوية
تحرسُها بجعاتُ المطر
هلاّ أمسكتَ الآهَ حبيبي
كيما ترحلُ للرقصِ البعيد
و تهمسُ لسلاطينٍ الدجى :
حانَ وقتُ الطرب…!
***
9-
فاقتربْ..هلاّ اقتربت..؟
هنا لحنُ عطركَ..يتماوجُ منديلهُ فوق عنقِ الخرافة
هنا يشيّع الليلُ جناحهُ حتى أوّل الضوء
يشقشقُ ثوبَ الندى …يرفرفُ في الهزيعِ الأخيرِ من دغشتي
يسافرُ كذاكرةٍ.. أيقظها التعب
**********