اتفقتُ مع الأمين منصور عازار على ترتيبِ حفلِ توقيع مذكراته اليوم، لكنه في آواخر آذار أودعني ملاحظاتهِ النهائية وسلمني النسخة الأخيرة قبل الطبع، ورحل في 1 نيسان بصمت وهدوء، وكأنهُ أنجزَ آخر مهامهِ وتركَ لنا مشقة الفراق وأن نُوقع عنهُ سيرتهُ.
لأول مرة لم يحضر على الموعد، رُغم أنه يُجيد إدارة الوقت، لكنه رفض هذه السنة أن يحتفل معنا بعيد ميلاده الثالث والتسعين، ونحن أيضاً رفضنا إلا أن نحتفل بعيد ميلاده رُغم غيابهِ وذلك عربونَ وفاءٍ ومحبة وتقدير، وهو أصلاً كان يُشارك المحتفين معه بخجل تواضعاً ونكراناً للذات، لأنه مسكون بقضية تساوي وجوده، تجسيداً لقول سعاده: "إن الأفراد هم مجرد إمكانية في المجتمع".
لذا نحنُ اليومَ هنا، لنُؤكد له ما علّمنا إياه أن الحياة تستمر والأفراد يذهبون، أما القضية فباقية، والسيرة لن تتوقف وفاءً لطلبه.
بإسم "مكتب الدراسات العلمية" ومجلة "تحولات" وبإسم أسرتهُ الصغيرة وأسرتهُ الكبيرةَ العابرة للمذاهب والطوائف والحواجز والقارات. بإسمهم جميعاً، أرحب بكم لنُعلن معاً وفاءنا لرجلٍ أحبنا وأحببناه، ولذلك نُعاهده أن نُكمل السيرة، ولأن وصيتهُ أن نُتابع المشوار بمكتب الدراسات العلمية الذي أسسه مطلع السبعينات واستمر رغم نشاطاته التجارية والحزبية ليكون منارة فكرية ثقافية.
ونقولُ له اليوم على خطاك سَائرون في تنظيم الندوات وإصدار الكتب ودعم الإبداع والمبدعين، بالإضافة إلى جائزة سنوية تحمل اسم منصور عازار على أن نُعلمكم ببرنامج عملنا في ما بعد.