… ودخلنا عصر الحروب العنقودية.
من أبرز ضحايا حرب الإبادة التي تنفذها “إسرائيل” بحق الفلسطينيين، في غزة وفي الضفة الغربية، ويعاونها فيها الولايات المتحدة الأميركية وحلفها الأطلسي ومن لفَّ لفيفها، سقوط القانون الدولي صريعاً وهذا ما قد يحدث تردُّدات قد تجعل العديد من مرتكبي جرم الإبادة هذه يلعنون الساعة التي شاركوا فيها في الجريمة ويترحمون على زمن ذلك القانون مع نواقصه وأحياناً مع سيّئاته وما أكثرها.
فأي تنظيم للعلاقات الدوليّة ولو كان مليئاً بالسلبيات، كصكوك الانتداب التي منحتها عصبة الأمم لبريطانيا وفرنسا، الإمبراطوريتين الاستعماريتين، يظل يحتوي على قدر من الإيجابية لأنه يقونن تلك العلاقات ويؤطرها ويشكل صمام أمانٍ لتجنب الحرب وإن أعطى أحياناً كثيرة مكافآت للمنتصرين في الحروب. وصكوك الانتداب بحد ذاتها مثال للمكافآت.
جرت العادة أن يكون القانون الدولي ملاذاً للضعفاء، إلا أنه في أحيانٍ كثيرة يشكل مخرجاً للمعتدين والمستبدين إمّا لشرعنة عدوانهم واستبدادهم وإمّا لإخراجهم من ورطةٍ يكونوا هم قد ورّطوا أنفسهم فيها.
إن إيجابيات القانون الدولي لها وظيفة وسلبياته لها وظيفة أيضاً.
ولقد احترق القانون الدولي في الحرب العالمية الثانية ومعه احترقت عصبة الأمم، فقامت على أنقاضها منظمة الأمم المتحدة. واليوم، مع حرب الإبادة المتزامنة مع “الحرب الأوكرانية” يحترق القانون الدولي وقد يجر خلفه إلى النار منظمة الأمم المتحدة.
هذه المرّة سوف يفتح كل من الحربين حروباً جديدة أكثر تعقيداً من الماضي. فحرب الإبادة، ومعها التهجير الجديد للفلسطينيين كما تطرحه الولايات المتحدة ستحدث ما يمكن اعتباره “حروباً عنقودية”، تنفجر تباعاً وتُفجّر معها الجغرافيا وتعبث بالتاريخ، في رقصة تيهٍ لن تعرفِ التوقف إلاّ غرقاً بالدماءٍ وبالدموع وبالندم الفاقد لبوصلة النجاة، ما يسمح بل ويحتم بل ويشجّع على تكرار ارتكاب الأخطاء نفسها، بل الخطايا، وبكلفةٍ مضاعفةٍ مرةً تلو مرّة، وفي كل مرّةٍ، وهنا المفارقة الغريبة العجيبة، يتم توقع … نتائج أفضلّ… إلهي.
أقلّ ما يقال هو أن الولايات المتحدة استخدمت مصر والأردن لفرض الحصار المحكم، الخانق، حول غزة المليونين ونصف المليون إنسان، من كل الأعمار مع أكثرية موصوفة للأطفال والمراهقين والشباب والشابات، مع كل ما حمله ويحمله الحصار من أهوال على الصعيد الإنساني انحصرت في ذاكرة التاريخ بأن الدولتين المذكورتين شكّلتا فكيّ الكماشة العربيّة حول غزة وأهلها، بلا اعتراض، ولا تململ، ولا تلكؤ، على مدى خمسة عشر شهراً كان خلالها الصهيوني اللعين يغرق في عجزه عن حسم المعركة عسكرياً لصالحه فانفضح… انفضح أمام العالم حيث كانت الدعايات المروجة لتفوق جيشه العنصري السادي البربري تعمُّ الآفاق، فإذا بالحقيقة تظهر ناصعة وكذلك فشل السلاح المنتج إسرائلياً والذي كان يقال عنه أنه “سلاحٌ لا يقهر”، كما جيشه الصهيوني، هذا دون الحديث عن انحطاط عناصره وجبنهم الموصوف بحيث صار الغزاويون الأبطال يرددون: “هذا الصهيوني يقتل (من الجو طبعاً) ولا يقاتل. إنه جبان وسرّاق…”.
… ومع ذلك راح الحصار يَطبق، أكثر فأكثر، وفكي الكماشة العربيّة يخنقان غزة وأهلها. لقد أظهرت الدولتان انضباطاً مذهلاً في تنفيذ المهمة، لكن الكماشة لم تنجح في إجبار الغزاويين على الاستسلام. يا له من مشهد.
صارت “إسرائيل” تغرق، يوماً بعد يوم، في عجزها عن الحسم فيتعرض جيشها للإهانة والإذلال على يد الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين، كما يتعرض على جبهة لبنان للإهانة والإذلال من جديد، بعد ذلّ عامي 2000 و2006، وأيضاً على يد اللبنانيين الأقحاح أصحاب الأرض الأصليين، فطلب الصهاينة من واشنطن وبإلحاح شديد التوسط لوقف إطلاق النار لتمرير خدعة هدنة الشهر الواحد من جديد بعد أن كانت قد أنقذتهم إبان حرب 1948، فكانت الهدنة وخلفياتها المخادعة مع تبدّل الإدارة الأميركية وما تحدثه من عواصف رمليّة تُعمي بصر العرب، عديمي البصيرة أصلاً، إذ ظنوا بأن من مصلحتهم أن يثابروا في إطاعة أمر المستعمر الغربي والخضوع الكامل لمشيئته… فكان ما كان، وكان ما هو حاصل.
واشنطن اختبرت، للمرة الألف، ردود فعل الأنظمة العربية، وربما تكون قد فوجئت بدرجة الانصياع حتى في حرب الإبادة… الإبادة، الإبادة التي فجرت غضب الجماهير الغربيّة الشابة فنزلت إلى الشوراع وملأت الساحات هتافات تدعو بالموت لـ”إسرائيل” وللصهيونية، ما شكل صرخات اعتراض تصدر للمرة الأولى في تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية لتشكل صفعاتٍ متتاليةً على وجه الدكتاتورية الصهيونية المتحكمة في الغرب كلّه، بقدر ما تشكل إيذاناً بقرب بزوغ فجر الحريّة في عالم ظنّ نفسه خطأ أنه حرّ فيما هو غارق في العبوديّة والذل، مستعبد من قِبَلِ الصهيونية وعالم المال والمصارف والقوى الخفيّة الشريرة المنتجة لشتى أنواع الجرائم الساديّة. صار علم فلسطين يرمز بالنسبة إلى الأجيال الشابة إلى الحرية والعدالة وصحوة الضمير وخلاص الإنسانية.
المستر واشنطن، المسنود من قِبَلِ جبهة قوية، داخل “الدولة العميقة”، والذي يمثل تياراً قوياً داخل الكتلة الصناعية العسكرية وعالم الاستخبارات والمال – المال – المال والأعمال… المستر واشنطن هذا، وقد تأكد من نجاح معادلةِ التكامل الصهيوني العربي – الإسرائيلي حتى في تنفيذ الإبادة الجاري تنفيذها وفق المعادلة الثلاثية: الحصار عربي والتمويل عربي والمطرقة إسرائيلية والضحية فلسطين… طلب، بأسلوب الأمر الذي لا مفرّ من تنفيذه، ممن يفترض أن يكونوا موضع ثقته بين العرب أن يسهموا مباشرة في تسهيل عملية تهجير ملايين الفلسطينيين من غزة ومن الضفة الى مصر والأردن ولبنان وسوريا والمملكة العربية السعودية وأن تقوم “الدولة الفلسطينية” في مكان ما من بقاع العرب الشاسعة… على أمل أن يفضي ذلك، في سياق تنفيذ المخطط، إلى تفجير تلك الكيانات عبر شتى أنواع الحروب المدمرة دماراً كاملاً شاملاً، فيكتمل هدف حرب 1948 وتقوم “إسرائيل العظمى” بسواعد العرب وأموالهم ودمائهم ودموعهم.
كان يصعب عليّ رؤية ملك الأردن في المنظر الذي ظهر فيه داخل المكتب البيضاوي وهو يمثل بين يدي “السيد الأبيض” … ولا ضرورة للمزيد من التعليق.
هكذا قال المستر واشنطن شكرا للأعراب الذين امتهنوا أن يقولوا له “نعم”، دائماً وأبداً “نعم”، ولا يتلفظون أمامه بعبارة “لا” إلاّ حين يسألهم ما إذا كانوا قد تعبوا من ترداد كلمة “نعم”. هذا جزاء المتعاونين، المتكافلين، المتضامنين، مع قوى الاستعمار التي لم تتوقف ولو للحظة واحدة عن تدمير بلادنا بأيدينا… يا للمفارقة.
تخطفني تجربة التاريخ، الحاصلة في بدايات القرن العشرين، الى المقارنة بين موقفنا في الماضي من السلطة العثمانية وموقفنا اليوم من إيران، ففي الحالتين كان رهاننا خاطئاً، بكليّته خاطئ، خصوصاً أن المشروع الصهيوني الغربي لا يزال هو نفسه، لم يطرأ تغيير عليه، وهو اليوم يكتمل. هذه المقارنة ستكون مادة بحثٍ وعرضٍ ومناقشة، من مختلف جوانبها على صفحات “تحولات”.
وفي انتظار أن يفاجئنا “الأشقاء” بموقف قوي وجريء، إن هم اختاروا درب الحرية والكرامة والإنسانية والاستقلال… بديلاً عن درب العبودية المفتوح مباشرة على الجحيم… الجحيم الذي يهددنا به الوحش الساكن في البيت الأبيض فيردد كلامه الوحش الإسرائيلي مفاخراً بأن لقاءهما، لقاء الوحشين، كرس التفاهم الكامل على استئناف العدوان والإبادة. وهنا أيضاً نكرّر أخطاءنا التي ارتكبناها في هدنة الشهر الواحد عام 1948. فلماذا نستمر في احترام هدنة “مؤقتة” لا يحترمها العدو. والدليل الأبرز والذي يدعو الى السخرية ما ينفذه العدو في الجنوب اللبناني تحت عنوان الهدنة بإشراف وحماية ورعاية الولايات المتحدة التي اعتبرناها “وسيطاً” و”مشرفاً على الهدنة”… وذهب بنا “الذكاء” حد وصفها بـ”الوسيط النزيه”.
هي لوحات من الغباء واستمراء للتبعية في ثقافة مريضة “غبية”، وليدة مرض الطائفية – المذهبية العضال والذي أحدث عندنا تراجعاً فظيعاً على مستوى قدراتنا العقلية يشكل، أي هذا التراجع، أبرز خطر فتاكٍ يهدد وجودنا بالكامل ويحولنا إلى خدم للصهيونية في إطار “وحدة الموقف العربي”.
بعيداً عن مسرح اللامعقول الذي تتابع فيه الصهيونية العربية دورانها العبثي الوضيع ثمة مراقب حرّ، جرئ، مخلص، إنساني، وطني، عاشق لفلسطين، نصير للمستضعفين، لا ينحني للطغاة والمتجبرين، حرّ الضمير، حرّ الرأي، صلب المعنويات، رقيق المعشر، مرهف الإحساس، نزيه العقل، ممسك بناصية الرجاء، متمسك بالحق، محارب لا يستسلم، يمضي عامه الثاني والأربعين في السجن الإنفرادي، داخل زنزانته الضيقة اسمه يخيف الصهاينة المستبدين والطغاة وسارقي الشعوب والطائفيين ومن لف لفيفهم. اسمه جورج ابراهيم عبدالله، أحد أقدم السجناء السياسين في العالم، وأقدم سجين سياسي في دول “الاتحاد العجوز”. وأقدم رهينة سياسية، بعد الأميرة أوروبا ابنة ملك صور وولية عهده.
لقد حوكم بتهمة جرمية من العيار الثقيل تحت عنوان “الإرهاب الدولي”، فيما هو برئ من الجرم المنسوب إليه، وبشهادة شاهد من أهله قال السيد إيف بونيه، المدير السابق لأحد أبرز أجهزة الاستخبارات الفرنسية أن “بقاء جورج في السجن هو قرار سياسي غير قضائي”.
فبعد أن أمضى جورج ابراهيم عبدالله 25 سنة في السجن، من دون أي مخالفة ولو بسيطة، قرر القضاء الفرنسي إطلاق سراحه لكونه، وبشهادة كل الذين تعاطوا معه من السجانين، سجيناً نموذجياً، “يفرض احترامه على الجميع وكلهم يحبونه ويعجبون به ويتأثرون بلطفه واحترامه لنفسه وإخلاصه لقناعاته”… فإذا بوزارة الخارجية الأميركية تتدخل وترسل كتاباً الى الخارجية الفرنسية بردع الدولة الفرنسية عن إطلاق سراحه فتنصاع باريس “أم الدساتير” (كما يحلو لها أن تسمي نفسها ويشاركها في ذلك العديد من دول العالم بدءاً بالذين تنطلي عليهم أكاذيب “الديمقراطية وحقوق الإنسان والعالم الحر”…) وتلغي السلطة التنفيذية قرار القضاء. (عاش مبدأ “استقلال القضاء” ومبدأ “الفصل بين السلطات” ويعود مونتسكيو الى قبره وهو، بالمناسبة، كان يتاجر بالعبيد ويحاضر بالقانون!!!…)… وتتكرر طلبات إطلاق سراحه فيرفض القضاء، ويبقى جورج ابراهيم عبدالله في زنزانته وهو الإنسان البريء، المظلوم، ويلتزم النظام اللبناني المنحط، نظام التمييز العنصري والمعتقلات الطائفية – المذهبية الذي يدمر الدولة وينظم عملية الإفقار المتعمد للشعب ويفرض على الدولة التبعية للاستعمار… يلتزم النظام اللبناني مقاطعة المواطن اللبناني الحرّ، البريء، المظلوم، جورج ابراهيم عبدالله، ولا يطالب بإطلاق سراحه، ولا يزعج المسؤولين الفرنسيين الذين يترددون بكثرة على لبنان بسؤال ولو بسيط عن جورج ابراهيم عبدالله ولو من منطلق إنساني بحت.
وهنا تفرض الأمانة علي أن أذكر شخصية لبنانية، جريئة نزيهة مقدامة، خرقت المحظور وتوجهت الى السجن الفرنسي والتقت مطولاً بهذه القامة الإنسانية العظيمة النزيهة الراقية المناضل الأممي جورج ابراهيم عبدالله. هذه الشخصية اللبنانية هي الأستاذة الجامعية ماري كلود نجم. تمت الزيارة يوم الجمعة في 19 آذار 2021. يومها كانت ماري كلود نجم وزيرة للعدل. فعملت بما يمليه عليها ضميرها الإنساني ونزاهتها المهنية كحقوقية ومسؤوليتها الحكومية تجاه مواطن لبناني مظلوم. بصفتها وزيرة للعدل تمكنت من الحصول على موافقة من السلطات الفرنسية والتقت جورج في سجنه لمدة 3 ساعات. ثم تغيرت الحكومة اللبنانية وأعيد ملف جورج ابراهيم عبدالله الى النسيان. وسط السكوت المدوي، يصح بماري كلود نجم القول: “ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذه الجموع رجالاً”.
إثنان، عدا عن ماري كلود نجم، قابلا جورج ابراهيم عبدالله في سجنه، عدا طبعاً عن عدد قليل من كبار المحامين الدوليين يتقدمهم ألمع الجزائيين الراحل الأستاذ جاك فيرجيس الذي بدأت علاقتي به يوم زرته ورفيقي وصديقي الأستاذ سركيس أبوزيد في مكتبه الباريسي عام 1986 بمعية الراحل الكبير المناضل المطران إيلاريون كبوجي، مطران القدس في المنفى، للبحث في موضوع جورج ابراهيم عبدالله، وكانت الحكومة الفرنسية قد استنجدت بمطران القدس للقيام بوساطة لتهدئة الأمور حقناً لدماء البرياء إثر تفجيرات باريس عام 1986. فأصرّ مطران القدس على زيارة جورج في سجنه، فكان له ما أراد، وعقد معه جلسة كتلك التي حصلت بين البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني ومحمد علي أقجه الذي حاول اغتياله. وكما فعل البابا، تعمد المطران أن يتبادل الكلام مع جورج همساً، من الشفاه إلى الأذن مباشرة كي لا تلتقط آلات التصوير حركة الشفاه فتكون السلطات قد تعرفت على مضمون الحوار. سأله المطران ما إذا كان له علاقة بالتفجيرات فنفى جورج التهمة نفياً قاطعاً أقنع المطران. تماماً كما أكد لنا ذلك الأستاذ فرجيس.
وأما الزائر الثالث لجورج، الثالث طيلة 42 عاماً، فكانت ريما حسن العضو في البرلمان الأوروبي عن حزب “فرنسا غير المنصاعة” وهي فرنسية من أصل فلسطيني وتتعرض لأقصى الحملات العنصرية من جانب الأوساط الصهيونية بسبب دعمها الكامل لشعبها ومقاومتها للإبادة. ومطالبتها باعتقال نتنياهو وشركائه في قيادة “إسرائيل”.
أتت ريما حسن لتؤكد تضامنها مع جورج في إطار حملة الضغط الشعبي لإطلاق سراحه بمناسة جلسة المحكمة يوم 20 شباط 2015 والتي سوف تنطق بقبول طلب إطلاق سراح جورج أو رفضه.
سيدتان وأسقف، فقط لا غير. ثلاثة هم أمة من الناس من خيرة الناس. وجورج ابراهيم عبدالله يظل عملاقاً لا تهزه الأعاصير، يرفض العروض الخبيثة، الخسيسة، السادية، التي تعرض عليه ثمناً وشرطاً لإطلاق سراحه ومضمون هذه العروض التي تتكرر مع اقتراب كل اجتماع للمحكمة أن يعلن عن أسفه للأحداث التي ألصقت به كذباً، وعن ندمه على ارتكابها فيما هو بريء. ما أحقر هكذا دول في حضرة عملاق كجورج ابراهيم عبدالله، يظل يحمل عذاب فلسطين في روحه وقلبه وجراحاتها في جسده ويتقدم… يتقدم في اتجاه القدس ويتأمل بألمٍ لا ينال من عزيمته، يتأمل بمدى غباء الركض خلف حل الكذبتين، وبمحاذير الحروب العنقودية… ويتابع الكفاح حتى يكون لمروره في كوكب الأرض معنى. إنه سجين العصر وأحد عمالقته الميامين.