Tahawolat

اللوحة للفنانة التشكيلية ريما سلمون


سليم..طفل ولد قبيح الوجه .. قصير القامة
توفي أبوه وهو بعد لم يتجاوز السنتين من عمره تاركا لزوجته عناء تربية ولدين في عناء الفقر المدقع..  وغرفة أثاثها رث بمنافعها الخارجية المجاورة لبيت الدواب بعمر يقارب العاشرة كانت المهمة الموكلة إليه أن  يسرح بالقطيع المؤلف من بقرة وثلاث  نعجات وكبشين خارج بيوت القرية في السهول المتاخمة والوديان، بينما كان  أخوه الذي يكبره بأربع سنوات أجيراً في ورشة مع معلم باطون يتقن بالتدريج حرفة العمارة والتلييس والدهان
ما إن تقترب أصابع الظلام من صدر الأرض حتى يلم سليم المواشي نحو القرية.. ذاكرته تستردّ صور الهزء به بسبب قباحته وتبعد مؤقتاً عن مهجته فرح الأمان الغريب بملاقاة أمه طوال طريق العودة.
 كانت تؤمّن لهم كفاف يومهم من بيع الحليب والحطب وغزل الصوف في الليالي الشتوية القارسة، تساعد الجارات في مناسباتهن المحزنة والسعيدة لقاء ما يجُدن به عليها من أجر متواضع أكثر الأحايين، بينما أخوه اللئيم  نادراً ما يساهم في مصروف البيت، ينفق كسبه القليل هنا أوهناك دون أدنى حسٍّ بالمسؤولية والإهتمام.
أم تميم .. هذا الصدر الذي بكى قربه كثيراً، تلك المخلوقة التي تكتب على باصرته المتواضعة المعرفة كل أبجدية الحنان.. كل دمعة حفرت طريقها نحو وجهها النائم، كانت سؤالاً من ألف لا جواب.. وشكوى من ألف مكان مجهول الهوية، ولا أبواب على جدرانه الهشة.
في إحدى نهارات الربيع الأولى، وكانت قد بدأت معالم البلوغ تظهر جليّة عليه، كان يجلس في خلوته  قرب شجرة يدندن موالاً بطعم الندى المأتلق تحت أظافر الشمس.. اقتربت منه إحدى النساء وجلست بجواره وقد أشعل الدفء في  شهوتها الحبيسة بين قضبان البرد المهاجر ببطء عن سفوح الجسد حطب الرغبة.
جفل.. انتفض.. مبعداً عنه بصعوبة وعنف شفتيها النهمتين.. غادرته وهي تنظر إليه بازدراء تلملم أطراف
فستانها، كان رفيقه حمدو بين الرّعيان.. يستدعيه للتلصص على ما انكشف من جسد فتاة تشرب من الغدير وهو يرفض بشدة قائلاً : عيب يارجل .. عيب.. لاأقدر أن أنظر...عيب يا حمدو!
"فطوم" اللقب الذي لازمه طوال حياته.. لقب اللا رجولة.
كان تهمة الرجال والشبان في القرية الذين لمسوا عنده الترفع عن الرذيلة والتلصّص وغضبه عندما يسمع
بعض أحاديث في وصف جسد فلانة.
ومهاجمته حمدو عندما يلوك بلسانه سيرة فتاة، تهمة ساعدت في تثبيتها عليه بعض ألسنة النسوة عندما كان
 يعف بنظره عنهن، بينما الآخرون يلتهمونهن بنظراتهم الشبقة.
كان ينتظره صبيان الشوارع .. ما إن يتسلق الهضبة الفاصلة  بين القرية والوادي، يركضون خلفه وهم يهتفون بصوتهم الشقي: فطوم.. فطوم .. يصل لاهثاً إلى البيت و حضن أمه ينتظره:  برميل الماء يغلي على الموقدة،  تغسل عن روحه أوحال البشر، تغني له بصوتها الرخيم الحزين، تحضر العشاء.. وتؤانسه بحكاياتها  التي تضج بها ذاكرة الشقاء التي لاتخلو من بعض الطرافة، وكانت بفطرتها تشذب له الفكرة، مبعدة بخيالها البسيط كل قصٍّ يحمل سخريةً من ملامح الشخوص، كانت ملاذه الوحيد وطرف فراشها  منديل روحه الذي شرب كل قهر وكمد، كانت وحسب فراغها.. تستقبله قبل الصبية لتهش عن وجهه هوام الهزء قدر ما تستطيع مبعدة شذّاذ الدروب عنه، وفي كثير الأحايين كانت تهشّهم بعصاه البرية، وكانوا يفرّون من أمامها كقطط جائعة ماتلبث أن ترى الخطر يبعد.. لترجع! كانت قوتها تكمل ترفّعه عن لذة فُطرت روحه على نبذها لتمنحه  حس الطمأنينة الذي لايستطيع أن يفسر جماله سوى بما تفضفض شفتاه لها وهي نائمة كملاك متعب.
استيقظ صباح أحد أيام شباط القارسة ليجدها غافية للأبد بين يدي ربها.  بكى بحرقة الأمس، بحرقة غدٍ يعرف وباله، بحرقة حاضر فقد ملجأه الوحيد.
غادر القرية بعد الدفن، اختفى عن أزقتها نحو المجهول، كان يلملم قوته من العتالة أو عندما يبادر لحفر قبر أو المشاركة في عمل شاق، متشرد من حارة لأخرى، ومن قرية لأخرى. يعيش على بعض حسنة من هنا وهناك. كان لايتسول الأجر، ولايطلب مقابلاً، ولا ينتظر شكراً. ينام على مقاعد الحدائق صيفاً أو تحت صفيح أحد المحلات شتاءً. يغادر المكان إن لمس أن سكانه بدؤوا بالنفور من وجوده أوبدؤوا في استفزازه.
في إحدى الليالي الشتوية باغته رجلان من الشرطة وهو مستلقٍ على حافة رصيف والتهمة اعتداء جنسي على فاديا..صبية في الحارة. قاوم..رفض التهمة، لكنه قيّد وسيق للسجن. بعد ثلاثة أيام نادى عليه السجان.. زيارة!
كان رجلاً من القرية قد سمع الخبر، وجاء ليستفسر منه عن الحقيقة غير مصدق ما سمعه لكن سليم أكّد له أنه فعلها راجياً منه إخبار كل القرية بأنه رجل وليس كما أشاعوا عنه وعيروه به.
بعد مدة اكتُشف الفاعل الحقيقي لتكرار جريمة الاغتصاب مع فتاة أخرى. طلبه مدير السجن  وأطلق سراحَه. عاد سليم من جديد للتشرد بعدما استقرّ مدة في الزنزانة بسرير محترم ووجبات منتظمة من الطعام.
في القرية سرادق عزاء، المتوفى سليم! تعرف على جثته أخوه من جوربه الممزق. فرصة ليستولي ويرث
وحده الغرفة الحقيرة تلك دون عناء! لكن سليم مايزال حياً يرزق، يبدو أن المتوفى دُفن على عجالة دون أن تتحقق الشرطة من هويته جيداً لأن الحادث الأليم قد شوّه تماماً ملامح الوجه! في اليوم التالي للدفن وهو سارحٌ في الدرب وجد أمامه حمدو رفيق المرعى .وقد فتح فاه دهشة وغرابة:
سليم؟ أنت حي لم تمت.. بسم الله الرحمن الرحيم! من يكون إذاً المدفون هناك؟ وكيف قال تميم أن الميت سليم أخي.. وكيف صدقته الحكومة ؟ لطفك يارب!
يردّ عليه سليم وهو يغص من هول ما سمع سأذهب للقرية الآن وأتحقق بنفسي لكن قبل أخبرني يا حمدو كيف كانت جنازتي؟ من بكى علي؟ هل التابوت كان مزيناً بالرياحين والورود؟ هل كانت الصلاة علي لائقة؟ هل غسلوني كما يجب؟ هل ناحت علي النسوة؟ هل ولْوَل تميم وصرخ؟ أخبرني الصدق ياحمدو!
يباغته بالجواب : صدقاً لم يكن مما ذكرت شيئاً. حملوك على السلم، وتمتم الشيخ بصلاة قصيرة ولم أسمع أي صوت بكاء أو نحيب. وحدي بكيت عليك، لكن لم أجعلهم يلاحظوا دموعي.
تركه غاضباً. وصل القرية متجهاً مباشرة نحو الشيخ إياه حيث أنّبه وعاتبه حانقاً عليه وعلى تقصيره وقد وعده الشيخ أن لايكرّر ما فعل وأنه عندما سيموت مرة أخرى سيصلي عليه صلاة لائقة!
هرع سليم لمكان العزاء. لمحته في الطريق أم سعد فأغمي عليها. دخل كالمجنون على أخيه وهو يصرخ:
دفنتني يا تميم وأنا بعد أعيش على هذه الأرض؟ تريد الغرفة؟ خذها.. سأبصم على كل الورق أنها لك. ياحيف يا حيف. صرخ في وجوههن: وأنتن لماذا لم تبكينَ علي؟ لماذا لم تزيّن لي النعش؟ آه لا كان سلّماً ياتميم الوضيع..  سلّم؟؟
وهو في غمرة غضبه وحزنه ودموعه جاء مختار الضيعة ومعه رجلان من الشرطة. تعال معنا نريد أن نثبت أنك لست المتوفى لنستطيع تسليم الجثة إياها لأصحابها الحقيقيين. صعد معهم السيارة مذهولاً قائلاً: أنا سليم بشحمه ولحمه، أنا بعد حيّ أرزق. قل لهم يا مختار!
- نعرف، لكن ستبقى بعهدتنا حتى يظهر أهل المرحوم ويتعرفون عليه.
بصم بالعشرة أنه سليم، وكذلك فعل المختار والشهود.
عاد بالسيارة ليجد تابوتاً يخرج من المقبرة على مرمى من ذهول وصمت أهل القرية، يشق صراخُه صمتَ الموقف وهو يودع الضيف العزيز بكلماتٍ يقف لها الزمان هنيهة ليستعيد ذاكرة الموت في جثة دفنت مرتين.. وشيعت مرتين.. واستراحت مرتين .

مشهد أول
..............
إضاءة على سرير وضيع في وسط المسرح،امرأة نائمة.
سليم يجلس على حافته مطرقاً نحو وجه أمه يكلمها بهمس:
- أميّ.. شو بخبرك عن هالدنيي.. تعبت منها.. ليش ما قتلتيني يوم اللي خلقت؟
لا تقليلي قلب الأم. ما خفتي من هالشكل؟ آآه القرد بعين أمه غزال.
غزال شو! أنا قرد.. لا مو قرد.. مسخ.. لالا مو مسخ.. لو مسخ ما حبيتيني
قليلي أمي.. أنا شو؟ .. أنا ليش.. أنا لوين؟ تعبت تعبت.. والله تعبت.
( يرتمي عند صدرها بنشيج صامت ..يحضنها ويغفو )
تعتيم
......................................
مشهد 2
(إضاءة)
امرأتان تدخلان على يسار المسرح
- لك إي.. عم يقولوا هالرجال عنه فطوم، هيك سمعت.
- قولتِك ما بيطلع معه شي؟ أويمكن مظلوم! ليكي شورأيك نتأكد؟
- العمى بقلبك.. صمتي وفطرتي على بصلة!
- لك لااا.. وين فطّ شكرك يا حمارة.. قصدي وين شطّ فكرك يا دبة!
- لكن شو.. قللي لي.. كيف راح تتأكدي بلله ؟
- شو رأيك نقلُّه سميرة جارتنا حاطّة عينها عليك، أو منقلُّه سميرة عشقانتك وبتحبك؟
- مممم.. مالقيتي غير هالمسكينة تورطيها فيه؟ لك هاي يتيمة ومو ناقصها يُتْم أكبر.
- يا جحشة.. هيي كذبة وبس مو أكتر، كمان بلكي ظبطت شو بيعرفك.. ياما جوازات بلشت بكذبة.
- أنا مادخلني .ما بستربّح خطيّتها. قللي لُه إنتي.. هاه اذكر الديب وحضّر القضيب.
- تعا تعا لهون.
- شششوو ..بدك مني اتركيني!
 ( المرأة الأخرى تنظر إليهما بخبث كمن ينتظر خبراً ليوثقه )
- ولك سليم! موحرام عليك؟ المخلوقة رايحة فيك سلاطة وانت مو معبرها!
- ممممين.. مممين قصدك؟ مين السلاطة؟ أنا ما بحب السلاطة.
- (مدعية الجدية في الحديث) حاجي تعمللي فيها شريف ومدري شو. سميرة مسعود.. جارتنا الحلوة
ميتة بهواك. ولك سليم على أساس ما بتعرف وإنت محوّل طريقك مع دوابك من عند بيتها لحتى تشم ريحتها وإنت رايح وراجع، أو حتى  تاخدلك نظرة علماشي.
- سسسسسميرة! لا لا.. مافي من هالحكي. الله يستر عليها.. هاي متل أختي.
- لك سليم.. وحدة صار وجهها متل صحن المجدرة بسببك. تملّى حبّ من كتر الحصر والتفكير. روح شوف حالتها خطيّ بتقطّع قلب الكافر.
- لا لا. سسسمسيرة يتيمة ومسكينة. الله يستر عليها. بعتبرها أختي.. الله يبعت لها نصيب مرتب.
اتتتتتركيني شبِك.. وين عم تمدي إيدك؟! ععععععيب (تمد يدها نحوه)
(يفلت منها للجهة الأخرى من المسرح)
( المرأة الأخرى تحاول التدقيق في تصرفها الأخير مبتسمة بخبث..)
- لك فعلاا ..إنت فطوم ما كذبو.. يقطعك الله من بين الخلق. لا زلمي ولا مَرَا.
(يخرج متمتماً: لا زلمي ولا مرا.. لا زلمي ولا مرا لا زلمي ولا مرا)
المرأة التي كانت تراقب: - شفتي ما قلتلك ما منُّه خواص. العمى شو راسك يابس.. قلتلِّك ما
سمّوه فطوم عبث.. صدقتيني يا دبة؟
- يقطعني شو غبية. هاد خالص عالأخير. لك حتى فطوم كتيرة عليه.
يلله ما خسرنا شي. عالقليلة تأكّدنا ههههههههههههههههههههههه لا والله فطوم على سنّ ورمح.
تعتيم
...........................................................
المشهد 3
سرير في وسط المسرح
طشت غسيل - سليم في الطشت
أم تميم تغسل شعره بحنان وهي تدندن لحناً ما:
- نعيما يا إبني.. عقبال تحميمة العرس.
-عرس شو يا إمي..  ليش في بنت رح تعشق هلبشع اللي قدامك، مانك سامعة الضيعة كلها شو عم تناديلي؟
لللك حتى اليوم قالولي إنو سميرة مسعود عشقانتك. مرة كنت عالدرب راجع وطلعت بوجهي وهربت من قدامي كأنو شافت أبليس. ليش عم يكذبو عليي؟ شو بدُّن مني؟ كافي خيري وشرّي عنهم. مالهم تسلاية و سيرة ومضحكة غيري؟ قدّيش بكره هالضيعة. قديش بكره حالي. ما لي رفقات إلا الطّرش والدّواب.. لك حتى هدول لاتشدّي إيدك، لولا المرعى ما بيعبروني.. يعبروني؟ شبني أنا رح صدق إنو الدواب رفقاتي! حمدو إي حمدو هالكر. حتى حمدو قليل ما عم شوفه. إذا مابده شغلة مني ما بشوفه.
(وهو يقلده بسخرية) ليك سليم الله يخليك خدلي هالبقرة عالنهر كل النهار ما شربت، ليك سليم تعا طلّع معي
حجار هالخفان عسطح أبو أيهم تكسّر ضهري، سليم بدي تقطع معي بهالفراعة شويّة حطب، سليم جبلي
بطريقك حملة عشب لها العجلة مرضانة. سليم الخرا. سليم التكروعة. سليم ال خلق ليخدم ويطيع وبس
سليم اللي عملوه فطوم لأنو مو متلهم وسخ ..آآآآآآآآآآآآآآآآآه يا أمي
 (ينزل عند ركبتيها باكيا وهو يغطي وجهه بيديه)
 (أمه تنظر إليه دامعة مشفقة)
- معلش ياسليم يا إبني، الله كريم بكرة بينسوك وبيلاقو تسلاية غيرك. إنت كتير حلو و نضيف من جوا.
يمكن ما فيهن تحمّلو هالنضافة، ومافيهن تقبّلوها. الله يرضى عليك لاتزعل ياحبيبي والله لجوزك ست البنات بس يتحسن هالوضع. شايف البير وغطاه.. حتى خيّك بايعها والحمل متل موشايف كله على كتافي، ياريته متلك أو عنده شوية إحساس بالمسؤولية...آخ يا سليم من زمان ما فوّت شي عالبيت حتى كيلو بطاطا الله يهديه لاتقول إلا إجا.. رح فوت حضّر لقمة ناكلها.. آه هاللقمة المغمسة بالقهر ما أمرّ طعمتها يا إبني.
( تخرج مكسورة الخاطر مع موسيقا، ويبقى سليم لوحده على المسرح جاثيا)
 ( يدخل تميم أخوه شبه سكران وبيده بطحة )
- شششو يا.. شو عم تعمل ولك سليم.. لتكون عم تصلّي .. تعال خوود شفّة ...تعا
(ينظر سليم لأخيه بازدراء وشفقة معا)
- الله يخليك بعّد عني مو ناقصك. خليني بهمي. إيمتى كنت تحس فيي أصلاً. من يوم يومك وإنت برّا البيت
وإذا فت عليه بتفوت يا سكران يا بازم خلقتك فينا خسران دقّ شدّة، أو طايرة من إيدك شي صيدة أو نصبة
.ما بتستحي ع دمّك؟!
موسائل عني ولا عن هالمسكينة. لك الأخ ضهر، وأنا ضهري مكسور.. مكسور من العتالة والسخرة. مكسور من هالضيعة اللي عم تعيّرني بعفتي.. مالي حدا. ما في ضهر أستند عليه. آخ يا ضهري. ضهري مكسور...مكسور
( يعود ليغطي يديه بوجهه باكياً بقهر بنشيج متقطع )
-  يقطع عمرك طيرتلي السكرة..  ما فيك إلا النق ّ إنت وأمك.. ما بتصدقو تشوفوني حتى تسمولي دمي شو أعملك إذا ربك خالقك هيك؟ شو أعملك إذا هالدنيي ما قبليتك وهالضيعة بدها واحد تتسلى فيه؟
- ما بدك إنت تقبلني بالأول.. أو اقبل حالي. أنا قبلان بحالي بس ما عم يخلوني.  لك تفوووه عليي من يوم اللي تكونت وأنا منبوذ وعم أتعيّر. (يواصل البكاء)
- لك حلّ عني يا.. العمى بقلبك شو نكدي. مو الحق غير عا اللي إجا عا هالبيت المعفن. شو جابني أنا إي صحيح.. تذكرت..  بدي إتحمم وغيّر تيابي ونام واستعد للسهرية. اليوم الشرط على عشا بس بدي إنسفهم كلهم وخسّر هالنافش ريشاته ميهوب كيلو لحمة مشوي.. وبطحة.
( تدخل أم تميم وبيدها طبق )
- شو تميم..ما بدك تاكل معنا لقمة. مشتاقتلك يا ابني. في كم كلمة بدي قلك ياهن.
- ما بدي آكل ..ممم ...شو هالأكل ..ممم  ( مفركة بطاطا كالعادة وصحن زيتون )
بدي زفرة يا أم تميم...لحمة ...فراريج...سمك...قشة.
- الله كريم يا ابني..  بيتعدّل هالحال...وبعملك أحسن أكل ...بس هاد الموجود هلق.
- روحي اكرجي إنتي ومفركتك هلق. سخني لي ميّ بدي اتحمم ونام.
( يتدخل سليم في الحوار) - لك ما بتستحي على حالك. شحاد ومشارط ...مو كلّه نعمة؟
- هاد الناقص والله..  واحد متلك بهيم  يعلّمني شو إحكي و ينظّر عليي. كول واسكت
( أم تميم تنظر لتميم بغضب و حزن ) - هيك يا تميم ؟؟ الله يسامحك. إنت ما فيك حس ولادم ؟؟
..روح الله يهديك ...الله يهديك
(وهو يهتز وقد أفرغ ما بقي من البطحة في جوفه) - يقطعكن شو مقتين. اطلعو من راسي ..أنا شو ضربني ع قلبي وجابني لهون؟ أي صحي بدي اتحمم ونام. بتكون سخنت المي.
(يقع على الأرض مغشيا عليه من شدة السّكْر)
تعتيم
...................................................................................
المشهد 4
 (صوت أولاد يهتفون : فطوم فطوم ..دق التوم دق التوم...نزل عالساحة بلا كلسون)
  (سليم يركض في المسرح من زاوية لأخرى وكأنه يهرب من أمامهم واضعاً يديه على أذنيه)
( في وسط المسرح سرير وأمه غافية.. يعود المشهد الأول ويجلس على حافة السرير)
- سمعتيهن يا أمي؟ اليوم ما نطرتيني متل عادتك وبعدتيهن عني.. رفعت العصا نفسها بوجهن بس ما خافوا مني. بس إنتي بيهربو من قدامك متل البسس الفزعانة. آآآآه يا أمي حتى الحاوية بيفلوها البسس وبآخر الليل بيتركوها. أنا زبالة.. لا أحقر من الزبالة.. ما بيتركوني بحالي هالكلاب.. عامليني مسخرة هالضيعة..حتى اللي ما بيحكو ويتمسخرو في بعيونهم استهزاء واستحقار. في بوجوههم غل وكره لأني ما بطاوعهم وبفلت لساني متلهم. شي فلانة وشي علانة. لأني بقلهم عيب عملوني عيبة هالضيعة وطلعوا عليي هاللقب التافه متلهم.  لك أنا أرجل واحد فيهم هالحثالة. تخيلي يأمي في مرا اليوم تحشرت فيي بالوادي.. بزقت بوجهي.. وسبّتني لأني ما تجاوبت معها. ما فيي يا أمي مو قادر إعمل لها اللي بدها ياه.. ما فيي إلا كون هيك.. شو إعمل بحالي.. والله أنا زلمي. والله زلمي
وحتى هاد حمدو اللي نادالي اتلصص على صبية عم تشرب وتعبّي من النبعة ...بس لأني قلتله عيب ياحمدو ما بيجوز هالشغل. استحي على حالك. شو هالتصرفات.. اتركها بحالها للمخلوقة. جرحني بالحكي وشتمني...وقال لي : تضرب بقلبك مو قليل شو عملوا فيك.. وشو سموك. يقطعك من بين الرجال. ليش أنت رجّال بالأصل؟
( يبكي بنشيج متقطع )
تعتيم
( إضاءة بعد الموسيقا على نفس المشهد. سليم غافي على طرف السرير.. يفيق.. يتثاءب.. ينظر لأمه بذهول
قائلا لنفسه: مالها بالعادة تبقى لهلق نايمة...!)
- إمي ..أم تميم قومي ...طلع الضو يا حنونة
- .................
- إمي شبك ليش ما عم تردي عليي؟ لتكوني عملتيها ومتّي وتركتيني!
- ...................
- إمي..! إيديكي باردين متل البوظ...(ينفخ فيهما.. ينقر بيديه على وجه أمه محاولاً إيقاظها)
- ..........
إمي ...إمي ...إمي (يعلو صوته بتواتر حتى يصل للصراخ آخر كلمة)
تعتيم.. موسيقا مناسبة لمشهد الموت
.......................................................
المشهد 5
 
(سليم في وسط المسرح حاملاً بقجة من الملابس على كتفه ينظر إلى الفراغ البعيد..)
- بعد ما ماتت أمي ماعاد لي خبزة وملح بهالضيعة. لمين بدي إشكي همي؟ ومين بدو يهتم فيي ويدافع عني
 ويتحمل معي كدر هالزمان؟ مين بدو يحضرلي العشا كل يوم ويلاقيلي بحنيتها ودفاها؟ الله يرحمك يا أمي
خلاص أنا تارك هالضيعة. إي رضيان أتشرد بالشوارع الغريبة. كانت تقلي الله ما بينسى حدا يا إبني ما رح الله ينساني يا أمي.. أي مكان أشرف لي من هون. أي مكان.. أي مكان.
(يغادر المسرح ببطء مطرق الرأس مع موسيقا مناسبة)
........................................
المشهد 6
 (سليم نائما على مصطبة. أصوات مختلفة نساء ورجال تسمع وكأنه يرى في منامه :
- امرأة: سليم طلعلي جرة هالغاز.
- رجل: سليم وديلي هالصندوق عالمحل.
- امرأة: سليم تعا احمل هالأكياس لفوق.
- رجل : ما بدك تآجر سليم؟ روح عالمقبرة احفر قبروغمّق الجورة قد ما فيك.
- امرأة: سليم شبك ليش جامد متل اللوح؟ اتحرك. ادفش مع ابني هالسيارة ما عم تدور.
 - رجل: زق هالبلوك على السطح.. خود حاجتك عشر ليرات.
- امرأة : جوعان ..؟ خود هي سندويشة وحبة برتقان
- رجل: منيحة خمسين ليرة؟
- امرأة : أم سومر عم تاخد 100 ليرة عشطف الدرج؟ مو عاجبينك المية ليرة؟
(يأتي من بعيد رجل شرطة يوقظه بعنف وشدة)
- إنت سليم؟
- لا لا..  إي.. إي أنا سليم.
- سليم ولا مو بطيخ.. جاوب ولا.
- (بخوف وارتباك) إي إي.. أنا سليم.
- تعا شرّف معي.
- لللللوين؟ شششششو في؟ لكون عم شوف مناااام.. بسم الله الرحمن الرحيم. ممممين إنت؟ ششششو بدك
فيي؟
- لا يا عيني مو منام. أزعجناك. لا تواخذنا يا بيك (بسخرية) لك قوم فز ولا أحسن ما غيرلك هالواجهة.
- حححاااضر.  قمت هاااه. حححاضرر.  روووق يا سيدنا رروووق.
- بلله ؟ عم تقلي روووق؟ هلق الروقان عنا يا كلب.. والله ما رح روق حتى شوفك عالمشنقة.
- ششششششو مشششنقة ششششو...شششو عملت..؟ والله ما عملت شي!
- لا جد؟ (بسخرية وهو يضع الأصفاد بيده ويسحبه بعنف)
( يخرجان )
تعتيم
......................................................................................
المشهد 7
 (سليم يلبس ملابس المساجين في وسط المسرح، صوت ينادي سليم سليمان زيارة)
يهرع سليم وراء القضبان)
- أهلا عمي أبو راتب.
- كيفك سليم؟ سمعت بالصدفة إنك هون. خود هالكيس فروج مشوي وعفشاته. عملتها يا سليم ؟
- يسلمو دياتك.. لالالا شششو اعملها.. آآ ؟ إي إي أنا عملتها إي.
- التهمة لابستك لبس. اغتصاب مع سبق الإصرار والتصميم. ليش يا سليم؟
-لابستني! إي.. إذا في جريمة سليم هوي المجرم.. إذا في سرقة سليم هوي الحرامي.. إذا في نكسة بالكون
سليم وراها.. إي إي أنا عملتها.. ومو ندمان. عالقليلة هون في تخت ووجبات أكل ورفقات أتسلى معن. مو أحسن من الشارع والجناين والتشرد من مطرح لمطرح؟
- أهل الضيعة رح يسمعو.
- أهل الضيعة! لك آآآآآآآآآآه يا عمي بوراتب. رووح قلّن عملها. رووح قلّن سليم رجّال. روح قلّن ماني فطوم اللي عم يعيروه بعفته. روح عمي بو راتب خبرن بعملتي.. خللي راسي مرفوع.  
 رح قلّه بكرة للقاضي اعدموني هلق ياسيدي. ارفعوا مشنقتي مو المحكوم إعدام  بيحقلو يطلب طلب أخير ياسيدي ؟؟ علقوا مشنقتي بضيعتي.. بدّي كلّن يعرفوا إنّي رجّال. إنّي رجّال.. مو فطّوم.. مو فطّوم.
( يبكي بقهر وهو يغص بالكلام )
- حسبي الله ونعم الوكيل. بيَّك وصّاني فيك الله يرحمه بس مشاغل الدنيي أخدتني. لو عارف بدو يصير فيك هيك.. بس شو بقى ينفع هالحكي؟! عالقليلة كنت دبرتك بشي شغلة وأمنتلك مكان تبات فيه. شو بقى ينفع هالحكي؟
- عمي بوراتب. روح خبّر أهل الضيعة بتكون نفذت وصية المرحوم. مابدي من هالدنيي بقى إلا يعرفو إنّي رجّال..رجال عا سنّ ورمح. زلمي من ضهر زلمي. مو فطّوم.. مو فطّوم. (يعود للبكاء)
- طيّب طيّب. هدّي حالك سليم. وحياتك رايح خبرن. لاتحمل هم. يلله ببقى بشق عليك.. بتوصي بشي؟
- لا لا.. كتّر خيرك ياعمي. بس أمنتك.. هيك هيك ميّت. خلّيني موت رافع راسي قدّامن.
- طيب ماشي يا سليم. بخاطرك.
- مع السلامة عمي بو راتب.. الله يكون معك. لاتنسى الأمانة.
تعتيم
.................................................................
المشهد 8
 (سليم وراء القضبان والشرطي ينادي سليم سليمان)
- أنا هون سيدنا. شو إجا وقت المحاكمة؟
- لا.
- لكن زيارة؟
- (وهو يفتح باب الزنزانة) لا مو زيارة. براءة.
- برررراءة؟؟ لللليش خير؟!
- مسكو الفاعل.
- مسكوه؟ مو أنا الفاعل ليش؟؟
-لا إنت اعترفت كذب بجريمتك. وهاد تضليل للعدالة.. بس مدير السجن طلب رأفة وقررو يفلتوك.
- مو أنا أنكرت و ما صدقوني؟ يعني عالجهتين آكل..
- سدّ نيعك ولم غراضك يلله.
- آآآه بس.. خلّوني كم يوم.. بلكي في شي تهمة جديدة. عالقليلة هون في منامة وأكل.
- سدّ حلقك ولك حيوان. شو عاملينلك مضافة هون، أو لتكون مفكّر أنه الحكومة فاتحتلك فندق؟
- ع راسي الحكومة. وين بودّي وشّي من أهل الضيعة؟ رجعت فطّوم ع سنّ ورمح. لك آخ يلعن هالحظ ضروري يكمشو الفاعل هلق! كانو يستنو شوي.
- شو عم تبرطم ولا؟
-ولاشي سيدنا.. ولاشي.
( يخرجان ) تعتيم مع موسيقا
.............................................................................
المشهد 9
 (على يمين المسرح تميم يتقبل التعازي لكن لاأحد يظهر عليه ملامح الحزن من الكومبارس)
- الله يرحمو.
-  يرحم أمواتك تعيش.
- الله يرحمو.
- يرحم أمواتك.
- الله يآجرك الخير.
- تسلم.. يرحم موتاك.
(بو راتب يدخل معانقا تميم)
- الله يرحمه كلنا رح نموت. الله يرحم أمك وأبوك. ياخطيّتك ياسليم..عشت ومت فقير.
- نصيبه يموت هيكوينضبّ بالقبر. ياما بعتّ وراه يرجع بدون فايدة.
- أنا شفته آخر مرة بالحبس.. خطيّ كان فرحان.
-بعرف. يافرحة ما كملت.
- ولك تميم! بيناتنا كأنو ما شفتك زعلت عليه.
- لا زعلت. بس قضاء الله شو أعمل؟ حادث أليم و أنا عرفته من قلشينو بالمشفى.
- قلشينو؟ ليش شبُه وشّه؟
- مو واضحة ملامحُه منيح. كل الضّربة جايي عليه.
- يا لطيف
- الله يرحمو.. نصيبُه هيك.
تعتيم.
.................................
المشهد 10
(على يسار المسرح حمدو وسليم داخل)
- (وهو يفرك عينيه بذهول) بسم الله الرحمن الرحيم. ولك سليم إنت لسه عايش؟
- إي عايش. خخير ششو في؟
- ما في. بس ليكو خيك عم يتقبل التعازي فيك. تعرّف على الجثة بالمشفى وقال هاد سليم خيي.
- العاطل الحقير موتني بالحيا!
- إي شايف؟ بدّو يستولي عالغرفة ليتجوّز فيها.
- ليش بشو عايقو لهالكلب؟ بدّه يطوّبها ببصملو وبتنازلّو. يتجوز وينضرب مع اللي بدها تبتلي فيه.
- شو بيعرفني بلكي مفكرك رح تعيقو.
- هالحقير!
- قللي ولك حمدو كيف كانت الجنازة؟
- بصراحة؟
- إي إحكي.. قول ولا تخبي شي عني.
- (يحكّ رأسه) ما عجبتني جنازتك.
- ششششو ما عجبيتك؟؟ كيف يعني؟ ما زينولي التابوت؟ ما بعقو هالنسوان ووَلْوَلو؟ ما مشيت كل الضيعة وراي   والشيخ ما صلى عليي؟ وهالتافه خيي ما بكي؟
- لا ما صار هالحكي. ماحدا صرخ ولا لطم. لا مرا ولا رجال ولا أخوك.
- الخسيسين الأندال.
- ولاحتى كان في تابوت بالأصل.. سلّم.. كانو حاطّينك ع سلّم.
- العمى يعمي قلبن ان شالله. استضيعو فيي تابوت. ليكونو جايبينو من عند بيّاتهم.
-إي هيك صار. وما في كتار مشيو وراك بس كم واحد من معارف بيّك وخيّك.
- السّاقطين. قلّي كيف صلى عليي الشيخ؟
- كلمتين وبس عالسريع.
- هيك لكن!
- حتى الفاتحة ما كملها منيح.
- أها.. إي  بسيطة.. شو عليه.
-هيك صار بصراحة.
- ولا حمدو.. إنت ما بكيت عليي؟
- مبلى.. والله عرّيت عليك لشبعت. بس ما خلّيت حدا يشوفني خجلت. ماحدا كان عم يبكي غيري.
- بسيطة مسامح طالما عرّيت. بس رح أعرف شغلي معن من اليوم ورايح.
..طالع عالضيعة هلق (بغيظ وغضب)
- إي بس لاتقلّن أنو أنا اللي خبرتك.
- لا.. لاتخاف مارح قلّن.
( يخرجان )
تعتيم ..موسيقا
............................
المشهد 11
 (على يمين المسرح سليم داخل لمكان العزاء وملامح الغضب على وجهه. تميم يدير ظهره للجمهور وسليم يباغته من الخلف ممسكاً بياقة قميصه)
- يا كلب يا حقير.
- بسسسسم الله الررررررحمن الرحيم.. سسسسسليم؟ لكان مممممين اللي دفناه بالمقبرة؟
- دفنتني وأنا لسه عايش يا حيوان.
- طططططوّل بااااالك.. بالللغلط والللله.. اتتتصلووا فيييي جمممماععععة الشرررررطة ووووطلبووو منييي إإإإتعرف عاللجثة.. ماكان الوجه وووواضح.. بسسس نففس قلشينك اللي طول عمرك تتتلبببسه وننننفسسس اللون والخخخخزق.. لالالاتتتتواخذنييي سليم حبيبيي...ههههيك صصصار (يبكي بتصنع)
- لاتمثل علييي ولاك. إنت ما بكيت ولا زعلت أنا عرفت كلشي. ولك حتى تابوت استضيعت تحطني فيه. ياساقط كم خي عندك؟
- والله بوعدك سليم بس تموت المرّة الجايي رح حطّك بأجمل تابوت، وزيّنو أجمل زينة وغسّلك بميّة الورد.. وإبكي وعرّ عليك لطقّ.
- تطق روحك يا كذاب.. يامنافق.. بعرفك أنا. مو عادتك توفي بوعودك.. أمي ماتت طقيق منك يا تافه.
- وحياتك ما عم كذب. ووووين رايح؟
- راجعلك. رايح لعند الشيخ.. لسّه هداك إلو حساب تاني.
- شحّاري على هالمصيبة.. مين اللي بالقبر لكن؟ وشو بدّي إعمل؟ (يتهاوى على الكرسي ناظرا للفراغ)
تعتيم ...موسيقا
...................................................................
المشهد 12
 (شيخ جالس بيده مسبحة، أيضاً يباغته سليم من الخلف)
- لاحول ولا قوة إلا بالله العظيم.. بسم الله الرحمن الرحيم.
- شو يا.. مو مصدّق إنو عايش؟
- لا يا إبني.. مصدّق.
- ليش ما صلّيت عليي؟
- شو بيعرفني.. اسأل اللي حكو عنك إنّك شاذ.. أنا ما بيجوز صلّي على شواذ.
- شاذ؟؟! مافشرو؟ لك أنا أرجل واحد بهالضيعة. ياعيب الشّوم عليهن.. كيف صدّقتن كيف؟  
- روق يا إبني روق. هدّي حالك.. بوعدك لما تموت المرّة الجايي إقرالك الفاتحة أكتر من مرّة وصلّي عليك أطول صلا بصلّيها.. بس هدّي حالك.
-هدّي حالي؟ لك كلكن كذّابين ومنافقين.. يموتنا ويورّينا صرنا بدنا نقول..
- يا إبني روق الله يرضى عليك وهاي راسك أبوسها.. خلااص إنت موت وما عليك. والله رح عوّضها عليك المرّة التانية.. بس هدّي حالك.
- آخ منكم. هدّي حالي! ومرّة تانية! عيش يا كديش.. موت يا كديش. الله لايسامحكُن ..الله لايسامحكُن.
(وهو خارج من المسرح غاضباً باكياً)
تعتيم
..............................
المشهد 13
 (رجل الشرطة يدخل من يسار المسرح وسليم جالس ينظر للفراغ)
- تعا معنا شرّف.
- شو هالمرة؟ قتل والا سرقة؟ (بسخرية)
-لا تاكل هوا. قوم يلله المختار ناطرنا والشهود.
- خير انشالله. شو في؟ شو التهمة هالمرة؟ (ببرود)
- ما في تهمة.. بدّك تبصم على محضر بالشرطة مع المختار إنّك لسّه عايش.
- أيوااااااااا. تهمة جديدة هاي.. هه.. عايش.. إي عايش.. لسّه عايش.
- حاجي تبرطم وتاكل هوا. قوم يلله لشوف.
- إي أنا اللي بقوم.. لاتشدّ.
- خلصني..يقطع هالشكل
(يخرجان)
تعتيم
...................................................
المشهد 13
(تابوت يخرج من المقبرة على مرأى وصمت أهل القرية وذهولهم ..سليم على طرف المقبرة يمشي وراء التابوت)
- (بصوت حزين يقطع القلب) لك الله معك.. والله ما كلفتنا يا ضيفنا الغالي.. لسه بكّير مستأنسين. لك الله معك يا
 خيي بالموت يللي تحمّلت وضاعة هالضيعة عني.. روح الله يرحمك. ولك لمين صارت؟ واحد يموت مرتين، ويتشيع مرتين، ويندفن مرتين؟ مع إنو المرة الاولى ماكانت قد المقام.  ليك هاه.. لمين صارت واحد ياخد حقه وهوي ميّت؟ والله لوصارت لجدي كان مات مرتين. لك الله يسهّلك يا خيي.. هاي الجورة اللي مارح اتعذب بحفرها تطوبت باسمي. وهالضيعة اللي نكرتني وشرّدتني حطّت كل زناختها بجنازتك..قديش شلت عني يا خيي!
(يصرخ في وجوههم) ولك ليش ما عم تبكو؟ ليش ما عم تزلغطو؟ هاد واحد صاحب كرامات مو حيا الله ليكو قدامكن طالع من المقبرة، مين نال هالشرف بموته متله؟
(على  طرف المسرح والتابوت يغيب رويداً عن مرأى سليم)
روح الله معك. الله يبعتلك قبر مرتب وجنازة بتليق. روح الله يرحمنا ويرحمك وتلاقي قبر هادي بعالم ما فيه سخرية، ما فيه عجقة بشر.. مافيه كذابين ومنافقين. العترة مو عليك عاللي بقي بها الدنيي اللي كل يوم عم موت فيها ألف موتة وكل يوم فيها عم يذكرني بموت جديد. إنت ارتحت يا خيي، العترة عاللي ما رح يرتاح بعمرو ليساويك. والله حبيتك كتير يارفيقي بالموت وعز عليي ما طوّلت عنا وتونّست فيك أكتر. يعزّ عليي هالضيعة ما قامت بواجبك منيح. روح تهنى بجنازتك الجديدة وقبرك الجديد.
و هون.. مطرح ما سكنت محلي يوم. آآآآآآآآآآآآآآآه شو هال قبر دافي ..داااافي...دااااااااااافي .
 
....تعتيم...موسيقا...
تمت

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net