Tahawolat
قدمت غاليري "أيام" مجموعة من الأعمال  لعدد من الفنانين السوريين في معرض تحت عنوان "أوج الفن السوري"، جمعها هم الحداثة الأخيرة مطلع الألفية الحالية، وطغى على أعمالهم الواقع السوري المستجد في السنوات الثلاث الماضية.

الفنانون المشاركون هم: عبد الكريم مجدل البيك، ومهند عرابي، ونهاد الترك، وقيس سلمان، وعثمان موسى، لكل منهم نمطه، وأسلوبه الفني، تجمعهم التجربة الشخصية على خلفية المشهد الطاغي في بلدهم لكن من زوايا مختلفة، وطرق تعبير، وتقنيات متنوعة.

تتميز أعمال نهاد الترك بأنها متماشية مع القراءات الأدبية والفلسفية والنظرية وفي بعض تركيباتها تترك أثرا نفسيا عميقا من خلال تلك المخلوقات المنقوصة التشكل التي يمكن قراءتها على أنها استعارة رسومية لبورتريه شخصي.

ترتكز أعماله على الاستكشافات المفاهيمية لقدرة الانسان على الصبر، في خضم الصراعات القائمة بين الخير والشر.  ويعمل الترك في الآونة الأخيرة على استبعاد الألوان الغامقة التي استخدمها سابقاً في لوحاته، وذلك من خلال إدراج أصباغ مشرقة في تشكيل حقوله اللونية الصلبة ما أدى إلى تقوية شخصياته. هذا ويتماشى الشعور الواضح بالتفاؤل مع هدوء أبطاله من خلال المادية الصامدة التي لم تعد مشوهة.

يعمل مجدل بيك على أعماله  المتعددة الوسائط من خلال تحويل المواد غير التقليدية مثل الفحم والجص والنشاء والرماد والخيش إلى وسائط مثيرة من شأنها إعادة إنتاج مظهر الأسطح المشبعة، ومستنداً في تركيب لوحاته على طبقات خام من الغرافيتي والعلامات والشقوق التي من الممكن العثور عليها على الأسطح الظاهرية للأماكن العامة، يسعى مجدل بيك لاستكشاف المقدرة على فهم الجوانب المقدمة بمثابة محفوظات حول التذبذبات الناشئة في المجتمع على مر الزمان. وانعكاس اندلاع الأحداث في سوريا على عمله من خلال زيادة استخدامه للتركيبات التي يضيف عليها مواد ملتقطة عمومية، مثل الصلبان الصغيرة وشرائح قماش وسلاسل وبنادق وسكاكين، بهدف تحقيق التواصل مع الظروف المعيشية القاسية الناشئة.

أما لوحات عثمان موسى الأخيرة فتلتقط الصفات الشعرية المغفلة عن الواقعية الدنيوية التي تأخذ بالتقدمات الحياتية المتواضعة. كما تداخلت مؤخرا تأثيرات الوضع في سوريا في تراكيبه وجعلته يحول كل ما هو يومي إلى حالة حربية، إذ نجد في أعماله الأخيرة تحول أبسط المواضيع بما فيها الغذاء إلى سلاح مثلا، ما يعكس حضور حالة العنف في معظم التفاصيل الطفيفة في الحياة اليومية. كما يستعمل الهجاء في سلسلة أخرى كتشكيل ساخر حول التعليق الاجتماعي ويصورها كأنها عروش الملوك الغائبة وذلك بطريقة عبثية ورموز سلطوية مجردة من هالتها المعروفة.

ونرى في أعمال مهند عرابي هيمنة تلك الشخصيات الطفولية الحيوية، ولكن ضمن سيناريوهات مختلفة إذ عكست أعماله السابقة اهتمامه بعفوية الأسلوب والتحرر من الشكل الذي يظهر عندما يبتكر الفن بشكل حدسي دون اللجوء إلى التوجيهات الثابتة. ومع بداية الانتفاضة السورية، تبنى عرابي نهجاً واقعياً، في رسم البورتريهات، واستوحى رسوماته من الإعلام الذي يصوغ المشهدية البصرية الحاصلة عن الصراع. وذلك من خلال ملصقات الشهداء أو الصور الشخصية في الفيس بوك، وغيرها من أنواع التصورات المحسنة والمؤلفة التي خدمت لتشكل مصدراً مادياً للهيئة العامة التي آل إليها السوريون تحت الحصار والتشرد والمنفى، محاولاً تسجيل جانب من الصراع الذي يكمن وراء الانقسامات الايديولوجية ونقاط الحوارات السياسية.

أعمال قيس سلمان تستخدم الهجاء لهدم تطبيع الجشع والغرور والتطرف الأيديولوجي الذي يميز المرحلة الجارية. ويسعى جاهدا إلى تصدي ومواجهة المظاهر الاجتماعية والثقافية لهذا الفساد. كما استثمر عمدا البشاعة والدناءة في التصورات المبالغة التي أبرزها من خلال ضربات قاسية من اللون والأشكال المجملة. وغدت مواضيع الإرهاب والنزعة الاستهلاكية والتعصب الديني والامبريالية ولصوصية العصر الرقمي بمثابة مواضيع لتراكيب سلمان عموماً.

نسخة من المعرض للفنانين تجري في معرض "أيام" في دبي بالتوازي مع معرض بيروت، لكن بلوحات مختلفة، ويستمر المعرضان حتى الثاني من آب (أغسطس) الحالي.








آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net