Tahawolat
 في مطلع حزيران  2010 أكد جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط في شهادته في جلسة استماع بشأن حزب الله أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: "أن الولايات المتحدة تقدم المساعدة والدعم في لبنان اللذين يعملان علي إيجاد بدائل للتطرف والحد من صورة حزب الله الإيجابية لدى الشباب اللبناني، وتمكين الناس من خلال المزيد من الاحترام لحقوقهم وتوفير حظوظ الحصول على فرص لقد ساهمنا من خلال الوكالة الاميركية للتنمية ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية بأكثر من 500 مليون دولار لهذه الجهود منذ العام 2006".
 
هذا الكلام ليس عادياً. انه يكشف عن نيات الادارة الاميركية بالقضاء على ظاهرة حزب الله والمقاومة لانها بكل بساطة تشكل خطراً على اسرائيل وتالياً على الولايات المتحدة وحلفائهما. ان يقوم تنظيم محلي باعمال مقاومة ترغم إسرائيل على الانسحاب من لبنان العام 2000 من دون قيد ولا شرط، وأن  يتحول هذا التنظيم بعد لقاء كوفي انان الامين العام للامم المتحدة في حينه مع السيد حسن نصرالله الى لاعب أساسي من غير الدول في المنطقة، وان يصد هذا التنظيم  في العام 2006 هجوم الجيش الاسرائيلي الذي لم يقهر في المنطقة، هو أمر بالغ الخطورة في الاستراتيجية الاميركية.
 
العام 2007 حاولت قوى لبنانية جرّ حزب الله الى نزاع داخلي، لكنه افشل المحاولة بأقل خسائر ممكنة. قال لهم السيد نصر الله: "لو قتلتم منا الفاً فلن نرد ولن ننجر الى الفتنة". ثم كانت احداث 7 ايار 2008 وتلتها تسوية الدوحة التي حفظت للفريق المتآمر امتيازاته واكتفت المقاومة بالتهدئة مكسباً.
 
العراق من دون جيش ولا حول ولا قوة له. مصر الموضوعة خارج الصراع على شفير الانهيار. بقي من قوة العرب سوريا الداعم الاول للمقاومة. رأت الادارة الاميركية بضرب سوريا ضرباً لفكرة المقاومة والصمود والاستقلالية عند العرب والمسلمين.
 كانت الحرب على سوريا تهدف الى ضرب فكرة المقاومة ورئتها وقوتها وجسدها. لماذا؟
  1- سوريا هي القاعدة اللوجستية للمقاومة منها تأتي الاسلحة والمعدات القتالية الاخرى وعبرها يتنقل المقاومون الى العمق الاكبر ايران. سوريا هي مركز التموين بالذخائر والقذائف، خصوصا وقت الحرب (نتذكر ضبط شاحنتين إحداها في حرب تموز في الجبل والأخرى العام 2007 في الحازمية).
  2-  سوريا هي العمق الاستراتيجي والسياسي للمقاومة.
  3- سوريا هي البلد اللصيق لمناطق انتشار المقاومة في البقاع حيث يكون ظهرها محمياً من الجهة السورية.
  4- سوريا دولة المقاومة العربية ووارثة الصراع العربي الاسرائيلي الذي تم إعلان وفاته في العديد من الدول العربية.
  5- سوريا هي منفذ المقاومة على العمق الدولي الذي تبلور حديثاً وهو العمق الروسي الصيني.
يأتي استهداف سوريا ليشمل استهداف النقاط الخمس المذكورة آنفاً.
 
طرح أحد الباحثين الأميركيين امامي وبصراحة بلغت حد الوقاحة كيفية التخلص من حزب الله وقال انه امام الادارة الاميركية اربعة خيارات لتحقيق هذا الهدف:
الخيار الاول: حرب اميركية ضد لبنان والمقاومة شبيهة لحرب العراق وافغانستان. استبعد الباحث هذا الخيار لأن الرئيس اوباما يعيش استراتيجية خروج من العراق وافغانستان ولا يمكنه ان يدخل عليها استراتيجية تورط في بلد آخر بالاضافة الى الكلفة المالية الباهظة للحرب والمعارضة الشعبية الاميركية لاي حرب جديدة.
الخيار الثاني: حرب اسرائيلية ضد حزب الله. اكد الباحث ان اسرائيل نفذت هذا الخيار وحدها وبإشراف اميركي العام 2006 وفشلت في ضرب المقاومة وهي غير مستعدة لتكرار الفشل.
 
الخيار الثالث: المحكمة الخاصة بلبنان من أجل كشف ومحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
 
الخيار الرابع: أن تقوم قوى 14 آذار بالهجوم على مناطق حزب الله وتوجيه ضربة داخلية له ونزع سلاحه. لم ينجح هذا الخيار لا بالقضاء على حزب الله ولا استنزافه داخلياً.
 
كان هذا الكلام قبل الربيع العربي. ما لم يقله ذلك الباحث هو أن الربيع العربي هو الخيار الخامس لضرب المقاومة وان تغيير النظام في سوريا وضرب مقومات الدولة وبناها السياسية والعسكرية والامنية يستهدف اضافة الى تحويل سوريا الى دولة فاشلة، كما انزلق لسان الاخضر الابراهيمي الاسبوع الماضي في حديث الى دير شبيغل.
 
الوقائع الميدانية لموقع المقاومة في الحرب السورية:
 
 - تعبوياً، شن حرب اعلامية على حزب الله وايران لدرجة ان هتافات درعا في آذار 2011 لم تكن تطلب الاصلاح السياسي ولا الحريات بل كانت توجه ضد حزب الله، بما في ذلك حديث برهان غليون الى وور سريت جورنال في مطلع الحرب.
- تركيز إعلامي على مذهبة وتطييف النزاع في سوريا والمنطقة وتحويله الى نزاع سني شيعي واستحضار روايات تاريخية تربط النزاع بالعقيدة والفقه وتبعده عن السياسة. تداول مصطلحات نصيري وعلوي ورافضي وصفوي ومجوسي واطلاق الفكر التكفيري.
- هجوم على مبنى اركان القيادة في العاصمة دمشق.
- هجوم على مراكز الامن السوري في جسر الشغور (مجزرة قتل 150 عنصرا امنيا) وحماه (الهجوم على فرع الامن العسكري) ودرعا (الهجوم على عدة مراكز امنية) والسويدا (تفجير مبنى فرع المخابرات الجوية) والقنيطرة (تفجير مبنى المخابرات العسكرية) من دون ان ننسى معارك مبنى المخابرات الجوية في حلب ومقتل رئيس فرع مخابرات دير الزور واغتيال القادة الأربعة في مبنى الامن القومي في دمشق.
- هجوم على وسائل الدفاع الجوي، خصوصا رادارات الإنذار المتمركزة في اعالي الجبال والتلال وبطاريات صواريخ مضادة للطائرات.
- هجوم على التحصينات الدفاعية السورية على جبهة الجولان، خصوصا في المنطقة العازلة.
الهجومان الاخيران يستهدفان قدرة الجيش السوري على مواجهة اسرائيل ولا علاقة لها بالأمورالداخلية بتاتاً.
- تحصينات قوية وانفاق وخنادق في القصير وريف حمص الغربي بهدف مهاجمة حزب الله في البقاع  الشمالي وإشغاله من الجهة الخلفية، وهذا ما قرأته قيادة المقاومة، حينما شنت حربا استباقية في القصير.
- تحصينات وأنفاق في جبال القلمون للهدف نفسه اي مشاغلة المقاومة من داخل الاراضي السورية، من هنا ركزت قيادة المقاومة والقيادة السورية على استعادة القلمون لدرء الخطر عن المقاومة .
- استحضار تنظيمات القاعدة واستنفار وتعبئة عالمية للجهاد في سوريا بتسهيل من دول الغرب وتسهيل ميداني من عضو الحلف الاطلسي تركيا التي تستقبل على أراضيها الارهابيين القادمين  من جميع انحاء العالم وفقاً لشهادة التونسيين التي اعلنت في الاعلام، ووضعت بتصرفها ثلاثة معسكرات في مدينة عثمانية قرب اضنة ومدينة كرمان في الاناضول ومدينة اورفة في جنوب شرقي تركيا. تشكل تركيا القاعدة اللوجستية لتنظيمات القاعدة في سوريا من داعش والنصرة وغيرها. جرت تعبئة هذه التنظيمات لتنفيذ عمليات ارهابية في مناطق المقاومة في الضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي.
لقد جرى استحضار القاعدة بعد فشل تجربة الجيش الحر في تحقيق اي من الاهداف الاميركية الاسرائيلية.
يتضح مما عرضنا ان الهدف الاساس من الحرب السورية هي موقفها السياسي المقاوم وليس إجراء اصلاحات فهناك ملكيات قروسطية بحاجة امس الى الاصلاح، لكن موقفها السياسي الخانع حماها من الهجمة الربيعية. يقع ضرب المقاومة اللبنانية حزب الله  في اعلى سلم اولويات الحرب السورية.
لا تغشنكم دعاوى تسليح الجيش الحر او عدم تسليحه. إن نظام الاتصال والقيادة والسيطرة في المعارضة المسلحة، خصوصاً داعش والنصرة هو بمستوى دول كبرى يصعب على سوريا وحلفائها خرقه.
لم تتوقف الحرب وإن تراجعت ولن يدخر المهاجمون جهدا الا ويبذلوه من اجل ضرب المقاومة ولا تجوز الاستكانة ولا الاسترخاء، لان غرف العمليات ما تزال تعمل وخطط الحرب كثيرة وخطيرة .
 

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net