Tahawolat
"



تحاول الشاعرة العراقية آمنة البيرماني كسر القيد الذي يخنق الكلام ويحاصر الحلم وتبحث في باكورتها الأولى عن مساحة رحبة تسمح للأفكار بالتحليق عالياً رغم ثقل الاغلال. بدأت بكتابة الخواطر منذ كانت طالبة في المرحلة الثانوية لكنها احتفظت بها لنفسها، وتابعت دراستها الجامعية في مجال الهندسة، اليوم اختارت بيروت ميناء لحروفها التي ضمها اصدارها الاول "أعطوني عدلاً" كونها ترى في هذه المدينة متنفساً للقول والفعل، هي لم تطلق العنان لاحلامها المرصوفة في زمن ماضٍ كونها لا تحبذ صفة "المداحين" وبين سطورها الآنية ثورة على واقع عربي تختلف تسميته من بلد الى آخر لكنه يستنسخ ذاته رغم تبدل الوجوه. تهدي البيرماني باكورتها الاولى الى بناتها اللواتي شجعنها كثيراً وكن ولا يزلن الملهمات والناقدات.
"تحولات" التقت الشاعرة العراقية آمنة البيرماني وكان معها الحوار الآتي:
نبدأ بلمحة عن البيرماني التي تقرّ بأن الوسط الثقافي العراقي كان مغيباً عن محيطه العربي في مرحلة معروفة للجميع وتقول عن نفسها: "أنا كنت أكتب بعض الخواطر منذ كنت في المرحلة الثانوية ولم أفكر يوماً أنني سأحترف الشعر، العراق عاش حصاراً انسحب على قطاعاته كافة والثقافة فيه تأثرت وبلغت حد العزلة وفي المقابل لم يك الوسط الثقافي العراقي مدركاً لما يجري خارج حدوده الضيقة، في زمن صدام حسين كان قدر أهل الثقافة والأدب يحتم عليهم تمجيد الرئيس ولأني لا أحب منطق المديح لم أسع للكتابة علناً".
وتتابع في اطار متصل: "كما تعلمين عشنا في العراق أياماً صعبة وتدركين فظاعة الحروب التي وقعت وحجم الظلم والقتل المتواصل الذي يتربص بالعراقيين كل هذه الامور ولّدت لدي غضباً لا حدود له وكتبت، إلا أني لم أنشر كتاباتي في حينه ولكن بناتي وهن ناقداتي شجعني على النشر وهكذا قصدت بيروت وطبعت فيها مجموعتي الشعرية".
لكن لماذا بيروت؟ تجيب البيرماني: "بيروت تعبر عن ذاتها منذ الازل، إنها مدينة تشع ثقافة وتضم أهم دور النشر في العالم العربي ورغم كل ما عاشته لكنها تنتفض على الدوام وتقدر على استيعاب الجميع".
وتؤكد البيرماني أنها لم تخطط كثيراً للأمر ولم تواجهها أي صعوبة مع دار النشر الذي أصدر مجموعتها، فتقول: "لقد قدمت نصوصي للاستاذ سليمان بختي - دار نلسن الذي وافق عليها دون اي شروط مسبقة".
أما عن طابع القصائد فتقول: "قصائدي تحاكي معاناتي الشخصية ومعاناة المرأة العراقية في مجتمع ذكوري قاسٍ نسبياً وفيه الكثير من التطرف الذي قابله إنفتاح مفاجىء بعد سقوط صدام بحيث تصبح الحرية سيف ذو حدين وكثيرين يتعاملون معها بشكل يمنحها صفة السلبية رغم سعيهم للحصول عليها منذ زمن. وفي حروفي غضب ورفض للواقع السياسي الذي يكرر نفسه بتسميات مختلفة وهذا الامر ليس على صعيد العراق وحسب بل في العالم العربي بمعظمه. صحيح هناك خصوصية عراقية في القصائد لكن في جزء منها يخرج من فلك هذه الخصوصية".
وتشير البيرماني الى قصيدة "أعطوني عدلاً" التي عنونت فيها المجموعة فتقول: "هذه القصيدة كتبتها للتونسي ابو عزيزي الذي أشعل الثورة في تونس جراء إحراقه لنفسه كردٍ فعلٍ على الظلم الذي يقيّده وهو الذي فجر الثورات على إمتداد العالم العربي، ونحن كعراقيين شعرنا أنه شهيد لم يكترث لامره الحكام والمشهد يتكرر على الدوام حيث السياسي يتمسك بمغانمه والمقهورين هم انفسهم".
هذا الغضب الذي تخطه البيرماني هل يشير الى ثورة في داخلها وكيف تترجم "الربيع العربي" من وجهة نظرها؟ تجيب: "الربيع العربي يجب الا يقع في فخ التطرف الديني القادر على تدمير العقول والمجتمعات مهما حاول البعض تجميله، هؤلاء الذين خرجوا الى الشوارع رفضاً للقمع والظلم يجب أن يحافظوا على حقوقهم التي اكتسبوها دون اللجوء الى الاقتتال والتعاطي الدموي كي يحققوا الديموقراطية المنشودة ويبنوا مجتمعاتهم المدنية".
لكن هل تنوي البيرماني تسويق كتابها في العراق؟ تجيب: "سأحاول وهذا ليس بالأمر السهل فقد لا يتقبله الجميع لكن باعتقادي أن الكلمة لا يمكن تكبيلها ومهما كثرت الاغلال تبقى الروح محلقة نحو الامل المنشود".

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net