Tahawolat
الارهاب استراتيجية احتضنتها اميركا عندما خسرت الحرب الباردة
 3 ركائز للسياسة الاميركية: تفكيك البنية الاجتماعية
 تحجيم نفوذ الدول الكبرى واستغلال الاسلاميين المعتدلين


تنشر "تحولات" في هذا العدد الجزء الثاني من ملف "الجهاد السلفي" اذ تناولنا في الجزء الاول مسألة التمازج والتشابك بين التعبيرات الثقافية الاجتماعية للاسلام وتطرقنا الى الاسلام كرؤية وجودية مختزنة لممارسة وظيفية ذات بعد اشباعي‮ ‬فردي‮ ‬في‮ ‬السلوك الجماعي، بحيث تتنوع الاسلامات اليوم ‬بتنوع المصالح ما يستدعي‮ الانكباب لدرس الادوات والمناهج الجديدة بغرض متابعة العوامل التي‮  ‬تتحكم بتجليات الاسلام في‮ الوقت ‬الراهن، اذ اننا بدون‮ ‬ احداث بعض التحولات في تلك الرؤية ستتكرر العديد من المآسي، وخصوصاً في وقتنا الحاضر اذ ‬يلعب الدين كمنظومة نظرية دوراً‮ ‬مصيرياً‮ ‬داخل البناء الاجتماعي.


اميركا والاسلام السياسي

كيف اصبح الارهاب الاسلامي‮ ‬الميل النظري‮ ‬الذي‮ ‬انشغل به بضعة مثقفين قلائل وكان له ثقل سياسي‮ ‬هامشي في‮ ‬السبعينات، وكيف اصبح جزء من التيارات السياسية السائدة في‮ ‬خلال بضعة عقود قليلة من الزمن؟ للاجابة على ذلك نحتاج الى ان ننتقل بعيداً‮ ‬عن المناظرات الداخلية للاسلام السياسي‮. ‬الى الحوار حول علاقة الاسلام السياسي‮ ‬باميركا الرسمية‮. ‬ونعود من احداث‮ ‬11‮ ‬ايلول للخلف الى الايام التي‮ ‬تعاقبت بعد هزيمة اميركا في‮ ‬فيتنام الفترة التي‮ ‬يمكن تسميتها بالمرحلة المتأخرة من الحرب الباردة‮. ‬كما ان هذا السؤال‮ ‬يجاب عليه بأحسن ما‮ ‬يكون من افضل المواقع داخل افريقيا‮.‬
بلغ‮ ‬تفكيك الاستعمار نقطة حيوية في‮ ‬عام‮ ‬1975‮ ‬العام الذي‮ ‬انهزم‮  ‬فيه الاميركيون في‮ ‬فيتنام‮. ‬وكان ايضاً‮ ‬العام الذي‮ ‬انهارت فيه الامبراطورية البرتغالية في‮ ‬افريقيا‮. ‬النتيجة كانت تحولاً‮ ‬في‮ ‬مركز الثقل للحرب الباردة من جنوب شرق آسيا الى جنوب افريقيا‮. ‬من كان سوف‮ ‬يلتقط شظايا الامبراطورية البرتغالية في‮ ‬افريقيا،‮ ‬اميركا ام الاتحاد السوفياتي؟
السمة المميزة للمرحلة الجديدة للحرب الباردة كانت الحركة القوية المناهضة للحرب داخل الولايات المتحدة التي‮ ‬عارضت التدخل العسكري‮ ‬المباشر فيما وراء البحار بعد مأساة فيتنام التي‮ ‬لا تزال تنبض في‮ ‬ذكرى الاميركيين من جيل الى جيل‮. ‬وضع هنري‮ ‬كيسنجر وزير الخارجية الاميركي‮ ‬وقتئذٍ‮ ‬تصميماً‮ ‬استراتيجياً‮ ‬كرد فعل للمسار المتحول لو لم تستطع اميركا التدخل فيما وراء البحار بشكل مباشر فانها سوف تتدخل من خلال آخرين‮. ‬وهكذا بدأت حقبة حروب الوكلاء الحروب التي‮ ‬كانت علامة عليى ‬الفترة من فيتنام الى سورية مروراً‮ ‬بافغانستان والعراق والقافلة تسير‮.‬
انغولا كانت‮  ‬اول تدخل هام للاميركيين من طريق وكلاء في‮ ‬فترة ما بعد فيتنام بحث كيسنجر اولاً‮ ‬عن المرتزقة لمعارضة حركة الاستقلال في‮ ‬انغولا،‮ ‬ثم تبعها بإيماءه الى جنوب افريقيا‮. ‬فقد التدخل الجنوبي‮ ‬افريقي‮ ‬صدقيته اثر انكشاف خطته للكونغرس فأوقف المساعدات المكشوفة والمستورة للقوات المناهضة للشيوعيين في‮ ‬انغولا‮.‬
رفعت ادارة رونالد ريغان من مستوى حروب الوكلاء كرد فعل الى استراتيجية عظمى سميت باسم مذهب ريغان الذي‮ ‬يتضمن تحولاً‮ ‬من الاحتواء الى‮ "‬الردة‮" ‬من التعايش السلمي‮ ‬الى عرض عدواني‮ ‬مستدام،‮ ‬يعكس مسار هزائم العالم الثالث‮. ‬ولتأكيد الشرعية التاريخية لهذا التحول،‮ ‬اقدمت الولايات المتحدة على جلب اللغة الدينية الى السياسة،‮ ‬فأطلق ريغان دعوته للاميركيين ان‮ ‬يهزموا امبراطورية الشر‮.‬

الانخراط البناء

التحالف الاول من هذا المنوال الملقب‮ ‬بـ "التفاعل البناء" ‬كان من اميركا الرسمية والابارتهيد في‮ ‬جنوب افريقيا‮. ‬فمن خلال‮ "‬الانخراط البناء‮" ‬منحت الولايات المتحدة‮ ‬غطاءً‮ ‬سياسياً‮ ‬للابارتهيد في‮ ‬جنوب افريقيا حيث شرعت في‮ ‬تطوير‮ ‬استراتيجية لحرب الوكلاء في‮ ‬المستعمرات البرتغالية السابقة في‮ ‬موزمبيق وانغولا‮. ‬فحين انتقلت ادارة ريغان من التعايش السلمي‮ ‬الى‮ "الردة‮" ‬اعادت حكومة الابارتهيد خطتها الاقليمية‮ ‬من‮ "‬الوفاق‮" ‬الى‮ "‬العدوان‮".‬
والثمرة المرة للانخراط البناء كان اول حركة ارهابية فريدة من نوعها في‮ ‬افريقيا المسماة برينامو‮. ‬انشأها الجيش الروديسي‮ ‬في‮ ‬اوائل السبعينات وترعرعت على ايدي‮ ‬جيش الابارتهيد بعد عام‮ ‬1980‮. ‬استهدفت رينامو بشكل مستمر المدنيين في‮ ‬موزمبيق لاقناعهم بأن الحكومة الافريقية المستقلة لن تستطيع تأمين القانون والنظام في‮ ‬البلاد‮. ‬وعندما اصبح ارهاب رينامو حديث الساعة بين الناس،‮ ‬اطلق النظام العنصري‮ ‬شعار‮ "ارهاب السود ضد السود‮" ‬اشارة للصراعات القبلية المفتوحة،‮ ‬وعدم قدرة الشعب الاسود على التعايش بسلام مع بعضه البعض دون وسيط خارجي‮ ‬يحكمه‮.‬
الارهاب استراتيجية احتضنتها اميركا عندما خسرت الحرب الباردة في‮ ‬1975‮ ‬وكانت موزمبيق ونيكاراغوا هما لحظتا التأسيس لذلك التاريخ كل من رينامو والكونترا راندتي‮ ‬الحركات الارهابية كانت عميلتين بالوكالة لجنوب افريقيا والولايات المتحدة‮. ‬كلتاهما علمانيتي‮ ‬التوجه‮. ‬اما سمة المرحلة الختامية للحرب الباردة فكانت ارهاباً‮ ‬اسلامياً‮ ‬في‮ ‬افغانستان‮.‬

الردة بمقياس كوكبي‮ ‬افغانستان

الحرب الافغانية كانت المثال الابرز‮ لـ "الردة" ‬في‮ ‬تاريخ الارهاب اثناء المرحلة الاخيرة من الحرب الباردة‮. ‬فالحرب الافغانية اكتسبت الاهمية لسببين‮: ‬الاول،‮ ‬صاغت ادارة ريغان الحرب بطابع ايديولوجي‮ ‬فجعلت منه حرباً‮ ‬دينية ضد امبراطورية الشر‮. ‬وذلك بخلاف طابع حروب التحرر الوطني‮ ‬التي‮ ‬صبغت عمليات الكونترا في‮ ‬نكياراغوا،‮ ‬وفي‮ ‬مجرى الحرب خصصت ادارة ريغان عمليات التدريب والتجنيد والتنظيم لشبكة من الجهاديين الاسلاميين ضد الاتحاد السوفياتي‮ ‬فكان التجنيد‮ ‬يتم عن طريق الجمعيات الخيرية الاسلامية والتدريب من خلال المدارس الدينية التي‮ ‬تمت عسكرتها‮. ‬وبخلاف مثيلاتها التي‮ ‬تعلم قدراً‮ ‬من الموضوعات العلمانية والدينية من الفقه والشريعة الى التاريخ والطب وغيره‮... ‬كانت المدارس الافغانية تدرس منهجاً‮ ‬ضيقاً‮ ‬مكرساً‮ ‬للفقه محدود‮ (‬الاسلام الجهادي‮) ‬وتمنح تدريباً‮ ‬عسكرياً‮ ‬تكميلياً خلقت اميركا بنية تحتية للارهاب وصاحت انها بنية تحتية للتحرر‮.‬

الارهاب الاميركي‮ ... ‬الان

لا شك ان الخطط الاميركية تجاه العالم الاسلامي‮ ‬الذي‮ ‬تدعوه الشرق الاوسط عندما تريد تخصيص الدول العربية‮. ‬وبعض الدول الاخرى في‮ ‬محيطها تعددت وتنوعت على مر السنين لتتلاءم مع التغيرات التي‮ ‬تطرأ على المنطقة بين الحين والآخر لكنها في جميع الاحوال والظروف حافظت على عاملين اثنين اساسيين اعتبرتهما ثابتان في‮ ‬جميع هذه الاستراتيجيات وخطاً‮ ‬احمر‮ ‬يمس الامن القومي‮ ‬الاميركي‮.‬
العامل الاول هو حماية امن اسرائيل ودعمها بأي‮ ‬ثمن،‮ ‬والعامل الثاني‮ ‬هو تأمين النفط والمصالح الاستراتيجية الاميركية الاخرى‮.‬
وعلى العموم فإن الاستراتيجية الاميركية الجديدة في‮ ‬المنطقة‮ ‬يمكن تلمس معالمها من خلال الادوار التي‮ ‬تلعبها اميركا في‮ ‬افغانستان والعراق‮. ‬ومن خلال الادوار التي‮ ‬لعبها اخيراً‮ ‬بمساعدة اوروبا في‮ ‬عدد من الملفات سواءً‮ ‬في‮ ‬سورية او لبنان او فلسطين او مصر او الخليج العربي‮ ‬وتركيا‮.
‬وهذه الاستراتيجية تقوم على ثلاث ركائز اساسية هي:
اولاً: تفكيك البنية الاجتماعية للدول من خلال استحضار الاشتباك المذهبي وتحويله الى اشتباك سياسي تمهيداً لعمليات تقسيم تجري في حينها.
ثانياً: تحجيم نفوذ الدول الكبرى تقليدياً مثل مصر والسعودية وسورية والعراق. والحرص الا تمتد دائرة نفوذهم خارج اطار دولهم سواء سياسياً او عسكرياً او حتى اقتصادياً في بعض الاحيان، ولذلك اسباب عدة سنذكرها لاحقاً.
ثالثاً: استغلال من تدعوهم اميركا بالاسلاميين المعتدلين، وذلك لكي تنقذ ما تصبو اليه تحت شعار الحوار والتقارب والانفتاح على الآخر، الذي تذكرته فجأة بعد حوالي 60 عاماً قضتها في المنطقة وهي تحارب الاسلام والمسلمين.
ان مسألة التلاعب والتحكم بورقة الصراع المذهبي وحقوق الانسان مسألة معروفة قديماً في العرف السياسي الاميركي الخارجي، وهذا الاسلوب يظهر الولايات المتحدة بمظهر المدافع عن حقوق البشر وتوجهاتهم في وقت تعاني هي اصلاً فيه من عنصرية بغيضة تجاه الاقليات سواء العرقية او القومية، على العموم الخطة الاميركية الجديدة تقوم على استعمال الشحن المذهبي لزعزعة الاستقرار ووحدة الدول القائمة في الشرق الاوسط لا سيما ما لهذه الورقة من قوة كبيرة تؤدي الى مواجهات عنيفة تفكك على اثرها الدولة الى دويلات طائفية وعرقية او تضعف الدول كثيراً في احسن الاحوال.
وبطبيعة الحال فإن الدول التي تحويها القائمة الاميركية في هذا المجال هي الدول الاكثر تنوعاً وامتزاجاً مثل العراق، افغانستان، السودان، الجزائر، سورية ولبنان... الخ وذلك من اجل اعادة صياغة الواقع العرقي والطائفي والمذهبي وفق تركيبة تناسب المخططات الاميركية التي تهدف الى تحقيق اهداف عدة منها:
اولاً،‮ ‬اضعاف الدولة القومية التي‮ ‬لديها حساسية تجاه مس سيادتها من خلال التدخلات الخارجية في‮ ‬شؤونها،‮ ‬وهو ما سيسهل عملية الاختراق الاميركية للدول التي‮ ‬تأبى الانصياع لما تريده او التي‮ ‬ترفض التغيير بحسب الوصفة المقدمة على الطريقة الاميركية‮.‬
ثانياً،‮ ‬ضمان عدم التحام الاقلية والاكثرية طوائفياً‮ ‬واعراقاً‮ ‬وضمان عدم ذوبانها او على الاقل انسجامها في‮ ‬مجتمعها الموحد في‮ ‬اطار جامع وذلك لضمان حاجتها الى مساعدة خارجية دائمة‮. ‬وذلك لابقاء هذه الحالة التقسيمية فتيلاً‮ ‬يمكن تفجيره في‮ ‬اي‮ ‬وقت تراه القوى الغربية مناسباً‮ ‬بحجة الحماية بطبيعة الحال‮.‬
ثالثاً‮، ‬ان الهدف التقييمي‮ ‬المذهبي‮ ‬هو تبرير لوجود اسرائيل وتوسيع رقعة المشاكل والنزاعات الاقليمية الداخلية العرقية والمذهبية لاشغال هذه الدول بالمشاكل الداخلية المستجدة لديهم وتعريضها للتفتيت والتقسيم بمعنى تقسيم المقسم اصلاً‮ ‬وهكذا تصبح القضية الفلسطينية في‮ ‬آخر اهتمامات العرب‮.‬

تحجيم نفوذ الدول الكبرى في‮ ‬المنطقة

ترتكز الاستراتيجية الاميركية الجديدة في‮ ‬المنطقة في‮ ‬شقها الثاني‮ ‬على تحجيم نفوذ الدول الكبرى تقليدياً‮ ‬في‮ ‬المنطقة مثل السعودية التي‮ ‬من المفترض ان تشمل دائرة نفوذها الاقليمية على الاقل دول الخليج العربي‮ ‬وذلك لاعتبارات اقتصادية وديموغرافية وجغرافية وعسكرية‮... ‬الخ‮.
‬مصر التي‮ ‬من المفترض ان تشمل دائرة نفوذها او دائرة تأثيرها ايضاً‮ ‬منطقة شمالي‮ ‬افريقيا والسودان وفلسطين‮.‬
سورية والعراق حيث تمتد دائرة نفوذ الدولتين الى الدول المجاورة لهما سواء لبنان وفلسطين الى سورية والاردن والخليج بالنسبة للعراق‮.‬
ونلاحظ ان الولايات المتحدة لجأت الى هذه الخطة في‮ ‬تحجيم نفوذ الدول الكبرى نظراً‮ ‬للتعقيدات الكثيرة والتشابكات التي‮ ‬تتركها دائرة نفوذ مثل هذه الدول الكبرى على الدول الاخرى مما من شأنه من‮ ‬يحد من التدخل الاميركي‮ ‬بحيث‮ ‬يصعب على الولايات المتحدة التدخل في‮ ‬اي‮ ‬ملف لأي‮ ‬دولة تكون لهذه الدولة الكبرى نفوذ فيها‮. ‬لكن عندما تكون دائرة نفوذ كل دولة محصور في‮ ‬اطارها الداخلي‮ ‬فقط‮ ‬يسهل على الولايات المتحدة التدخل بشؤون اي‮ ‬دولة دون تعقيدات وبطبيعة الحال فإن الدول الاخرى دول ضعيفة ولا حول لها ولا قوة في‮ ‬وجه الاملاءات الاميركية‮.‬
ويمكن ملاحظة ذلك في‮ ‬ثلاث حالات واضحة وصريحة منها،‮ ‬السودان حيث تم عزله عن محيطه العربي‮ ‬وترك لوحده في‮ ‬مواجهة اميركا والقوى الدولية الاخرى،‮ ‬وتم عزل مصر عن الحلف الى ان وصلت الاوضاع الى ما وصلت اليه،‮ ‬وترى التهديدات والعقوبات الاميركية والاممية واضحة لاي‮ ‬مراقب‮.‬
العراق وقد تم ايضاً‮ ‬عزله ومحاصرته وقصفه وتدميره وتحجيم نفوذه الى ان وصل الى ما هو عليه الآن من خراب ودمار‮.‬
وسورية وقد بدأت محاولة تحجيم نفوذها واضحاً‮ ‬ولا‮ ‬يحتاج الى شرح حيث اصبحت قدرة الولايات المتحدة على التدخل في‮ ‬الملف اللبناني‮ ‬اكبر بكثير وتم تحجيم النفوذ السوري‮ ‬فيه،‮ ‬وبالطبع فسيف التهديدات لم‮ ‬ينته بعد وسلسلة المطالب من سورية تجاه العراق ولبنان وفلسطين قد تكبر او تتضاءل وهذا رهن بالصمود السوري‮ ‬في‮ ‬وجهه المؤامرة المستمرة‮.‬
تميز العرب في‮ ‬التاريخ الحديث خلافاً‮ ‬لثقلهم السالف على المسرح الكوني،‮ ‬حالة هامشية محيرة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن ان نقول ان قلة من المفكرين او السياسيين فحسب من شغلتهم المسألة بل تكاد تكون هماً‮ ‬مشتركاً‮ ‬بين عامتم وخاصتهم،‮ ‬وان اختلفت التبريرات والتعليلات والتفسيرات،‮ ‬وبرغم ذلك ما زالت الاحجية تتمنع عن الحل‮. ‬تساؤلنا بشأن‮ "‬نحن والتاريخ‮" ‬و"نحن والمستقبل" ‬احد الاسئلة الحرجة والمعلقة في‮ ‬ذلك السياق،‮ ‬التي‮ ‬ستطرح على اجيال آتية وقادمة ما دام الجيل الحالي‮ ‬لم‮ ‬يوفق في‮ ‬الاجابة عنها حضارياً‮ ‬فابرز اختبارات الصحة والسلامة والمناعة للامم،‮ ‬تستكشف داخل اقتدارها على الاجابة على اسئلتها الوجودية والحضارية وفي‮ ‬ما‮ ‬يغاير ويسفه ذلك توريثها لخلفها،‮ ‬بفعل وهنها واعتلالها‮. ‬نحن والتاريخ تساؤل حول الكينونة بصيغة الجمع،‮ ‬يهز الابنية والاصعدة التي‮ ‬شيد عليها الكيان،‮ ‬التي‮ ‬صعد شطرها التشوف والاستلهام‮. ‬كل ذلك القلق المختزن في‮ "‬النحن" ‬ليس من المتيسر تهدئته لا بامتطاء حصان التاريخ مجدداً‮ ‬في‮ ‬عمق بدنه ومنتهاه،‮ ‬في‮ ‬ما صنع ما سيصنع منه فيجري‮ ‬التحول في‮ ‬التعريفات الدارجة والمعهودة له،‮ ‬بكونه ماضياً‮ ‬من سالف الدهر،‮ ‬الى تكتل لابعاده الثلاثة ما مر وما‮ ‬يحدث،‮ ‬وما‮ ‬يرتقب بصفتنا نحن الذين نخلقه او نهدمه لا بكوننا مقودين بسلطانه وفوضويته.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net