Tahawolat
كم من الشعارات البراقة نستهلكها و"نحرقها" ونستنفذها ولكن، نقف في النهاية على عتبة الشعار نفسه، ولا يتحقق أي خرق حقيقي جدي على مستوى التطبيق...
ثمة وعي حقيقي على مستوى شرائح وازنة في المجتمع بضرورة تحقيق "الاصلاح"، الذي هو بالمناسبة مصطلح "نسبي" لأنه يخضع لظروف المجتمع نفسه وقدرته على الحراك الجدي باتجاه المستقبل.
ثمة اقرار بالحاجة الى اعادة نظر حقيقية بنواحي مختلفة ومتعددة ومتشعبة في طرق وأساليب ومناهج التفكير التي تحكم حياتنا العامة والخاصة، ولكن، كل ذلك لن يحصل الا بالارتكاز الى العقل "الشرع الأعلى في المجتمع"، فهذا العقل هو المحفز للتفكير والتبصر في كل مشكلات الواقع الاجتماعي – الانساني، ووضع الحلول القريبة والمتوسطة والبعيدة، وهذا العقل هو المرتكز لتغيير الوعي الاجتماعي، وتطوير الثقافة والمعرفة والعلم باتجاهات تخدم قضايا التغيير الجدي...
وكي لا نذهب بعيداً في التجريد النظري، فلنأخذ "الحراك الشعبي" الذي تشهده بعض المجتمعات في العالم العربي، فهو ظاهرة "فريدة"من نوعها، ويختزن في ذاته الكثير من الايجابيات وفي الوقت نفسه يختزن كماً كبيراً من التعقيدات والتشعبات والعوارض والمضاعفات والمفارقات والتناقضات التي تدفع للقلق وعدم الراحة والأمان، لا بل تقود الى الخوف من أكبر عملية احتوائية لوعي التغيير، لارادة التغيير، ولفعل التغيير على مستوى الشعوب.
يمكن القول أن القراءة المتأنية تؤكد استشعار الفئات الشعبية على اختلافها وتنوعها وتضارب نظراتها وعقائدها وأيديولوجياتها ومشاربها ضرورة احداث تغيير ما في حالة "الستاتيك" القاتل والجامد التي وسمت ولفترة طويلة من تاريخ هذه المنطقة، صورة الواقع باستثناء ومضات أضاءت وأنارت في ظلام ليلها الطويل...
ما هو الاصلاح؟ ما هو التغيير؟ وما هي آلياته؟ ما هي أهدافه؟ وغاياته؟ وما هي آفاقه في الزمن الحاضر والمستقبل؟
"الاصلاح" ليس موضة يتم تعميمها بين ليلة وضحاها، ولا هو قرار وحسب، بل الاصلاح – وقبل كل شيء- بيئة وشروط وعناصر تتضافر وتتفاعل في سبيل تحقيق "الهدف"، والأهم من ذلك، أن الاصلاح هو حاجة داخلية للمجتمع، وآليات تحقيق الاصلاح هي آليات داخلية بمحركات دفع داخلية بعيداً عن كل تدخل خارجي.
هذا الاصلاح  يمثل حاجة حقيقية لمجتمعاتنا اليوم، وهو يهدف لاعطاء الناس المزيد من الحريات والحقوق، وتفعيل مشاركتهم في السلطة والحكم، واشراكهم بالتالي في اختيار الأطر السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يرونها مناسبة.
بيد أن المخاوف الجدية تتمظهر في محاولات "الاحتواء" و"التدجين" وحرف الاصلاح عن مساره الصحيح، وتوظيف كل الحراك الذي ينادي بالاصلاح من أجل تحقيق أهداف أخرى، وأجندات لمشاريع ودول ومصالح في حمأة الصراع الذي تشهده منطقتنا.
ولعل ما يحصل في سورية من أحداث وتطورات يعزز هذا الرأي، ويؤكد حقيقة "المخاوف" أن ما يحصل يبتعد كثيراً عن مسار الاصلاح، ليتخذ أشكالاً تهدد أمن وسلامة ووحدة المجتمع.
ولغة "المؤامرة" هنا، ليست لغة "خشبية" ، بل نفي "التآمر" هو ما يدخل حقيقةً في تصنيف "اللغة الخشبية"، اذ أن هذه الهجمة الشرسة باتجاه سورية لا يمكن أن تكون بريئة لا في توقيتها ولا في شكلها، ولا حتى في استهدافاتها الأخيرة.
هذا الكلام لا يعفي السلطة أو "الدولة" في الشام من مهامها، بل يضاعف هذه "المسؤولية التاريخية" في كيفية التصرف والتعامل مع الأحداث بأقصى الحكمة والروية والعقل، طبعاً على قاعدة الاقرار بحتمية الاصلاح والتغيير وتطوير بنية النظام السياسي باتجاه المزيد من الحرية والديموقراطية وملاقاة هذا الاصلاح بالمزيد من تصليب نهج المقاومة والممانعة للمشروع الصهيوني – الغربي في المنطقة. 

آراء القراء

1
26 - 6 - 2012
A wonderful job. Super helpful information.

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net