Tahawolat
أعد مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية "انطوني كوردسمان" دراسة حول الإجراءات الواجب على الولايات المتحدة اتباعها بعد انسحاب قواتها من العراق في ظل استمرار الاحتجاجات في الدول العربية ومنها خليجية ونتائج هذه الاحتجاجات من تغيير أنظمة أو إقرار إصلاحات واسعة في أنظمة أخرى أو نشوب حروب أهلية او تدخل عسكري أوروبي وأميركي كما هو الحال في ليبيا، فمن الواضح ان حالة من انعدام اليقين الاستراتيجي تسود في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تجاه ما يجري في المنطقة العربية وتحديداً الخليج علما ان بقية الدول المصنفة كبرى اي الصين وروسيا هي في موقع المتلقي للأحداث ودرسها وتخطيط ردود الفعل عليها وفقا لمصالحها ولا تمتلك رؤية واضحة نحو المستقبل. منذ حرب أفغانستان ومن ثم العراق والنتائج التي أسفرت عنهما لا سيما عدم تحقيق الأهداف المرجوة، دخل النظام العالمي الجديد الأحادي القطبية مرحلة حرجة، ففي أفغانستان كان الهدف المعلن محاربة الإرهاب وإسقاط نظام طالبان وبعد نحو عشر سنوات ازداد خطر الإرهاب وباتت عودة طالبان مرجحة بعد الانسحاب الأميركي، وفي العراق تحققت الديموقراطية بشكل هزلي أي محاصصة طائفية أثنية وتحولت الانتخابات التي يعتبرها الأميركيون أساساً للممارسة الديموقراطية الى استفتاءات طائفية لا اثر فيها للسياسة، وبدلاً من تشديد الخناق على إيران قدمت الولايات المتحدة خدمات إستراتيجية لإيران عندما أسقطت ألد اعدائها صدام والطالبان فتوسعت شرقاً عبر حلفائها وصار لها كلمة في الملف الأفغاني حيث كشفت وثائق ويكيليكس ان الرئيس الأفغاني كرزاي يتقاضى راتباً شهرياً من ايران وكذلك غرباً اذ عملت على ملء الفراغ الاستراتيجي الناشىء عن شبه الابتعاد العربي عن القضية الفلسطينية ومواجهة الغرب فوصل نفوذها الى العراق ولبنان وغزة وتحالفت مع سورية ولها نفوذ في اليمن والصومال والسودان واريتريا ومنطقة القرن الأفريقي وأصبحت قوة استراتيجية يحسب لها حساب وتعمل الولايات المتحدة على مواجهتها، واشتد عزم ايران بعد تصاعد الحديث عن الملف النووي وعدم قدرة الولايات المتحدة ومعها المجتمع الدولي على فعل اي شيء ملموس في هذا الملف سوى حزمة عقوبات شكلية.
استهلت الدراسة بالقول: انه يتوجب على الولايات المتحدة ان تعيد صياغة استراتيجيتها في الخليج وتعيد النظر بوضعية قواتها المسلحة المنتشرة هناك وهذا ما يفرض تحديات أبرزها إعادة انتشار للقوات بعد الانسحاب من العراق في نهاية العام الحالي ومواجهة المنافسة الاستراتيجية المتصاعدة مع إيران في المنطقة، هذه التحديات تتجاوز البعد العسكري لان أميركا ستتعامل في فترة نصف العقد المقبل مع خليط متغير وغير ثابت للسياسات الإقليمية في المنطقة، ولهذا فهي تحتاج إلى استراتيجية مدنية - عسكرية لمواجهة المتغيرات كافة.
في العراق من المحتمل ان تبقى وحدات عسكرية أميركية بعد الانسحاب تكون مختصة لمساعدة الحكومة على مكافحة الإرهاب والنزاعات الداخلية ويتعين على الحكومة العراقية ان تطور قدراتها الدفاعية في مواجهة إيران وذلك بشراء الأسلحة واستقدام الخبراء من الولايات المتحدة، إلا ان الحكومة العراقية ولغاية الآن لم تضع الخطط التنفيذية اللازمة لتنفيذ اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي مع الولايات المتحدة كما لم تضع تصوراً لأي اتجاه تنوي القوات المسلحة ان تتبعه ولا حاجاتها من أنواع الأسلحة ومستوى المستشارين، فمن غير المؤكد ما اذا كانت الولايات المتحدة قادرة على إقامة علاقة استراتيجية مستقرة خلال العام المقبل، ومن المستبعد ان يحصل ذلك في ظل النزاعات والتوترات الداخلية من جهة والصراع الأميركي ـ الإيراني على النفوذ في المنطقة من جهة أخرى، ومن المرجح ان تقود وزارة الخارجية الأميركية جهداً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لمواجهة إيران بغض النظر عن الترتيبات المحددة بموجب اتفاقية إطار التعاون الاستراتيجي مع العراق. وحول العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي ترى الدراسة ان أميركا تواجه حالة من انعدام اليقين لان موجة الاضطرابات السياسية التي عمت العالم العربي أثرت من دون شك على جهودها في التعاون مع دول الخليج لمواجهة إيران والإرهاب والتطرف، وابرز مثال هو البحرين حيث بلغ التوتر الطائفي الداخلي حداً كبيراً، واليمن الذي يبدو انه دخل في مرحلة الانتقال من حكم ديكتاتوري الى نظام غير مستقر.
تضيف الدراسة انه بالإضافة الى ذلك شهدت عمان والسعودية احتجاجات محدودة كما ان الأوضاع في مصر لم تصل بعد الى نهايتها ومن غير المعروف كيف سيكون دور مصر في عملية السلام او مدى استعدادها لإقامة شراكة مع الولايات المتحدة، سورية تواجه وضعا داخليا خطيرا كما يواجه الأردن ايضا اضطرابات داخلية، تركيا تعيش حالة ازمة مع إسرائيل ولها أهداف ومصالح في العراق وأقامت علاقات قوية مع إيران، كل ذلك يزيد من التحديات الاستراتيجية للولايات المتحدة في هذه المنطقة ويرتب عليها ان تعتمد مقاربة جديدة وان توازن مصالحها الاستراتيجية بان تساعد كل دولة خليجية بمفردها على إجراء إصلاحات في النظام واتخاذ التدابير اللازمة من اجل خفض التوترات السياسية الداخلية، كما يجب ان تعتمد طريقة ما لتحقيق الاستقرار في اليمن ودعم إمكانات عمان والسعودية من اجل التعامل مع الأوضاع التي تستجد في اليمن وخصوصا نشاطات تنظيم القاعدة واحتمال تدفق المهاجرين من اليمن عبر هاتين الدولتين وعليها ان تتعامل ايضا مع أخطار الإرهاب والقرصنة التي تتخذ اشكالا جديدة في ظل الروابط بين التنظيمات الإرهابية في اليمن والصومال وسائر دول المنطقة، كما يجب على اميركا ان تسعى الى تحقيق إصلاحات في سورية وتخفيف النفوذ الإيراني في لبنان وسورية وان تتعامل ايضا مع تعقيدات عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية في وضع مصري غير مستقر وانقسام سياسي إسرائيلي واهتزاز الاستقرار في سورية والانقسامات في لبنان والانقسامات الفلسطينية بين الضفة الغربية وغزة وتصاعد المشاعر العربية التي تعتبر ان معاملة الفلسطينيين كدولة هي السبيل الوحيد لدفع إسرائيل على اتخاذ خيار السلام.
يجب على الولايات المتحدة ان تعير الاهتمام اللازم لجميع هذه المسائل ولا يمكنها إغفال اي منها وهناك حاجة لبذل جهود ديبلوماسية وأمنية من اجل تحسين الأوضاع علماً ان هذا ليس سهلاً في ظل تركيز العديد من القوى السياسية الأميركية على الشؤون السياسية والاقتصادية المحلية ووجود مقاومة شديدة لاي إنفاق او مساعدة خارجية مهما كان حجمها ضئيلاً.
ان كل النقاط الواردة أعلاه لا تحتاج الى استراتيجية أميركية جديدة لان كل الأوراق الإستراتيجية للرئيس بوش والرئيس اوباما تضمنت هذه الحاجات الا انها تحتاج الى موارد مالية وبشرية جديدة، انها بحاجة الى تخطيط أفضل وإدارة أفضل للجهود اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجيات، هناك حاجة ماسة الى ثلاثة تغييرات أساسية في عمليات الحكومة الأميركية:
أولاً: الحاجة الى جهود متكاملة وممسوكة بإدارة ممتازة لوزارتي الخارجية والدفاع ووكالة التنمية الأميركية وسائر الوكالات المختصة بمكافحة الإرهاب والوكالات الفيدرالية الأخرى، وهذا يعني تكامل الخطط المدنية- العسكرية والبرامج والموازنات والموارد البشرية، ومثل هذا لم يحدث ابدا في أفغانستان والعراق حتى بعد سنوات من نشوب الحرب، هناك حاجة دائمة لوجود شخص مسؤول عوضا عن الاعتماد على تنسيق غير فعال او الاكتفاء بالنوايا الحسنة.
ثانياً: هناك حاجة الى نوع جديد من الشراكة بين الكونغرس والسلطة التنفيذية في وقت تسير فيه السياسات الأميركية في الاتجاه الخطأ، طبعا حسب دراسة كوردسمان، يجب ان تقدم السلطة التنفيذية تقارير وخططا تظهر خططا مدنية -عسكرية واقعية ومتكاملة تبرر الإنفاق المالي المطلوب، يجب ان تكون التقارير صادقة وواضحة وليست غامضة ومنقولة عن تقارير السنوات الماضية، يجب ان تظهر الفاعلية وليس الوعود والمبالغات، الكونغرس يريد معالجة مسائل أساسية في الأمن القومي وضمان حسن إنفاق الأموال في وجهتها الصحيحة وليس الكلام عن خفض نفقات من دون إظهار حاجة الإنفاق وفائدته.
ثالثاً: يجب ان يكون الكونغرس والإدارة معاً واقعيين في إدراك الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج، فقد فشلت الحكومات المتعاقبة منذ إدارة نيكسون في تحقيق الاستقلال والاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة ولم تتوصل الأبحاث الى إيجاد مصادر طاقة بديلة يمكن ان تحل مكان المصادر الحالية في ظل تزايد الاستهلاك، فقد توصلت بعض الأبحاث الى ان اقرب وقت لاعتماد مصادر بديلة للطاقة هو عام 2035 م وحتى ذلك الحين هناك مشاكل حقيقية يجب معالجتها، كما ان هناك مشكلة توفير الطاقة للدول الصناعية الأخرى وأهمها الصين واليابان لان انهيار الاقتصاد في هذين البلدين جراء نقص الطاقة من شأنه ان يقوض الاقتصاد العالمي بكامله ومن بينه اقتصاد الولايات المتحدة حيث ان اقتصادات الدول الصناعية الكبرى باتت مترابطة جداً.

التعامل مع المهمات العسكرية الأساسية

يجب ان تتعامل الإستراتيجية الأميركية الجديدة ووضعية انتشار القوات العسكرية والشراكة الأمنية الإقليمية في الخليج مع الاعتبارات التالية:
1 - اقامة علاقة استراتيجية بعيدة المدى بين الولايات المتحدة والعراق على المستوى العسكري وان تعمل الولايات المتحدة على بناء القوات المسلحة العراقية بإمكانات تجعلها قادرة على مواجهة اي تهديد من إيران او من اي دولة مجاورة أخرى، لكن ذلك لا يعني اعادة قدرة الجيش العراقي في الأسلحة التقليدية الى ما كانت عليه قبل احتلاله انما المطلوب تنمية قدرات مكافحة الإرهاب ومحاربة التمرد واستيعاب المعدات التقنية الحديثة، يجب ان يثق العراقيون بأن الولايات المتحدة ستتدخل لمساعدتهم عند حدوث اي طارئ مع التشديد على الحفاظ على استقلالهم.
2 - لا يمكن للولايات المتحدة أن تتحمل أي أوهام استراتيجية حول إيران او ان تأمل بان تغيير النظام الإيراني سيزيل الحاجة الى وجود عسكري أساسي ومستمر في منطقة الخليج، يجب ان تتعامل الولايات المتحدة مع ايران على انها دولة نووية ناشئة بغض النظر عن خطط اسرائيل لتنفيذ ضربات وقائية ضدها لان ايران مازالت تتوسع في برنامجها النووي وفي بناء صواريخ بعيدة المدى ومن المرجح ان تبني ايضا أسلحة كيميائية وبيولوجية، يجب ان تعمل الولايات المتحدة عن قرب مع دول مجلس التعاون الخليجي من اجل اختبار قدراتها في الدفاع الصاروخي والإتاحة لها استخدام أنظمة صواريخ متطورة مضادة للصواريخ، على الولايات المتحدة ان تحتفظ بوجود بحري وجوي قوي في الخليج وبشكل من الوجود للقواعد العسكرية البرية ريثما تعد خططا لإعادة التمركز في المنطقة، يجب ان يكون واضحا ان على الولايات المتحدة ان تعمل مع العراق ودول مجلس التعاون، على بناء قوة عسكرية تردع ايران عن القيام باي هجوم بأسلحة تقليدية او بعمليات عسكرية غير متماثلة «حرب عصابات، هجمات ارهابية...»، كما يتعين على الولايات المتحدة أيضا ان تقدم معلومات استخبارية لدول الخليج حول إيران والحرس الثوري وفيلق القدس الذين يحتمل ان يتسللوا الى الأجهزة الأمنية مستفيدين من التوترات الاثنية والطائفية السائدة في المنطقة.
3 - يجب ان تؤكد الولايات المتحدة لشركائها في الخليج انها ستبقى في المنطقة وتؤمن وجوداً عسكرياً قوياً وفاعلاً في المنشآت والقواعد التي سمح لها باستخدامها في الكويت والبحرين وقطر وعمان، يجب ان تعزز الاعتقاد انها لن تخلي أي منشأة أساسية وألا تثير اي مخاوف للدول المضيفة وان تتعامل معها كشريك لقواتها المسلحة في اي عمل دفاعي وتؤكد انها لن تتفرد بأي عمل عسكري انطلاقا من أراضي الدولة المضيفة.
4 - يجب ان تواصل الولايات المتحدة العمل مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات من اجل بناء قوات مسلحة على درجة من القوة تمكنها من احتواء اي تحرك إيراني وردع إيران والدفاع ضد اي هجوم تشنه على أراضيهما، وان تساعدهما على مكافحة الارهاب والتعامل مع التهديدات القوية المحتملة في المنطقة مثل ما ينشأ عن حالة عدم الاستقرار في اليمن، لقد اقترحت الولايات المتحدة فعلا برامج تسليح للسعودية والإمارات من اجل تعزيز الشراكة معهما بحيث تكون القوات الأميركية مصدر دعم وتدريب القوات المسلحة الوطنية وبناء القدرات اللازمة لاستقبال القوات القادمة اليها كدولة مضيفة وتوفير المستلزمات اللوجستية والميدانية والأمنية للقوات القادمة عند اي طارئ.
5 - يجب ان تستمر الولايات المتحدة بالعمل مع كل دولة خليجية على حدة من اجل مساعدتها على تطوير إمكاناتها في مجال مكافحة الإرهاب والتثبت بهدوء من التحسينات التي تتحقق في حال كانت هناك صعوبات سياسية تحول دون ذلك، وفي الوقت نفسه يجب ان تشدد على إجراء إصلاحات في الأمن الداخلي وضمان حكم القانون وان تبذل جهودا حثيثة في تعليم وتوجيه المتطرفين والإرهابيين السابقين من اجل التغلب على نزعة الإرهاب والتطرف لديهم، والولايات المتحدة منغمسة حاليا في برامج مكافحة الإرهاب في الدول الصديقة لكنها يجب ان تكون أكثر انتباها لعدم تخطي الحدود او تجاوز حكم القانون والاستفادة من تجربة اعادة دمج المتطرفين في المجتمع المطبقة في السعودية وعدد من دول المنطقة، يجب ان تدرك الولايات المتحدة ان بعض من اتبعوا دورات تدريبية فيها وكذلك الأسلحة الأميركية الصنع قد استخدمت بدرجة معينة ضد المدنيين في أميركا اللاتينية وأثناء الحرب الباردة في عدد من الدول، ولهذا يجب ان تتأكد من عدم استخدام المعدات الأميركية او المتدربين على أيدي الأميركيين في أي نشاط ضد المدنيين، وفي مستوى آخر يجب إجراء إصلاحات في النظام التعليمي واتخاذ التدابير التي تعتمدها بعض الدول لكسر الحواجز بين الأديان والمذاهب، يجب التأكيد على ان الولايات المتحدة تحترم الإسلام وتحترم العالم العربي والإسلامي لكنها في الوقت نفسه ترفض أفعال المتطرفين.
6- على الولايات المتحدة ان تطور استراتيجية للتعامل مع اليمن والصومال ومنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وعليها ان تبذل أقصى جهودها لتساعد حكومة ما بعد علي عبدالله صالح في بناء مؤسسات أمنية قوية، ومن الخطوات المقترحة إيفاد بعثة استشارية وتقديم مساعدات لمكافحة الإرهاب من دون ضجيج، يجب ان تتعاون الولايات المتحدة مع كل من سلطنة عمان والسعودية على إنشاء جهاز لمراقبة الحدود بأعلى تقنية، واختبار فكرة السياج الذي باشرت السعودية بإنشائه على حدودها مع اليمن، كما عليها ان تعمل مع الدول الصديقة التي لها قوات بحرية في المنطقة من اجل منع القرصنة والإرهاب في القرن الافريقي والبحر الأحمر ولهذه الغاية يجب ان تعمل على تقوية ودعم الأسطول السعودي الغربي في البحر الأحمر، ويمكن لفرنسا وبريطانيا ومصر ان تلعب أدوارا مهمة في مجال منع القرصنة وامن الملاحة.
7- يجب ان تتعامل الولايات المتحدة مع مصر والأردن كشريكين أمنيين أساسيين لانهما يؤمنان الوصول الآمن الى الخليج ويحافظان على أمنه من الجهة الغربية، يجب ان تدرك الولايات المتحدة ان أهمية مصر والأردن تتجاوز عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية بل لهما تأثير واضح على امن الواردات النفطية للعالم الصناعي، ان لكل من مصر والأردن أهمية أمنية بالغة وهما جزء من استراتيجية الولايات المتحدة في الخليج.
8- يجب ان تستمر الولايات المتحدة بدعم جهود استئناف عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية وتساعد الفلسطينيين على التحرك قدما نحو إقامة دولة ذات سيادة، وان تؤكد ذلك لإسرائيل، مهما كانت الجهود صعبة على الولايات المتحدة ان تستمر في دفع عملية السلام قدما وذلك بمساعدة إسرائيل على ضمان أمنها وان تثبت للفلسطينيين صدقها في سعيها لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وفي الحفاظ على كرامة الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه يجب ان تؤكد للإسرائيليين انها لن تمنحهم ضوءا اخضر لضرب إيران لكنها تساعد في اتخاذ تدابير ردعية مثل إقامة شبكة صواريخ مضادة للصواريخ لحماية الدول الصديقة.
9- يجب ايضا على الولايات المتحدة ان تعمل عن قرب مع فرنسا وبريطانيا وتركيا لتأمين شراكة إستراتيجية واسعة لضمان امن منطقة الخليج، ان أي إهمال لدور فرنسا وبريطانيا يؤدي الى استجابتهما لمتطلبات تخفيض الموازنة وتخفيف دورهما في الخليج لذلك يجب العمل معهما باستمرار كما يجب عليها ان تعترف بالدور التركي الذي يتوسع في المنطقة وتعزز تعاونها العسكري مع تركيا خارج نطاق حلف شمال الأطلسي كلما أمكنها ذلك.
10- على المستوى التقني على الولايات المتحدة ان تطور خططا متماسكة من اجل التعاون في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والدفاع الجوي والصاروخي وحروب الألغام بالإضافة الى جهود التسلح في المنطقة التي تؤكد على الشراكة على مستوى عال من التعاون، لا يمكن للولايات المتحدة ان تفرض معاييرها العسكرية على قيادات عسكرية في منطقة تكثر فيها النزاعات وتتضارب فيها المصالح والأولويات لذا يترتب عليها ان تطور معاييرها في تنفيذ المهمات في المنطقة وهذا ما يدفع القوى الصديقة على التعاون معها بشكل يزيد من قدراتها ويخفف الأعباء عن قواتها المنتشرة في المنطقة.
هذه التوصيات التي أعدتها الدراسة انطلقت من واقع خبرة حربي العراق وأفغانستان وخبرة الحرب الدائمة ضد الإرهاب، من الواضح ان الولايات المتحدة تعاني تخبطا استراتيجيا أفسح المجال لمراكز الدراسات وللباحثين من اجل تقديم اقتراحات وحلول للخروج من المأزق الاستراتيجي الذي اصابها في ليبيا وقبلها في أفغانستان ويكاد يصيب تدفق النفط من الخليج ويهدد مصالحها الحيوية، اذا طرحنا سؤالا على اي باحث او صحافي متخصص حول من سيمسك بالسلطة في أفغانستان بعد انسحاب القوات المسلحة الأميركية اواخر 2014 لجاءت معظم الأجوبة بأن طالبان هي من سيحكم، وهنا تتدفق الأسئلة، لماذا دخلت أميركا الحرب؟وهل هكذا تجري محاربة الإرهاب؟ ولماذا تدفع أميركا ثمن الخسائر في السنوات المقبلة وهي على يقين بأن «الطالبان» عائدون؟ ماذا حققت في العراق؟ماذا حل بإيران جراء حرب أميركا على أفغانستان والعراق، وكيف ازدادت ايران قوة بعد سقوط ألد اعدائها: نظامي العراق وطالبان على أيدي القوات المسلحة الأميركية؟ وما الإستراتيجية المعتمدة في ليبيا؟ أسئلة كثيرة تزيد من الإرباك الاستراتيجي.
ان الاقتراحات- النصائح التي تعرضها دراسة كوردسمان تنبع من واقع عدم التنسيق الموجود حالياً بين وزارات ووكالات الحكومة الأميركية وهذا لا يشكو منه الأميركيون فقط بل تشكو منه أيضاً الدول الصديقة للولايات المتحدة التي كثيراً ما تستقبل وفودا من هيئات متعددة تبحث موضوعا واحدا وغالبا ما تأتي النتيجة متفاوتة بين بعض الوفود، ان الثقل البيروقراطي الأميركي يجب ان يكون عاملا مساعدا في السياسة وإذا أسيء استخدامه يتحول إلى عبء على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة العربية في وقت حرج لا يرحم الأخطاء ولا المخطئين.

آراء القراء

0

أضف تعليقاً



الرسالة البريدية

للاتصال بنا

هاتف +961 1 75 15 41
موبايل +961 71 34 16 22
بريد الكتروني info@tahawolat.net