ماذا بعد يا "عشتروتنا" وقد فقدتِ رافعَ رايتك باكراً؟
فُجعت الصحافة الثقافية اللبنانية السورية والعربية برحيل رئيس تحرير مجلة "إشراقات عشتروت" الزميل يعقوب جوزيف قريو، قبل أن يقفل العام 2013 باب التاريخ عليه بأيام، إثر آلام حادة في الرأس إثر عملية جراحية في الصيف الماضي.
ويعقوب قريو صحافي مناضل، جبل موقف ملتزم، عنيد مبدأ، سوري الانتماء، لبناني الحضور، مشرقي الاهتمام، عربي التواصل ودمث خلق وطيبة سورية مشهودة.
وحيداً يعمل بصبر وإناة ومسؤولية، كأنه فريق كثير في مؤسسة عتيدة موزع الوظائف والأدوار.
أصرّ مع بدء الحرب على سورية أن تحضر سورية بملف في كل عدد من "عشتروت"، يحاور فيه أطياف السياسة والأحزاب السورية من اتجاهات عدة بحثاً عن حل سياسي للأزمة، وربما ما تحمّله في السنة الأخيرة من مهام جعلته جوّاب أقطار ومرتاد مؤتمرات دولية، فأرهقته وأفقدت الصحافة موقفاً نبيلاً، حيث يعزّ النبل.
لم توقفه أزمات الحصار على الفكر والمبدأ يوماً عن حفر جلجلته وسبر درب آلامه بوعي مناضل ومسؤولية فدائي. ربما ظل وحيداً في عصر التزلف يشير إلى حقيقة الانتماء المشرقي السرياني ومعاناة السريان في جنوبي تركيا محاولاً في كل عدد من "عشتروت" نشر محور عن مذبحتهم التي يندى لها جبين البشرية مما فعله السيف التركي الكردي مطلع القرن العشرين.
بقي جرساً للحقيقة يطنّ ويقرع لعل السائرين يصوّبون المسار.
ولقد كانت عشتروت واثقة أن في عصرنا من ضوّأ إشراقاتها مجلة فكر وثقافة، فسعدت مجداً على مجد. حتى التمعت إشراقاتها في وجدان يعقوب فصارت "إشراقات عشتروت".
يعقوب، الصديق الصدوق، الوفي الودود، المحب المعطاء، نفتقدك بحرقة الوجع.
يعقوب قريو.. النبيل في زمن الحصار
92
المقالة السابقة