لم توفّر الأحداث المتصاعدة في دمشق أحداً من النزوح والتشرد، فحتى الفنانين السوريين نزحوا خارج البلاد، وحاولوا المشاركة في أعمال درامية من مقار إقاماتهم الجديدة.. ورغم ذلك فالدراما السورية لم تسقط.. وأكثر من 27 عملاً درامياً سورياً في الواجهة ينتظر العرض في رمضان، في الوقت الذي راهن فيه كثيرون على سقوط الدراما السورية منذ بداية الأحداث في سوريا، خصوصاً بعد اشتدادها في السنة الأخيرة مع وصول الانفجارات إلى قلب العاصمة دمشق.
الدراما السورية نزحت بنجاح.. فلم يتوانَ صنّاعها عن نقل نشاطهم الفني إلى خارج البلاد، واختاروا لتصوير أعمالهم عدداً من العواصم العربية الشقيقة مثل بيروت وعمّان ودبي، كذلك وصلت الدراما السورية إلى المغرب العربي… وإلى العراق الذي لطالما لجأ صناع الدراما فيه إلى سوريا لتصوير أعمالهم فيها.. ولكن اليوم تنقلب الآية لاسيما بعد أن أصبحت سوريا من أكثر بقاع العالم خطراً..
خارج الحدود
عشرة أعمال درامية سورية تم تصويرها خارج حدود سوريا هذا العام، حيث فضّلت غالبية صناع الدراما السورية الهروب من الخطر المحدق بالبلد في أي لحظة، وتم نقل الكوادر الفنية بالكامل إلى بلاد التصوير الجديدة، ولم يكن هناك من داعٍ لنقل مقر إقامة الفنانين السوريين إلى تلك البلاد لأن أغلبيتهم كانوا مستقرين فعلياً في الخارج منذ بداية اشتعال الأحداث، مع أول رصاصة أُطلقت في دمشق..
ومقارنة بالعام الماضي نجد فرقًا كبيراً بعدد الأعمال التي صوّرت في الخارج، فقد شهد موسم دراما رمضان الموسم الفائت 2012 تصوير عملين فقط خارج حدود سوريا، ونستطيع أن نقول إنه منذ العام الماضي بدأ صنّاع الدراما نقل نشاطهم إلى خارج سوريا، بالرّغم من أنّ الأحداث لم تكن على أشدّها، حيث شهدت دبي تصوير عملين دراميين سوريين هما «أبو جانتي 2» من إخراج عمار رضوان، و«صبايا 4» من إخراج سيف الدين نجيب، ومنذ العام الماضي اعتبرت دبي الوجهة الأولى والوحيدة للنزوح، فيما لم تكن خيارات التصوير في بيروت أو عمان أو غيرها من العواصم مطروحة على القائمة بعد.
مقاربة الواقع
وتستأثر الاعمال الاجتماعية المعاصرة بالمشهد الدرامي في سوريا.. لتلامس مشكلات ويوميات المواطن في سوريا والوطن العربي، ولعلّ أبرز ما يجمع الاعمال الاجتماعية التي ستعرض في موسم 2013 تصوير معظمها في لبنان، ولا يزال المخرج السوري سيف الدين سبيعي يتابع تصوير مشاهد مسلسل «منبر الموتى» في بيروت، مع التنويه إلى أن مخرجته الأساسية رشا شربتجي اعتذرت عن استكمال التصوير بسبب الشح الإنتاجي كما أكدت في بيان صحفي لها.
وكان من المقرر تصوير «منبر الموتى» في سوريا بين محافظتي دمشق وطرطوس، ولكن رفض الأبطال المشاركين بالعمل السفر إلى سوريا بسبب خطورة الأوضاع هناك، اضطر الشركة المنتجة «كلاكيت» للتصوير في بيروت، ويعتبر هذا المسلسل من الاعمال التي تحاول عكس الأزمة السورية بكل أحداثها المؤلمة، ويغرق العمل بواقعية شديدة مضرجة بدماء الشهداء، ويصل إلى البيوت التي تم قصفها، ويقف على معاناة المواطنين في المناطق الساخنة، ولا ينسى تصوير الانفجارات الضخمة التي تنجم عن السيارات المفخخة..
خيال علمي
من جهة ثانية، تطرق الدراما السورية باب الخيال العلمي هذا العام عبر مسلسل «العبور»، حيث تتابع المخرجة السورية عبير إسبر في مدينة بيروت تصوير العمل الذي يتحدث عن العالم الآخر والخيال ليكون المسلسل السوري الأول الذي يتحدث عن هذه المواضيع، كما يناقش مشاكل ضياع الشباب وانغماسهم في عالم السهر وما يتبع ذلك من انفلات أخلاقيّ، ويلعب الفنان السوري عباس النوري دور البطولة إلى جانب الفنانة السورية سلافة معمار، وباسل خياط، وريم علي إضافة لعدد من نجوم الدراما اللبنانية.
بيروت الوجهة الأولى
تعتبر بيروت هي العاصمة الأكثر جذباً للمنتجين السوريين وقد أخذت حصة الأسد من عدد تصوير الأعمال فقد تم تصوير ستة مسلسلات متنوعة فيها.
من الأعمال المعاصرة التي تمّ تصويرها في بيروت مسلسل «سنعود بعد قليل»، حيث استطاع المخرج السوري الليث حجو أن يجمع أبرز نجوم سوريا في مسلسله الجديد حيث يضم العمل عدداً كبيراً من الفنانين السوريين الذين غادروا البلاد ولجأوا إلى بلدان عربية وأجنبية بسبب الاحداث المشتعلة في بلادهم، ومن أبرزهم باسل خياط، قصي خولي، كندة علوش، عابد فهد، سلافة معمار. ويرصد المسلسل الوضع السوري الراهن من زاوية خاصة، تحاول الوقوف على الحياد، مع التركيز على الجانب الإنساني للأزمة عبر عائلة غادر كل أفرادها إلى لبنان بسبب الظروف التي تمر بها البلاد فيما يبقى الأب وحده، لكن مرضاً عضالاً ألمّ به يدفعه إلى ترك بيته واللحاق بأبنائه.
الكوميديا حاضرة
أبرز الأعمال الكوميدية الاجتماعية على الخارطة السورية مسلسل «حدود شقيقة» الذي تم تغيير اسمه بعد أن حمل عمل مصري الاسم نفسه وهو «نيران صديقة»، والعمل سوري – لبناني، من إنتاج شركة «فردوس دراما»، عن نص للكاتب حازم سليمان، ومن إخراج أسامة الحمد، وتم تصويره في لبنان، وهو من بطولة باسم ياخور، لورا أبو أسعد، مرح جبر، شكران مرتجى..
وفي قرية «كفر ملكي» اللبنانية تم تصوير المسلسل السوري «قيامة البنادق»، من إخراج المخرج السوري عامر رضوان، فيما يضم نخبة من نجوم الدراما اللبنانية والسورية والفلسطينية والوجوه الشابة، وتدور احداث المسلسل حول مجموعة من المقاومين في جبل عامل في لبنان والذين حاربوا كأبطال في فترة زمنية تاريخية هي فترة الاحتلال العثماني والاستعمارين الانجليزي والفرنسي وفترة دخول اليهود الى القرى اللبنانية.
إلى دبي..!
وفيما اختار مخرج مسلسل «صبايا 4» مدينة دبي العام الفائت للتصوير، اختار مخرج «صبايا 5» هذا العام تصوير مشاهد العمل في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث بدأت عمليات تصويره مؤخراً تحت إدارة المخرج الأردني محمود الدوايمة عن نص نور شيشكلي، بمشاركة الفنانتين اللبنانيتين ستيفاني سالم، ونادين نجيم، إلى جانب كل من الفنانات السوريات جيني إسبر وهبة نور وليليا الأطرش، والفنانة الخليجية مريم الحسين.. ويتضمن العمل قصص عائلات عربية من مختلف الطبقات الاجتماعية ويسلّط الضوء على مشاكلهم، وسيتكلم العمل عن نساء مطلقات، متزوجات وصبايا يدرسن ويعملن ولم يعد يجمعهم منزل واحد.
دراما العواصم..!
أما العاصمة الأردنية عمّان فقد تم فيها تصوير عمل سوري واحد بعنوان «زهر البنفسج» للمخرج السوري فيصل بني المرجة، بمشاركة نجوم من سورية ومصر على رأسهم أحمد بدير، وسوسن بدر، وربيع الأسمر، فادية خطاب، والعمل عبارة عن حلقات متصلة منفصلة يعالج مجموعة من المشاكل بأسلوب كوميدي أحياناً، وبأسلوب تراجيدي أحياناً أخرى.
كذلك تشهد الدراما الأردنيّة هذا العام استقطاباً لأهمّ النّجوم السوريين، حيث يُشارك الفنّان قيس الشيخ نجيب للمرّة الأولى ببطولة عمل أردنيّ بعنوان «زين»، من إخراج الأردنيّ محمد حشكي، وبطولة نخبة من الفنّانين العرب، منهم الفنّانة صبا مبارك، المصريّة نيللي كريم والأردنيّة تيما شوملي، على أن يُعرض العمل في موسم رمضان 2013، وفي السياق ذاته، تشارك الفنّانة السوريّة صفاء سلطان ببطولة عمل أردنيّ جديد وهو الجزء الثاني من مسلسل «توأم روحي»، من إخراج سائد الهواري، خاصّة بعد أن نقلت مقرّ إقامتها مؤخّراً من دمشق إلى عمّان خوفاً من الأحداث الدائرة في بلادها.
البيئة الشامية
وبالانتقال لأعمال البيئة الشامية التي تأخذ الحيز الأكبر من الأعمال السورية كحال كل عام، فهناك كثافة في إنتاج اعمال البيئة التي تتهافت المحطات الفضائية على شرائها، لشدة الطلب الجماهيري عليها في كل عام، وتم تصوير مجمل أعمال البيئة في حارات دمشق القديمة وبيوتها المعرشة بالياسمين باستثناء «حمام شامي» الذي يعتبر استثناء من بين الاعمال الشامية بتصويره خارج حدود سوريا، حيث يعتبر هذا العمل أول مسلسل بيئة شامية يتم تصويره في أبو ظبي، في مدينة افتراضية تم بناؤها على الطراز الشامي القديم لتتلاءم مع بيئة العمل، وهو من إخراج مؤمن الملا..
مرايا 2013 جزائرية
وإلى الجزائر.. نزحت الدراما السورية أيضاً.. فلأوّل مرّة في تاريخ الدراما السوريّة، يتمّ تصوير عمل دراميّ كامل في الجزائر، حيث بدأ منذ أيّام في العاصمة الجزائريّة تصوير مشاهد المسلسل الكوميديّ السوريّ الشهير «مرايا 2013»، تحت إدارة المخرج السوريّ عامر فهد، وبذلك يكون بطل هذه السلسلة النجم السوريّ ياسر العظمة قد ابتعد عن المدن التي نزحت الدراما السورية إليها للتصوير، ليختار الجزائر مكاناً لتصوير كامل العمل، ويشهد هذا العام خروج «مرايا» خارج حدود سوريا لأوّل مرّة منذ الجزء الأوّل له في العام 1982، حيث جرت العادة على تصوير العمل في دمشق والمحافظات السوريّة.
حفيظ بغداد
كذلك كان للعراق الذي لطالما تم الابتعاد عنه في تصوير الأعمال بعد الاجتياح الاميركي لبغداد العام 2003، نصيب من الفن السوري هذا العام، حيث بدأ الفنان السوري أيمن زيدان تصوير مشاهده في المسلسل العربي المشترك «حفيظ» في محافظة ميسان جنوبي العراق، ويشاركه البطولة كل من: المصري سامح الصريطي، والممثلتان السوريتان مرح جبر ونادين قدوري، ونخبة من النجوم العراقيين، منهم رائد محسن وأياد راضي وسهى سالم وإنعام الربيعي وسمر محمد ومهند هادي، والعمل من إخراج المخرج السوري سامي جنادي.
ويحكي مسلسل «حفيظ» الذي ألفه العراقي سعد هدابي، قصة شخصية أسطورية يقال إنها كانت تحرس كنوز النبي سليمان في هور مويلحة، في ناحية المشرح شرقي المحافظة، حيث تدّعي الأسطورة بأن كل من يحاول الاقتراب من الكنز يصاب بلعنة الاختفاء أو العمى. وسيعرض المسلسل على القناة الفضائية العراقية خلال رمضان المقبل، وبهذا نكون استعرضنا مجمل الأعمال الدرامية التي ستعمر بها موائد الموسم الرمضاني.
ونزحت الدراما السورية أعمال هربت من الدماء وأخرى وقفت في وجه الرصاص
115
المقالة السابقة