طُلب مني أن أساهم في تكريم المرحوم منصور عازار، فجئتكم من القدس المحتلة، وعلى الطريق وبين حاجز إسرائيلي وآخر، بين محتلٍ وآخر، فكرتُ كيف يمكن أن نُكرم منصور عازار، هل نُكرمه بأن نُلقي القصائد في مناقبه وأخلاقه ونضاله في المغترب ولبنان، أم نُكرمه وأنا أكيد أن الرؤيا التي يتمتع بها هي رؤيانا لمعسكر العدو، وهي رؤيانا لمعسكر الصديق، وأنه لا طريق للأمة أن تنجو مما يخطط لها سوى المقاومة….المقاومة…..المقاومة…..
منذ أن التقيتُ منصور عازار لأول مرة وحتى آخر لقاءٍ جرى بيني وبينه، لم يجري بيني وبينه حديثٌ سوى في شأن الأمة ونُهوضها ومواجهة الغزوة الصهيونية.
قلت جئت من القدس حيث أبناء الأمة، يروون تُرابها المحتل بدمٍ يجعل الأرض ترفع رأسها فخراً وتنحني إجلالاً لأبناء الأمة المقاومين. هذا الجزءُ من وطن الأمة محتلٌ يُقاوم بصمتٍ، وتتكىء الأرض المحتلة على أبناء الأمة وليس العكس. فأبناء الأمة هنالك لا يتكؤون على الأرض، بل الأرض تتكىء على نضالهم. وهكذا آمن منصور عازار بأن كل هذا الحديث عن التاريخ والحضارة وتاريخ الأمة ووحدة الهلال الخصيب و…..و…..و…..، ومن أجل أن تحيا سوريا وليس أن نسمح بذبح سوريا.
ولم نأتي بجديد عندما قُلنا المقاومة، لقد قالها من قبل زعيم الرؤية الواضحة، قالها من قبل من نبه للغزوة الصهيونية القادمة على منطقتنا، قالها سعاده: "يجب أن نقابلهم بالزوبعة، بالقتال، بالمقاومة وليس بالحديث فقط".
أُكرم منصور عازار بأن أقول له سوف نُحاول كل ما نستطيع بأن نفي بتعهدنا بأن نقيم جبهة مقاومة متحدة مستندة إلى وضوح رُؤيا، نسمع يومياً من هذا الرجل الكبير سيد المقاومة السيد حسن نصرالله الذي يظن بعض الجهلة أنه يقود تنظيماً طائفياً، الذي يظن بعض الجهلة أنه يقاتل لمصلحة فئوية طائفية، إننا نرى نصرالله يقاتل في القلمون، يواجه في سوريا كل التكفيريين ويُساند الأحرار في اليمن، ويُساند الشعب الفلسطيني بمقاومته، فكم هو قومي هذا الرجل.
وكان هذا آخر ما تحدثتُ به إلى أخي وصديقي ورفيقي منصور عازار، الذي أتمتع بالحديث معه لنستكشف سوياً برؤية واضحة ما آراه جلياً على وجوه العديدين من المناضلين ذوي الرؤيا الواضحة، إنني في هذه المناسة الحزينة ولابد من الحزن على من نفتقد، نرفع رأسنا عالياً لنقول علينا جميعاً أن نضع جانباً كل شعورٍ فئوي أو تنظيمي وطائفي ضيق، لنوحد صفوف أمتنا العظيمة، هذه الأمة العظيمة التي هزمت المغول وهزمت التتار والفرنجة والاحتلال التركي، لنقول أمتنا بخير إن الأرض تحت أقدامنا تتكىء علينا، ولا نتكىء نحن على الأرض……
* كاتب وقيادي فلسطيني