تتسارع وتيرة الأحداث في بلادنا بوتيرة عالية، وتأخذ أبعاداً خطيرة جداً في عمق استهدافاتها، وما تفرضه من تحديات… ولعل السمة الغالبة أو المشتركة لهذه الأحداث تتمثل في المعركة ضد الإرهاب… هذا الإرهاب يشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار الداخلي وهو عنوان "المرحلة"….
أسئلة كثيرة تستثير العقل في محاولة البحث عن اجابات حول أسباب هذه الظاهرة الخطيرة؟ كيفية المواجهة؟ أدوات التصدي؟ الخطط؟ الآليات؟
هذه الظاهرة أي "الإرهاب" تشكل علامة فارقة في زمننا، وتاريخنا المعاصر. وهي تعبر عن خلل نفسي عميق في فهم العالم، وقصور في إدراك المرامي العظيمة لهذا الوجود…
بالطبع ظاهرة الإرهاب غريبة عن شعبنا، عن انساننا، عن مجتمعنا، عن ميراثنا الروحي والديني والانساني والقومي والحضاري…
ظاهرة شاذة ولدت في لحظة تخلٍّ جماعية عن موجبات البناء الوطني والقومي والأخلاقي والروحي لإنساننا، وفي غفلةٍ من زمن صرفناه في نقاشات سطحية، وصراعات هامشية، ومعارك جانبية ليس لها علاقة بمعركة الحفاظ على الوجود وتحسينه…
نحن اليوم أمام مآزق عديدة متشعّبة ومتفرعة من مسائل غياب الهوية وتشتت الانتماء وفقدان الشعور القومي الانساني الصحيح، وفي الوقت ذاته، نخوض معركة وجود قل نظيرها في تاريخ المجتمعات والشعوب والأمم في مواجهة عدو خارجي صهيوني حاقد يتقدم للهيمنة والسيطرة والاحلال والاخضاع والاستيطان بقوى دولية يؤثر عليها ويوظف سياساتها في خدمة أهدافه الكبرى، وفي الوقت ذاته، نخوض في الداخل معركة الحفاظ على النسيج الشعبي الواحد الموحد خلال حقبات التاريخ القريب والبعيد، معركة نخوضها ضد قوى التفتيت والتقسيم والشرذمة والتعطيل لمقتضيات الوحدة بإذكاء نار العصبيات الجزئية المدمرة الطائفية والمذهبية والعشائرية والقبلية المتخلفة، وبأساليب الإرهاب الوحشي الذي يحاول إسقاط نهجه في قلب مجتمعنا بهدف تشظيه وتدميره من الداخل.
التحديات خطيرة، والمواجهة قاسية على المدى القريب كما على على المدى المتوسط والبعيد؛ فعلى المدى القريب، لا بد من تحشيد كل الطاقات والإمكانات والقوى على مستوى الدول والحكومات والأحزاب وقوى المجتمع المدني وعلى كل المستويات – وخاصة المستوى الأمني والميداني – لمواجهة القوى التي تقف وراء الإرهاب والحد من تداعياته ونتائجه.
وعلى المدى المتوسط والبعيد، لا بد من العمل الحثيث على اجتثاث أسباب ظاهرة الإرهاب والتعصب والقضاء على ثقافة الإرهاب والتكفير المناقضة أصلاً لروح وجوهر ومضمون الرسالات الدينية المسكونية السمحاء، وذلك لا يكون إلا من خلال تنكب القوى الحية في المجتمع دورها التنويري والنهضوي والثقافي الحداثوي وتعميم ثقافة المواطنة وكل ذلك عن طريق الانخراط في الحركات النهضوية القومية المدنية، وتفعيلها وإعادة الاعتبار الى دورها المحوري في هذه المرحلة بالذات، والقيام بعملية إصلاح داخلي شامل وتجديد لبناها وأطرها التنظيمية بما يتلاءم والدور والوظيفة الإنقاذية للانسان في بلادنا، وللمجتمع الذي يترنح تحت ضغط القوى الهدامة الظلامية التي تهدد الوجود بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وإطلاق تيار الوعي القومي المدني الديمقراطي الشعبي الحقيقي الذي يؤسس للاستقرار المأمول والثابت والدائم…
نحن أمام تحدٍ وجودي، ونحن في سباق محموم مع الزمن. فهل نربح رهان شعبنا؟ وهل نحقق المهام المطلوبة منا؟ هل نكون على مستوى التحدي؟ أسئلة برسم انساننا والمستقبل!!!
هل نربح الرهان ضد الظلامية الآتية؟…
108
المقالة السابقة