من سياسة "المحور" الإقليمية والدولية، اخترقت "جدار الصوت" الفلسطيني والمقاومة. قررت حمل قضية قديمة-جديدة، بعدما أصبحت خبراً عادياً على شاشات التلفزة، كثيراً ما يمر دون تعليق أو انتباه. فهي ابنة "سجد" الجنوبية اللبنانية التي نصَبَ فيها العدو أحد أكبر مواقعه ليبرهن، بعد سقوطه معنوياً وقبل أن يسقط ميدانياً، صحة النظرية القائلة بأن "اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت".
نسرين ناصر الدين وجه إعلامي مشرق، تعرَّف إليها اللبنانيون على شاشتهم الصغيرة، لتنتقل المعرفة إلى بلد شقيق عبر شاشة قناة "آسيا" الفضائية العراقية. لقد "تركت الـ OTV اللبنانية كمراسلة إخبارية لأزيد من خبرتي في الملفات الإقليمية والدولية التي كنت لا أعلم عنها سوى القليل." وعن علاقتها بالعماد ميشيل عون تقول:" بأنها كانت ممتازة. لقد كان لي شرف مرافقته في أول زيارة له الى إيران والتي كانت محطة مهمة جداً كونها أسست لمرحلة جديدة من العلاقات الشيعية-المسيحية. كذلك رافقته إلى مدريد حيث اجتمع بعدد كبير من اللبنانيين والأوروبيين هناك ليشرح لهم أهمية توطيد العلاقة مع حزب الله، وتصويب فكر الحزب وعمله المقاوم بوجود جمعٍ من الصحافة الأجنبية والعالمية."
انتقلت نسرين إلى الشاشة الصغيرة بعدما راكمت سنوات من الخبرة في الصحافة المكتوبة، فلقد عملت لسنوات مع عدد من الجرائد المحلية كجريدة "الديار"، والعربية كـ "الخليج" و"الدستور" و"عكاظ" و"الأنباء" الكويتية وغيرها، حيث "لا أزال أحن إلى الورقة والقلم في عصر الطباعة على الكومبيوتر. أقوم بتحضير حلقاتي على هذا النحو. بإعتقادي، من لا يكتب، لا يستطيع أن يكون مذيعاً أو مقدم برامج ناجح. فالكتابة توسع الأفق، وتستطيع إيصال فكرتك عبرها كاملة متكاملة." وعن تجربتها التلفزيونية، فهي تعتبر أن "الشاشة توصلك أسرع إلى الناس. ولكن هناك مسؤولية كبيرة عندما تكون وجهاً لوجه مع الكاميرا."
وعن برنامجها الجديد "جدار الصوت"، تقول بأنه "محاولة لإعادة توجيه البوصلة إلى المكان الصحيح، والتذكير دائماً بأن إسرائيل هي العدو الأساس لنا في المنطقة."
وتعتبر طرح القناة لبرنامج من هذا النوع، خصوصاً أنه جاء بعد خيبة أمل العديد من المهتمين بالقضية الفلسطينية جراء تصرفات بعض قياداتها، أنه "موضع تقدير واحترام كبيرين كوني أعتبرته رسالة موجهة مع عدم علمي بمدى إمكانية نجاح مثل هذه التجربة أم فشلها. لقد كانت الفكرة صعبة عند سماعها بالرغم من أهميتها لعدد من الأسباب، أبرزها أن العالم العربي اليوم مهتم بشؤونه ومشاكله، وفكرة المقاومة أصبحت تفسَّر على غير معناها، ناهيك عن تصرفات بعض القيادات الفلسطينية التي أحدثت نوعاً من الصدمة لدى الجمهور، عبر الانقلاب على دول دعمت القضية ودفعت ثمن هذا الدعم." ولكن "هناك معناة للشعب الفسطيني منذ العام 1948 إلى حد يومنا هذا، وأعتبر أن البرنامج خطوة لتصحيح الأخطاء، والتمييز ما بين الممارسات الخاطئة والتغطية الصحيحة للموضوع."
وعند سؤالها عن الشخصيات التي ترغب في إجراء مقابلات معها، كان الجواب "صادماً" إلى حد ما. بنظرة صحافية استقصائية تبحث عن الحقيقة، كان الجواب "كنت أتمنى أن اقابل أسامة بن لادن. أما اليوم، فأحب أن أجري مقابلة مع أبو بكر البغدادي. أحب أن أتعرف على كيفية التفكير لديهم، والتركيبة الموجودة لديهم. هم تركيبة من الناس لطالما اكتظت مخيلتنا بشخصيات مثلها، ولكننا لم نتصور أن يكونوا موجودين على أرض الواقع. كما كان يحدث معنا عندما كنا نقرأ روايات الكاتبة الانجليزية آغاثا كريستي"، وتضيف "هناك العديد من الشخصيات التي تتكون حولها حالة من العظمة، ولكن عند اجرائك لمقابلة معها، قد تجد نفسك أمام شخصية عادية ليس لها ذاك التأثير الذي أُحيطت به."
بعيداً عن العمل "عندما أعود إلى البيت أصبح أماً، فهناك تعاطي يختلف بين العمل والمنزل." وعن عائلتها تقول: "يفتخر ولداي بي وبعملي في مجال الإعلام، ولكن بالنسبة لهم أصبح الامر عادياً لأنهما أصبحا على قدر من الوعي والإدراك للتفريق بين عملي كمقدمة برامج ومذيعة أخبار، وكأم هُم بحاجة إليها."
وعن اهتمام ولديها تقول: "لكل منهما شخصيته المختلفة عن الأخرى. فـ "أحمد" ملم بالقضايا السياسية ومتابع جيد لها، وهو يتحضر لدخول الجامعة اليسوعية هذا العام، ويسعى لكي يكون طبيبا في علم النفس ليحصل على الدكتوراه في "التحليل النفسي" أو ما يعرف بـ "Psychanalyse"، وهو علم متطور جداً إذ يعتبره قريباً نوعاً ما للأمور السياسية لتعلقه بسلوكيات الفرد. أما "يوسف" فهو من محبي الأضواء والشهرة. يحب الكاميرا ولكن ليس للأخبار، بل التمثيل أو ما شابه كنوع من الهواية. هو متعلق بالفن ويتقن الرسم بشكل جميل جداً، ويسعى بعد عامين إلى أن يدخل كلية الهندسة الداخلية."
ويبقى لـ "سجد" مكانة كبيرة في قلبها رغم أنها تشكل لها "ألماً" شديداً، فهي "تذكرني بأبي ومدى حبه وتعلقه بها. لقد انتظر طويلاً ساعة التحرير كي يعود إليها ليبني البيت الذي يفضله عن ذاك في بيروت." لكن بوفاته ولشدة تعلقه بها "أحسست أن شيئاً من حبها انكسر في قلبي. ومع ذلك، أتردد عليها كثيراً كونها ملقى للأحبة، من رحل ومن بقي. وأدعو الله أن يحفظ لي والدتي ويعيد لها صحتها."