خيال جامح لحلم كبير لم يفارقه لحظة واحدة طوال هذه السنين مع ما اعتراها من نكسات دمرّت معنويات الأمة وفتتها عرقيا ًوثقافيا ًوطائفيا ً.
استمر مثاليا ًمؤمنا ً بالقيم الإجتماعية والإنسانية النابعة من عقيدته الساكنة في وجدانه من ريع شبابه حتى الرمق الأخير.
مجلسه كان يدور حول موضوع واحد ألا وهو الزعيم انطون سعاده وعقيدته، ووحدة المجتمع والأمة، في زمن أصبح فيه الولاء لا يتعدى الطائفة والمذهب والعشيرة…
لا مكان للإستسلام عنده أمام الخيبات والنكسات، ولا تحت وطأة السنين الطويلة التي أنهكت جسده.
حلمه ومثاليته تشبثا بروحه… أمّا الجسد فلا حول ولا قوة، سقوطه حتمي…
لكن مثاليته لم تبعده عن واقعية الحياة فكان أيضا ًبراغماتيا ًواقعيا ًإلى أقصى الحدود.
في أعماله كان ناجحا ً فأسس امبراطورية صناعية في عدّة دول افريقية وفي لبنان، كانت أيضا ً سندا ً للعديد من رفقائه الذي إضطروا لمغادرة أوطانهم لأسباب سياسية.
في الصحافة أسس مجلة "المنبر" التي كان لها الدور الكبير في نشر فكره وإيمانه.
في الشأن الإغترابي كان اهتمامه كبيرا ًمن خلال أعماله ومجلته وخصوصا ًمن خلال الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم حيث تبوأ مركز الأمين العام المركزي، ولقد بقي حتى أيامه الأخيرة متابعا ًلأعمالها ومشجعا ًلاستمرارية نشاطها ومنتقدا ً أخطاءها.
أمّا في حزبه كان مثالا ً للعمل المسؤول، لا يتعب ولا يرتاح أمام الصعوبات التي واجهته.
في الفكر السياسي والأدبي والفلسفي أسس "مكتب الدراسات العلمية" في بلدته بيت الشعار، حيث كان ولا يزال ملتقى العقائديين والمفكرين والفلاسفة.
عقل سوي صهر المثالية بالواقعية.
إنّك يا منصور حيّ بيننا بفكرك وإنجازاتك ولطف شخصيتك ودماثة خلقك.
أختم كلمتي هذه بتكرار المقولة: "قدر الكبار أنّ الناس لا تصدق أنّها تموت".
*كلمة رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم
المحامي بيتر الأشقر
*ألقيت هذه الكلمة بمناسبة إطلاق كتاب الأمين منصور عازار "منبر تحولات" في 8-12-2015 – في معرض بيروت الدولي للكتاب – البيال