التقيتُ الأمين منصور عازار بعد صدور قرار الطرد من مركز الحزب، والذي شمل الأمين محمد بعلبكي ومنصور عازار، بسبب رفض منصور الانسحاب من الترشح للانتخابات النيابية العام 1972 ودعم محمد له. رغم الظلم والجور الذي ينطوي عليه القرار بحق الراحل والتعسّف فيه بحصر الترشح في المتن ببيت واحد طيلة عقدين، أسوة ببيوتات سياسية إقطاعية، لم ينل هذا الظلم من صفاء عقيدة منصور عازار، بل رأيته مسكوناً بسعاده، فكراً وعقيدة وسلوكاً ونهجاً لحياته. بل لم يرد على القرار سوى بمتابعة ترشحه حتى فرض نفسه ومكانته رقماً متنياً صعباً لا يمكن تجاوزه في أية معادلة عامة… حتى تم إلغاؤه بقرار إداري من قبل المركز.
كانت مناقبه واحدة في الشباب وفي الشيخوخة كأنها محفورة في روحه ومن طبيعته الأصلية. كرمه وعطاؤه لاحدود لهما. إن تيسّر قدّم المال والوقت وإن تعسّر قدّم الأرض وما استطاع. قصدته لدعم صندوق الحزب ولم يكن من خيار وقتذاك، وكان يمرّ بضائقة، فقدم قطعة أرض لتساهم في الدعم.
كان الحوار والديمقراطية وتلاقح الأفكار هواء يتنفّسه ونهجاً لا يحيد عنه. عرف بخبرته في الصراع الفكري لعقود أن العمل العقائدي أساسه تباين الأفكار واختلافها بحبّهو غناه. بل يصبح هذا واجباً أولوياً عندما يدق ناقوس الإصلاح في الحزب والمجتمع، الذي انتهجه بلا تردد.
وكان يؤمن أن الحياة والحزب مدرسة ولاّدة خصبة، فلا يمكن تطويبه باسم أشخاص لا يتزحزحون عن مسؤولياته، كما يحصل إلا بالوفاة أو المرض. لذلك كان دأبه إطلاق طاقات شابة واعدة وأقلام موهوبة وإمكانات مبدعة لتؤمن الدفق المحيي للشباب في شرايين النهضة.
.. ويبقى أن ما كتب عن منصور عازار رأس جبل عام في بحر الضوء، لكن ما خفي عنه أعظم بكثير.