115
في البدء كان الصوت، والصوت كلمة ونغمة، يوقظ الروح وبه يتسامى الناس آلهة وتتأنسن الآلهة.
أربعة أقانيم في أيقونة نبض. إذاعية، إعلامية، صحافية، كاتبة وشاعرة توزع يومها بقسطاس غير مستقيم حيناً ومستقيم حيناً آخر، بين شغفها وصوتها، بين جمهورها وأسرتها وناسها وبين أنوثة ساطعة عفوية وحضوراً.
ماجدة داغر، اسم لامع في أثيرنا، حاورتها "تحولات" في حديث من القلب إلى القلب، دعت الإعلاميين إلى شغف اللغة فقالت "أدعو لأن يمتلك الإعلاميون لغة راقية وجميلة وأدبية، ومميزة خاصة بأسلوب من يكتبها وليست معممة كقالب جاهز، وإن لم يمكن هذا فلتكن على الأقل قليلة العيوب والأخطاء"، فكان مقابلة هنا نصها…
مَن ماجدة داغر حبذا تعريف قراء «تحولات» وزوارها ؟
صحافية أو إعلامية، اعمل في اذاعة الشرق في برنامجين الأول صباحي منوع وسياسي وثقافي، والثاني اسمه "بيت الذاكرة" اسبوعي أستضيف فيه سياسيين، مثقفين، أدباء، شعراء، فنانين تشكيليين وكل العاملين في المجالات الثقافية. اعمل كثيراً ولدي شغف كبير وحب لعملي لذلك كل وقتي له. وكذلك مسؤولة العلاقات العامة ومكتب الإعلام في جامعة (Aust).
كيف كانت بدايتك وتحدياتها التي واجهتك وكيف تغلبت عليها؟
الإعلام والصحافة مهنة شاقة وصعبة ويجب أن يكون المرء قوياً كي يثبت نفسه، اضافة الى الجدارة وتحدي الذات، فلا تكفي الدراسة فقط او الموهبة. دائماً يلزم المثابرة والمتابعة والصقل للذات ثقافياً. فالمتابعة والصقل الثقافي دائماً ضرورة واعمل على تطوير ذاتي والشغف بالعمل الذي تقومين به، وهذا دائماً يساعدك على التطور والنجاح. اما بالنسبة للتحديات التي واجهتني فكانت كثيرة ولكنني تخطيت قسماً كبيراً منها والحمد الله كانت مقبولة نوعاً ما فتغلب الشغف على الصعوبات. ولم أقف يوماً ومن المؤكد ان الحياة فيها خسارة وربح لكن لديّ كانا متعادلين ودائماً من فشلنا يكون حافز لنجاح دائم.
ما هي المعايير التي تجعل فتاة إعلامية ومقدمة برامج ناجحة؟
لكل مهنة معايير ومقاييس موضوعة هي قواعد وشروط المهنة الى جانب الموهبة والشغف والمتابعة. وأي إعلامي يصل عن غير هذه المعايير الأساسية لا تكتب له الاستمرارية والبقاء في هذه المهنة الصعبة. و"انشالله تكون كمان عندي" الا انني امتلك الحد الأدنى منها. لذلك مكنتني من الاستمرارية الى جانب الموهبة والمتابعة والتواجد الدائم في الوسط الإعلامي والثقافي ومن الأكيد يجب ان يكون الإنسان يمتلك الثقافة والموهبة والصقل بالمطالعة والمشاركة في محاضرات وندوات تدريبية وورش عمل فيواجه التحديات.
لم أستطع التوفيق
كيف توفقين بين مهماتك المهنية المتعددة وبين واقع الأسرة وحقوقها واستحقاقاتها؟
كل شي بالحياة له ثمن ويجب أن نكون مستعدين دائماً لدفع الثمن. يجب أن نضع بالميزان نجاحاً بمكان وأقل نجاحاً بمكان آخر أي أن الحياة ليست درباً واحدة بل هي دروب عدة متشعبة، خصوصاً إذا اختار الإنسان دروباً عدة فتصبح صعبة ولا تستطيعين أن تتفرغي لدروب عدة بالمقاييس والوقت والجهد نفسها فلا بد ان يأخذ دائماً شيء من درب الآخر. طبعا أنا لست متزوجة وهذا أخف وطأة وأخف عباً لكن يوجد عائلة وواجبات عائلية واجتماعية. لكن عملي يؤثر عليهم والوقت دائماً يداهمني، خصوصا الإذاعة تلزمها متابعة مستمرة لأن عملي مضنٍ ومرهق ويتطلب وقتاً كثيراً على حساب حياتي الشخصية، فالمهنة طاغية ولم أستطع التوفيق بينهما.
الإنسان ليس مشترَكاً
كيف تنظرين الى الزواج وطريقة عقده؟
تركيبة الإنسان لم تكن لكي يشترك مع شخص آخر تحت سقف واحد. يعني أنا بالنسبة لدي فكرة الزواج هي على مقدار كبير من الحرية كي لا أقول إنها سجن. وأنا مع الحرية الى الموت وأول شيء في حياتي هو الحرية ومن ثم تأتي الأمور الأخرى. والزواج هو سجن حقيقي. الزواج الناجح نادر والذي نراه زواجا تقليديا يبنى على حب وبعد وقت يصل الى النهاية. الزواج مثل الحب ينتهي. لكن الفترة الأهم فيه هي فترة الشغف. لهذا السبب أنا جدا أحب البدايات لأنها تكون أجمل شيء ولا أحب النهايات أحب الآخر. إنا شخص متطرف بكل شيء. لا أقبل حلا وسطا وإذا كان لدي شيء أذهب به الى الآخر ولا أعرف الى أين يأخذني. الزواج مؤسسة لا تحمل المغامرة ولا تحمل الحرية مؤسسة تقليدية بنيت على أسس دينية بطبيعة الحال في حد من الحريات وحد من الخصوصيات. نحن متخلفون لدرجة أننا ما زلنا نتكلم عن حقوق المرأة.
الشهرة سالبة الشخصية لكني طبيعية
ما تأثير الشهرة على صاحبتها؟ وهل تصبح مستلبة لمتطلباتها؟
نعم لها تأثير كبير، لأنها تسلب من صاحبتها نفسها وتكون على غير حقيقتها لأنها تجب أن تراعي المجتمع الذي تكون فيه، خصوصاً إذا كان صاحب الشهرة شخصاً معروفاً فيكون ليس هو، أما أنا فشخص طبيعي جدا ولا أحب التصنع لذلك أعيش بسلام مع نفسي ودائماً أكون أنا بكل الأوقات ومع كل الناس. أنا شخص واحد بوجه واحد.
الصحافة بنت الأدب
أين تلتقي الصحافة والإعلام والأدب، وأين تفترق؟
لا أشعر انه يوجد فرق، لان جزءاً من الصحافة والاعلام هو الادب، والصحافة اليوم خلت من الناس الكبار من شعراء وادباء وكتاب هم الذين صنعوا واسسوا الصحافة الحقيقية الرائدة، نحن نعرف ان من اسس الصحف الكبيرة هم ادباء وشعراء كبار. الصحافة هكذا بدأت وهذا أعطاها مصداقية كبيرة ومستوى وجمالاً اي ان الادب موجود في الصحافة ويعطيها رقياً واللغة تكون لامعة ومختلفة.
أفضل وأحب كثيراً وأتمنى وأدعو لأن يمتلك الإعلاميون لغة راقية وجميلة وأدبية، ومميزة خاصة بأسلوب من يكتبها وليست معممة كقالب جاهز، وإن لم يمكن هذا فلتكن على الأقل قليلة العيوب والأخطاء.
ثالوث كتب وجديدان
قدمت للآن 3 كتب. لو اعطيت نبذة عنها؟
حصل كتابي "بيت الذاكرة والقامات العالية" على المرتبة الاعلى والاكثر مبيعاً عن فئة الأدب مدة ثلاثة اسابيع في معرض الكتاب للعام 2012 وذلك حسب إحصاءات النادي الثقافي العربي في المعرض. تناول الكتاب وجود ذاكرة وحنين وهي ذاكرتنا تاريخنا ووجداننا وخاصة انا حريصة على القامات العالية التي اتكلم عنها وهم الذين صنعوا تاريخنا وهم آباؤنا الجماليون والأدبيون، فكان تحية لهم بصيغة مقالات ادبية لكتاب وشعراء من لبنان، العالم العربي، فرنسا، اميركا، افريقيا، جنوب افريقيا جمعتهم في هذا الكتاب وهم حوالي ثلاثين شخصية بأول شاعرة في التاريخ اسمها انهدوانا هو عنوان صغير في الكتاب "بيت الذاكرة والقامات العالية " من انهدوانا الى محمود درويش. يبدأ بأول شاعرة سومرية في التاريخ امرأة كانت كاهنة الاله انانا وشاعرة واميرة وعاشقة ومقاتلة فهي سيدة مهمة جداً جداً وليس لدينا معلومات عن حياتها لأنها اكتشفت مؤخراً في بدايات القرن العشرين. والكتاب الثاني ديوان شعر اسمه "آية الحواس" صدر من اربع سنوات يتضمن قصائد حب منثورة. هو ديواني الاول أتمنى ان لا يكون الأخير هو عصارة حالات، فالكتابة ليست وليدة لحظتها. الكتابة اختزان وتراكم لحياة وتجارب. ومن الممكن ان اعيد طباعته. والكتاب الثالث تاريخي عمراني عن قصور لبنان اسمه "قصور ومتاحف" بالاشتراك مع دار نشر جنوب برس عن قصور لبنان التاريخية من مئتي سنة ليست القصور العصرية. كتاب قيم جدا وايضا نفد من الاسواق، والآن لدي كتابان قيد الكتابة ديوان والثاني استكمال لكتاب "بيت الذاكرة والقامات العالية"، وهذه اول مرة أخبر بها على الاعلام ايضاً أن اسمه بيت الذاكرة وهو من وحي البرنامج الذي استقبل 50 شخصية من لبنان واسماء بارزة ومعروفة وذات قيمة ادبية وتاريخية مهمة كنت استضفتهم فيه أريد جمع حواراتهم في كتاب جديد.
الشطر الأول موحى والثاني نكتبه
مَن يكتب الآخر برأيك الكاتب يكتب النص ام النص يستكتب الكاتب؟
اولاً حسب المادة التي تقومين بكتابتها وحسب النص، اي ان كتابة الشعر كتابة ثانية ليس لها علاقة باي كتابة اخرى. دائما اقول بيت الشعر هو شطرا الشعر المتعارف عليه بالعربي الموزون، بيت الشعر بالمعنى المجازي، دائما الشطر الاول يأتي موحى به من مكان ما، والشطر الآخر نحن نكمله. للشاعر فضل البداية فهو يبدأ لكنه لا يحدد النهاية. هذا الذي يسمونه الوحي والالهام. اكيد لم الغ صفة الصناعة عن القصيدة بل يجب ان يكون تمكّن من اللغة بالفكرة والصورة والمفردات والتقنية وغيرها.
الشعراء والأدباء الذين ذكرتهم في كتابي "بيت الذاكرة والقامات العالية" كان يوجد نداء يحدثني عنهم يذكرني فيهم "انا هون". الكتابة ذاتية كثيراً في توحّد ووحدة حال بين الكاتب والنص. يوجد شيء لا يتجزأ ولا ينفصل.
يقدر الإنسان ان يكون هو
بعضهم لديهم طقوس خاصة لكتابة ابداعية؟ هل لديك طقس للكتابة مألوف؟
الكتابة بحد ذاتها هي طقس، لكن انا ضد الطقوس المصطنعة اي يمكن ان يكون المرء شاعراً من دون ان يكون شعره طويلاً ومن دون ان يقوم بحركات جنون، ويمكن ان يكون اعلامياً من دون حركات تصنع. يقدر الانسان ان يكون هو. انا اكتب في أي مكان لكن افضل الأمكنة الحميمة اي كما تحبين ان تنامي بسريرك وعلى مخدتك، هذا مكانك. كذلك الكتابة بمكان حميم. استخدمت الكتابة الآلية فترة وتخليت عن الورق لكن وجدتها باردة خصوصاً في الشعر. يوجد كثير من الادباء والشعراء يكتبون في المقاهي انا لا اجد نفسي أستطيع الكتابة في مقهى. اجده مكاناً للقاء واحبه كثيراً للقاء الاصدقاء والاحباء. منذ فترة كان لدي طقس تخليت عنه هو انني كنت اكتب في المطبخ.. "ما بعرف شو هوي الارتباط".. يمكن متعتا الاكل والكتابة تشبهان بعضهما..
اللحظة تفرض نفسها كتابة
ما اللحظة الابداعية، وكيف يقطفها المبدع؟
الحظة الابداعية ليست منا هي تكون أتت وحصلت، ولكن علينا ان نعرف كيف ان نوطنها نصاً فلا ترحل. نحن اليوم في عصرنا وشغلنا كثير نتخلى عن هذه اللحظة لضرورات عملية ومهنية. أنا مع ان يؤجل الانسان كل شيء ويكتب لأن هذه اللحظة لا ترجع والكتابة صعنة ومهنة والمفروض ان نحافظ عليها، مثل عازف البيانو اذا ما مرّن اصابعه على البيانو تنشف وتجف. ولكن في الوقت نفسه لا نكتب فقط لنكتب. الكتابة الصحافية تختلف عن الكتابة الابداعية لأنها متعلقة بشغل مطلوب، اما الكتابة الابداعية فهي في لحظات معينة نقتنصها وانا اتمنى ان يكون وقتي كله جاهزاً للقاء هذه اللحظة. الكائن الآتي من مكان جميل جداً ولكن بسبب ضغط الشغل أتخلى عن القصيدة، ولكن اعتذر منها. هذه اللحظة ضرورية فلسنا نحن من نقرر أن نكتب وإذا كتبنا فلا تكون كذلك بالمستوى نفسه، كما عند حضورها طوعاً.
بيروت أم الربيع العربي
شكل الشباب نواة حراك عربي واعد، حرفهَ الدم عن أهدافه ربما، كيف يستعيد الشباب العربي دوره؟ وما واقع الشباب اللبناني ومهمته في لبنان؟
بدأ الحراك العربي بتونس في الثورة الأولى والتي امتدت الى كل العالم العربي الذي كان بانتظارها، وهذه الشرارة التي كانت يجب ان تحصل من وقت طويل في حراك مطلوب من سنوات طويلة فنحن في ظل انظمة ديكتاتورية قمعية غير قابلة للحياة، رغم انها استمرت طويلاً اكثر من عمرها في ثوريت للانظمة. وأنا أرى أن الربيع العربي ابتدأ من بيروت وهي رائدة الربيع العربي دائماً ورائدة الحريات، ولكن وصل إلى عالم عربي اكثر تخلفاً في أنظمته فانحرف عن مساره مع الاسف، ولكن مع القول الثورة تأكل أبناءها للحفاظ على الثورة يتطلب منا وعيا كبيرا وجهدا وتضحية وثقافة كبيرة ونظرة للمستقبل خالية من المصالح الشخصية ومن الأنا والتطرف على كل المستويات الديني السياسي الطائفي وهذا يلزمه وقت. في الثورات توجد اناس مستفيدة ومستغلة وكما نشهد اليوم في سوريا وفي دول عربية الصعود الاسلامي والتطرف الديني خنقا الثورة لكن كالانظمة القمعية له نهاية. المثقف له دور كبير جداَ بإنهاض الثورة فدوره اساسي في المجتمع والحياة وإن ضعف مرات او غاب كذلك لكنه دوره يبقى ضرورة.
ما هو جديدك المقبل؟
جديدي إذاعياً أعمل على تطوير برنامج النشرة المستمرة؛ وهو برنامج يومي مباشر يتوجه الى كل فئات الناس ويتضمن فقرة ثقافية وغيرها، وانا اعتز فيها لأني أدخلت الثقافة الى البرامج الاذاعية و"ع قبال" التلفزيون عندنا، وفقرات سياسية واستضافة صحافيين وهو من إعدادي وتقديمي واعداد القسم السياسي الزميل ايلي الحاج الصحافي في جريدة النهار، اخراج سليم الشمعة. وهذا البرنامج انا متمسكة به وهو قيد التطوير. وفي الكتابة أعد كتابي الجديد وباقة قصائد.
أربعة أقانيم في أيقونة نبض. إذاعية، إعلامية، صحافية، كاتبة وشاعرة توزع يومها بقسطاس غير مستقيم حيناً ومستقيم حيناً آخر، بين شغفها وصوتها، بين جمهورها وأسرتها وناسها وبين أنوثة ساطعة عفوية وحضوراً.
ماجدة داغر، اسم لامع في أثيرنا، حاورتها "تحولات" في حديث من القلب إلى القلب، دعت الإعلاميين إلى شغف اللغة فقالت "أدعو لأن يمتلك الإعلاميون لغة راقية وجميلة وأدبية، ومميزة خاصة بأسلوب من يكتبها وليست معممة كقالب جاهز، وإن لم يمكن هذا فلتكن على الأقل قليلة العيوب والأخطاء"، فكان مقابلة هنا نصها…
مَن ماجدة داغر حبذا تعريف قراء «تحولات» وزوارها ؟
صحافية أو إعلامية، اعمل في اذاعة الشرق في برنامجين الأول صباحي منوع وسياسي وثقافي، والثاني اسمه "بيت الذاكرة" اسبوعي أستضيف فيه سياسيين، مثقفين، أدباء، شعراء، فنانين تشكيليين وكل العاملين في المجالات الثقافية. اعمل كثيراً ولدي شغف كبير وحب لعملي لذلك كل وقتي له. وكذلك مسؤولة العلاقات العامة ومكتب الإعلام في جامعة (Aust).
كيف كانت بدايتك وتحدياتها التي واجهتك وكيف تغلبت عليها؟
الإعلام والصحافة مهنة شاقة وصعبة ويجب أن يكون المرء قوياً كي يثبت نفسه، اضافة الى الجدارة وتحدي الذات، فلا تكفي الدراسة فقط او الموهبة. دائماً يلزم المثابرة والمتابعة والصقل للذات ثقافياً. فالمتابعة والصقل الثقافي دائماً ضرورة واعمل على تطوير ذاتي والشغف بالعمل الذي تقومين به، وهذا دائماً يساعدك على التطور والنجاح. اما بالنسبة للتحديات التي واجهتني فكانت كثيرة ولكنني تخطيت قسماً كبيراً منها والحمد الله كانت مقبولة نوعاً ما فتغلب الشغف على الصعوبات. ولم أقف يوماً ومن المؤكد ان الحياة فيها خسارة وربح لكن لديّ كانا متعادلين ودائماً من فشلنا يكون حافز لنجاح دائم.
ما هي المعايير التي تجعل فتاة إعلامية ومقدمة برامج ناجحة؟
لكل مهنة معايير ومقاييس موضوعة هي قواعد وشروط المهنة الى جانب الموهبة والشغف والمتابعة. وأي إعلامي يصل عن غير هذه المعايير الأساسية لا تكتب له الاستمرارية والبقاء في هذه المهنة الصعبة. و"انشالله تكون كمان عندي" الا انني امتلك الحد الأدنى منها. لذلك مكنتني من الاستمرارية الى جانب الموهبة والمتابعة والتواجد الدائم في الوسط الإعلامي والثقافي ومن الأكيد يجب ان يكون الإنسان يمتلك الثقافة والموهبة والصقل بالمطالعة والمشاركة في محاضرات وندوات تدريبية وورش عمل فيواجه التحديات.
لم أستطع التوفيق
كيف توفقين بين مهماتك المهنية المتعددة وبين واقع الأسرة وحقوقها واستحقاقاتها؟
كل شي بالحياة له ثمن ويجب أن نكون مستعدين دائماً لدفع الثمن. يجب أن نضع بالميزان نجاحاً بمكان وأقل نجاحاً بمكان آخر أي أن الحياة ليست درباً واحدة بل هي دروب عدة متشعبة، خصوصاً إذا اختار الإنسان دروباً عدة فتصبح صعبة ولا تستطيعين أن تتفرغي لدروب عدة بالمقاييس والوقت والجهد نفسها فلا بد ان يأخذ دائماً شيء من درب الآخر. طبعا أنا لست متزوجة وهذا أخف وطأة وأخف عباً لكن يوجد عائلة وواجبات عائلية واجتماعية. لكن عملي يؤثر عليهم والوقت دائماً يداهمني، خصوصا الإذاعة تلزمها متابعة مستمرة لأن عملي مضنٍ ومرهق ويتطلب وقتاً كثيراً على حساب حياتي الشخصية، فالمهنة طاغية ولم أستطع التوفيق بينهما.
الإنسان ليس مشترَكاً
كيف تنظرين الى الزواج وطريقة عقده؟
تركيبة الإنسان لم تكن لكي يشترك مع شخص آخر تحت سقف واحد. يعني أنا بالنسبة لدي فكرة الزواج هي على مقدار كبير من الحرية كي لا أقول إنها سجن. وأنا مع الحرية الى الموت وأول شيء في حياتي هو الحرية ومن ثم تأتي الأمور الأخرى. والزواج هو سجن حقيقي. الزواج الناجح نادر والذي نراه زواجا تقليديا يبنى على حب وبعد وقت يصل الى النهاية. الزواج مثل الحب ينتهي. لكن الفترة الأهم فيه هي فترة الشغف. لهذا السبب أنا جدا أحب البدايات لأنها تكون أجمل شيء ولا أحب النهايات أحب الآخر. إنا شخص متطرف بكل شيء. لا أقبل حلا وسطا وإذا كان لدي شيء أذهب به الى الآخر ولا أعرف الى أين يأخذني. الزواج مؤسسة لا تحمل المغامرة ولا تحمل الحرية مؤسسة تقليدية بنيت على أسس دينية بطبيعة الحال في حد من الحريات وحد من الخصوصيات. نحن متخلفون لدرجة أننا ما زلنا نتكلم عن حقوق المرأة.
الشهرة سالبة الشخصية لكني طبيعية
ما تأثير الشهرة على صاحبتها؟ وهل تصبح مستلبة لمتطلباتها؟
نعم لها تأثير كبير، لأنها تسلب من صاحبتها نفسها وتكون على غير حقيقتها لأنها تجب أن تراعي المجتمع الذي تكون فيه، خصوصاً إذا كان صاحب الشهرة شخصاً معروفاً فيكون ليس هو، أما أنا فشخص طبيعي جدا ولا أحب التصنع لذلك أعيش بسلام مع نفسي ودائماً أكون أنا بكل الأوقات ومع كل الناس. أنا شخص واحد بوجه واحد.
الصحافة بنت الأدب
أين تلتقي الصحافة والإعلام والأدب، وأين تفترق؟
لا أشعر انه يوجد فرق، لان جزءاً من الصحافة والاعلام هو الادب، والصحافة اليوم خلت من الناس الكبار من شعراء وادباء وكتاب هم الذين صنعوا واسسوا الصحافة الحقيقية الرائدة، نحن نعرف ان من اسس الصحف الكبيرة هم ادباء وشعراء كبار. الصحافة هكذا بدأت وهذا أعطاها مصداقية كبيرة ومستوى وجمالاً اي ان الادب موجود في الصحافة ويعطيها رقياً واللغة تكون لامعة ومختلفة.
أفضل وأحب كثيراً وأتمنى وأدعو لأن يمتلك الإعلاميون لغة راقية وجميلة وأدبية، ومميزة خاصة بأسلوب من يكتبها وليست معممة كقالب جاهز، وإن لم يمكن هذا فلتكن على الأقل قليلة العيوب والأخطاء.
ثالوث كتب وجديدان
قدمت للآن 3 كتب. لو اعطيت نبذة عنها؟
حصل كتابي "بيت الذاكرة والقامات العالية" على المرتبة الاعلى والاكثر مبيعاً عن فئة الأدب مدة ثلاثة اسابيع في معرض الكتاب للعام 2012 وذلك حسب إحصاءات النادي الثقافي العربي في المعرض. تناول الكتاب وجود ذاكرة وحنين وهي ذاكرتنا تاريخنا ووجداننا وخاصة انا حريصة على القامات العالية التي اتكلم عنها وهم الذين صنعوا تاريخنا وهم آباؤنا الجماليون والأدبيون، فكان تحية لهم بصيغة مقالات ادبية لكتاب وشعراء من لبنان، العالم العربي، فرنسا، اميركا، افريقيا، جنوب افريقيا جمعتهم في هذا الكتاب وهم حوالي ثلاثين شخصية بأول شاعرة في التاريخ اسمها انهدوانا هو عنوان صغير في الكتاب "بيت الذاكرة والقامات العالية " من انهدوانا الى محمود درويش. يبدأ بأول شاعرة سومرية في التاريخ امرأة كانت كاهنة الاله انانا وشاعرة واميرة وعاشقة ومقاتلة فهي سيدة مهمة جداً جداً وليس لدينا معلومات عن حياتها لأنها اكتشفت مؤخراً في بدايات القرن العشرين. والكتاب الثاني ديوان شعر اسمه "آية الحواس" صدر من اربع سنوات يتضمن قصائد حب منثورة. هو ديواني الاول أتمنى ان لا يكون الأخير هو عصارة حالات، فالكتابة ليست وليدة لحظتها. الكتابة اختزان وتراكم لحياة وتجارب. ومن الممكن ان اعيد طباعته. والكتاب الثالث تاريخي عمراني عن قصور لبنان اسمه "قصور ومتاحف" بالاشتراك مع دار نشر جنوب برس عن قصور لبنان التاريخية من مئتي سنة ليست القصور العصرية. كتاب قيم جدا وايضا نفد من الاسواق، والآن لدي كتابان قيد الكتابة ديوان والثاني استكمال لكتاب "بيت الذاكرة والقامات العالية"، وهذه اول مرة أخبر بها على الاعلام ايضاً أن اسمه بيت الذاكرة وهو من وحي البرنامج الذي استقبل 50 شخصية من لبنان واسماء بارزة ومعروفة وذات قيمة ادبية وتاريخية مهمة كنت استضفتهم فيه أريد جمع حواراتهم في كتاب جديد.
الشطر الأول موحى والثاني نكتبه
مَن يكتب الآخر برأيك الكاتب يكتب النص ام النص يستكتب الكاتب؟
اولاً حسب المادة التي تقومين بكتابتها وحسب النص، اي ان كتابة الشعر كتابة ثانية ليس لها علاقة باي كتابة اخرى. دائما اقول بيت الشعر هو شطرا الشعر المتعارف عليه بالعربي الموزون، بيت الشعر بالمعنى المجازي، دائما الشطر الاول يأتي موحى به من مكان ما، والشطر الآخر نحن نكمله. للشاعر فضل البداية فهو يبدأ لكنه لا يحدد النهاية. هذا الذي يسمونه الوحي والالهام. اكيد لم الغ صفة الصناعة عن القصيدة بل يجب ان يكون تمكّن من اللغة بالفكرة والصورة والمفردات والتقنية وغيرها.
الشعراء والأدباء الذين ذكرتهم في كتابي "بيت الذاكرة والقامات العالية" كان يوجد نداء يحدثني عنهم يذكرني فيهم "انا هون". الكتابة ذاتية كثيراً في توحّد ووحدة حال بين الكاتب والنص. يوجد شيء لا يتجزأ ولا ينفصل.
يقدر الإنسان ان يكون هو
بعضهم لديهم طقوس خاصة لكتابة ابداعية؟ هل لديك طقس للكتابة مألوف؟
الكتابة بحد ذاتها هي طقس، لكن انا ضد الطقوس المصطنعة اي يمكن ان يكون المرء شاعراً من دون ان يكون شعره طويلاً ومن دون ان يقوم بحركات جنون، ويمكن ان يكون اعلامياً من دون حركات تصنع. يقدر الانسان ان يكون هو. انا اكتب في أي مكان لكن افضل الأمكنة الحميمة اي كما تحبين ان تنامي بسريرك وعلى مخدتك، هذا مكانك. كذلك الكتابة بمكان حميم. استخدمت الكتابة الآلية فترة وتخليت عن الورق لكن وجدتها باردة خصوصاً في الشعر. يوجد كثير من الادباء والشعراء يكتبون في المقاهي انا لا اجد نفسي أستطيع الكتابة في مقهى. اجده مكاناً للقاء واحبه كثيراً للقاء الاصدقاء والاحباء. منذ فترة كان لدي طقس تخليت عنه هو انني كنت اكتب في المطبخ.. "ما بعرف شو هوي الارتباط".. يمكن متعتا الاكل والكتابة تشبهان بعضهما..
اللحظة تفرض نفسها كتابة
ما اللحظة الابداعية، وكيف يقطفها المبدع؟
الحظة الابداعية ليست منا هي تكون أتت وحصلت، ولكن علينا ان نعرف كيف ان نوطنها نصاً فلا ترحل. نحن اليوم في عصرنا وشغلنا كثير نتخلى عن هذه اللحظة لضرورات عملية ومهنية. أنا مع ان يؤجل الانسان كل شيء ويكتب لأن هذه اللحظة لا ترجع والكتابة صعنة ومهنة والمفروض ان نحافظ عليها، مثل عازف البيانو اذا ما مرّن اصابعه على البيانو تنشف وتجف. ولكن في الوقت نفسه لا نكتب فقط لنكتب. الكتابة الصحافية تختلف عن الكتابة الابداعية لأنها متعلقة بشغل مطلوب، اما الكتابة الابداعية فهي في لحظات معينة نقتنصها وانا اتمنى ان يكون وقتي كله جاهزاً للقاء هذه اللحظة. الكائن الآتي من مكان جميل جداً ولكن بسبب ضغط الشغل أتخلى عن القصيدة، ولكن اعتذر منها. هذه اللحظة ضرورية فلسنا نحن من نقرر أن نكتب وإذا كتبنا فلا تكون كذلك بالمستوى نفسه، كما عند حضورها طوعاً.
بيروت أم الربيع العربي
شكل الشباب نواة حراك عربي واعد، حرفهَ الدم عن أهدافه ربما، كيف يستعيد الشباب العربي دوره؟ وما واقع الشباب اللبناني ومهمته في لبنان؟
بدأ الحراك العربي بتونس في الثورة الأولى والتي امتدت الى كل العالم العربي الذي كان بانتظارها، وهذه الشرارة التي كانت يجب ان تحصل من وقت طويل في حراك مطلوب من سنوات طويلة فنحن في ظل انظمة ديكتاتورية قمعية غير قابلة للحياة، رغم انها استمرت طويلاً اكثر من عمرها في ثوريت للانظمة. وأنا أرى أن الربيع العربي ابتدأ من بيروت وهي رائدة الربيع العربي دائماً ورائدة الحريات، ولكن وصل إلى عالم عربي اكثر تخلفاً في أنظمته فانحرف عن مساره مع الاسف، ولكن مع القول الثورة تأكل أبناءها للحفاظ على الثورة يتطلب منا وعيا كبيرا وجهدا وتضحية وثقافة كبيرة ونظرة للمستقبل خالية من المصالح الشخصية ومن الأنا والتطرف على كل المستويات الديني السياسي الطائفي وهذا يلزمه وقت. في الثورات توجد اناس مستفيدة ومستغلة وكما نشهد اليوم في سوريا وفي دول عربية الصعود الاسلامي والتطرف الديني خنقا الثورة لكن كالانظمة القمعية له نهاية. المثقف له دور كبير جداَ بإنهاض الثورة فدوره اساسي في المجتمع والحياة وإن ضعف مرات او غاب كذلك لكنه دوره يبقى ضرورة.
ما هو جديدك المقبل؟
جديدي إذاعياً أعمل على تطوير برنامج النشرة المستمرة؛ وهو برنامج يومي مباشر يتوجه الى كل فئات الناس ويتضمن فقرة ثقافية وغيرها، وانا اعتز فيها لأني أدخلت الثقافة الى البرامج الاذاعية و"ع قبال" التلفزيون عندنا، وفقرات سياسية واستضافة صحافيين وهو من إعدادي وتقديمي واعداد القسم السياسي الزميل ايلي الحاج الصحافي في جريدة النهار، اخراج سليم الشمعة. وهذا البرنامج انا متمسكة به وهو قيد التطوير. وفي الكتابة أعد كتابي الجديد وباقة قصائد.