114
سأبدأ اليوم بنصيحة قدّمها لي أحد الأصدقاء مستشهداً بعلبة الدخان الوطني الحمراء الطويلة مشبهاً إياها بالمالبورو المبجّل، فقال: "فقط حاولي أن تخفضي سقف أحلامك وستلحظين الفرق فقد تجدين طرقاً أخرى للفرح". أضحكني فعلاً، فلم يخطر ببالي عندها سوى قول واحد تصرّفت به قليلاً: "تشاءموا بالخير تجدوه".
أوقفتني محادثتنا القصيرة لأفكر في سقف أحلامي وأحلام غيري على هذه الأرض التي كانت تضجّ في تاريخها بالأحلام على حد سواء، فكلما مضت أيام أكثر على بلادي في هذه السنوات المشؤومة التي يعيشها هبط سقف الأحلام العام أكثر وتوسّع ثقب الأوزون أكثر كمستوى المعيشة تحديداً، تفتت واهترأ السقف أيضاً فلا بد لنا من النظر جديّاً بقضية السقف التي تهدد مستقبلنا هذه، فمَن سيكون المسؤول اذا ما انهدم هذا السقف ووقع على رؤوس أصحابه؟ مَن المسؤول وما العمل ساعتها؟! فربّما يجب على الحكومة في جملة تحريماتها وسيل قوانين طوارئها إمّا أن تمنع الأحلام وتلغي كل الأسقف من دون تمييز مهما كانت متينة، وإمّا تكفلها بكل الأضرار الناتجة، وهذا مستحيل بالطبع، فلتعمل إذاً على الحل الأول على وجه السرعة تفادياً للأخطار والكوارث وتحديداً احتمال خروج بعض المظاهرات التي تزعزع أوصال دولتنا وترعبها أكثر من أي حرب أو مثلاً بدء اعتصام للمطالبة بإعادة تشييد الأسقف المهدومة لا بل رفعها أيضاً وأطلال الجدران المتبقية.
وكنت في صغري قد تعلّمت من قول سعادة: "كلّما وصلتم إلى قمة تراءت لكم قمم أخرى"، وكنت أظنّه على الأغلب كان تشجيعاً مباشراً لي على ألّا أتوقف عند أول نجاح أو فشل، فشكراً معلمي على ثقتك بنا، لكن أين نحن الآن في زمننا الباكي المدمر هذا، من كلام سعادة؟ أين نحن من كلام أي عظيم من تاريخنا؟ أين نحن من أنفسنا ووعودنا لذواتنا وأوطاننا؟ أنخجل من أنفسنا أم حكوماتنا، أم هفوات شعوبنا التي دمّرت وبكل سهولة ومن دون أي تردد أوطاناً وقروناً من الأحلام غير القابلة للطعن أو التوقف، هفوات عابثة أطاحت بكل حروب الشرف التي خاضتها بلادنا وبكل استقلال من كل استعمار لتحلّ كمستعمرٍ جديد على عقولنا وحتى وسائدنا المكحلة بدموعنا وأرقنا ووجعنا على ما حلّ بأرضنا وأيامنا. ولكن كما لكل حصان كبوة كذلك يحق لشعبنا، لكن على شرط ألّا يتعدى الألف كبوة.
وبالنسبة لي وخوفاً على بقية أحلامي قررت تحسّباً أن أخفض سقفي أو بالأحرى سقف أحلامي عملاً بنصيحة صديقي، وأن يكون على الأغلب من التوتياء أو أوراق النخيل المتشابكة والمتراصة بشدة. وسأقنع نفسي بأنّ أصوات المطر على سقفي شتاءً هي موسيقى إلهية، هبة من الطبيعة، مجاناً.. فما العمل إذا سماء وطني بدأت تطبق على أرضه وعلى أنفاسي وقلوبنا، وكل جدران الأوطان وجدران نفسي باتت قفصاً يضيق مع كل نفس وكل حياة جديدة تنتظر فاجعتها الخاصة.. وسأذكر طبعاً في صلواتي وابتهالاتي الطوال كلّ حلمٍ ضاع مني أو من أيّ أحد في شوارع بلادي الفسيحة الخالية من كل حياة إلا من أحلام الحياة نفسها وأوجاعها..
أوقفتني محادثتنا القصيرة لأفكر في سقف أحلامي وأحلام غيري على هذه الأرض التي كانت تضجّ في تاريخها بالأحلام على حد سواء، فكلما مضت أيام أكثر على بلادي في هذه السنوات المشؤومة التي يعيشها هبط سقف الأحلام العام أكثر وتوسّع ثقب الأوزون أكثر كمستوى المعيشة تحديداً، تفتت واهترأ السقف أيضاً فلا بد لنا من النظر جديّاً بقضية السقف التي تهدد مستقبلنا هذه، فمَن سيكون المسؤول اذا ما انهدم هذا السقف ووقع على رؤوس أصحابه؟ مَن المسؤول وما العمل ساعتها؟! فربّما يجب على الحكومة في جملة تحريماتها وسيل قوانين طوارئها إمّا أن تمنع الأحلام وتلغي كل الأسقف من دون تمييز مهما كانت متينة، وإمّا تكفلها بكل الأضرار الناتجة، وهذا مستحيل بالطبع، فلتعمل إذاً على الحل الأول على وجه السرعة تفادياً للأخطار والكوارث وتحديداً احتمال خروج بعض المظاهرات التي تزعزع أوصال دولتنا وترعبها أكثر من أي حرب أو مثلاً بدء اعتصام للمطالبة بإعادة تشييد الأسقف المهدومة لا بل رفعها أيضاً وأطلال الجدران المتبقية.
وكنت في صغري قد تعلّمت من قول سعادة: "كلّما وصلتم إلى قمة تراءت لكم قمم أخرى"، وكنت أظنّه على الأغلب كان تشجيعاً مباشراً لي على ألّا أتوقف عند أول نجاح أو فشل، فشكراً معلمي على ثقتك بنا، لكن أين نحن الآن في زمننا الباكي المدمر هذا، من كلام سعادة؟ أين نحن من كلام أي عظيم من تاريخنا؟ أين نحن من أنفسنا ووعودنا لذواتنا وأوطاننا؟ أنخجل من أنفسنا أم حكوماتنا، أم هفوات شعوبنا التي دمّرت وبكل سهولة ومن دون أي تردد أوطاناً وقروناً من الأحلام غير القابلة للطعن أو التوقف، هفوات عابثة أطاحت بكل حروب الشرف التي خاضتها بلادنا وبكل استقلال من كل استعمار لتحلّ كمستعمرٍ جديد على عقولنا وحتى وسائدنا المكحلة بدموعنا وأرقنا ووجعنا على ما حلّ بأرضنا وأيامنا. ولكن كما لكل حصان كبوة كذلك يحق لشعبنا، لكن على شرط ألّا يتعدى الألف كبوة.
وبالنسبة لي وخوفاً على بقية أحلامي قررت تحسّباً أن أخفض سقفي أو بالأحرى سقف أحلامي عملاً بنصيحة صديقي، وأن يكون على الأغلب من التوتياء أو أوراق النخيل المتشابكة والمتراصة بشدة. وسأقنع نفسي بأنّ أصوات المطر على سقفي شتاءً هي موسيقى إلهية، هبة من الطبيعة، مجاناً.. فما العمل إذا سماء وطني بدأت تطبق على أرضه وعلى أنفاسي وقلوبنا، وكل جدران الأوطان وجدران نفسي باتت قفصاً يضيق مع كل نفس وكل حياة جديدة تنتظر فاجعتها الخاصة.. وسأذكر طبعاً في صلواتي وابتهالاتي الطوال كلّ حلمٍ ضاع مني أو من أيّ أحد في شوارع بلادي الفسيحة الخالية من كل حياة إلا من أحلام الحياة نفسها وأوجاعها..