100
يتناول الكاتب اللبناني جورج حداد، كعادته في تقديم دارسات تاريخية علمية جادة ووازنة، سقوط قرطاجة وتدميرها، في بحث متسلسل على 12 جزءاً، يعرض في حلقاته الـ12 الأسباب الذاتية لسقوط قرطاجة وتدميرها على ايدي المتوحشين الرومان، وتتركز في لغز بنيوي واستراتيجي عميق هو الانشطار البنيوي للنظام الاجتماعي القرطاجي وهو النظام المشاعي البدائي في طوره المتأخر، بين السلطة العائلية العسكرية لآل برقة، وبين السلطة السياسية الرأسمالية القرطاجية التي كانت ترهن كل شيء للحفاظ على ثرواتها الفردية والفئوية، على حساب الوجود القرطاجي بل تعيق قوة هذا الوجود وتصنع هزيمته بنفسها.
هنا الجزء الثاني من الحلقات الـ 12، يرصد حداد فيه نشوء العدوانية الاستعمارية تاريخياً في روما لفرض سلامها الروماني والذي يقوم على إبادة الشعوب الأخرى ووراثة مواردها، هذه النزعة التي يستمر الغرب الأوروبي – الأميركي أميناً على استمرارها حتى عصرنا بالحروب والمجازر والتدخل الدولي المجرم وبنفاق فكري واقتصادي مشهود.
(تحولات)
جورج حداد*
لا شك في ان الصراع الدائر بين الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، وبين جميع شعوب الامة، بمختلف الاشكال وعلى مختلف الدرجات، هو صراع مصيري، يشتبك بكل معطيات العصر، الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية، بحيث لا يمكن فصل احد الجوانب عن الاخرى. وقد سقطت تماماً، في لبنان مثالاً، مقولة "صراع الحدود" و"لبنان قوته في ضعفه"؛ وسقطت تماماً، فلسطينياً، مقولة "الدولتين" التي بدأت بقرار تقسيم فلسطين سنة 1947، ولمـّا تنته بتقسيم "مزرعة اوسلو"؛ وسقطت تماماً، عربياً، مقولة "الارض مقابل السلام". وتتأكد أكثر فأكثر المقولة التاريخية ان هذا الصراع هو "صراع وجود". وبهذا المعنى، فمن الخطأ تماماً، على المستوى السياسي والفكري، الراهن والتاريخي، ربط هذا الصراع بمرحلة تاريخية معينة، اي مرحلة "سايكس ـ بيكو" و"وعد بلفور"، او مرحلة بداية الغزوات الاستعمارية الحديثة للشرق (كاحتلال الجزائر ومصر ودول الخليج)، او حتى مرحلة الحروب الصليبية. بل ان هذا الصراع، بمعناه الوجودي، يرتبط بظاهرة الولادة القومية ذاتها، في معمعة الصراع بين الحضارة الانسانية والنزعة العدوانية الاستعمارية، وهي المعمعة التي ولدت في خضمها ما يسمى "الديانة السماوية" والأصح تسميتها "الديانة الاستعمارية" اليهودية.
وبعد سقوط المنظومة "السوفياتية" السابقة ونهاية "الحرب الباردة" لم تعد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية قادرتين على التستر خلف الشعارات المضللة كـ"معاداة الشيوعية"، فأطلقت شعارات اكثر تضليلا مثل شعار "صراع الحضارات" و"مكافحة الارهاب" و"الاصولية الاسلامية"، لتبرير العدوانية الامبريالية واستراتيجية الهيمنة والاستعمار والاحتلال.
"التوازن الدولي" في العالم القديم:
في العصور ما قبل المتوسطة برزت على مسرح التاريخ ثلاث قوى عالمية كانت تتنافس وتتصارع فيما بينها:
1ـ الدولة المقدونية/الإغريقية، وكان المحور المركزي لفعالية هذه الدولة هو: الحضارة. فالشعب المركـّب المقدوني /الاغريقي، صغير العدد نسبياً، الذي كان يشغل جبال البلقان العالية ويشرف على الافق الواسع للبحر الابيض المتوسط والمدى الشاسع للسهول والجبال الآسيوية، استطاع ان يطور حضارة انسانية متميزة فيزيائية ـ مناقبية (رياضية ـ قتالية) وادبية ـ فكرية ـ فلسفية. ومع الأخذ بالاعتبار كل الشوائب والمصائب المرافقة لولادة الدول واندلاع الحروب، فإن شعب سقراط وارسطو وافلاطون، شعب الالياذة، دخل التاريخ كمعلم للشعوب، وكمطور وحامل وناشر للحضارة.
وبعد ان غزت الدولة المقدونية/الاغريقية الشرق العربي، تماهت معه، ونتج عن هذا التزاوج الحضارة الهيلينية العظيمة، التي هي نتاج مشترك لحضارة شعوب اوروبا الشرقية والشرق العربي، بجناحيه الغرب آسيوي والشمال افريقي.
2ـ قرطاجة الفينيقية (اي: السورية ـ العربية القديمة) في شمال افريقيا والتي كانت امتداداً لـ"المدن ـ الدول" الفينيقية: صور وصيدا وبيروت وجبيل وغيرها؛ وقد بلغت قرطاجة درجة كبيرة من التقدم الحضاري والقوة والغنى، وكان المحور المركزي لديناميتها الحضارية: التجارة. فهي كانت تطمح ليس الى استعمار واستعباد البلدان الاخرى، بل الى اقامة مستعمرات تجارية فيها، وايجاد شبكة عالمية للتجارة، والتبادل الحضاري هو الرفيق الدائم للتجارة، بدون القضاء على اي دولة اخرى او سحق اي شعب آخر. وبلغ من هذه "الليبيرالية" التجارية للفينيقيين ـ الآراميين ـ الكنعانيين، الذين اسسوا قرطاجة، انهم تناسوا العداء القديم الذي يكنه لهم العبرانيون المتهودون، والذي كرسوه في "ديانتهم اليهودية" العنصرية، التي تدعو الى الابادة التامة للكنعانيين، فسمحوا لهم ـ اي لليهود ـ ان يعودوا للسكنى في بلاد الشام، بعد ان كان نبوخذنصر قد دمّر مملكة يهوذا، ثم سمحوا لهم ان يرافقوهم ويعيشوا ويعملوا في قرطاجة بعد تأسيسها. كما ان الفينيقيين، بدافع من "براغماتيتهم" التجارية، قاتلوا مع الفرس وضدهم، ومع المصريين القدماء وضدهم. وفي سعيها لإقامة الشبكة التجارية العالمية، اضطلعت قرطاجة بدور ناقل للحضارة الشرقية العظيمة، وحافظ وناقل ومطور لحضارات الشعوب التي اتصلت بها قرطاجة او اقامت مستعمراتها التجارية في ظهرانيها. ونظراً للموقع الجغرافي المتوسط الذي كان يشغله الفينيقيون، والتقاليد التجارية التي اشتهروا بها، فقد شكلوا همزة وصل عضوية بين شمال افريقيا والحضارة البربرية والحضارة القبطية ـ الفرعونية، وخلفهما كل الحضارات الافريقية الاصيلة.
3ـ الدولة الرومانية، وكان المحور المركزي لفعاليتها: القوة العسكرية. ولكن قوة الدولتين المقدونية/الاغريقية والقرطاجية كانت تقف سداً منيعاً في وجه نزعة التوسع الرومانية.
ازدهار العالم القديم:
وطوال مئات السنين عاش العالم القديم في ظل صراع وتزاحم وتوازن قوى رجراج بين هذه القوى العالمية الثلاث. وبقي الأمر على هذه الحال حتى بعد ان اقتحم القرطاجيون اسبانيا، بقيادة هملقار برقة، ثم ايطاليا نفسها، بقيادة ابنه هنيبعل.
إن تلك المرحلة كانت احدى اهم المراحل الذهبية في تاريخ البشرية، ففي هذه المرحلة وضعت الاسس الاساسية والخطوط العريضة للعلوم الوضعية (الهندسة، علم فلك، علم الملاحة، الرياضيات، الطب والتشريح وغيرها) والفنون (الرسم والنحت والتطريز والفسيفساء وغيرها) والعلوم الانسانية (الابجديات والقواعد والآداب، والاخلاقيات، والجماليات، والحقوق، والفلسفة، والتاريخ وغيرها) ومختلف المهن والحرف وبناء السفن وغيرها. وكان دور قرطاجة خاصة والفينيقيين عامة دوراً رائداً أساسياً في هذه العملية الحضارية العالمية، حيث بنيت المعاهد والمعابد والمسارح والملاعب والمصحات والمستشفيات، وشقت الطرقات البرية بين مختلف المدن والارياف والمناطق ومختلف الدول والبلدان، وبنيت المرافئ ورسمت الخطوط البحرية بينها، واقيمت الاسواق والخانات والمستودعات لاستقبال قوافل التجار ودوابهم وبضائعهم؛ ووضعت الاسس لنظام البريد والمراسلات، وشرع في استعمال ابجديات النظام المالي كالنقود وصكوك الائتمان وسندات القروض والتفقيط (الفاتورة) والوكالات التجارية والبيوت المالية والتسليفية؛ ووضعت الاسس للعلاقات الدولية بمعناها الحقوقي والسياسي، كتبادل السفراء واقامة المعاهدات الدولية، السلمية والعسكرية.
جذور الاستعمار الغربي:
ولكن بمقدار ما ان عوامل التفاعل الحضاري والتقدم والازدهار، القائمة على التوازن الدولي، كانت تفعل فعلها، لخير الشعوب جمعاء، بما فيها اصغرها واضعفها، فإن عوامل الحسد والطمع كانت تتراكم وتتفاقم في التلافيف الدماغية لقادة روما القديمة، التي لم تتخل يوما عن استراتيجيتها القائمة على العدوان وفرض ما يُسمى "السلام الروماني" (Pax romana)، الذي يعني تدمير الدول وسحق الشعوب الاخرى، وفرض السيادة الرومانية المطلقة عليها. اي ان روما اقتحمت عنوة الدورة الحضارية العالمية من خارجها. وللاسف ان سياسة العدوان والحرب والهمجية والوحشية الرومانية (الغربية) انتصرت اخيراً على سياسة الحضارة والتجارة التي كان يحمل لواءها الشرق الفينيقي ـ الاغريقي.
* كاتب لبناني مستقل
هنا الجزء الثاني من الحلقات الـ 12، يرصد حداد فيه نشوء العدوانية الاستعمارية تاريخياً في روما لفرض سلامها الروماني والذي يقوم على إبادة الشعوب الأخرى ووراثة مواردها، هذه النزعة التي يستمر الغرب الأوروبي – الأميركي أميناً على استمرارها حتى عصرنا بالحروب والمجازر والتدخل الدولي المجرم وبنفاق فكري واقتصادي مشهود.
(تحولات)
جورج حداد*
لا شك في ان الصراع الدائر بين الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، وبين جميع شعوب الامة، بمختلف الاشكال وعلى مختلف الدرجات، هو صراع مصيري، يشتبك بكل معطيات العصر، الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية، بحيث لا يمكن فصل احد الجوانب عن الاخرى. وقد سقطت تماماً، في لبنان مثالاً، مقولة "صراع الحدود" و"لبنان قوته في ضعفه"؛ وسقطت تماماً، فلسطينياً، مقولة "الدولتين" التي بدأت بقرار تقسيم فلسطين سنة 1947، ولمـّا تنته بتقسيم "مزرعة اوسلو"؛ وسقطت تماماً، عربياً، مقولة "الارض مقابل السلام". وتتأكد أكثر فأكثر المقولة التاريخية ان هذا الصراع هو "صراع وجود". وبهذا المعنى، فمن الخطأ تماماً، على المستوى السياسي والفكري، الراهن والتاريخي، ربط هذا الصراع بمرحلة تاريخية معينة، اي مرحلة "سايكس ـ بيكو" و"وعد بلفور"، او مرحلة بداية الغزوات الاستعمارية الحديثة للشرق (كاحتلال الجزائر ومصر ودول الخليج)، او حتى مرحلة الحروب الصليبية. بل ان هذا الصراع، بمعناه الوجودي، يرتبط بظاهرة الولادة القومية ذاتها، في معمعة الصراع بين الحضارة الانسانية والنزعة العدوانية الاستعمارية، وهي المعمعة التي ولدت في خضمها ما يسمى "الديانة السماوية" والأصح تسميتها "الديانة الاستعمارية" اليهودية.
وبعد سقوط المنظومة "السوفياتية" السابقة ونهاية "الحرب الباردة" لم تعد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية قادرتين على التستر خلف الشعارات المضللة كـ"معاداة الشيوعية"، فأطلقت شعارات اكثر تضليلا مثل شعار "صراع الحضارات" و"مكافحة الارهاب" و"الاصولية الاسلامية"، لتبرير العدوانية الامبريالية واستراتيجية الهيمنة والاستعمار والاحتلال.
"التوازن الدولي" في العالم القديم:
في العصور ما قبل المتوسطة برزت على مسرح التاريخ ثلاث قوى عالمية كانت تتنافس وتتصارع فيما بينها:
1ـ الدولة المقدونية/الإغريقية، وكان المحور المركزي لفعالية هذه الدولة هو: الحضارة. فالشعب المركـّب المقدوني /الاغريقي، صغير العدد نسبياً، الذي كان يشغل جبال البلقان العالية ويشرف على الافق الواسع للبحر الابيض المتوسط والمدى الشاسع للسهول والجبال الآسيوية، استطاع ان يطور حضارة انسانية متميزة فيزيائية ـ مناقبية (رياضية ـ قتالية) وادبية ـ فكرية ـ فلسفية. ومع الأخذ بالاعتبار كل الشوائب والمصائب المرافقة لولادة الدول واندلاع الحروب، فإن شعب سقراط وارسطو وافلاطون، شعب الالياذة، دخل التاريخ كمعلم للشعوب، وكمطور وحامل وناشر للحضارة.
وبعد ان غزت الدولة المقدونية/الاغريقية الشرق العربي، تماهت معه، ونتج عن هذا التزاوج الحضارة الهيلينية العظيمة، التي هي نتاج مشترك لحضارة شعوب اوروبا الشرقية والشرق العربي، بجناحيه الغرب آسيوي والشمال افريقي.
2ـ قرطاجة الفينيقية (اي: السورية ـ العربية القديمة) في شمال افريقيا والتي كانت امتداداً لـ"المدن ـ الدول" الفينيقية: صور وصيدا وبيروت وجبيل وغيرها؛ وقد بلغت قرطاجة درجة كبيرة من التقدم الحضاري والقوة والغنى، وكان المحور المركزي لديناميتها الحضارية: التجارة. فهي كانت تطمح ليس الى استعمار واستعباد البلدان الاخرى، بل الى اقامة مستعمرات تجارية فيها، وايجاد شبكة عالمية للتجارة، والتبادل الحضاري هو الرفيق الدائم للتجارة، بدون القضاء على اي دولة اخرى او سحق اي شعب آخر. وبلغ من هذه "الليبيرالية" التجارية للفينيقيين ـ الآراميين ـ الكنعانيين، الذين اسسوا قرطاجة، انهم تناسوا العداء القديم الذي يكنه لهم العبرانيون المتهودون، والذي كرسوه في "ديانتهم اليهودية" العنصرية، التي تدعو الى الابادة التامة للكنعانيين، فسمحوا لهم ـ اي لليهود ـ ان يعودوا للسكنى في بلاد الشام، بعد ان كان نبوخذنصر قد دمّر مملكة يهوذا، ثم سمحوا لهم ان يرافقوهم ويعيشوا ويعملوا في قرطاجة بعد تأسيسها. كما ان الفينيقيين، بدافع من "براغماتيتهم" التجارية، قاتلوا مع الفرس وضدهم، ومع المصريين القدماء وضدهم. وفي سعيها لإقامة الشبكة التجارية العالمية، اضطلعت قرطاجة بدور ناقل للحضارة الشرقية العظيمة، وحافظ وناقل ومطور لحضارات الشعوب التي اتصلت بها قرطاجة او اقامت مستعمراتها التجارية في ظهرانيها. ونظراً للموقع الجغرافي المتوسط الذي كان يشغله الفينيقيون، والتقاليد التجارية التي اشتهروا بها، فقد شكلوا همزة وصل عضوية بين شمال افريقيا والحضارة البربرية والحضارة القبطية ـ الفرعونية، وخلفهما كل الحضارات الافريقية الاصيلة.
3ـ الدولة الرومانية، وكان المحور المركزي لفعاليتها: القوة العسكرية. ولكن قوة الدولتين المقدونية/الاغريقية والقرطاجية كانت تقف سداً منيعاً في وجه نزعة التوسع الرومانية.
ازدهار العالم القديم:
وطوال مئات السنين عاش العالم القديم في ظل صراع وتزاحم وتوازن قوى رجراج بين هذه القوى العالمية الثلاث. وبقي الأمر على هذه الحال حتى بعد ان اقتحم القرطاجيون اسبانيا، بقيادة هملقار برقة، ثم ايطاليا نفسها، بقيادة ابنه هنيبعل.
إن تلك المرحلة كانت احدى اهم المراحل الذهبية في تاريخ البشرية، ففي هذه المرحلة وضعت الاسس الاساسية والخطوط العريضة للعلوم الوضعية (الهندسة، علم فلك، علم الملاحة، الرياضيات، الطب والتشريح وغيرها) والفنون (الرسم والنحت والتطريز والفسيفساء وغيرها) والعلوم الانسانية (الابجديات والقواعد والآداب، والاخلاقيات، والجماليات، والحقوق، والفلسفة، والتاريخ وغيرها) ومختلف المهن والحرف وبناء السفن وغيرها. وكان دور قرطاجة خاصة والفينيقيين عامة دوراً رائداً أساسياً في هذه العملية الحضارية العالمية، حيث بنيت المعاهد والمعابد والمسارح والملاعب والمصحات والمستشفيات، وشقت الطرقات البرية بين مختلف المدن والارياف والمناطق ومختلف الدول والبلدان، وبنيت المرافئ ورسمت الخطوط البحرية بينها، واقيمت الاسواق والخانات والمستودعات لاستقبال قوافل التجار ودوابهم وبضائعهم؛ ووضعت الاسس لنظام البريد والمراسلات، وشرع في استعمال ابجديات النظام المالي كالنقود وصكوك الائتمان وسندات القروض والتفقيط (الفاتورة) والوكالات التجارية والبيوت المالية والتسليفية؛ ووضعت الاسس للعلاقات الدولية بمعناها الحقوقي والسياسي، كتبادل السفراء واقامة المعاهدات الدولية، السلمية والعسكرية.
جذور الاستعمار الغربي:
ولكن بمقدار ما ان عوامل التفاعل الحضاري والتقدم والازدهار، القائمة على التوازن الدولي، كانت تفعل فعلها، لخير الشعوب جمعاء، بما فيها اصغرها واضعفها، فإن عوامل الحسد والطمع كانت تتراكم وتتفاقم في التلافيف الدماغية لقادة روما القديمة، التي لم تتخل يوما عن استراتيجيتها القائمة على العدوان وفرض ما يُسمى "السلام الروماني" (Pax romana)، الذي يعني تدمير الدول وسحق الشعوب الاخرى، وفرض السيادة الرومانية المطلقة عليها. اي ان روما اقتحمت عنوة الدورة الحضارية العالمية من خارجها. وللاسف ان سياسة العدوان والحرب والهمجية والوحشية الرومانية (الغربية) انتصرت اخيراً على سياسة الحضارة والتجارة التي كان يحمل لواءها الشرق الفينيقي ـ الاغريقي.
* كاتب لبناني مستقل