يتساءل المرء ونحن في رحاب مؤسسة ثقافية ، ما الجدوى من هكذا مؤسسات في خضم الازمات الوطنية والسياسية والاجتماعية المتفاقمة. باعتقادي ان الجدوى تتأكد في مثل هذه الأجواء القاتمة. من أوصلنا الى هذا الدرك ؟ اليسوا هم ُطغمة الجهلة الذين يتحكمون بالعباد والبلاد؟ وكيف السبيل الى مكافحتهم الا بالعلم والفكر والثقافة.
رجال الفكر والعلم والثقافة لهم من القيم التي انطبعوا عليها ومن الاخلاق التي تشربوها ما يعصمهم عن الصغائر والكبائر. أما اولئك الجهلة فقد أعمت أبصارهم كل مفاسد الدنيا من لصوصية وانتهازية وانانية .هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
لقد تنكرت هذه الطغمة لامانة العمل من أجل مصلحة الشعب – هذه الامانة التي اوكلت لها بحكم المواقع التي احتلتها زوراً في هيكلية المجتمع والدولة. هذه الطغمة السياسية، باستثناء عدد قليل من العاملين في الحقلين الوطني والسياسي، قد لفظت أنفاسها الاخيرة بفعل سرطان النفايات. لقد ماتت هذه الطغمة ولم تدفن بعد. ترى أليس إكرام الميت دفنه ؟ ولكنها لا تستحق حتى الاكرام او الكرامة.
استمحيكم عذراً لاقحامكم في مثل هذا القول. ولكن الواقع ان الحالة المزرية التي نعيش قد اقحمتنا جميعاً في جو الشكوى ودفعتنا الى تشخيص الداء والادانة القاطعة لمسببي هذا البلاء وكل بلاء آخر. سرطان النفايات – الزبالة – يجب ان يودي بالطغمة الحاكمة الى مزبلة التاريخ.
هذه المناسبة هي لتكريم الصديق العزيز النقيب محمد بعلبكي الذي أمضى حياته الحافلة عاملا من أجل قيام مجتمع معافى ودولة قادرة تقينا مما وصلنا اليه. ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داود.
يحضرني في هذه المناسبة ببيت من الشعر من قصيدة نهج البردى :
مدحت العالمين فزدت قدراً وحين مدحتك أجتزت السحابا
واسمحوا لي ان استبدل كلمة مدحت بكلمة كرمت .